عرض مشاركة واحدة
قديم 07-24-2017, 11:23 AM   #14
سيدة القصر


الصورة الرمزية سيدة القصر
سيدة القصر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Oct 2015
 أخر زيارة : 09-17-2025 (11:28 PM)
 المشاركات : 450 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي










الفصل العاشر

الشمس تتسلل بهدوء عبر نافذة جناح يارا لترتمي ببطيء على قدميها وترتفع حتى لتلامس رمشيها اللذان أزعجهما فضول الشمس.. من ما جعل يارا تستيقظ لتخبيء عيناها سريعا في سترة منصور التي غفت وهي ما زالت تغطيها .. لتستوعب سريعا من رائحة عطره الفاخر أنها تختبيء في سترته.

قامت ببطيء وخلعت تلك السترة ووضعتها على السرير .. اتجهت ببطيء ايضا الى دورة المياه ونظرت قليلا في المرآة ثم قالت وكأنها تُحدث انعكاسها فيها : ماذا ستفعلين .. اخبريني ماذا ستفعلين!

.
.
.
.
.


جاكلين طرقت على باب جناح يارا وهي تحمل صينية الافطار ثم دخلت ووضعت صينية الافطار على احدى الطاولات في الجناح ..
اتجهت نحو غرفة يارا وفتحت الباب فلم تجد يارا.. ثارت خوفا وركضت بسرعة باتجاه دورة المياه لتتفقدها ولكن قبل ان تطرق الباب ، فتحت يارا الباب ونظرت الى جاكلين ببرود وقالت: لا داعي للذعر فأنا لم أهرب.
جاكلين بخجل: لم افكر بهذا.. أنا فقط أردت أن أطمئن على صحتك سيدتي .. فالبارحة كنتِ مُتعبة جدا.
اكتفت يارا بالصمت.
نظرت جاكلين الى حال يارا وفستانها الممزق عليها..فقالت وهي تتجه بسرعة نحو غرفة الملابس : سأحضَر لكِ ملابسك حالا سيدتي.
يارا تُوقف جاكلين وهي تتساءل ببرود متظاهرة بعدم الاهتمام: هل هو بخير.
جاكلين تقف وتنظر بانتباه ليارا فترد: هل تقصدين السيد منصور.
يارا تتجه للنافذة بشكل غير مبالٍ أبدا: ومن غيره في المشفى!
جاكلين: فهد أخبرني بأنه مُتعب قليلا ولكنه قد أصر على الخروج اليوم.. قال الطبيب بأنه يحتاج للراحة.
جلست يارا على السرير ملتزمة الصمت.
جاكلين: سأحضر لكِ الملابس حالا.
.
.
.
.

منصور في المشفى وبجانبه فهد يحمل مجموعة من الملفات والأوراق كعادته .
فهد: سيدي بامكاننا أن نؤجل مراجعة الملفات هذه لوقت لاحق .. يجب أن تنال قسطا من الراحة.
منصور: تعلم جيدا بأني لا أؤجل العمل أبدا فلا ترهقني بتكرار نفس الحديث كل خمس دقائق.
فهد: كما تريد سيدي.
منصور موجها كلامه لفهد: أعتقد بأن فرع الشركة في باريس بحاجة لمتابعة مباشرة.. فاما أنه لا يحقق الإيرادات المطلوبة أو أن هناك تلاعب في نتائج الايرادات.
فهد: فعلا سيدي .. فأنا قد أشرت لذلك أيضا في التقارير التي طلبتها مني، وأنا أنتظر توجيهات سموك.
منصور: نحتاج الى أن نتأكد من ذلك بأنفسنا .. ولذلك احجز لنا على طائرة الاسبوع القادم ولا تخبر أحدا بذلك فأنا أود أن أرى سير العمل هناك بلا أي تحسينات.
فهد: بالطبع سيدي..
صمت فهد قليلا وهو يراقب منصور ثم قال: سيدي .. هل أنت مُصر على الخروج من المشفى اليوم؟ فالطبيب قال بأنك تحتاج للراحة.
منصور يرفع نظره من على الورق أمامه ويسأل فهد: هل حقا قال هذا ؟
فهد بحماس : نعم لقد شدد على ذلك.
منصور : اذن تفضل بالانتظار في الخارج فقد بدأت تُقلق راحتي .. وحين أنهي الأوراق سأقوم باستدعائك .. اسرع رجاءً.

خرج فهد تلبية لطلب منصور وقد كانت تعلو وجهه علامات اليأس التي اعتادت ملامحه عليها.

.
.
.
.
.
.

جلست يارا في الشرفة الخاصة بجناحها والمجاورة لشرفة جناح منصور بعدما بدلت ملابسها وارتدت بنطال جينز باللون الأزرق الفاتح كما ارتدت عليه قميص بدون أكمام وباللون العودي الداكن.

وضعت جاكلين امامها صينية الافطار..
جاكلين : سيدتي تبدين جميلة جدا ومرتاحة اليوم.
يارا: لا أعلم حقا ما شكل الراحة التي تتحدثين عنها ولكن شكرا لكِ.
جاكلين : هل ترغبين أن أحضر لكِ شيئا آخر.
يارا : هل من الممكن أن نتحدث قليلا؟ .. فأنا أرغب بالحديث.
جاكلين : بالطبع سيدتي.
جلست جاكلين على الكرسي المقابل ليارا.. ثم قالت: قولي لي ماشئتي كلي آذان صاغية.
يارا: ما قصتك معه؟
جاكلين: مع من سيدتي!
يارا: مع منصور .. انت تدافعين عنه دوما بشدة، هل تحبينه ؟
ابتسمت جاكلين باستنكار ثم قالت : بالطبع احبه سيدتي ولكن ليس بالشكل الذي تعتقدينه .. في الحقيقة السيد منصور أنقذ حياتي.
يارا بانتباه: كيف حدث ذلك.. أكملي رجاءً.
جاكلين تُطأطيء رأسها بحزن: رغم أني لا أحب أن أتذكر الماضي ولكن سأحكي لكِ.. أنا من عائلة عربية بسيطة جدا، هاجرنا مع أبي حين كنا صغارا انا وأمي وأخي الوحيد الى ألمانيا هربا من الاضطهاد الطائفي.. ولكن بعد فترة من هجرتنا، قام والدي بهجرنا أيضا وتزوج من امرأة ألمانية بهدف الحصول على الجنسية واختفى منذ ذلك الحين..
ربتنا والدتي بمفردها فكبرنا انا وأخي وترعرعنا في برلين.
لكن قبل تسع سنوات تقريبا.. توفيت والدتي حينما علمت بأن أخي يتعاطى المواد المخدرة خاصة بعدما تطاول عليها ذات يوم حتى وصل الأمر الى ضربها وضربي لأننا رفضنا في ذلك اليوم اعطائه المال.. سكتت جاكلين قليلا بأسف ثم أكملت قائلة بصوت يرتعد: وبعد وفاة والدتي بمدة بدأ يُتاجر بجسدي حتى يحصل على المال.


بدأت دموع جاكلين تلمع في عيناها من ما جعل يارا تقول بارتباك شديد: أنا آسفة .. لا داعي لأن تحكي لي شيئا.. أنا فعلا آسفة..
جاكلين تمسك بيد يارا : لا بأس .. من حقك أن تعرفي المعروف الذي قدمه لي السيد منصور لتفهمي مشاعري اتجاهه.
يارا بارتباك أكثر: جاكلين لا يهمني أن أعرف هذا .. فحقا أنا لا أهتم لسيدك أبدا.
جاكلين : ولكني أهتم .. أود حقا أن تمنحيه فرصة ، فاسمعيني رجاء.
سكتت يارا أمام دموع جاكلين واستجابت لرغبتها في الحديث.


جاكلين: أجبرني على ذلك العمل لسنوات حتى طلب مني ذات ليلة أن أتجهز لأن هناك رجل أعمال قد دفع له مقابل أن أقضي ليلة واحدة مع صديقه وهو رجل أعمال آخر .. وأخبرني بأنه دفع مبلغا كبيرا حتى أخلص في عملي .. وأن صديقه ذاك أيضا سيدفع لي فهو غني غناء فاحش.
تحضرت يومها وأخذني أخي الى جناح رجل الأعمال هذا في فندق فخم جدا.. أوصلني حتى جناحه وقال لي: سآتي صباحا لآخذك من هنا .. ثم تركني ورحل.
طرقت باب الجناح وبقيت أنتظر أمامه لمدة عشر دقائق حتى فتح لي صاحبه الباب ..
يارا تقاطع جاكلين قائلة : كان منصور؟ .. أليس كذلك؟
جاكلين : نعم كان هو السيد منصور.. كان يرتدي احدى بدلاته الرسمية كالعاده..
يارا بتردد: هل قام بـ..
جاكلين : بالطبع لا سيدتي .. بالعكس دفعني أرضا بقسوة وقال لي باللغة الانجليزية: أخبري من أرسلك الى هنا بأن هذا الأسلوب الرخيص لن يجعلني أخسر أمامه المناقصة.

وخرج يومها وأغلق باب جناحه خلفه وتركني أنا ملقاة على الأرض أمام المارة.
كرهته يومها بشدة وأصررت على البقاء حتى يعود لآخذ ثمن الليلة.. فقد كنت خائفة من أن يظن أخي بأنني قد أخذت المال وأخفيته عنه.. فمهما قلت له لم يكن ليصدق أبدا أنه لم يحدث شيئاً بيننا.


وحين عاد السيد منصور ليلا وكان فهد معه.. وجداني انتظر امام باب الجناح فسألني السيد منصور قائلا: لماذا انتِ ما زلتي هنا؟
فأجبته: أريد مالي .. أريد ثمن الليلة.
فقال متعجبا: أنا لم أقضي معك الليلة.
فتدخل حينها فهد وهو يسأل السيد منصور: ما الأمر سيدي.
فأجابه قائلا: هذه التي أخبرتك عنها سابقا.. أرسلها أحد المنافسين ولا شك بأنه (مستر ديفيد) .. هو يستخدمها كعائق رخيص لأخسر مناقصة (شركة جلوريــــــــا) .


أكملت جاكلين تقول ليارا: عندها تأكدت من أنهم عرب .. فقلت للسيد منصور بالعربي: أرجوك لا تقحمني فيما لا علم لي به، أنا أؤدي عملي فحسب .. أعطني حقي وسأرحل من هنا فورا.
ما ان قلت ذلك حتى لمحت نظرة الذهول في عينا السيد منصور وفهد ..
فرد علي فهد قائلا: أنتِ عربية.
أجبته: نعم أنا عربية.
فما كان من السيد منصور سوى أن أدار لي ظهره بغضب ودخل جناحه تاركا فهد معي.
فهد: ما اسمك؟
جاكلين: وماذا سيفرق معك اسمي.
فهد: حسنا.. هل عائلتك على علم بعملك هذا؟
في ذلك الوقت يا سيدة يارا انهرت أمام فهد حين سألني عن عائلتي.. لم أعرف ماذا أقول له.
فما كان منه هو الآخر سوى أن أدخلني الى جناح السيد منصور ليقدم لي كأسا من الماء.
وحين دخلت الجناح وجدت السيد منصور يجلس على الأريكة المقابلة لباب الجناح وأخذ ينظر لي نظرة لم أفهمها يومها أبدا.. لم أعرف ما إذا كان يُشفق علي أم يحتقرني.
اختفى فهد لدقائق حتى يحضر لي كوبا من الماء.. أما السيد منصور فقال لي: أخبريني قصتك بالكامل وسأعطيكي ثمن الليلة.. وأتمنى أن لا تكذبي حتى لا أضطر الى عقابك بطريقتي الخاصة.
شعرت بالخوف الشديد من نظرات السيد منصور في تلك اللحظة.. وحين أتى فهد بكوب الماء شربته بالكامل من شدة ذعري.. ثم حكيت له قصتي فسمعها هو وفهد فطلب مني أن أتصل على أخي وافتح مكبر الصوت ليتأكد من أنني لا أكذب.
وفعلا فعلت هذا.. وحين أجاب أخي على مكالمتي سألني مباشرة: كم أعطاكي؟
فقلت : كثير ولكني لم أعدهم بعد.. متى ستأتي؟
فأجابني: قلت لك في الصباح.. حاولي أن تبيتي عنده لعله يزيد ثمن الليلة.
فأشار لي السيد منصور أن أقول له أن يأتي لأخذي غدا في المساء.
وبالطبع وافق أخي بسرعة.. وما ان أغلقت الهاتف حتى وقف السيد منصور وسألني: أجيبيني بصدق.. هل ترغبين بالتخلص من هذا العمل؟
فسبقتني دموعي لتجيب على سؤاله وأنا أقول: نعم.. بالطبع أنا أرغب في ذلك بشدة.
فأخبرني السيد منصور بأنه سيخلصني منه وسيوفر لي عمل جديد وحياة كريمة.
وبالفعل في اليوم التالي زوجني فهد زواج صوري حتى لا يستطيع أخي أن يسجل ضد السيد منصور قضية خطف عند السلطات الألمانية، واستخرج لي جوازا في يومين فقط وفي اليوم الرابع من لقائي به كنت على متن الطائرة من برلين الى هنا..
أكملت جاكلين حديثها وهي تحاول اظهار ابتسامة من بين دموعها قائلة: وها أنا أعمل كربة منزل في هذا القصر منذ ثلاث سنوات.
يارا بتعجب: هل أنتِ زوجة فهد؟
جاكلين: لا.. طلقني ما ان وصلت الى هنا واحتفظ السيد منصور بالأوراق في حال احتجنا لها مستقبلا.
يارا: لم أتخيل أبدا أنك قد عانيتي الى هذا الحد.
جاكلين: لا تلتفتي للمظاهر سيدتي.. فهذا القصر يحمل قصصا كثيرة، وصدقيني حتى صاحب هذا القصر كذلك.
يارا: ألم تشعري يوما بأنه قاسي أو مريض بالعظمة؟
جاكلين: ربما هو قاسي ولكن لقسوته أسباب.. سيدتي صدقيني.. قسوة السيد منصور هي ميزان عادل في الكثير من الأحيان.. جربي الاقتراب من قسوته وستدركين أنها سراب.
.
.
.
.
.
.
.


في مساء ذلك اليوم وصل منصور الى القصر بصحبة فهد وأثناء خروجه من السيارة متجها الى القصر لمح يارا وهي تقف في الشرفة تراقبه.. وما ان ارتفع بصره اليها حتى اسرعت بالدخول الى غرفتها واغلقت الستائر.

دخل منصور القصر فاستقبلته جاكلين تقول: حمدالله على سلامة سموك.
منصور: شكرا لكِ.
جاكلين: الغداء جاهز سيدي.
منصور: لن أتناول طعام الغداء فأنا أود أن انال قسطا من الراحة في جناحي.
جاكلين: كما تريد سيدي.
منصور وهو يتجه الى الدور العلوي حيث يقع جناحه سأل جاكلين: كيف هي السيدة يارا؟
جاكلين: بخير سيدي.. وقد سألتني عن صحة سموك هذا الصباح وقد طمأنتها.
منصور: هل تناولت طعام الغداء.
جاكلين: ليس بعد.
منصور: اذن احرصي على أن تفعل.
جاكلين: بالطبع سيدي.
.
.
.
.
.
صعد منصور الى جناحه ثم تخلص من قميصه وتمدد على سريره وما هي الا ثواني حتى دخل في سبات عميق.
.
.
.
.
.

في الجناح المجاور.. بقيت يارا بصحبة جاكلين يتبادلان أطراف الحديث وهي تتناول طعام الغداء.
وبعد ساعة من الزمن.. خرجت يارا الى الشرفة منجذبة الى ألوان غروب الشمس المتفاوتة التدرج..

بقيت تُفكر بموقف منصور اتجاهها حين حماها من الزجاج.. وسرحت بتفكيرها حتى وصلت الى موقفه مع جاكلين، ثم أخذها القلق الى التفكير في والدها ووالدتها وأخيها طراد .. أخذت تسأل نفسها: ترى هل سافر طراد وتركني ؟ ماذا عن أمي وأبي؟ .. اشتقت اليهما كثيرا.

سالت الدموع التى حفظت الطريق عبر وجنتي يارا.. فتطوعت أناملها الباردة لتتكفل ببعثرة تلك الدموع عن وجنتيها.. و أثناء تفكيرها العميق في الحال الذي وصلت له.. قطع حبل أفكارها صوت أنين بدا مسموع عبر شرفة منصور، اقتربت قليلا باتجاه شرفته المجاورة لشرفتها فتأكدت بأنه يئن ألما.

ركضت يارا باتجاه جاكلين التي كانت تجمع أطباق طعام الغداء من جناح يارا الخارجي.. وسحبتها حتى وصلتا الى الشرفة.

يارا تهمس لجاكلين: اسمعي.. هل هذا صوت أنينه.
صمتت جاكلين لتسترق السمع لدقائق ثم أجابت: نعم هو فعلا يئن.
يارا: هل هو بالعادة هكذا؟
جاكلين: لا أظن.. في الحقيقة لا أعرف.. ربما.
يارا: اذن اذهبي لتتفقدي ما ان كان بخير.
جاكلين بهلع: لا لا سيدتي لا أستطيع.. غير مسموح لأي أحد بالدخول الى جناح السيد منصور اثناء تواجده دون اذنه.
يارا: ولكنه مريض.. فكيف ستأخذين اذنه!
جاكلين: لا أعرف.
يارا: ماذا عن فهد؟
جاكلين: ان لم يطلبه السيد منصور بنفسه.. فهو لن يتجرأ على الدخول الى غرفته الشخصية في جناحه الخاص.
يارا: حسنا فليموت.. هو يستحق أن تقتله عظمته.. ما دخلي أنا بالأمر!
دخلت يارا بكل عصبية الى غرفتها وهي تتذمر قائلة: رجُل غريب.. مجنون وقاسي حتى على نفسه.
جاكلين بتوتر: سيدة يارا.. ما رأيك أن تدخلي انتِ جناح السيد منصور لتفقده.
يارا بنظرة حادة لجاكلين: ماذا! وما دخلي أنا! هل كان سيدي أم سيدكم!
جاكلين بخوف وتردد: هو.. هو.. زوجك سيدتي..
ألقت جاكلين هذه الكلمات بسرعة وأسرعت لتخرج من الغرفة هربا من غضب يارا..
سقطت كلمات جاكلين على يارا وكأنها قد سكبت على رأسها سطلا من الماء البارد.. مما جعل يارا تقف بتوتر في الغرفه وهي تردد ذهابا وايابا: هو ليس زوجي.. هو ليس زوجي.. كم مرة ينبغي علي أن أردد ذلك، يا الهي أخبرني كم مرة ينبغي علي أن أقنعهم بذلك، هذا الزواج باطل.. نعم هو باطل، قد أجبرني عليه.. قد أرغمني على ذلك.

شعرت يارا بالاختناق.. بدأت دموعها تنساب من جديد.. تود البكاء بشدة تود الصراخ بأعلى صوتها تود أن تتنفس.
دفعت بيديها باب الشرفه من جديد وخرجت لتأخذ أنفاسها قبل أن تعود للغرق في جناحها مرة أخرى.

أخذت أنفاسها بقوة ولكن قبل أن تطلقها قاطعها صوت أنين منصور القادم من شرفته ولكن هذه المرة كان أنينه أعلى من المرة الأولى.. فوضعت يديها على شفتيها وبكت بحرقه.. جلست على أحد الكراسي في شرفتها وكان جسدها يرتجف كلما سمعت أنين منصور.. فما كان منها سوى أن حدثت نفسها قائلة: حسنا.. ان مات فلن أستطيع أن أقنع الناس بأنه قد أرغمني على الزواج به.. وسأبقى في نظر عائلتي والجميع فتاة مجرمة خانت أهلها وزوجها وهربت مع عشيقها في ليلة عرسها .

مسحت يارا دموعها وعبرت جناحها لتخرج منه متجهة الى جناح منصور.. طرقت الباب مرة ومرتين ثم ثلاثا وبعد ذلك فتحت باب الجناح ودخلت بهدوء واثناء مرورها عبر الصالة خارجية في جناحه، لفت انتباهها وجود بيانو كلاسيكي ضخم أمام احدى النوافذ في جناحه، كما لفت انتباهها في الطرف الآخر من الصالة وجود طاولة مربعة الشكل لا يوجد أمامها سوى أريكة واحدة.. وعلى تلك الطاولة وُضعت أجزاء لعبة تركيبية اكتمل النصف فقط من صورتها ويبدو من كمية الأجزاء المتبقية والمترامية على أطراف تلك الطاولة بأن النصف الآخر يحتاج الى وقت طويل جدا لانهائه.

كانت كل زاوية من تلك الصالة الخارجية في جناحه تُغري الناظرين لها للوقوف أمامها والتأمل فيها.. كان كل شيء رغم غرابته فخم لأقصى حد.


عبرت يارا تلك الصالة حتى وصلت الى باب غرفة نومه في الجناح.. وضعت يدها التي كانت ترجف بشدة على أكرة الباب، كانت حائرة ما بين التردد والاصرار.

طرقت الباب عدة مرات ولم تكن تسمع من خلف ذلك الباب الضخم شيئا.. لكنها استجمعت قواها وفتحت باب الغرفة .

وما ان دخلت وتقدمت قليلا عبر غرفته الواسعة حتى لمحت ستائر شرفته وقد جذب أطرافها الهواء وكأنه يرغب في تحريرها.. وأمام ثورة الستائر التى أقنعتها الرياح بأن لها أجنحة طائرة كان يقع سرير منصور.

نظرت له يارا فوجدته نائما بعمق وأنينه المتواصل لا يتوقف.. اقتربت أكثر ثم تراجعت سريعا الى الوراء بضع خطوات حين انتبهت أنه عاري الصدر لا يرتدي قميصا.
أخذت تُحدث نفسها قائلة: يا إلهي ما الذي أفعله هنا..
اقتربت مرة أخرى منه لتضع يدها على جبينه الذي غطت زاويته ضمادة بيضاء فعلمت بأن حرارته مرتفعه.. رفعت يدها ببطيء عن جبينه حتى لا يشعر بها.. ولكن في تلك الأثناء وجدت منصور قد فتح عينيه وأخذ ينظر لها ..
ارتبكت يارا فالتفتت بسرعة لتهرب ولكنها تفاجأت بمنصور وقد أمسك بها من معصمها وهمس قائلا: ابقي هنا.
نظرت يارا لمنصور بخوف.. في محاولة منها لجذب يدها من قبضته، فجذبها منصور بشدة حتى وقعت على صدره.

هنا ينتهي الفصل العاشر من عروس النار.. ترى ماذا سيحدث بين يارا ومنصور؟ دعونا نتابع ذلك في الفصل الحادي عشر من رواية عروس النار.. قريبا وحصريا فقط على منتديات سيدة القصر.


بقلمي
سارة بنت طلال.














 

رد مع اقتباس