العودة   منتديات سيدة القصر > الأقسام الأدبية > بقلم سيدة القصر

الإهداءات
سيدة القصر : تنبيه: بخصوص أي اعلانات أو مواقيع تسويقية .. سيتم في المرة الأولى حذف المشاركة ، وفي حال تكررت المشاركة سيتم حظر العضو. إدارة المنتدى (سيدة القصر).     سيدة القصر : الفصل الحادي عشر من روايتي (عروس النار) حاليا وحصريا الآن علي منتديات سيدة القصر .. بقلمي سارة بنت طلال     سيدة القصر : الفصل السابع من رواية( عروس النار) بقلمي سارة بنت طلال الآن وحصريا فقط على منتديات سيدة القصر.     الدعم الفني : ادارة الموقع ترحب بالأعضاء والزوار في منتديات سيدة القصر .. متمنين لكم قضاء وقت ممتع وجميل داخل اقسام الموقع .. لأي استفسار أو اقتراح يرجى مراسلة مديرة الموقع مباشرة    

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-06-2017, 01:15 PM   #11
سيدة القصر


الصورة الرمزية سيدة القصر
سيدة القصر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Oct 2015
 أخر زيارة : 02-01-2023 (11:48 PM)
 المشاركات : 450 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الفصل السابع من رواية( عروس النار)







الفصل السابع



بكت حتى خاف النوم ان تطارده دموعها فرحل عنها .. بقيت تبكي وجاكلين صامته على ذاك الكرسي بجانب السرير تراقب ولا تعرف ما الكلمات المناسبة التي قد تهديء من حالة يارا.

جاكلين (بعد وقت طويل) : سيدتي.. ما رأيك ان أحضر لكِ كوب من شاي النعناع ونتحدث قليلا.

يارا ( من بين دموعها التي أغرقت ملامحها): دعيني وشأني أنتِ وسيدك المريض وسأكون بخير.

جاكلين: انتِ تبكين منذ خمسة ساعات .. دعينا نتحدث قليلا لعلنا نجد عبر الحديث حل.. ارجوكِ سيدتي أعطي الحديث بيننا فرصة، فأنا هنا لأجلك فقط وليس من أجل أي أحد آخر.

يارا: قلت لكِ دعيني وشأني.

خرجت جاكلين لتجلس في الصالة الخارجية في جناح يارا الخاص.. وبقيت يارا تبكي حتى سمعت صوت ارتطام بالقرب من شرفتها..

تحركت يارا لتنظر من خلال تلك الستائر التي تغطي الشرفة فوجدت منصور يقف على الشرفة المجاورة لشرفتها وقد سكب فنجان القهوة على الأرض واخذ يدفع بقدمه تلك الطاولة التي امامه بكل عصبية.. ثم دخل الى غرفته واغلق الباب.

اخذت يارا تحدث نفسها قائلة: يا الهي .. هل هو سادي ام مريض ام ماذا!! .. الهي ارجوك ساعدني ماذا افعل.

ركضت يارا بسرعة لتقف أمام المرآة فترى الدموع وقد اخفت ملامحها ، فاخذت محرمة من علبة المحارم وبدأت تمسح دموعها ، ثم ذهبت الى دورة المياه ونظرت مرة اخرى للمرآة فملأت كفيَها بالمياه و غسلت وجهها وكأنها تحاول أن توقظ قوتها وثقتها اللتين اخفتهما الدموع.

بعد ان غسلت وجهها اغلقت صنبور المياه ونظرت مرة اخرى للمرآة واخذت تحدث نفسها قائلة : يجب ان أكون قوية امامه ، لا يجب ان يرى ضعفي أو استسلامي أبدا و إلا سيستغلهما ضدي ويحاول في كل مرة أن يُرعبني.. سوف أكون قوية .. نعم سوف أكون قوية مهما حدث.

خرجت من دورة المياه ووقفت بثقة تنادي : جاكلين .. جاكلين.

ما هي الا ثواني حتى انفتح باب الغرفة وهرعت جاكلين من خلاله قائلة: نعم سيدتي.

يارا (بهدوء): احضري لي شاي النعناع.

جاكلين ( باستغراب من حالة يارا): امرك سيدتي.

استراحت يارا على السرير حتى اتت جاكلين وجلست بالقرب من يارا تناولها فنجان الشاي وتسألها: هل انتِ بخير سيدتي؟

يارا: نعم أنا بخير .. شكرا لكِ.

و بهدوء غريب سألت يارا جاكلين: كم الساعة الآن؟.

جاكلين: انها الثانية عشر والنصف.

يارا : يبدو بأن ليلي سيطول.. أخبريني عنه أود ان أعرف كل شيء عن سجاني.

جاكلين: سيدتي صدقيني انتِ لستِ سجينة هنا .. انتِ سيدة هذا المنزل.

يارا (بابتسامة سخرية): حسنا .. أليس هناك احد غيري في هذا المنزل.

جاكلين: سأخبرك عن وضع السيد منصور الاجتماعي .. هو لم يتزوج من قبل و انا أعمل هنا منذ ثلاث سنوات تقريبا .. لم ارى خلال هذه الثلاث سنوات اي سيدة في القصر سوى في عشاء العمل الذي يقيمه السيد منصور كل بضعة اشهر.

يارا: أليس لديه أب ، أم .. أو اخوة؟

جاكلين: لا .. كل ما اخبرني به فهد ان والديه قد توفوا وهو بسن صغيرة .. ولا اعتقد بأن سموه لديه اخوة لأني لم أسمع بهم ابدا.

يارا بتردد وارتباك: جاكلين .. هل هو سادي .. اعني هل هو متجبر في تعامله معكم كعاملين تحت سلطته؟

جاكلين: اسمعيني سيدتي .. قد تكوني سمعتي عن السيد منصور الكثير من القصص ، كما ان حمله للسياط في ذلك اليوم ربما يؤكد لكِ بعضها ، لأكون صريحة معك لا اعلم ان كانت تلك القصص صحيحة ولكني اثق تماما أن السيد منصورعادل في حكمه على الأمور.

يارا : غريب جدا كيف تقفين في صفه! عموما شكرا لكِ على صراحتك .. هل من الممكن ان تغلقي النور رجاءً ، فأنا حقا بحاجة للنوم.. ولكن ابقي بالقرب من الغرفة فأنا لا اشعر بالراحة في هذا المكان.

جاكلين: بالطبع سيدتي .. لا تقلقي سأبقى في الصالة الخارجية لجناحك.. ناديني في حال احتجتي شيئاً.

اغلقت جاكلين النور لتترك يارا وسط تساؤلاتها العميقة حول شخصية منصور ، حتى جذبها التفكير الى ما قاله لها عن خالد .. اخذت تُفكِر تُرى هل هذا رأي عائلتها وجميع الناس فيها؟ .. هل حقا يعتقدوا بأنها هربت مع عشيقها؟..

بعد أن أرهقها التفكير اخذت تدعو قائلة: الهي انت أعلم بحالي .. تُرى ما الذي يجعلهم يعتقدون أنني كذلك ، ما الذي فعلته ليظنون بي هذا الظن .. الهي ساعدني فأنت الوحيد القادر على ذلك.
.
.
.
.
.
.
.


في اليوم التالي كعادته الصباحية استيقظ مبكرا وارتدى احدى البدل الفاخرة ، ثم اتجه لتسريحته الخاصة ولبس ساعته من كارتير وتعطر بعطره من ماركة باكو رابان.

طرق فهد باب غرفته في جناحه الخاص فسمح له بالدخول..

فهد: صباح الخير سموك.

منصور (باقتضاب شديد): صباح الخير.

فهد: افطارك جاهز ككل يوم .. كما اني قد احضرت ملفات فرعنا في باريس في حال كنت ترغب بالاطلاع عليها اليوم ومناقشتها.

منصور: بمناسبة الافطار .. اتمنى ان تُخبر جاكلين بأن تُغير طقم فناجين القهوة.

فهد (باستنكار): فناجين القهوة ! .. حسنا سموك.

منصور: أود أن تغيرها الآن فوراً .. فأنا لا أريد رؤيتها على مائدة الافطار.

فهد: هل تقصد الآن سيدي؟ .. أعن ي..

منصور (وهو ينظر لفهد بنظرة ثاقبة): بدأ تكرار الحروف على لساني يُتعبني .

فهد: حسنا سموك فهمت .. سأخبر جاكلين بذلك حالا.


.
.
.


خرج فهد من جناح منصور (وهو يتحلطم): يا الهي.. قضيت ايام أعمل على ملفات فرع باريس التي طلبها، والآن كل ما يهمه هي فناجين القهوة التي لا يرغب برؤيتها على الافطار!!!! .

مصادفة.. رأى فهد جاكلين وهي تحمل فنجان القهوة متجهة به الى جناح يارا ..

فهد: صباح الخير جاكلين.

جاكلين : اهلا فهد .. صباح الخير.

فهد: اسمعي.. يبدو لي بأن السيد منصور قد راوده كابوس بخصوص فناجين القهوة هذه.

جاكلين: ما الأمر!.. لم أفهم.

فهد: قال لي أن اخبرك بتغيير فناجين القهوة حالا فهو لا يود رؤيتها على الافطار.

جاكلين : الأن .. هل حقا يرغب بذلك الآن؟

فهد ( وهو يهز رأسه إيجابا): نعم .. وفي الحقيقة هو في اي لحظة سيكون في طريقه للمائدة.

جاكلين (بارتباك شديد وضعت صينية القهوة التي تحملها في يد فهد ومشت بخطوات سريعة) وهي تقول: يا الهي سأذهب بسرعة لأتصرف.

فهد (بخفة ظل يلحق بجاكلين) قائلا: تعالى خذي هذا الفنجان الملعون ماذا افعل به.


.
.
.


كانت يارا قد استيقظت مبكرا ايضا وأخذت حمام دافيء كانت تشتاق له بعد كل الاحداث المؤلمة التي مرت بها منذ دخلت القصر.

ارتدت فستان كانت جاكلين قد احضرته لها من غرفة الملابس الخاصة في الجناح ، وقد كان بلا اكمام ازرق اللون يشبه في نقائه لون السماء .

أسدلت شعرها المبتل خلف ظهرها واتجهت كالعادة لتراقب العابرين الى داخل القصر والخارجين منه من خلف ستائر شرفتها.

سمعت طرق على باب الغرفة فقالت: جاكلين عذرا.. ولكني لم أعد أرغب بالقهوة.

دخل منصور بهدوء ونظر لها وهي تعطيه ظهرها وتنظر عبر النافذة.

بقي صامتا وكأنه يترك لنظراته الحديث عن صباحٍ قد أشرق مرتين في يومه..

التفتت يارا ليسيطر عليها الفزع أمام منصور لتقول بصوت متقطع: أنت .. أنت ماذا تر تريد.

منصور (بهدوء شديد): أرغب بحديث هاديء .. بلا صراخ وبلا بكاء وبلا تساؤلات عدة.

اخذت يارا تقترب بهدوء تحاول جذب غطاء السرير لتخفي ما أظهره فستانها الأزرق أمامه.

منصور: اتمنى أن لا تفعلي ما قد يثير أعصابي.. فلا أعتقد أن هناك امرأة تحجب جسدها عن زوجها.

يارا تستجمع قوتها من جديد أمامه: رجاءً .. ان كنت ترغب بحديث هاديء فلا تتحدث انت ايضا بما قد يثير اعصابي.

تقدم منصور من يارا وجلس عمدا و باصرار على سريرها ليمنعها من سحب اغطية السرير..

منصور يرفع نظره لها ويسألها: لماذا تصرين على الحجاب؟.. بالطبع انتِ لا تقصدي أن تحتجبين عن زوجك ولكني اسأل بشكل عام .. لماذا تصرين عليه؟

انسحبت يارا بهدوء تبتعد عن منصور وتجلس على احدى الكنبات الموجودة في الغرفة .. جسلت وهي تعكس ثقة عالية بالنفس أمامه رغم خوفها و انهيارها من الداخل..

يارا: لأن الله أمرني بذلك.

منصور (ببرود ونظرات حادة): لماذا أمرك الله بذلك؟

يارا: حتى أحمي نفسي وجسدي من نظرات الرجال.

منصور : اها .. أعلم ما تعنينه فقد قال سبحانه وتعالى : ( قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى أن يعرفن فلا يُؤذين وكان الله غفور رحيما) .. صدقيني انا احفظ الآية جيدا.. ولكن قد تفضلتي باخباري انك تحمين به نفسك فلماذا؟

يارا : قد اخبرتك لماذا.

منصور : عذرا لم تفهمين سؤالي .. دعيني اصيغه لك مجددا .. لماذا زوجة منصور العالي تحمي نفسها بقطعة قماش ؟ هل تظني أن هناك من يجرؤ على أذيتك وانتِ زوجتي؟

يارا: هذا في حال لو افترضنا اني حقا زوجتك .. فاذن انت لا مانع لديك أن ينظر الرجال لجسدي..هل أنت من نوع الرجال الذين يستعرضون بزوجاتهم كما يستعرضون بآخر موديلات السيارات التي يملكونها؟

منصور (بهدوء شديد) : لا .. أنا من نوع الرجال الذين يفخرون بزوجاتهم ويستطيعون في نفس الوقت حمايتهن بدون الحاجة لقطعة قماش .. على عكس الرجال ذو الشروط التعسفية الذين يجبرون المرأة على ترك عملها والبقاء لخدمتهم في المنزل.. أهذا ما كنتِ تطمحين له من خلال زواجك بذلك البدائي؟.

يارا (بعصبية تنتفض من مكانها): ارجوك توقف أنا لا أرغب باكمال الحوار.

منصور (بكامل هدوئه) : لا يحق لكِ أن تُنهي حوار لم تُكمليه.. اسمعيني جيدا ، ان كنتِ من النساء اللآتي يؤمن بأنهن حلوى مغلفة لن يأكلها أحد ما دامت تحتفظ بغلافها .. فبالغلاف أو بدونه ستنتهي مدة صلاحيتها .. أما ان كنتِ تعتقدين بأنك قطعة من الجواهر أو الألماس فتلك القطع لا ينخفض ثمنها أبدا .. بل ترفع من شأن صاحبها أياً كان معدنه .. أما بالنسبة لي فأنا أراك كإنسان أثمن من كل الماديات.. فلا تناقشيني في الحجاب مرة أخرى، ولا تقللي من شأني وتطلبي من قطعة قماش حمايتك وانتِ زوجتي.. مفهوم ؟

يارا تنظر لمنصور باستنكار شديد ولا تجد كلمات تجيب بها على فكره الغريب.

منصور (يقطع هدوء يارا ليكمل): هناك شيئا آخر أود طرحه عليكِ .. سبق و اخبرتك بأنكِ قد اخترتِ سابقا الشخص الذي ترتبطين به ولكن القدر شاء ان تكوني زوجتي، وكم اتمنى بكل هدوء أن تُجربي ما اختاره لكِ القدر ..

يارا تقاطع منصور بسخرية: هل حقا انت اختيار القدر لي!

منصور: نعم .. فصدقيني لو لم يشاء القدر لما كنتِ هنا الآن ولو مِت أنا ألف مرة.. عموما كل ما اطلبه منكِ أن تحاولي أن تعرفيني ، فأنا أعرف عنكِ ما لا تعرفينه عن نفسك .. وانا اعني ذلك.

يارا وبريق الثقة في عيناها يصرخ بصمت (من أنت.. حقا من أنت).

منصور (يرد بهدوء على تساؤلات نظراتها) : اعطي نفسك فرصة لتعرفيني .. (وأكمل وهو يقف متجها لخارج الغرفة) ..اتمنى أن تبدئي تلك الخطوة بأن أراكِ على مائدة الافطار.



فتُرى ما الخطة الكامنة خلف تماسك يارا و قوتها .. وكيف ستُواجه بها منصور ، وما سر فناجين القهوة التى يكرهها ، و هل ستكون مائدة الافطار هي أول خطوات يارا لاكتشاف مكنونات سجانها .. تابعوا كل ذلك في الفصل الثامن من رواية ( عروس النار) قريبا وحصريا على منتدايات سيدة القصر للتميز والابداع.


بقلمي

سارة بنت طلال.











 

رد مع اقتباس
قديم 07-05-2017, 11:15 AM   #12
سيدة القصر


الصورة الرمزية سيدة القصر
سيدة القصر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Oct 2015
 أخر زيارة : 02-01-2023 (11:48 PM)
 المشاركات : 450 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي الفصل الثامن من رواية (عروس النار) .. بقلمي سارة بنت طلال.






الفصل الثامن


خرج منصور من جناح يارا واتجه للمائدة في الدور الأول من القصر لتناول الافطار..
جاكلين: سيدي قهوتك ستكون جاهزة في غضون دقائق .. قد امرت العاملين بتغيير طقم الفناجين كما طلبت سموك.
منصور ( باستنكار): ولكني أرى من نفس الطقم الكاسات الزجاجية للماء على المائدة!
جاكلين: عذرا سيدي .. اعتقدت بأنك تقصد الفناجين فقط .. حالا سأقوم بتغييرها.
منصور: اسرعي باخبار العاملين بذلك .. واصعدي بسرعة الى جناح السيدة يارا فمكانك ليس هنا.
.
.
.
.
في جناحها الفخم كانت تدور بيأس بين زوايا الغرفة..
يارا ( تُحدث نفسها بصوت عالي): يا الهي ما هذه الثقة التي يتحدث بها ذلك المختل .. لا لا ربما هي ليست ثقة بالتأكيد هو داء العظمة .. اهدئي يارا اهدئي .. ( وضعت يدها على قلبها الذي بات ينبض بشدة) : اهدئي .. لا تفكري بالبكاء فالبكاء لن يُجدي ، بامكانك مسايرته حتى تجدي مخرجا من هذا القصر.. انزلي للافطار نعم انزلي و واجهيه .. ماذا سيفعل بك أكثر من سجنك ها هنا.
(انتقلت يارا للنافذة لتنظر للبوابة) : بامكانك الوصول لها مهما كانت بعيدة فقط سايريه.
التفتت بحزم لتصرخ باسم جاكلين ولكن فُتح الباب قبل أن تلفظ اسمها..
جاكلين: هل تأمريني بشيء سيدتي؟.
يارا: أخبري سيدك بأني سأكون على مائدة الافطار بعد عشر دقائق.
جاكلين: حقا سيدتي.
يارا: نعم.. كما أني سأبدل ملابسي وانزل مباشرة.. وأنا أعلم اين هي غرفة الملابس الخاصة بي فلا داعي لمساعدتي .. اشكرك.
جاكلين: حسنا سيدتي.. سأخبر السيد منصور بهذا فورا.
وفي اثناء ذلك .. اتجهت يارا الى غرفة الملابس وهي تُردد: اريد شيئا مفتوح للغاية وبنفسجي اللون ، الستَ مُتحرر يا سيد العظمة .. سأريك كيف من المفترض أن تكون رجلا يحمي زوجته وهي تتجول بين خدمك المخلصين.
كانت تبحث بين الملابس وشعرها الطويل يتعلق في كل فستان ليُبدي اعجابه بالقطع المنتقاة لعله يساعدها في اختيار ما يلائم بشرتها البيضاء التي تُشرق احمرارا تحت خيوط اشعة الشمس.
واخيرا سحبت الفستان المطلوب وقامت باستبدال ملابسها والوقوف امام المرآة لترى النتيجة.
كان الفستان كما رغبت أن يكون تماما.. بنفسجي اللون عاري الكتفين، ينسدل بنعومة حتى يلامس اصابع قدميها .. ليعود مرة اخرى بفتحةٍ على جانب جسدها تعلو لتستقر على اعلى ساقها الأيسر.
ورغم بساطة الفستان ورغم لونه الجذاب.. الا أن لون بشرتها وجمال تقسيمات جسدها زاده رقيا وأناقة.
تركت يارا شعرها الطويل ينسدل لترقص اطرافه كعادتها عند خصرها الممشوق.. واكتفت بقليل من الكحل الأسود وأحمر شفاه وردي اللون.
.
.
.
.
.

على مائدة الطعام.. كان منصور ينتظر قدوم يارا للافطار.. وكان فهد يجلس على يمين منصور ومعه بعض الملفات التي يراجعها ويتحدث عن بعض تفاصيلها مع منصور.
وفي هذه الاثناء كانت جاكلين تقف في اخر المائدة (تحاول ترتيب بعض الأطباق استعدادا لقدوم يارا) وفجأة لمحت فستان يارا وهي تنزل من اعلى درج القصر فهمست : سيدي قد حضرت السيدة يارا.
رفع منصور نظره من على بعض الأوراق التي أمامه لينظر ليارا وهي تنزل من أعلى الدرج فبقيت عيناه الحادتين والباردتين تتعلق بها حتى وصلت وصارت بالقرب من الكرسي المقابل له على المائدة.
وقف منصور من على كرسيه فأسرع فهد بالوقوف ايضا.
اسرعت جاكلين وساعدت يارا في سحب كرسي المائدة وما ان جلست حتى جلس منصور ثم فهد.
منصور ببرود أنزل نظره على الأوراق مرة أخرى وقال ل فهد: حسنا سأطلع عليها في مكتبي بعد قليل.
فهد ( يُسرع بجمع الأوراق) : بالطبع سيدي .
اعاد منصور نظره البارد الى يارا ثم قال: سعيد بتواجدك على مائدة الافطار.
يارا ترد بلا مبالاة: حسنا.
ألقت يارا نظرة على المائدة فوجدت الكثير من أصناف الجبن والبيض والكرواسون واللحم المدخن .. عدى عن صينية فاخرة تمتليء بجميع أصناف الخبز يمر بها أحد طباخين القصر كل بضع دقائق.
جاكلين: سيدتي.. هل تفضلين العصير، القهوة، أم الشاي.
يارا: القهوة لو سمحتي.
جاكلين: هل تفضلين نوع معين من القهوة؟
تدخل منصور عندها ليقول: هي تُفضل القهوة الفرنسية.
رفعت يارا عيناها بذهول لمنصور وكأنها تسأله كيف علم بذلك!
منصور: اخبرتُكِ سابقا أني اعرفك أكثر من نفسك.
احضرت جاكلين القهوة الفرنسية ليارا .. ثم انتقلت لتضع صينية من الخبز التوست أمام منصور في الطرف الآخر من المائدة .. ولكنه أوقفها قائلا: هذه الصينية.. قد طلبتُ اعدادها للسيدة يارا فضعيها أمامها.
ثم حول نظره الى يارا بكل هدوء قائلا: أنتِ لا تُفضلين التوست بالزبدة .. وهذا مُحمص بلا زبدة خصيصا لكِ.
انفعلت يارا من تصرفاته لتقول بحدة: لما تفعل هذا .. كيف عرفت كل هذه التفاصيل عني فأنا حقا لا أعرفك ، ولولا أني بكامل قواي العقلية لقلت أني أحلم أو فاقدة الوعي.
منصور بكامل هدوءه ورصانته: أتمنى أن تأخذي بعين الاعتبار أنك لم تُصبحي زوجتي في يوم وليلة كما تعتقدين أو كما سجل الورق .. فهذا القصر وهذه المكانة تحديدا .. هي ليست لشخص لستُ على علم بأدق تفاصيل حياته.
يارا بابتسامة مليئة بالتحدي: بالطبع .. فأنت مُختطِف.. فمن الطبيعي جدا أن تعلم بكامل تفاصيل ضحيتك.
منصور بتحدي أكبر: ربما أنا فعلا مُختطِف وربما لا.. فحاولي أن تكتشفي ذلك بنفسك، وبالمناسبة .. انت جميلة في كل احوالك فلا داعي لأن تكشفي كل هذا القدر من جسدك لتُرضيني.
يارا وهي تحاول أن تُخفي صدمتها من وقاحة حديثه: لم أكشفه أمامك فقط.. فها هو مرافقك الأمين على يمينك.. فربما أنا أحاول ارضاءه هو أيضا.
سيطر السعال على فهد الذي شعر بالارتباك شديد من حديث يارا ليقف سريعا قائلا: عُذرا سيدي.. سأنتظرك في المكتب.
منصور بكل ثبات وبرود: تفضل.
التزم منصور الصمت وتناول الافطار واكتفى بالقاء نظراته الباردة بين الفترة والأخرى على يارا التي اكتفيت هي أيضا بتناول القهوة.
بعد مدة وقف منصور بهدوء ليرتدي سترته.. ثم التفت الى يارا وقال: سألتقيك بعد ساعة في مكتبي.. وان لم تحضري فسأعتبرها دعوة منك لي الى جناحك.
انتقل منصور الى مكتبه في القصر.. وحين دخل وجد فهد يجلس على احدى الكراسي بانتظاره.
منصور: حسنا يا فهد.. هل لا منحتني خمس دقائق على الأقل قبل أن أبدأ النظرفي جميع الملفات التي أحضرتها لي.
فهد: بالطبع سيدي.. خذ وقتك في النظر اليها، وسأعود مساءً لاستلامها من سموك.
منصور يجلس على كرسي مكتبه مخاطبا فهد ليقول: حسنا.. شكرا لك.
وما ان خرج فهد من مكتب منصور حتى همس منصور ليحدث نفسه قائلا: ااااه يا الهي كم هي جميلة.. ولكن ينقصها أن تعلم أنها ملكي.
.
.
.
.
.
يارا مازالت تحاول المكوث على مائدة الافطار أطول وقت ممكن لعلها تحفظ بعض الأماكن التي قد تساعدها على الهروب.
جاكلين : سيدتي .. لما لا تتناولين افطارك، هل أحضر لكِ شيئا آخر.
يارا وهي تفكر بعمق: لماذا تعتقدين بأنه يرغب برؤيتي بعد ساعة؟ .
جاكلين تسحب الكرسي لتجلس بجانب يارا وتمسك يدها لتطمئنها قائلة: لا أعلم سيدتي.. ولكن كل شيء سيكون على ما يرام فلا تقلقي.
يارا: انه حقا متعجرف و مستفز .
جاكلين: قد طلب منكِ أن تعرفيه فجربي ذلك .. ربما تغيري رأيك.
يارا بانفعال: وماذا ان كنتُ لا أهتم لمعرفته.. أليس لي رأيا في هذا!
جاكلين تلتزم الصمت وتحاول تهدئة يارا وصب المزيد من القهوة لها.
بقيت يارا تنظر بهدوء حولها وهي ترى العاملين في القصر يتوافدون لازالة اطباق الافطار من على المائدة التي أمامها وهي قد فقدت الرغبة في الصعود الى غرفتها .. ففي داخلها يصارع التمرد فيها الخوف من سجانها .. ومضى الوقت حتى بقي على موعدها معه ربع ساعة فحسب.
يارا: جاكلين.. هل من الممكن أن تحضري لي أي نوع من المعاطف من غرفة الملابس؟
جاكلين: حسنا.. سأذهب لاحضار شيء مناسب لهذا الفستان الجميل .. فانتِ حقا تبدين جميلة جدا به.
يارا تبتسم ابتسامة يغمرها القلق والخوف: شكرا لكِ.
.
.
.
.
.
منصور في مكتبه ينظر الى الساعة كل خمس دقائق ثم يعاود النظر الى الأوراق التي في يده .. بقي خمس دقائق فقط على لقائه معها.
.
.
.
.
ارتدت يارا المعطف الذي احضرته لها جاكلين.. وقفت ورفعت قامتها بكل ثقة لتخفي كل المشاعر المتضاربة بداخلها، اشارت لجاكلين بأن تأتي معها حتى تُعلم منصور بقدومها.. فمشت جاكلين تقودها باتجاه مكتب منصور.
.
.
.
جاكلين طرقت الباب ثم دخلت لتجد منصور ينظر لها بحده منتظرا منها أن تقول ما تريد..
جاكلين: سيدي.. السيدة يارا في الخارج.
منصور محافظا على حدة نظرته: فالتدخل.. ولا تنسي أن تغلقي الباب خلفها.
جاكلين: امرك سيدي.
دخلت يارا ووقفت صامته بعيدا عن منصور..
منصور بسخرية: أرى أنك ارتديتي معطفا.. هل هذا ايضا لارضائي.
يارا وهي تحاول أن تتمالك اعصابها: ماذا تريد.
وقف منصور بهدوء ومشى باتجاهها ليقترب منها قليلا ولكن ذلك جعل يارا لا شعوريا ترجع الى الوراء حتى التصقت بباب المكتب خلفها.
أدرك منصور أن يارا خائفة منه فوقف امامها مباشرة ثم دنى من وجهها قليلا وقال: اخلعي معطفك رجاءً.
يارا تتمسك بمعطفها أكثر و قد بدأت الدموع تلمع بين شموخ جفنيها وهي تقول: لا.. لن أفعل.
الدموع الساكنة في عينين يارا قد استفزت منصور فصرخ قائلا: لن ألمس شعرة منكِ الا برضاكي .. والآن اخلعي معطفك فقد رأيتك سابقا بدونه.
صرخة منصور تلك أطلقت العنان لدموع يارا.. فأخذ جسدها يرتعد خوفا وضعفا أمام منصور.. فما كان أمامها سوى أن تخلع معطفها كما طلب منها منصور.. وما ان فعلت ذلك حتى حاصرها منصور بذراعيه حين استند بيديه على الباب خلفها واقترب منها اكثر ليهمس في اذنها قائلا: الآن انتِ تُرضيني أنا فحسب.. والآن أيضا أثبت لكِ أنا أنكِ مُلكي ..
وبحركة سريعة وقف منصور باعتدال وعيناه في عينان يارا وقد خلع سترته أمامها ووضعها بهدوء على كتفيها.. ثم عاد ليهمس لها قائلا: اعتقد بأنكِ قد فهمتي الدرس .. بامكانك المغادرة الآن.
إلتفَت يارا بسرعة لتلتقط أُكرة الباب خلفها وتخرج راكضة وهي في قمة الانهيار وكل ما تريده هو أن تصعد الى جناحها فتواري فيه ضعفها ودموعها التي خانتها أمامه.
.
.
.
.

ترى هل تستطيع يارا ان تجمع قوتها مرة أخرى أمامه.. أم سيكون هروبها من منصور هو الحل الوحيد أمامها.. تابعوا ذلك في الجزء التاسع من رواية (عروس النار) قريبا وحصريا على منتديات سيدة القصر.

بقلمي
سارة بنت طلال.








 

رد مع اقتباس
قديم 07-11-2017, 11:48 AM   #13
سيدة القصر


الصورة الرمزية سيدة القصر
سيدة القصر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Oct 2015
 أخر زيارة : 02-01-2023 (11:48 PM)
 المشاركات : 450 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي







الفصل التاسع

ما ان دخلت يارا الى جناحها.. حتى تصورت المكان حولهاو كأنه سجن قد بدأت قضبانه بالنزول من أسقف غرفتها
لتحاصرها وتعلن لها انتهاء فترة الاستراحة، وما ان اغلقت باب تلك الغرفة عليها حتى صدح صوت ذلك الباب الفخم وكأنه من حديد صلب يحاكي صوت الخوف المظلم داخلها، بكت يارا بصمت هذه المرة.. بالرغم من كل تحديها وقوتها هبطت على ركبتيها وهي تنظر للأسقف العالية التي تدور من حولها ، بقيت حتى غربت الشمس والدموع الصامتة تشق طريقها عابرة عبر وجنتيها ، بقيت ترفض تواجد جاكلين بالقرب منها أو حتى بالقرب من جناحها .. وفجأة جاء صوت الرعد ليهز كيانها رافضا استسلامها لتلتفت الى النافذة التي عهدت الوقوف عندها كلما ودعت الدموع عيناها.. وقفت مسرعة وركضت باتجاهها لترى البرق يلمع وكأنه قد حمل سيفا ليجرح به عظمة السماء، فيترك ندوبا من الصواعق تؤذيها.. فلا تملك حلا لألم تلك الندوب سوى أن تبكي مطراً.

عصفت الرياح لتعترض على ذلك الظلم الواقع على السماء فأخذت تلوح بأغصان الشجر يمينا ويسارا ، صرخت يارا : لا لا .. لن أخضع لسيفك أبدا، كما أن السماء لن تخضع لذلك البرق وستشرق بصفائها غدا.. نعم أنا لستُ ملكك وركضت تعبر أرجاء الجناح حولها وكأنها تأمر القضبان أن ترتفع لحريتها من جديد.

فتحت الباب في ذلك الجناح العظيم ونظرت له باستصغار قائلة : لن تصدح في اذني من جديد ..
وقفت يارا في أعلى الدرج المُطل على الدور الثاني و بذلك الفستان الأنيق و عليه سترة منصور التي وضعها على كتفيها.

نظرت يارا للنوافذ العظيمة التي ترتفع خلفها محيطة بالجزء الأعلى من اسقف القصر والتي امتلأت مطرا : وصرخت بكل قوتها منصووووووور .. منصووور يا سيد هذا السجن العظيم والمنمق.


تجمع جميع العاملين في القصر في الدور الأول وهم ينظرون باستنكار ليارا وهي تصرخ وتنادي على سيدهم.
جاكلين: تقف في وسط العاملين وهي تحاول تشتيت الجموع قائلة: ما الأمر .. فاليعود كل منكم الى عمله ، تفضلوا رجاءً.
ولكن قبل أن يلتفت لها أحدهم ظهر منصور وهو في حالة قلق من صراخ يارا .. ليقف أسفل الدرج متسائلاً: ما الأمر.


يارا تقف بكل شموخ لتُسقط سترته التي وضعها عليها أرضا .. ثم تُنزل يديها لتمسك بطرف فتحة ذلك الفستان الذي يعلو ساقها لتمزقه من عليها من ما أظهر بعض أجزاء جسدها بشكل واضح.
أطلقت احدى عيناها دمعة تحدي وهي تقول موجهة حديثها الى منصور: أفعلت كل هذا من أجل فتاة أعجبتك؟ .. ترغب بجسدها بشدة وكبرياءك الرجولي لا يسمح لك بأن تفرض نفسك عليها؟ .. جلبتني الى هنا لتسجنني حتى أسمح لك بأن تنفرد به!!!

راح الرعد يهز بصوته تلك النوافذ خلف يارا وكأنه يؤيد ما تقول محاولا التصدي هو أيضا لمنصور.
صرخت يارا لتكمل حديثها قائلة: تعال انفرد به .. تعااااال واطلق سراحي.. أكمل ثروتك العظيمة وامتلك تحفتك الفنية ثم دعها وشأنها بعد ذلك.


تقدم منصور ببطيء و أخذ يصعد الدرج باتجاه يارا .. لم يكن ينظر ليارا في تلك اللحظات فقد كان هناك شيء آخر يحوز على انتباهه.
بقيت يارا تقف وتنظر لخطواته وهو يتقدم نحوها .. ورغم أن ركبتيها كانتا ترجفان رفضا لقرارها.. إلا انها أجبرتهما ليسنِدا قدميها فتقف أمامه بكل تحدي.

وللحظة وهي تنظر لمنصور التي باتت خطواته قريبة منها .. أيقظ سمعها صوت تصدع الزجاج العظيم خلفها بسبب قوة الرياح والمطر، وقبل أن تلتف لترى ما يحدث.. وجدت منصور وقد جذبها ليحيطها بذراعيه ويدفنها بين أحضانه جاعلا جسده المُنحني عليها غطاءً لها من حطام الزُجاج الذي سقط متناثراً بأجزائه وزواياه الحادة عليهما.

بقي منصور يحتضن يارا حتى استطاع أن يرفع رأسه لينظر ما ان كان ذلك المطر من الزجاج قد توقف.

وما ان اطمأن لذلك حتى رفع رأسها بين أحضانه وهو يسألها بصوت متقطع: هل.. أن تِ بخير؟ ثم أخذ ينفض بيديه بعض من فتات الزجاج التي علقت بأطراف خصلات شعرها ليكمل قائلاً بهمس: اجيـ ـبيني هـ ـل أنتِ بـ ــ خير؟
نظرت يارا لوجه منصور فلمحت قطرات الدماء وهي تجري هرباً من أحد الجراح على طرف جبينه.. مما جعل نظراتها تتجول بهلع لترى كتف قميصه أيضا وقد تمزق غرقا بالدم.


كانت جاكلين عندها قد وصلت راكضة بعد أن رأت ذلك المنظر قائلة : سيدي سيدي .. ( أكملت تصرخ في العاملين المذهولين في القصر بأعلى صوتها قائلة): فاليساعدني أحدكم بسرعة.
كانت يارا أيضا قد ملكها الذهول وارتمت لتجلس على الأرض وهي تنظر لمنصور الذي أسرع بدفع جاكلين نحو يارا قائلاً: غـ ـ ـطـ ـي السـ ـ ـيدة يا را أولا.. بسرعـ ـة.
أخذت جاكلين سترة منصور التي كانت يارا قد ألقتها ارضا لتغطي بها يارا مرة أخرى.


وفي لمح البصر.. حمل العاملين في القصر منصور نحو جناحه الخاص لتركض جاكلين وتُهاتف الاسعاف على عجل.
وقفت يارا واتجهت بهدوء قد امتلأ بالصدمة نحو جناحها الذي دخلته لتترك أبوابه مفتوحة كما هي وتجلس على احدى الأرائك الموجودة في الصالة الخارجية لجناحها، وما هي الا دقائق حتى سمعت صوت سيارة الاسعاف التي أتت لنقل منصور الى المشفى.

نظرت يارا لسترة منصور التي تحيط بها.. ثم تذكرت كلام منصور حين قال لها سابقا " كم أتمنى بكل هدوء أن تُجربي ما اختاره لكِ القدر" لتتمتم قائلة: في المرة الأولى أجبرتني على ارتداء سترتك هذه لتُثبت لي أنني ملكك.. تُرى هل هذه المرة قد أرغمني القدر على ارتدائها لنفس السبب!

.
.
.
.
.
.

في منتصف الليل وفي احدى الأجنحة الفخمة في تلك المشفى غفى منصور بسبب الأدوية التي وصفها له الطبيب لتُسكن الألم.. وذلك بعد أن تم تضميد جراحه ولف بعض الشاش على جبينه.. وتقطيب ذلك الجرح العميق على كتفه ببعض الغرز.

وفي الصباح الباكر استيقظ منصور ليجد فهد وقد سهر بجانبه طوال فترة نومه..
فهد بقلق: سيدي .. هل سموك بخير؟
أومأ منصور برأسه ليطمئن فهد ثم قال: هلا أحضرت لي كوبا من الماء؟
فهد : بالطبع سموك.
بدأ فهد يسكب لمنصور كوبا من الماء وقد غلب على وجهه الشحوب.
أخذ منصور يُراقب ملامح فهد حتى اقترب فهد منه ليُعطيه كوب الماء.
منصور : فهد هل لديك ما تُخبرني به !.. فذلك الشحوب على وجهك يحمل الكثير من التساؤلات.
جلس فهد على ذلك الكرسي القريب نوعا ما من سرير منصور في تلك المشفى ثم قال بصوت بائس: انه الفضول سيدي.. ليس شيئاً سوى الفضول.
منصور: وعن ماذا يبحث فضولك؟
فهد: تعلم سيدي جيدا مدى حبي واخلاصي لسموك .. فاعذر فضولي الذي بات قلقا عليك.
منصور يعتدل في جلسته وهو يقول: و أنا قد سألتك! عن ماذا يبحث فضولك؟
فهد: قد أخبرتني جاكلين بكل ما حدث ليلة البارحة، فلماذا السيدة يارا بالتحديد؟ ولماذا قد آذيت نفسك من أجل أن تحميها؟
منصور بعد صمت قد استمر بضع دقائق: لم أعتد على أن يسألني أحد لماذا.
أسرع فهد ليقول: أنا لم أقصد..
قاطع حديثه منصور ليقول: ولذلك سأجيبك بشكل غير مباشر عن سؤالك.
فهد: تفضل سموك.
منصور: هل تذكر طقم فناجين القهوة والكاسات التي طلبت تغييرها البارحة؟
فهد: نعم سيدي.. اذكر ذلك جيدا.
منصور: قد طلبت تغييرها لأن احدى الكاسات في ذلك الطقم قد استخدمته يارا سابقا في جرح نفسها بقصد الانتحار.. (صمت منصور لثواني ثم اردف قائلاً): لم أحتمل رؤية ذلك الطقم وأنا أعلم بأن قطعة زجاج منه قد لمست عروقها، فكيف تعتقد بأنني من الممكن أن أترك زجاج نوافذ قصري يغمرها بدلا مني!
فهد بتعجب من حديث منصور: أتحبها الى هذا الحد!
منصور وهو يتفقد هاتفه النقال: أعتقد بأنني أجبتك.. فاختار ما يناسب ظنك.

ترى مالقصة الكامنة خلف مشاعر منصور اتجاه يارا.. وهل يستطيع القدر أن يُقنع يارا باختياره لمنصور؟ ترقبوا ذلك في الفصل العاشر من رواية عروس النار قريبا وحصريا فقط على منتداي الرسمي.. منتديات سيدة القصر.

بقلمي
سارة بنت طلال.













 

رد مع اقتباس
قديم 07-24-2017, 11:23 AM   #14
سيدة القصر


الصورة الرمزية سيدة القصر
سيدة القصر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Oct 2015
 أخر زيارة : 02-01-2023 (11:48 PM)
 المشاركات : 450 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي










الفصل العاشر

الشمس تتسلل بهدوء عبر نافذة جناح يارا لترتمي ببطيء على قدميها وترتفع حتى لتلامس رمشيها اللذان أزعجهما فضول الشمس.. من ما جعل يارا تستيقظ لتخبيء عيناها سريعا في سترة منصور التي غفت وهي ما زالت تغطيها .. لتستوعب سريعا من رائحة عطره الفاخر أنها تختبيء في سترته.

قامت ببطيء وخلعت تلك السترة ووضعتها على السرير .. اتجهت ببطيء ايضا الى دورة المياه ونظرت قليلا في المرآة ثم قالت وكأنها تُحدث انعكاسها فيها : ماذا ستفعلين .. اخبريني ماذا ستفعلين!

.
.
.
.
.


جاكلين طرقت على باب جناح يارا وهي تحمل صينية الافطار ثم دخلت ووضعت صينية الافطار على احدى الطاولات في الجناح ..
اتجهت نحو غرفة يارا وفتحت الباب فلم تجد يارا.. ثارت خوفا وركضت بسرعة باتجاه دورة المياه لتتفقدها ولكن قبل ان تطرق الباب ، فتحت يارا الباب ونظرت الى جاكلين ببرود وقالت: لا داعي للذعر فأنا لم أهرب.
جاكلين بخجل: لم افكر بهذا.. أنا فقط أردت أن أطمئن على صحتك سيدتي .. فالبارحة كنتِ مُتعبة جدا.
اكتفت يارا بالصمت.
نظرت جاكلين الى حال يارا وفستانها الممزق عليها..فقالت وهي تتجه بسرعة نحو غرفة الملابس : سأحضَر لكِ ملابسك حالا سيدتي.
يارا تُوقف جاكلين وهي تتساءل ببرود متظاهرة بعدم الاهتمام: هل هو بخير.
جاكلين تقف وتنظر بانتباه ليارا فترد: هل تقصدين السيد منصور.
يارا تتجه للنافذة بشكل غير مبالٍ أبدا: ومن غيره في المشفى!
جاكلين: فهد أخبرني بأنه مُتعب قليلا ولكنه قد أصر على الخروج اليوم.. قال الطبيب بأنه يحتاج للراحة.
جلست يارا على السرير ملتزمة الصمت.
جاكلين: سأحضر لكِ الملابس حالا.
.
.
.
.

منصور في المشفى وبجانبه فهد يحمل مجموعة من الملفات والأوراق كعادته .
فهد: سيدي بامكاننا أن نؤجل مراجعة الملفات هذه لوقت لاحق .. يجب أن تنال قسطا من الراحة.
منصور: تعلم جيدا بأني لا أؤجل العمل أبدا فلا ترهقني بتكرار نفس الحديث كل خمس دقائق.
فهد: كما تريد سيدي.
منصور موجها كلامه لفهد: أعتقد بأن فرع الشركة في باريس بحاجة لمتابعة مباشرة.. فاما أنه لا يحقق الإيرادات المطلوبة أو أن هناك تلاعب في نتائج الايرادات.
فهد: فعلا سيدي .. فأنا قد أشرت لذلك أيضا في التقارير التي طلبتها مني، وأنا أنتظر توجيهات سموك.
منصور: نحتاج الى أن نتأكد من ذلك بأنفسنا .. ولذلك احجز لنا على طائرة الاسبوع القادم ولا تخبر أحدا بذلك فأنا أود أن أرى سير العمل هناك بلا أي تحسينات.
فهد: بالطبع سيدي..
صمت فهد قليلا وهو يراقب منصور ثم قال: سيدي .. هل أنت مُصر على الخروج من المشفى اليوم؟ فالطبيب قال بأنك تحتاج للراحة.
منصور يرفع نظره من على الورق أمامه ويسأل فهد: هل حقا قال هذا ؟
فهد بحماس : نعم لقد شدد على ذلك.
منصور : اذن تفضل بالانتظار في الخارج فقد بدأت تُقلق راحتي .. وحين أنهي الأوراق سأقوم باستدعائك .. اسرع رجاءً.

خرج فهد تلبية لطلب منصور وقد كانت تعلو وجهه علامات اليأس التي اعتادت ملامحه عليها.

.
.
.
.
.
.

جلست يارا في الشرفة الخاصة بجناحها والمجاورة لشرفة جناح منصور بعدما بدلت ملابسها وارتدت بنطال جينز باللون الأزرق الفاتح كما ارتدت عليه قميص بدون أكمام وباللون العودي الداكن.

وضعت جاكلين امامها صينية الافطار..
جاكلين : سيدتي تبدين جميلة جدا ومرتاحة اليوم.
يارا: لا أعلم حقا ما شكل الراحة التي تتحدثين عنها ولكن شكرا لكِ.
جاكلين : هل ترغبين أن أحضر لكِ شيئا آخر.
يارا : هل من الممكن أن نتحدث قليلا؟ .. فأنا أرغب بالحديث.
جاكلين : بالطبع سيدتي.
جلست جاكلين على الكرسي المقابل ليارا.. ثم قالت: قولي لي ماشئتي كلي آذان صاغية.
يارا: ما قصتك معه؟
جاكلين: مع من سيدتي!
يارا: مع منصور .. انت تدافعين عنه دوما بشدة، هل تحبينه ؟
ابتسمت جاكلين باستنكار ثم قالت : بالطبع احبه سيدتي ولكن ليس بالشكل الذي تعتقدينه .. في الحقيقة السيد منصور أنقذ حياتي.
يارا بانتباه: كيف حدث ذلك.. أكملي رجاءً.
جاكلين تُطأطيء رأسها بحزن: رغم أني لا أحب أن أتذكر الماضي ولكن سأحكي لكِ.. أنا من عائلة عربية بسيطة جدا، هاجرنا مع أبي حين كنا صغارا انا وأمي وأخي الوحيد الى ألمانيا هربا من الاضطهاد الطائفي.. ولكن بعد فترة من هجرتنا، قام والدي بهجرنا أيضا وتزوج من امرأة ألمانية بهدف الحصول على الجنسية واختفى منذ ذلك الحين..
ربتنا والدتي بمفردها فكبرنا انا وأخي وترعرعنا في برلين.
لكن قبل تسع سنوات تقريبا.. توفيت والدتي حينما علمت بأن أخي يتعاطى المواد المخدرة خاصة بعدما تطاول عليها ذات يوم حتى وصل الأمر الى ضربها وضربي لأننا رفضنا في ذلك اليوم اعطائه المال.. سكتت جاكلين قليلا بأسف ثم أكملت قائلة بصوت يرتعد: وبعد وفاة والدتي بمدة بدأ يُتاجر بجسدي حتى يحصل على المال.


بدأت دموع جاكلين تلمع في عيناها من ما جعل يارا تقول بارتباك شديد: أنا آسفة .. لا داعي لأن تحكي لي شيئا.. أنا فعلا آسفة..
جاكلين تمسك بيد يارا : لا بأس .. من حقك أن تعرفي المعروف الذي قدمه لي السيد منصور لتفهمي مشاعري اتجاهه.
يارا بارتباك أكثر: جاكلين لا يهمني أن أعرف هذا .. فحقا أنا لا أهتم لسيدك أبدا.
جاكلين : ولكني أهتم .. أود حقا أن تمنحيه فرصة ، فاسمعيني رجاء.
سكتت يارا أمام دموع جاكلين واستجابت لرغبتها في الحديث.


جاكلين: أجبرني على ذلك العمل لسنوات حتى طلب مني ذات ليلة أن أتجهز لأن هناك رجل أعمال قد دفع له مقابل أن أقضي ليلة واحدة مع صديقه وهو رجل أعمال آخر .. وأخبرني بأنه دفع مبلغا كبيرا حتى أخلص في عملي .. وأن صديقه ذاك أيضا سيدفع لي فهو غني غناء فاحش.
تحضرت يومها وأخذني أخي الى جناح رجل الأعمال هذا في فندق فخم جدا.. أوصلني حتى جناحه وقال لي: سآتي صباحا لآخذك من هنا .. ثم تركني ورحل.
طرقت باب الجناح وبقيت أنتظر أمامه لمدة عشر دقائق حتى فتح لي صاحبه الباب ..
يارا تقاطع جاكلين قائلة : كان منصور؟ .. أليس كذلك؟
جاكلين : نعم كان هو السيد منصور.. كان يرتدي احدى بدلاته الرسمية كالعاده..
يارا بتردد: هل قام بـ..
جاكلين : بالطبع لا سيدتي .. بالعكس دفعني أرضا بقسوة وقال لي باللغة الانجليزية: أخبري من أرسلك الى هنا بأن هذا الأسلوب الرخيص لن يجعلني أخسر أمامه المناقصة.

وخرج يومها وأغلق باب جناحه خلفه وتركني أنا ملقاة على الأرض أمام المارة.
كرهته يومها بشدة وأصررت على البقاء حتى يعود لآخذ ثمن الليلة.. فقد كنت خائفة من أن يظن أخي بأنني قد أخذت المال وأخفيته عنه.. فمهما قلت له لم يكن ليصدق أبدا أنه لم يحدث شيئاً بيننا.


وحين عاد السيد منصور ليلا وكان فهد معه.. وجداني انتظر امام باب الجناح فسألني السيد منصور قائلا: لماذا انتِ ما زلتي هنا؟
فأجبته: أريد مالي .. أريد ثمن الليلة.
فقال متعجبا: أنا لم أقضي معك الليلة.
فتدخل حينها فهد وهو يسأل السيد منصور: ما الأمر سيدي.
فأجابه قائلا: هذه التي أخبرتك عنها سابقا.. أرسلها أحد المنافسين ولا شك بأنه (مستر ديفيد) .. هو يستخدمها كعائق رخيص لأخسر مناقصة (شركة جلوريــــــــا) .


أكملت جاكلين تقول ليارا: عندها تأكدت من أنهم عرب .. فقلت للسيد منصور بالعربي: أرجوك لا تقحمني فيما لا علم لي به، أنا أؤدي عملي فحسب .. أعطني حقي وسأرحل من هنا فورا.
ما ان قلت ذلك حتى لمحت نظرة الذهول في عينا السيد منصور وفهد ..
فرد علي فهد قائلا: أنتِ عربية.
أجبته: نعم أنا عربية.
فما كان من السيد منصور سوى أن أدار لي ظهره بغضب ودخل جناحه تاركا فهد معي.
فهد: ما اسمك؟
جاكلين: وماذا سيفرق معك اسمي.
فهد: حسنا.. هل عائلتك على علم بعملك هذا؟
في ذلك الوقت يا سيدة يارا انهرت أمام فهد حين سألني عن عائلتي.. لم أعرف ماذا أقول له.
فما كان منه هو الآخر سوى أن أدخلني الى جناح السيد منصور ليقدم لي كأسا من الماء.
وحين دخلت الجناح وجدت السيد منصور يجلس على الأريكة المقابلة لباب الجناح وأخذ ينظر لي نظرة لم أفهمها يومها أبدا.. لم أعرف ما إذا كان يُشفق علي أم يحتقرني.
اختفى فهد لدقائق حتى يحضر لي كوبا من الماء.. أما السيد منصور فقال لي: أخبريني قصتك بالكامل وسأعطيكي ثمن الليلة.. وأتمنى أن لا تكذبي حتى لا أضطر الى عقابك بطريقتي الخاصة.
شعرت بالخوف الشديد من نظرات السيد منصور في تلك اللحظة.. وحين أتى فهد بكوب الماء شربته بالكامل من شدة ذعري.. ثم حكيت له قصتي فسمعها هو وفهد فطلب مني أن أتصل على أخي وافتح مكبر الصوت ليتأكد من أنني لا أكذب.
وفعلا فعلت هذا.. وحين أجاب أخي على مكالمتي سألني مباشرة: كم أعطاكي؟
فقلت : كثير ولكني لم أعدهم بعد.. متى ستأتي؟
فأجابني: قلت لك في الصباح.. حاولي أن تبيتي عنده لعله يزيد ثمن الليلة.
فأشار لي السيد منصور أن أقول له أن يأتي لأخذي غدا في المساء.
وبالطبع وافق أخي بسرعة.. وما ان أغلقت الهاتف حتى وقف السيد منصور وسألني: أجيبيني بصدق.. هل ترغبين بالتخلص من هذا العمل؟
فسبقتني دموعي لتجيب على سؤاله وأنا أقول: نعم.. بالطبع أنا أرغب في ذلك بشدة.
فأخبرني السيد منصور بأنه سيخلصني منه وسيوفر لي عمل جديد وحياة كريمة.
وبالفعل في اليوم التالي زوجني فهد زواج صوري حتى لا يستطيع أخي أن يسجل ضد السيد منصور قضية خطف عند السلطات الألمانية، واستخرج لي جوازا في يومين فقط وفي اليوم الرابع من لقائي به كنت على متن الطائرة من برلين الى هنا..
أكملت جاكلين حديثها وهي تحاول اظهار ابتسامة من بين دموعها قائلة: وها أنا أعمل كربة منزل في هذا القصر منذ ثلاث سنوات.
يارا بتعجب: هل أنتِ زوجة فهد؟
جاكلين: لا.. طلقني ما ان وصلت الى هنا واحتفظ السيد منصور بالأوراق في حال احتجنا لها مستقبلا.
يارا: لم أتخيل أبدا أنك قد عانيتي الى هذا الحد.
جاكلين: لا تلتفتي للمظاهر سيدتي.. فهذا القصر يحمل قصصا كثيرة، وصدقيني حتى صاحب هذا القصر كذلك.
يارا: ألم تشعري يوما بأنه قاسي أو مريض بالعظمة؟
جاكلين: ربما هو قاسي ولكن لقسوته أسباب.. سيدتي صدقيني.. قسوة السيد منصور هي ميزان عادل في الكثير من الأحيان.. جربي الاقتراب من قسوته وستدركين أنها سراب.
.
.
.
.
.
.
.


في مساء ذلك اليوم وصل منصور الى القصر بصحبة فهد وأثناء خروجه من السيارة متجها الى القصر لمح يارا وهي تقف في الشرفة تراقبه.. وما ان ارتفع بصره اليها حتى اسرعت بالدخول الى غرفتها واغلقت الستائر.

دخل منصور القصر فاستقبلته جاكلين تقول: حمدالله على سلامة سموك.
منصور: شكرا لكِ.
جاكلين: الغداء جاهز سيدي.
منصور: لن أتناول طعام الغداء فأنا أود أن انال قسطا من الراحة في جناحي.
جاكلين: كما تريد سيدي.
منصور وهو يتجه الى الدور العلوي حيث يقع جناحه سأل جاكلين: كيف هي السيدة يارا؟
جاكلين: بخير سيدي.. وقد سألتني عن صحة سموك هذا الصباح وقد طمأنتها.
منصور: هل تناولت طعام الغداء.
جاكلين: ليس بعد.
منصور: اذن احرصي على أن تفعل.
جاكلين: بالطبع سيدي.
.
.
.
.
.
صعد منصور الى جناحه ثم تخلص من قميصه وتمدد على سريره وما هي الا ثواني حتى دخل في سبات عميق.
.
.
.
.
.

في الجناح المجاور.. بقيت يارا بصحبة جاكلين يتبادلان أطراف الحديث وهي تتناول طعام الغداء.
وبعد ساعة من الزمن.. خرجت يارا الى الشرفة منجذبة الى ألوان غروب الشمس المتفاوتة التدرج..

بقيت تُفكر بموقف منصور اتجاهها حين حماها من الزجاج.. وسرحت بتفكيرها حتى وصلت الى موقفه مع جاكلين، ثم أخذها القلق الى التفكير في والدها ووالدتها وأخيها طراد .. أخذت تسأل نفسها: ترى هل سافر طراد وتركني ؟ ماذا عن أمي وأبي؟ .. اشتقت اليهما كثيرا.

سالت الدموع التى حفظت الطريق عبر وجنتي يارا.. فتطوعت أناملها الباردة لتتكفل ببعثرة تلك الدموع عن وجنتيها.. و أثناء تفكيرها العميق في الحال الذي وصلت له.. قطع حبل أفكارها صوت أنين بدا مسموع عبر شرفة منصور، اقتربت قليلا باتجاه شرفته المجاورة لشرفتها فتأكدت بأنه يئن ألما.

ركضت يارا باتجاه جاكلين التي كانت تجمع أطباق طعام الغداء من جناح يارا الخارجي.. وسحبتها حتى وصلتا الى الشرفة.

يارا تهمس لجاكلين: اسمعي.. هل هذا صوت أنينه.
صمتت جاكلين لتسترق السمع لدقائق ثم أجابت: نعم هو فعلا يئن.
يارا: هل هو بالعادة هكذا؟
جاكلين: لا أظن.. في الحقيقة لا أعرف.. ربما.
يارا: اذن اذهبي لتتفقدي ما ان كان بخير.
جاكلين بهلع: لا لا سيدتي لا أستطيع.. غير مسموح لأي أحد بالدخول الى جناح السيد منصور اثناء تواجده دون اذنه.
يارا: ولكنه مريض.. فكيف ستأخذين اذنه!
جاكلين: لا أعرف.
يارا: ماذا عن فهد؟
جاكلين: ان لم يطلبه السيد منصور بنفسه.. فهو لن يتجرأ على الدخول الى غرفته الشخصية في جناحه الخاص.
يارا: حسنا فليموت.. هو يستحق أن تقتله عظمته.. ما دخلي أنا بالأمر!
دخلت يارا بكل عصبية الى غرفتها وهي تتذمر قائلة: رجُل غريب.. مجنون وقاسي حتى على نفسه.
جاكلين بتوتر: سيدة يارا.. ما رأيك أن تدخلي انتِ جناح السيد منصور لتفقده.
يارا بنظرة حادة لجاكلين: ماذا! وما دخلي أنا! هل كان سيدي أم سيدكم!
جاكلين بخوف وتردد: هو.. هو.. زوجك سيدتي..
ألقت جاكلين هذه الكلمات بسرعة وأسرعت لتخرج من الغرفة هربا من غضب يارا..
سقطت كلمات جاكلين على يارا وكأنها قد سكبت على رأسها سطلا من الماء البارد.. مما جعل يارا تقف بتوتر في الغرفه وهي تردد ذهابا وايابا: هو ليس زوجي.. هو ليس زوجي.. كم مرة ينبغي علي أن أردد ذلك، يا الهي أخبرني كم مرة ينبغي علي أن أقنعهم بذلك، هذا الزواج باطل.. نعم هو باطل، قد أجبرني عليه.. قد أرغمني على ذلك.

شعرت يارا بالاختناق.. بدأت دموعها تنساب من جديد.. تود البكاء بشدة تود الصراخ بأعلى صوتها تود أن تتنفس.
دفعت بيديها باب الشرفه من جديد وخرجت لتأخذ أنفاسها قبل أن تعود للغرق في جناحها مرة أخرى.

أخذت أنفاسها بقوة ولكن قبل أن تطلقها قاطعها صوت أنين منصور القادم من شرفته ولكن هذه المرة كان أنينه أعلى من المرة الأولى.. فوضعت يديها على شفتيها وبكت بحرقه.. جلست على أحد الكراسي في شرفتها وكان جسدها يرتجف كلما سمعت أنين منصور.. فما كان منها سوى أن حدثت نفسها قائلة: حسنا.. ان مات فلن أستطيع أن أقنع الناس بأنه قد أرغمني على الزواج به.. وسأبقى في نظر عائلتي والجميع فتاة مجرمة خانت أهلها وزوجها وهربت مع عشيقها في ليلة عرسها .

مسحت يارا دموعها وعبرت جناحها لتخرج منه متجهة الى جناح منصور.. طرقت الباب مرة ومرتين ثم ثلاثا وبعد ذلك فتحت باب الجناح ودخلت بهدوء واثناء مرورها عبر الصالة خارجية في جناحه، لفت انتباهها وجود بيانو كلاسيكي ضخم أمام احدى النوافذ في جناحه، كما لفت انتباهها في الطرف الآخر من الصالة وجود طاولة مربعة الشكل لا يوجد أمامها سوى أريكة واحدة.. وعلى تلك الطاولة وُضعت أجزاء لعبة تركيبية اكتمل النصف فقط من صورتها ويبدو من كمية الأجزاء المتبقية والمترامية على أطراف تلك الطاولة بأن النصف الآخر يحتاج الى وقت طويل جدا لانهائه.

كانت كل زاوية من تلك الصالة الخارجية في جناحه تُغري الناظرين لها للوقوف أمامها والتأمل فيها.. كان كل شيء رغم غرابته فخم لأقصى حد.


عبرت يارا تلك الصالة حتى وصلت الى باب غرفة نومه في الجناح.. وضعت يدها التي كانت ترجف بشدة على أكرة الباب، كانت حائرة ما بين التردد والاصرار.

طرقت الباب عدة مرات ولم تكن تسمع من خلف ذلك الباب الضخم شيئا.. لكنها استجمعت قواها وفتحت باب الغرفة .

وما ان دخلت وتقدمت قليلا عبر غرفته الواسعة حتى لمحت ستائر شرفته وقد جذب أطرافها الهواء وكأنه يرغب في تحريرها.. وأمام ثورة الستائر التى أقنعتها الرياح بأن لها أجنحة طائرة كان يقع سرير منصور.

نظرت له يارا فوجدته نائما بعمق وأنينه المتواصل لا يتوقف.. اقتربت أكثر ثم تراجعت سريعا الى الوراء بضع خطوات حين انتبهت أنه عاري الصدر لا يرتدي قميصا.
أخذت تُحدث نفسها قائلة: يا إلهي ما الذي أفعله هنا..
اقتربت مرة أخرى منه لتضع يدها على جبينه الذي غطت زاويته ضمادة بيضاء فعلمت بأن حرارته مرتفعه.. رفعت يدها ببطيء عن جبينه حتى لا يشعر بها.. ولكن في تلك الأثناء وجدت منصور قد فتح عينيه وأخذ ينظر لها ..
ارتبكت يارا فالتفتت بسرعة لتهرب ولكنها تفاجأت بمنصور وقد أمسك بها من معصمها وهمس قائلا: ابقي هنا.
نظرت يارا لمنصور بخوف.. في محاولة منها لجذب يدها من قبضته، فجذبها منصور بشدة حتى وقعت على صدره.

هنا ينتهي الفصل العاشر من عروس النار.. ترى ماذا سيحدث بين يارا ومنصور؟ دعونا نتابع ذلك في الفصل الحادي عشر من رواية عروس النار.. قريبا وحصريا فقط على منتديات سيدة القصر.


بقلمي
سارة بنت طلال.














 

رد مع اقتباس
قديم 08-02-2017, 12:27 AM   #15
سيدة القصر


الصورة الرمزية سيدة القصر
سيدة القصر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Oct 2015
 أخر زيارة : 02-01-2023 (11:48 PM)
 المشاركات : 450 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي











الفصل الحادي عشر




وجدت يارا نفسها فجأة تلتصق بجسد منصور .. وبارتباك شديد حاولت رفع رأسها من على صدره لتنظر اليه..

وما ان التقت عيناها بعينا منصور حتى تفاجأت به يطبع قبلة بين عيناها ويهمس لها قائلا: لا تخافي.
وبمجرد أن نطق بتلك الكلمات .. سقط رأسه على الوسادة مغشيا عليه.


تحركت يارا بسرعة لتقف بعيدا عن منصور و صوت أنفاسها الذي تشتت ما بين التوتر والخوف بدأ في التصاعد.. ثم عادت لتدور حول نفسها بارتباك شديد وهي تحدث ذاتها قائلة: يا الهي لما تفعل ذلك .. ماذا أفعل بك! .. كيف أتصرف معك كيف؟

انطلقت بسرعة تجري خارج جناحه .. واستمرت تركض عبر الدرج متجهة الى الطابق الأول من القصر لتنادي على جاكلين.

يارا: جاكلين .. جاكلين.
خرجت جاكلين من مطبخ القصر متعجبة من وجود يارا خارج جناحها .. خاصة وانها لم تعتاد أبدا على أن تتجول يارا في القصر.
جاكلين بهلع: سيدة يارا ! .. ما الأمر هل أنتِ بخير؟
يارا: نعم أنا بخير .. لكن لا أعتقد أن سيدك بخير أبدا.
جاكلين: هل تفقدته سيدتي؟
يارا: نعم قد فعلت .. ولكن هو جذبني ..
ارتبكت يارا وتملكها الخجل وهي تحكي لجاكلين عن موقف منصور فاستدركت قائلة: أقصد أنه جذبني .. ربما بقصد طلب المساعدة وبعد ذلك أغمي عليه.
جاكلين: يا الهي .. هل أطلب الإسعاف.
يارا: اطلبي فهد حالا ودعيه يُحضر معه الطبيب.
جاكلين: ماذا عن السيد منصور؟
يارا: ما به؟
جاكلين بقلق وارتباك: تعلمين سيدتي أنني لا أستطيع التواجد في جناحه .. ابقي معه رجاءً ، وسأحضر لكِ حالا كوباً من الماء ليفيق فنطمئن عليه حتى يصل فهد ومعه الطبيب.

يارا بحزم: جاكلين .. أنا لن أعود الى جناحه مجددا .. هذا الأمر لا يعنيني.
جاكلين بيأس: اذن سننتظر حتى حضور فهد؟ .. ربما حالته سيئة! .. ربما درجة حرارته مرتفعة جداً! ..أرجوكِ سيدتي أرجوكِ .. ابقي بجانبه حتى يُحضر فهد الطبيب.
يارا بعصبية صرخت: يا الــــــهي.
صمتت قليلا وجلست على احدى كراسي المائدة التي كانت تقع أمام مطبخ القصر ، ثم بادرت قائلة باستسلام: حسناً.. اذهبي واحضري الماء بسرعة.

ركضت جاكلين بأمل وهي تقول: أشكرك .. حقا أشكرك سيدتي.


بقيت يارا مرتبكة وهي تفكر بقبلة منصور ثم حدثت نفسها قائلة: ربما كان يهذي أو غير مُدركاً لتصرفاته بسبب حرارته المرتفعة.. ثم عادت لتنفي حسن ظنها به لتقول: ولكنه قال لي لا تخافي .. اذن هو كان مدركاً لوجودي.
أخذت نفس عميق ثم أكملت حديث الروح بداخلها قائلة: حسنا.. هدئي من روعك ولا تخافي .. هو مريض ولن يستطيع أن يفعل لكِ شيئا.. انتظري فقط حتى يأتي الطبيب ثم اتركيه.





جاءت جاكلين وهي تحمل صينية من الماء البارد وبعض المناشف الصغيرة التي وُضعت في القليل من الماء مع الثلج.

جاكلين: هذه هي الصينية سيدتي.. فقط ضعي احدى هذه المناشف الباردة على رأس السيد منصور حتى يأتي الطبيب.
يارا: هل حدثتي فهد.
جاكلين: نعم فعلت.. لا تقلقي هو قادم في الطريق.
يارا: جاكلين رجاءً .. هلا أحضرتِ لي شالا لأضعه علي.
جاكلين: بالطبع.


صعدت يارا وهي تحمل الصينية ونبض قلبها يتسبب في ارتباك خطواتها المتجهة مرة أخرى الى جناح منصور.. وقبل أن تدخل خرجت جاكلين من جناح يارا لتضع على كتفي يارا شالا بسيطا كما طلبت.

.
.
.
.
.


دخلت يارا الجناح حتى وصلت الى غرفة منصور ووضعت الصينية بجانب رأسه.. ثم أخذت احدى المناشف الباردة لتضعها على رأس منصور.

توجهت بعد ذلك لتجلس على احدى الكنبات التي بجانب سرير منصور وهي في قمة التوتر والعصبية تفرك يديها ببعض وهي تنتظر وصول فهد مع الطبيب بفارغ الصبر.

ألقت بنظرها على منصور وأخذت تتفحص ملامحه..

كانت عينا منصور المغمضتان مسالمتان جدا بعكس الغضب الراكد الذي يلمع في عينيه حين يفتحهما، وخصلات شعره الناعمة كم هي شديدة السواد.. ولون بشرته البرونزي يلائم كثيرا الحدة المنعكسة في عيناه.

تمتمت يارا وهي تنظر له وكأنها تحدثه قائلة: ليت السلام الهادئ في نومك هذا.. يغتال جبروتك المستيقظ.

فتح منصور عينيه بإجهاد.. وأخذ يتلفت حوله حتى استقرت عيناه الى حيث تجلس يارا.. رفع يده واخذ المنشفة الباردة التي وضعتها يارا على رأسه لينظر لها متعجبا ثم سأل يارا: هل وضعتي أنتِ هذه؟
يارا بارتباك: حرارتك مرتفعة .. ولذلك وضعتها حتى يصل الطبيب الى هنا.
منصور يعيد وضع المنشفة على رأسه ويعود بنظره مجددا الى يارا.. بقيت نظراته ثابتة عليها حتى أقلقتها فقالت: ما الأمر؟
منصور: أعتقد أن هذه المنشفة قد أصبحت دافئة.. هل من الممكن أن تغيريها لي؟



يارا بقلق اقتربت ببطيء من الصينية التي تقع بجانب رأس منصور على الطاولة القريبة من سريره..
منصور: هل انتِ خائفة؟
يارا وهي تتظاهر بالقوة: لا.
منصور: حين دخلتي هذا القصر أول مرة قلتُ لكِ جملة .. هل تذكريها؟
يارا تتجاهل حديث منصور وتقول: تفضل هذه المنشفة.. وأعطني الأولى.
منصور: قلت لكِ " تعلمي من اليوم أن لا تخافي".

في هذه اللحظات طرق فهد الباب ودخل ومعه الطبيب..
وفي لمح البصر جذب منصور يد يارا الممتدة له بالمنشفة الباردة ليُجلسها بجانبه على السرير قائلا: طلبت منكِ أن تبقي هنا.. أليس كذلك!



انتبه فهد لوجود يارا فقال : مرحبا سيدتي.
يارا بارتباك شديد من تصرفات منصور ترد : مرحبا.
فهد : هذا الدكتور أحمد ..
ثم التفت باتجاه منصور قائلا : سيدي كيف حالك؟ هل أنت بخير؟
منصور يرد: أنا مُتعب بعض الشيء.


دكتور أحمد: قد أخبرتك يا سيد منصور بأنك بحاجة الى الراحة.
منصور ينظر ليارا قائلا: هذه زوجتي يارا.. وهي تعتني بي جيدا.
دكتور أحمد بابتسامة: مرحبا سيدتي.
ثم التفت ليمازح منصور وهو يقول: حسنا .. بدأت أرى وجهة نظرك الصائبة في تفضيل العناية المنزلية على العناية الطبية لدينا هههه.
ابتسم منصور ابتسامة مجاملة وهو يعتدل في جلسته ليهمس ليارا بهدوء قائلا: ما قصتك مع الأطباء!
شعرت يارا باقتراب منصور الشديد منها فقررت أن تقف في محاولة للابتعاد عنه.. ولكنها تفاجأت بشالها الذي أعادها لمكانها بل وأكثر قربا لمنصور من ذي قبل..

حيث أن منصور كان قد أمسك مسبقا بيده المخبأة تحت أغطية السرير بطرف شال يارا تحسبا لمحاولة ابتعادها عنه.


تفحص الطبيب منصور ثم أخبره قائلا: درجة حرارتك عالية ولكن هذا أمر طبيعي بسبب الجروح التي تعرضت لها.. سأعطيك مضاد حيوي.. وسأطلب أيضاً من السيدة يارا أن تهتم بك فيما يخص مواعيد الدواء والاهتمام بشرب السوائل وأكل الكثير من الفاكهة.
يارا يتضح على ملامحها الغضب الشديد.. وحديث الطبيب وتصرفات منصور استفزوها كثيرا حتى همست في اذن منصور قائلة: دعني أذهب والا سأفضح كل شيء وأخبره بأنك قد اختطفتني.

منصور يهمس لها ببرود: أخبريه.. ولكن لا تنسي أن وثيقة زواجنا عليها توقيعك.. وبالمناسبة رائحتُك جميلة جدا.
يارا تحاول بجهد تحرير شالها من منصور دون أن ينتبه فهد أو الطبيب لهما.
منصور يعود ليهمس لها بهدوء: أنا حقا مُتعب جدا فلا ترهقيني أكثر رجاءً.
قاطع الطبيب همساتهم قائلا: سيدة يارا.. هذا الدواء أتمنى أن تُعطيه للسيد منصور كل ثمان ساعات لمدة خمسة أيام متتالية.. والآن هي التاسعة.. سأعطيه كبسولة وبعد ثمان ساعات من الآن سيدتي أعطيه واحدة أخرى.
أخذ منصور كبسولة الدواء من الطبيب ووضعها في فمه بسرعة قائلا ليارا: حبيبتي.. هلا ناولتني بعض الماء.
استدارت يارا بذهول وأخذت كوب الماء من الصينية لتعطيه لمنصور.. ولكن منصور أمسك بيد يارا التي تحمل كأس الماء وقربها من فمه ليشرب منه.
كانت يارا مرتبكة جدا من تصرفات منصور المستفزة جدا بالنسبة لها.. كان واضحا جدا الخجل والغضب على ملامحها.. حتى صوتها شعرت للحظات أنه اختفى.
الدكتور أحمد: أتمنى لك الشفاء العاجل يا سيد منصور.. سأعود للاطمئنان على سموك بعد خمسة أيام ولكن في حال احتجت أي شيء أخبر فهد أن يتصل بي في أي وقت.
منصور: شكرا لك.
الدكتور أحمد مُحدثا يارا: فرصة سعيدة أني تعرفت بكِ سيدة يارا.. ولا تقلقي على السيد منصور سيكون بخير بإذن الله.
فهد يسأل منصور: هل تحتاج شيئا سموك.
منصور: أوصل الدكتور أحمد وعود الي.
قام فهد بإيصال الطبيب الى خارج .. وفي هذه الأثناء نظرت يارا لمنصور وهي تقول: اتركني .. أود أن أعود الى غرفتي.
منصور: حسنا سأدعك تعودين الى غرفتك ولكن عديني بشيء.
يارا: أعدك؟!
منصور: نعم .. عديني أن تعطيني الدواء كما أمرك الطبيب كل ثمان ساعات.. كما أرغب في أن تتناولين الوجبات اليومية معي ، هذا كل ما أريد.
يارا بحزن شديد تجيب: ولكنك لم تفعل لي أي شيء من ما أريد.. فلماذا تعتقد بأني سأفعل لك شيئا تريده؟
منصور: ماذا تريدين؟
يارا والدموع تنحدر منتحرة من أعلى ضفاف عيناها: أريد أن أطمئن على عائلتي.
منصور: حسنا.. حين أصبح بخير سأدعك تطمئنين عليهم.
يارا: أرجوك أخبرني.. هل سأراهم مجددا؟
قاطع حديث منصور ويارا صوت طرق فهد على باب غرفة منصور.
منصور: ادخل يا فهد.
مسحت يارا دموعها وقالت: هلا تركتني الآن رجاء؟
منصور يُفلت شال يارا فتحركت بسرعة من جانبه ومشت بخطوات سريعة لتتخطى فهد وتخرج من جناح منصور.
.
.
.
.




فهد: هل كنت تريد مني شيئا سموك.
منصور: قل لجاكلين أني سأنام الآن.. وأخبرها أن لا تسمح لأي أحد غير السيدة يارا بالدخول الى جناحي .. و قل لها أيضا أني لن أتناول الطعام أو الدواء ما لم تجلبه لي السيدة يارا.
فهد: ولكن سموك.. جاكلين أخبرتني بأنك لم تتناول شيئا منذ خروجك من المشفى.. وفي طريقي الى هنا كانت قد حضرت طعام العشاء.
منصور: حديثي انتهى.
فهد وقد بانت عليه علامات عدم الرضى: حسنا سيدي.. أستأذن سموك الآن.
.
.
.
.
.

خرج فهد من جناح منصور غاضبا متذمرا كعادته .. توجه للطابق الأول في القصر فرأى جاكلين وهي تُشرف على العاملين الذين يضعون أطباق العشاء على المائدة.

فهد بيأس: لا تُتعبي نفسك . السيد منصور لن يتناول طعام العشاء.
جاكلين بتعجب: ولكنه لم يتناول وجبة الغداء أيضا .. ما الأمر هل هو بخير.
فهد: نعم هو بخير ولكنه أخبرني أن أقول لكِ بأنه لن يتناول الأدوية أو الطعام ما لم تُحضره له السيدة يارا.
جاكلين بابتسامة واسعة: امممم.. اذن فهو مُضرب عن الحياة حتى تُنفذ طلباته.
فهد: ما المُضحك في الأمر .. الطبيب قد أوصى بضرورة تناوله السوائل والطعام، وبالطبع السيدة يارا لن تهتم بذلك.
جاكلين : لمعلوماتك السيدة يارا هي التي تفقدت السيد منصور وانتبهت لمرضه.
أخذ فهد تفاحة من على المائدة ثم قضمها وقال باستهزاء: صدقيني لن تفعل ذلك.. يكفي أن تنظري لعيناها لتعرفي كم تكره السيد منصور.
جاكلين: السيدة يارا لم تعرف السيد منصور بعد .. والسيد منصور يستغل شفقتها عليه التي جعلتها تدخل بقدميها جناحه ليجبرها على التقرب منه والتعرف عليه.
فهد يكمل أكل تفاحته قائلا: يا الهي لا أفهم ما الذي يجبر شخص بمركز السيد منصور على خوض لعبة كهذه!
جاكلين: ببساطة هو يُحبها.
فهد بثقة : الحب ليس للعظماء ..
ثم أكمل ليُغير مجرى الحديث قائلا: حقا.. لا أعرف كيف يأكلون الناس التفاح الأخضر!
جاكلين بنظرة ثاقبة لفهد: الحب شيء عظيم أيضا.
فهد يأخذ نفس عميق ثم يقول: حسنا .. اذن حاولي أن تُقنعي السيدة يارا بأن تُحب السيد منصور.
سكت قليلا ثم قال: شكرا على التفاحة الخضراء هذه .. سأرحل الآن .. وعمتِ مساءً.


بعد خروج فهد من القصر .. بقيت جاكلين تُفكِر كم يبدو فهد لئيما حين يتحدث عن الحب ، تركت جاكلين الأطباق التي كانت تحملها في يدها واتجهت للصعود الى جناح يارا وهي تُحدث نفسها قائلة: حسنا سيدتي اعذريني .. ولكن يجب أن يتناول السيد منصور شيئاً.




تُرى كيف ستُقنع جاكلين يارا بالاعتناء بمنصور .. وهل فعلا سيحقق منصور رغبة يارا في الاطمئنان على عائلتها.. وما قصة فهد مع الحب ، تابعوا كل هذا الأجزاء القادمة من عروس النار.


بقلمي
سارة بنت طلال.








 

رد مع اقتباس
قديم 08-08-2017, 10:17 AM   #16
سيدة القصر


الصورة الرمزية سيدة القصر
سيدة القصر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Oct 2015
 أخر زيارة : 02-01-2023 (11:48 PM)
 المشاركات : 450 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



رفع.


 

رد مع اقتباس
قديم 08-28-2017, 05:43 AM   #17
سيدة القصر


الصورة الرمزية سيدة القصر
سيدة القصر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Oct 2015
 أخر زيارة : 02-01-2023 (11:48 PM)
 المشاركات : 450 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي







الفصل الثاني عشر

جاكلين بخطوات سريعة تتجه لجناح يارا وتفتح الباب لتُفاجأ بيارا وهي تجلس على احدى الكنبات في الصالة الخارجية لجناحها وهي ترتجف بشدة.
جاكلين بخوف تركض باتجاه يارا وتجلس أمامها ممسكة بيدها: سيدتي ما بكِ! هل أنتِ بخير؟
يارا و هي تذرف بعض الدموع: أنا لا أعلم ما بي .. هو يتصرف معي بغرابة تُربكني .. كان جريئ جدا معي وكأني أشعر أنه يتخطى حدوده ولا أعرف كيف أمنعه .. انظري الي جاكلين.. أنا حتى ممنوعة من أن أحتجب أمامه.
جاكلين : سيدتي .. أجيبيني رجاءً.. لما تعتقدين أن السيد منصور يفعل ذلك ؟
يارا: لا أعرف .. حقا لا أعرف.. ربما هو يرغب بي بشدة فحسب.
جاكلين: منذ أن دخلت هذا القصر وانا لم أرى علاقات نسائية للسيد منصور.. لو كان يرغب بعلاقة نسائية فحسب لما تزوجك.
يارا: اذن لما يفعل ذلك؟
جاكلين: لأنه يُحبك.. يرغب بفرصة واحده لتعرفيه.
يارا: جاكلين أرجوكِ.. ما فعله دمرني ودمر سمعتي ولا أعلم ما فعله بعائلتي أيضا .. أي حب ذلك الذي تحكين عنه!
جاكلين : اذن فسري لي لماذا حماكِ من الزجاج.. لماذا اخبر فهد بأنه لن يتناول الدواء أو الطعام ان لم تحضريه بنفسك ومنع الجميع من الدخول الى جناحه.. لماذا قام بتطليقك ليتزوجك؟
يارا تخفي عيناها بين كفيها وتنهار باكية وهي تقول: دمرني .. هو دمرني.
جاكلين: سيدتي تحدثي معه .. استغلي فرصة تعبه واسأليه عن كل شيء .. أنا متأكدة من أن لكل هذا تفسير منطقي لدى السيد منصور.. خذي له الدواء والطعام وانتهزي تلك الفرصة وتحدثي معه ليوضح لك الأمور.
يارا ترفع نظرها لجاكلين بضعف وتقول: انا.. أنا خائفة منه، أحاول أن لا أظهر هذا ولكن خوفي يغلبني.
جاكلين: هل تخافين من أن..
يارا : نعم .. نعم أخاف من وقاحته وجرأته وثقته بنفسه ونظراته وكل شيء.
جاكلين : ثقي بي لن يفعل.. تأكدي أني في صفك وأنا أدرك ما أقوله جيدا.. لن يفعل.
يارا: كيف تكوني متأكدة من ذلك؟
جاكلين بارتباك: لأنه.. حسنا سأخبرك عن شيء ولكن لا تخبري السيد منصور أني قد أخبرتك بهذا.
يارا : تكلمي رجاء .. ما الأمر؟
جاكلين : حسنا .. تعالي معي.
أمسكت جاكلين بيد يارا وأخذتها ليدخلا الى غرفة يارا في الجناح الخاص بها.
.
.
.
.
توقفت جاكلين أمام لوحة كبيرة مرسوم عليها خيول سوداء بشكل كلاسيكي قد تم تصميمها بالطول على أحد جدران الغرفة ثم قالت: سيدتي هذه ليست لوحة كما يخال لأي شخص حين ينظر لها.
يارا بخوف: ما هذه اذن؟
جاكلين بتوتر: هي باب.
يارا بذهول: باب! باب ماذا؟
جاكلين: باب يؤدي لغرفة السيد منصور.. ويمكن دفعه ليُفتح من جهته فقط.
جلست يارا مصدومة على السرير المجاور تماما لتلك اللوحة دون أن تنطق بكلمة.
جاكلين: لو كان يود أن يفعل معك شيئا .. كان من الممكن يفعل ذلك منذ أول يوم لكِ هنا.. انظري سيدتي شرفته مجاورة لشرفتك.. حتى سريره يلتصق بالجدار الذي يلتصق به سريرك.. انظري الى الباب كم هو قريب منك.. هو معك خلف هذا الجدار الضخم.. ولكنه احترم خصوصيتك رغم أنك زوجته.. لن يؤذيكِ صدقيني ولذلك حاولي أن تفهمي أسبابه.
سكتت جاكلين لثواني ثم أكملت تقول: أرجوكِ سيدتي حافظي على هذا السر بيننا.
يارا نظرت الى جاكلين بصمت وأومأت برأسها إيجابا.
جاكلين: هل أحضر لكِ عشاءك الآن سيدتي ؟
يارا بهدوء: لا.. أنا فقط أود أن أنام.
جاكلين: حسنا سيدتي.. سأحضر لك قميصا للنوم.
يارا تمسح دموعها وبارتباك تقول: وأحضري لي ساعة أيضا.
جاكلين بابتسامة: حسنا.
.
.
.
.
.


ارتدت يارا قميصها ودخلت بين أغطية سريرها استعدادا للنوم.. نظرت الى الباب الذي حكت لها عنه جاكلين مطولا وهي تُفكِر بكل الحوار الذي دار بينها وبين جاكلين.. ثم رفعت الساعة التي وضعتها لها جاكلين بجانب السرير ونظرت لها ثم همست لنفسها قائلة: حسنا قد أثرت فضولي.. موعد دواءك سيكون في الخامسة صباحاً.

وضعت الساعة بجانبها.. ثم استلقت على ظهرها وهي تنظر الى سقف الغرفة، للحظات بدت وكأنها تستغرب الاطمئنان الذي انتابها فجأة رغم معرفتها بأمر ذلك الباب الخفي.. ثم تردد صوت منصور في رأسها وهو يقول: تعلمي من اليوم أن لا تخافي.

.
.
.
.
.
في الرابعة صباحاً استيقظ منصور ونظر الى الساعة .. كان مُتعَب ولكنه شعر أنه أفضل نوعا ما عن ليلة البارحة .. قال وهو يُحدث نفسه : حسنا بقي ساعة واحدة على موعد الدواء .. أتمنى حقا أن تأتي.

تحرك منصور بصعوبة.. فالإصابة التي في كتفه كانت تعيق حركته قليلا.. توجه الى دورة المياه أولا ثم انتقل الى غرفة الملابس الخاصة به ليرتدي بنطال جينز باللون الأزرق الداكن و قميص أبيض من ماركة بولو.

ترك منصور خصلات شعره حرة دون أن يقوم بتسريحها فبدت هيأته رياضية وطبيعية جدا وأنيقة بنفس الوقت.

خرج منصور من غرفة الملابس بعدما شعر بالإعياء.. ليجلس بهدوء على الأريكة التي تقع أمامها طاولته التي تحمل لعبته التركيبية، نظر منصور للقطع قليلا ولكن الصداع اقتنص تركيزه فما كان من منصور سوى أنه عاد برأسه قليلا الى الخلف ليرتكز به على ظهر الأريكة ويغمض عيناه لعله يشعر ببعض التحسن.

بقي منصور عشر دقائق على حاله حتى تفاجأ بصوت طرق على باب جناحه.. نظر الى ساعته فوجدها الرابعة والنصف ثم استقر بنظره على باب جناحه وهو ينفتح ببطيء حتى ظهرت يارا من خلفه وهي تحمل صينية الطعام وتدخل بها..

كان منصور متفاجئ جدا من قدوم يارا ..

كانت يارا ترتدي بنطال اسود و قميص ذو أكمام باللون العودي الداكن ، وكانت قد ثبتت أطراف قميصها أسفل البنطال الأسود و تركت شعرها منسدلا كعادته ..

ما ان دخلت يارا تحمل صينية الإفطار حتى نهض منصور ليحملها عنها ويُبعد بعض القطع من اللعبة التركيبية على الطاولة ليضع عليها صينية الإفطار .. ثم بقي واقفا ينظر ليارا بتروي وحيرة.

يارا بتوتر: صباح الخير.
منصور دون أن تهتز نظراته ليارا: لكِ الخير في كل صباح ومساء.
يارا وهي منشغلة بيديها المتشابكتين وهي تضغطان على بعضهما بارتباك: كيف هو حالك اليوم؟
منصور: حالتي قبل أن تأتي أم بعد أن أتيتي؟
سكتت يارا وازداد توترها وقلقها بشكل واضح فاستدرك منصور قائلا: أنا بخير .. تفضلي هنا في هذه الأريكة ..
وابتعد منصور ليسمح ليارا بالجلوس وتحرك ليجذب الكرسي الخاص بالبيانو ليضعه أمام يارا في الطرف الآخر للطاولة.
جلس كلاهما فاغتال الصمت من وقتهم نصف دقيقة..
منصور يقطع ذلك الصمت : انها الرابعة والنصف .. أتيتي قبل موعد الدواء بنصف ساعة.
يارا: اخبرتني جاكلين بأنك لم تأكل شيئا من البارحة.. فأحضرت الإفطار لك مبكرا قبل موعد الدواء.
منصور : شكرا لقدومك.
يارا باقتضاب : العفو.
منصور : هل تناولتِ افطارك؟
يارا: ليس بعد.
منصور وهو يُشير الى صينية الإفطار : اذن رجاء تفضلي ..دعينا نتناول الإفطار سويا.
حملت يارا ابريق الشاي لتصب لمنصور فنجانا منه ولكن خوفها وتوترها جعلا يديها ترتجفان وهي تحمل ذلك الابريق.
انتبه منصور لذلك فآخذ منها ابريق الشاي وصب لها القليل في فنجانها ثم صب له أيضا ..
منصور في محاولة لتلطيف الأجواء بينه وبين يارا : كيف وجدتي القصر؟ أعلم أنه ممل بعض الشيء.
يارا وهي تتحاشى النظر لعينا منصور : لا أعرف .. لم انتبه له.
منصور: انا أيضا لا أنتبه له أحيانا.. أعمل دوما فلا ألقي بالا لشيء آخر.
يارا وهي تتناول فنجان الشاي: هل لي أن أسألك سؤالا؟
منصور وهو يتناول بشوكته بعض من قطع الشمام المجاورة لطبقه من عجة الخضار: بالطبع تفضلي.
يارا : هل لديك عائلة ؟
تغيرت ملامح منصور بعض الشيء ولكنه أجاب قائلا: نعم .. ولكن ابي توفي منذ أن كنت في السابعة عشر من عمري، ووالدتي تعيش في الخارج حاليا .. وليس لدي اخوة.
يارا : أليس لديك أقارب آخرين هنا.
منصور : لا .. ليس لدي أقارب.
يارا : أنا لدي أخ واحد فقط.
منصور يرد: نعم طراد.
يارا : هه نسيت أنك تعرف كل شيء عني.
منصور : نعم ولكن أحب أن أسمع منكِ.
يارا: طراد ليس أخي فحسب .. هو صديقي و اخي وأحيانا أشعر أنه طفلي الصغير.
منصور: يبدو أنك تحبينه كثيرا.
يارا: بالطبع .. فهو أخي.
منصور يُخرج هاتفه النقال من جيب بنطاله ويعبث به قليلا فيما بقيت يارا تنظر اليه في محاولة لفهم تحركاته ..
منصور يرفع عينه الى يارا و يمد لها هاتفه قائلا : تفضلي أعتقد بأن خطه مفتوح الآن كان مغلقا بالأمس بسبب رحلته الى كندا.
يارا بذهول: عن ماذا تتحدث؟
منصور: عن طراد قد هاتفته لأجلك .. خذي تحدثي معه.
يارا تأخذ الهاتف من منصور وعلامات الصدمة تكتسح ملامحها وتُقرب ببطيء الهاتف من اذنها لتسمع صوت طراد وهو يقول : ألو ..
يارا ودموعها تهرب من عيناها : طراااااد ..
طراد: يارا .. يارا أين أنتِ؟
يارا وهي تبكي منهارة: طرااد .. انا لا أعرف ، ولكن أنا لم أهرب مع أحد أقسم لك أني لم أهرب مع أحد.
طراد : يارا أرجوك أخبريني أين أنتِ؟
يارا تنظر لمنصور الذي كان ينظر لها بهدوء وتجيب: لا أعرف .. لكن أنا بخير.
طراد بانفعال : أخبريني الحقيقة هل هربتِ مع أحدهم؟
يارا : أقسم لك أني لم أفعل ..
طراد : اذن ماذا حدث .. كيف لا تعرفين أين أنتِ الآن!
يارا وهي تمسح دموعها ببؤس : قلتُ لك لا أعرف أين أنا .. فقط أخبرني أرجوك كيف هو حال أبي وأمي؟
طراد : يارا أمي ليست بخير هي في حالة صدمة منذ أن اختفيتِ .. وأبي صار حبيس المنزله خوفا من حديث الناس ، أين أنتِ.
يارا تُبعد الهاتف عن أذنها وتعطيه لمنصور ..
أخذ منصور الهاتف منها ثم قال: أخ طراد ..
طراد يصرخ متعجبا : من أنت ؟ أين يارا ؟
منصور : لا يهم من أنا .. كل ما أستطيع أن أقوله لك أن يارا بخير وهي في بيتها الآن وما ان تعود من رحلتك سيكون بإمكانك زيارتها في أي وقت.
طراد : أي بيت .. عن ماذا تتحدث !
منصور ينظر ليارا بقلق حيث كانت ترتجف بشدة وتبكي بصمت : حسنا أخ طراد .. سأهاتفك قريبا لأشرح لك كل شيء ولكن تأكد أن يارا بأفضل حال.
أغلق منصور هاتفه رغم صراخ طراد المتكرر وهو يقول : لا تغلق الخط .. تكلم الآن .. ألو .. ألو.
.
.
.
.

ما ان أغلق منصور الهاتف حتى تحرك باتجاه يارا ودنى منها جالسا على ركبته أمامها قائلا : أمك بخير .. ووالدك أيضا ، أعدك بأني سأعالج كل هذه الأمور قريبا ، جعلتك تتحدثين مع أخيكِ لأني وعدتك بذلك.
يارا من بين دموعها : أنا حقا لا أفهمك .. تختطفني وتدمر حياتي وتُجبرني على الزواج بك ثم تُصر على أن أداوي جراحك وأعتني بصحتك ، أنت حقا مخيف.
منصور: اذن لماذا لم تقولي لطراد كل هذا ؟
يارا : خفت عليه منك .. أنا فقط خفت عليه منك.
منصور : أتعلمين كيف تقتليني؟
رفعت يارا عيناها لمنصور بخوف قائلة: خذ دواءك رجاءً ودعني أذهب الى غرفتي.
منصور يقترب من يارا كثيرا وينظر لعيناها مباشرة ويهمس لها: اعلمي أن دموعك تقتلني ألف مرة في الثانية.. وخوفك هذا مني يُعذبني بشدة.
يارا بخوف : أرجوك ابتعد قليلا أود أن أعود لغرفتي.
منصور يواصل همسه قائلا: لن أجبرك على شيء .. فقط ثقي بي وابقي بقربي حتى أصبح بخير.
يارا وأنفاسها بدأت تعلو من شدة التوتر: حسنا .. حسنا ، فقط ابتعد قليلا .. حتى أحضر لك الدواء.
ابتعد منصور قليلا عن يارا التي كانت محاصرة بين جسده والأريكة التي تجلس عليها فتحركت بسرعة .. ثم وقفت بعيدا عن منصور قليلا.. وكانت وكأنها نسيت ماذا كانت تريد أن تفعل.
وقف منصور ثم جلس على الأريكة التي كانت تجلس عليها يارا واضعا يده على رأسه وقد كان ظاهرا عليه التعب والارهاق.
منصور موجها حديثه ليارا : الدواء بجانب سريري في الغرفة.
ذهبت يارا الى غرفة منصور لتُحضر الدواء فأخذته من على الطاولة بجانب سرير منصور .. ثم نظرت الى الجدار بجانب سريره وهي تبحث عن الباب الخفي بين غرفتها وغرفته.
بقيت تنظر الى الجدار للحظات ثم خرجت وأعطت منصور حبة الدواء ..
يارا نظرت لمنصور الذي أخذ الدواء وعاد ليستند برأسه على ظهر الأريكة ثم قالت: سأذهب الى غرفتي الآن .
منصور فتح عينيه ونظر لها قائلا: اسمعي.. لقد مللت من عزلتنا هذه و كل واحد منا في جناحه..
ثم نهض من مكانه وأمسك بيد يارا وسحبها قائلا: تعالي معي.
حاولت يارا سحب يدها من قبضته فتوقف وسحبها باتجاهه وقال: اسمعي يارا .. أنا لن ألمسك رغما عنكِ فثقي بي وتوقفي عن خوفك هذا ..
ثم أكمل وهو يسحبها منطلقا ليخرج من جناحه وينطلق بها لينزل الى الدور الأول عبر الدرج لتصادفهم جاكلين وهي تقول: سيدي ما الأمر ؟
منصور واصل طريقه متجاهلا جاكلين ..
خرج منصور ومعه يارا ليطلب من سائقه في الخارج إحضار مفاتيح سيارته الرولز رايز.
يارا بارتباك : الى أين ستأخذني؟
منصور : بعيدا عن الملل.
وقفت يارا ما بين الخوف والجنون لا تستطيع الحراك.. حتى أتى السائق مُحضرا سيارة منصور.
فتح منصور الباب ليارا لتدخل ثم توجه للركوب في مكان السائق.
السائق: سيدي هل ستقود السيارة بنفسك؟
منصور : نعم .. هل أحتاج لإذنك حتى أقود سيارتي؟
السائق: بالطبع لا سيدي.. عذرا على سؤالي.
كانت سيارة منصور مظللة بالكامل.. وكانت اللوحات الأمامية والخلفية للسيارة تحمل اسم (العالي).

.
.
.
.
.
في السيارة .. كانت يارا صامتة ومنصور ينظر لها بين الفترة والأخرى ..

منصور: هل تحبين الموسيقى؟
يارا بتحدي : أنت تعرف عني كل شيء .. فسأترك لك الإجابة.
منصور يبتسم قائلا : هل تراهنيني على أني أعرف الإجابة؟
يارا بنفس نظرة التحدي: ربما.

منصور: حسنا ما رأيك أن نسمع شيئا لـ عبدالمجيد عبدالله؟
يارا متفاجئة: كيف عرفت أني أحب أغانيه.
منصور: كان مجرد تخمين لا أكثر.
نظرت يارا الى منصور وعيناها تمتلئ بالتساؤلات ..
فانفجر منصور ضاحكا وهو يقول: لما تُغيظك معرفتي بك الى هذه الدرجة.
يارا: حسنا أنا أتحدث بجد ولا أمزح .. كيف تعرف عني كل هذا ؟
منصور: ببساطة.. ستعرفين ان قررتِ أن تعرفيني.
يارا: أرجوك أخبرني .. فأنا متأكدة أني لم أعرفك من قبل.
تجاهل منصور يارا وقام بتشغيل أغنية (لو يوم أحد) لـ عبدالمجيد عبدالله .
يارا أخذت تنظر بغيظ و تعجب لمنصور فتلك فعلا كانت أغنيتها المفضلة له.. بينما هو اكتفى بترديد كلمات الأغنية بغرور وهو يبتسم.
يارا ثارت على منصور بغيظ لتقول: هل تعلم أنك مجنون.
منصور بهدوء: انتبهي ، فالمجنون مرفوع عنه القلم .. بمعنى أني لو اقتربت منك الآن لأُقبلَك فلا يحق لكِ أن تغضبي.
يارا: ان فعلت ذلك فسأفتح الباب وأرمي بنفسي.. تأكد من ذلك.
منصور وهو يُغلق بيده تأمين السيارة بجانبه بسرعة: وتنعتني أنا بالمجنون!

كان موقف منصور وخوفه من أن تتهور يارا لتفتح الباب بجانبها وتُلقي بنفسها منه كوميدي جدا الى درجة أن يارا التفت قليلا ووضعت يدها على وجهها لتُخفي عن منصور ابتسامتها من ردة فعله تلك.


تُرى الى أين سيأخذ منصور يارا.. وهل سيكون ذلك المكان هو البداية التي تجعل يارا تتعرف على منصور، كل ذلك سنتابعه في الأجزاء القادمة من عروس النار .. فترقبوا ذلك .


بقلمي

سارة بنت طلال.










 

رد مع اقتباس
قديم 09-20-2017, 01:02 AM   #18
سيدة القصر


الصورة الرمزية سيدة القصر
سيدة القصر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Oct 2015
 أخر زيارة : 02-01-2023 (11:48 PM)
 المشاركات : 450 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي



رفع.


 

رد مع اقتباس
قديم 09-26-2017, 10:02 AM   #19
سيدة القصر


الصورة الرمزية سيدة القصر
سيدة القصر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Oct 2015
 أخر زيارة : 02-01-2023 (11:48 PM)
 المشاركات : 450 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي







الفصل الثالث عشر



مرت ربع ساعة على صمت يارا بجانب منصور في سيارته .. حتى قطع منصور الصمت قائلا: ماذا تعرفين عني؟
يارا : لا أعرف عنك شيئا سوى أنك صاحب احدى أكبر مجموعة شركات في البلاد.
منصور وهو منتبه للطريق أمامه: اذن ماذا سمعتي عني؟
يارا بابتسامة سخرية: لا شيء مما سمعته يجعلني أطمئن لوجودي بجانبك الآن.
منصور يبتسم بهدوء: حسنا .. ما رأيك أن تسمعي أغنية من اختياري؟
يارا بتعجب : وهل لي رأيا في ذلك!
منصور : نعم .. ولأنك بجانبي فلك كل الرأي.
يارا باستسلام: لا أمانع أن أعرف ذوقك الموسيقي.
منصور : اذن أتمنى أن تسمعي الكلمات جيدا.
يارا : حسنا.

بعد ثواني علت في سيارة منصور هذه الكلمات من أغنية أصالة (أنا حبك):
انا حبك انا صاحبك انا عقلك و تفكيره
ما انا منك وروح قلبك واخوكي لما تحكيله
انا فرحك الم تعبك
انا فى كل اللي بتحسيه
حاسس بيكي
ما انا انتي ما انا انتي
كلام قولته وصدقته
فرحت انا بيه وريحني
ولا بنساه و عايشة معاه كلامك فين بيوحشني
وصدقني بيلحقني كلامك لما بزعل يوم
انا منك يرجعني يرجعني
ما انا ليكي بموت فيكي ومش هعيش غير ليكي
يادوب حلمي اني اشوف الضحكة فى عينيكي
انا فرحك الم تعبك
انا فى كل اللي بتحسيه حاسس بيكي
ما انا انتي ما انا انتي



كان منصور يصب كل تركيزه أثناء سماع الأغنية على الطريق أمامه ولم ينظر لو مرة واحدة الى عينا يارا التي كانت تنظر له بشكل غير مباشر .. وما ان انتهت الأغنية حتى قال منصور وهو ما زال لا ينظر لها: أحببتِ الكلمات؟
يارا بارتباك : نعم أحببتها ..جميلة.
منصور: حسنا.. تقريبا وصلنا.
يارا و قد كانت تفكر بكلمات الأغنية وعلاقة الكلمات بمنصور : ماذا ؟
منصور: وصلنا.
يارا : أين ؟
منصور يفتح النافذة لأحد الرجال الذي انطلق من أمام بوابة كبيرة راكضا ليتأكد من سيارة منصور..
منصور: افتح الباب بسرعة.
الرجل: سمو الشيخ منصور! .. اعذرني سيدي .. حالا سنفتح البوابة.
انطلق الرجل بسرعة ليصرخ بزملائه حرس تلك البوابة ليتم في ثواني فتح البوابة لمنصور الذي دخل بسيارته الى جنة أوجدها الله سبحانه وتعالى على الأرض وأنعم عليه بها.
مشت السيارة لمدة داخل تلك المزرعة الكبيرة التي ترامت أطرافها خلف تلك البوابة..



كانت يارا في حالة صمت مذهول قد تاه في جمال الطبيعة حولها .. كانت تلك المزرعة خضراء مشرقة تتعالى وتتباهى بتضاريسها من أودية وهضاب.

منصور : هل أعجبك المكان ؟
يارا : ما هذا المكان؟
منصور : هذه مزرعة .. وجدت بأننا بحاجة الى هواء نقي.
يارا باستغراب: سبحان الله.. كيف لهذا المكان أن يكون أخضر الى هذا الحد في هذا الجو الجاف!
منصور يبتسم : حسنا يجب أن تعلمي بأن للمال تأثيرا على الاحتباس الحراري.
يارا : ماذا تقصد ؟
منصور : أقصد لا تصدقي كل ما تقوله الأخبار .. فكل فكرة إعلامية هي ادعاء ربحي لكسب المال فحسب، أما الطبيعة! فاعتني بها ووفري لها الاهتمام الإنساني المطلوب .. و دعني الطقس واحواله لمن أوجد هذا الكوكب.




توقف منصور أمام منزل بسيط وخرج ليفتح ليارا باب السيارة ..

منصور: تفضلي.
خرجت يارا فاغلق منصور السيارة وقال لها : هذا البيت البسيط هو للراحة وتناول الطعام فحسب .. فلا تتوقعي مني أن أسمح لك بأن تنعزلي به كما كنت افعل معك في القصر.
وقبل أن تنطق يارا بأي كلمة .. خرجت سيدة كبيرة في السن تركض من ذلك المنزل باتجاه منصور صارخة باسمه.
فمشى منصور اليها بخطوات سريعة ليحتضنها ويقبل رأسها.
كان التعجب والاستغراب واضحان جدا على ملامح يارا التي كانت تراقب الموقف.
منصور: أم رامي .. كيف حالك؟ اشتقت لكِ كثيرا.
كانت السيدة أم رامي تحتضن منصور بشوق وتقبله وهي تقول: كيف استطعت أن تغيب عني كل هذه المدة يا منصور كيف؟
منصور : انا ! لا أستطيع أن أغيب عنكِ .. ولكن هي ظروف العمل.
انتبهت أم رامي الى يارا فاقتربت من منصور لتهمس له قائلة: هل هذه هي؟
منصور نظر الى يارا ثم سحبها باتجاهه واخذ يُعرِف أم رامي عليها قائلا : أقدم لكِ السيدة يارا حرم منصور العالي.
فتفاجأت يارا بأم رامي وهي تسحبها باتجاهها لتغمرها قائلة : مرحبا بكِ يا ابنتي .. و أخيرا و أخيرا تزوجت يا منصور.
منصور يضحك : تمهلي قليلا .. فهي خجولة بعض الشيء.
أم رامي : سامحيني يا ابنتي .. فأنا والله أشعر بالسعادة الآن كما لو أن ابني رامي هو من تزوج وربما أكثر.
منصور : يارا .. هذه السيدة أم رامي .. مربيتي ، اعتنت بي منذ ولادتي وكأنها والدتي تماما.
يارا بارتباك: فرصة سعيدة.
أم رامي بابتسامة كبيرة لمنصور : يا الهي كم هي جميلة..
ثم التفتت الى يارا: أنا أسعد يا صغيرتي.. هيا تعالى لترتاحي أنت وزوجك من عناء الطريق حتى أنتهي أنا من اعداد أطيب وألذ غداء ستتذوقينه على الاطلاق .
منصور بابتسامة: سآخذ يارا في جولة حول المزرعة و نعود في وقت الغداء.
أم رامي: حسنا ولكن لن أسامحك ان تأخرت وأصبح الغداء بارد.
منصور بابتسامة : لا تقلقي .. فأنا لا أستطيع أن أتأخر على طعامك أبدا.
نظر منصور الى يارا وقال لها: ما رأيك أن نبدأ جولتنا؟
يارا رغم مشاعرها المتضاربة اتجاه تصرفات منصور: حسنا.



اخذ منصور يارا وما ان ابتعدا قليلا عن أم رامي حتى لاحظ منصور نظرة الفضول في عينا يارا فقال: ما بكِ؟.
يارا بتردد : لا شيء..
سكتت يارا قليلا وهي تمشي بجانب منصور الذي كان ينظر لها بين الحين والأخر .. وذلك أربكها نوعا ما فكانت تمشي دون أن تنظر لما حولها.. حتى قالت: لقد أوصى الطبيب بأن تنال قسطا من الراحة .. وربما الجولة هذه هي فكرة سيئة.
منصور: لا تقلقي بشأني .. أنا مرتاح جدا.
يارا : لستُ قلقة .. أنا فقط أشعر بالمسؤولية لأن الطبيب أوصاني بذلك.
كان منصور ينظر ليارا بنظرات هادئة دافئة .. لأول مرة تراها في عيناه.. مد يده ببطيء اليها ليلمس اسفل فكها ويدير وجهها بلُطف قائلا : انظري حولك.
التفتت يارا لتنظر حولها لترى خيولا ترمح في مرعى كبير قد تفرق شملها أسفل تل مرتفع نوعا ما كانت تقف عليه هي ومنصور.

يارا تُمسك لا شعوريا بكُم منصور وهي تقول :يا الهي .. ما هذا المنظر!
منصور يرفع كفه بسرعة ليلتقط يد يارا : هل تودين أن أصحبك في نزهة على ظهر احدى هذه الخيول ؟
يارا تنتبه فتسحب يدها من منصور بسرعة وتقول: لا شكرا.
منصور: أتحبين الخيول؟
يارا: نعم أحبها.
منصور: ماذا تحبين فيها؟
لمعت عينا يارا وهي تنظر من أعلى ذلك التل على الخيول قائلة: حين تركض.. تشعر أنها تمتلئ حرية ، انظر لها كيف تتباهى بحريتها.
لم يلتفت منصور.. بقي ينظر لعينا يارا وهي تتلألأ.
انتبهت يارا لنظرات منصور فقالت: اعتقد بأنك يجب أن ترتاح .. هلا عدنا رجاءً؟
منصور: كيف ترك النحل عيناكِ العسليتين ليسكن خلية واحدة من العسل فقط؟
ارتبكت يارا من سؤال منصور فأشاحت بنظرها عنه لتعود وتركز نظرها على الخيول أسفل التل.
منصور: أتعلمين أن صمتك هو الأكثر اقناعا.. فكل الإجابات ما كانت لتقنعني أبدا.
يارا تبعد خصلات شعرها عن وجهها بهدوء لتقول: أرجوك توقف.
منصور يبتسم: حسنا .. في الحقيقة كنت أود أن أحدثك بشأن أمر ما.
يارا : تفضل.
منصور : أم رامي ، هي ليست مربيتي فحسب .. بل هي أمي التي لم تُنجبني، وأنا لم أخبرها بشأن الطريقة التي تزوجنا بها .. هي تعتقد بأننا زوجين كأي زوجين .. احم تفهمين قصدي ؟
يارا باستغراب : و ما المطلوب مني ؟
منصور: كنت أتمنى أن نتعامل على هذا الأساس أمامها.
يارا: لن أخبرها بشيء.. اذا كان هذا ما تعنيه، عدى ذلك لا تتوقع مني الكثير.
منصور: حسنا .. هناك شيء آخر ..
يارا : ما هو ؟
منصور: هي تقطن بغرفة الضيافة القريبة من منزل المزرعة الذي رأيتيه سابقا..
يارا: وما المشكلة في ذلك؟
منصور: هي اعتادت حين آتي الى هنا .. أن تسهر معي ثم تذهب لتنام في غرفة الضيافة.. لذلك أمامها سنبقى بنفس غرفة النوم وما ان تذهب لغرفة الضيافة.. سأذهب لأبيت في احدى الغرف الأخرى.
يارا: ماذا ! اذن لن يكون لي غرفة خاصة؟
منصور: فقط أمامها..
وقبل أن يُكمل منصور حديثه صرخت يارا : مستحيل.
رد فعل يارا استفز منصور بشدة من ما جعله يُمسك بيد يارا ويضغط عليها قائلا: أتظني أنك لو سحبتي يدك من يدي فأنت سيدة الموقف ؟ .. اسحبيها هيا.
يارا تناضل لتسحب يدها من يد منصور بكبرياء وتحدي ولكن فاجأها منصور حين سحبها باتجاهه حتى ألصقها بصدره ووضع عيناه بعينها قائلا: اعلمي أني لو أردتك الآن.. فلن يمنعني عنك كبريائك هذا.
يارا تنظر لعينا منصور بتحدي وقوة لتهمس له قائلة : ان كنت قد روضت كل خيولك والخدم بالسياط .. فاعلم بأني فرسٌ لا تُروض.
منصور يقترب أكثر من وجه يارا حتى باتت أنفاسه تداعب خصلات شعرها ليهمس لها : حقا .. اذن امنعيني.
يارا بخوف : أرجوك ابتعد.
منصور يعود ليهمس لها وقد تعالت أنفاسه: سأبتعد.. ولكن اعلمي بأني سأفعل هذا احتراما لذاتي فقط .




قطع تلك اللحظات التي كان يحاول منصور فيها أن يبتعد عن يارا صوت رجالي خشن وهو يخاطب منصور قائلا: لم أصدق أنك هنا الى حين رأيت الخيول تركض في كل الأرجاء فرحا.

يبتعد منصور عن يارا وما زال ممسكا بيدها ..
منصور : رامي! .. أهلن بك كيف حالك ؟
رامي : يا رجُل أين أنت! .. أصبحت لا أراك سوى على التلفاز.
لم يكن منصور منتبها لما يقوله رامي بقدر انتباهه ليارا التي كانت ترغب بأن تركض هربا بحرية الخيول تماما.
رامي ينظر ليارا التي كانت تسيطر عليها ملامح حزنها بشدة قائلا : واو .. هل صار يتجول الأقحوان في مزرعتنا أم ماذا.
منصور : انتبه لكلامك يا رامي.. فهذا الأقحوان هو زوجتي يارا.
رامي بذهول يضحك : هل أنت جاد !
ثم عاد ينظر ليارا قائلا : يا لكي من امرأة جبارة .. كيف استطعتِ أن تملكي قلب هذا الرجل ههههه.
يارا بتمرد ابتسمت قائلة: لم يكن الأمر بيدي.
فنظر لها منصور وهو يفهم قصدها ..
رامي: حسنا أيها المحظوظ .. يبدو أنه حب من أول نظرة.
منصور يبتسم ليارا قائلا : فعلا كان كذلك.
كانت يارا تستشيط غيظا في داخلها ولكنها التزمت الصمت.
منصور : حسنا رامي .. والدتك سوف تقتلني ان لم نعود حالا لتناول الغداء.. هل ستأتي معنا ؟
رامي: سآتي في المساء .. فما زال لدي بعض الأعمال في اسطبلات الخيول.
منصور : حسنا سننتظرك على العشاء الليلة.
رامي: بالتأكيد .. فمن يفوت فرصة التعرف على الاقحوان.. سعدت بلقائك سيدتي.
يارا بابتسامة مصطنعة : أنا أيضا.




عاد منصور الى منزل المزرعة هو ويارا .. وقد كان كلاهما في الطريق عابسا ومتجهم الملامح.
ما ان دخلوا حتى استقبلتهم أم رامي بكل ود قائلة : أهلن بعريسنا وعروستنا الجميلة .. مواعيدك يا منصور دائما مضبوطة.
منصور: المواعيد هي سر نجاحي يا والدتي العزيزة.
أم رامي تضع يدها حول خصر يارا وهي تأخذها باتجاه مائدة الطعام: تعالي يا صغيرتي .. يبدو أن تلك الجولة كانت مرهقة في هذا الجو المشمس.
جلست يارا على المائدة وجلس منصور وأم رامي أيضا..
بدأت أم رامي تملأ طبق يارا بالطعام ثم أخذت تقول: رزقني الله بمنصور ورامي فقط ، وكم كنت أدعو حين كنت شابة أن يرزقني الله بفتاة أيضا .. و يبدو أن الله قد استجاب دعائي ورزقني بك يا يارا.
ابتسمت يارا باطمئنان لأم رامي ثم سرحت بتفكيرها قليلا حتى بات القلق واضحا عليها فعلم منصور أنها تذكرت والدتها .
منصور يأخذ بعض حبات ورق العنب المحشي الذي تشتهر به أم رامي ويضعها في صحن يارا..
منصور: يارا تذوقي ورق العنب هذا وأخبريني.. هل تذوقتِ مثله من قبل؟
تذوقت يارا واحدة ثم قالت : لم أتذوق مثله أبدا .. حقا لذيذ، سلمت يداك خالة أم رامي.
كان الغداء هادئ ولطيف بفضل الحنان الذي كانت تشع به أم رامي ..
وما ان انتهى الغداء حتى قال منصور موجها كلامه ليارا : قد قمت بإرسال رسالة لجاكلين حتى تقول بإرسال الدواء الخاص بي من القصر مع السائق .. هل أنتِ بحاجة الى شيء يارا.
يارا: هل يجب أن نبيت هنا الليلة؟
أم رامي : وهل مللتِ مني بهذه السرعة يا ابنتي !
يارا : لا أبدا.. لم أقصد هذا .. أن فقط لم أحضر ملابسي معي.
منصور: ستجدين خزانتك في الأعلى مليئة بالملابس.. قد جهزتها لكِ مُسبقا.
أم رامي: اذن ما رأيك أن تأخذ يارا لتعرفها على المنزل ومن ثم تبدلوا ملابسكم وترتاحوا قليلا.
منصور :حسنا.. تفضلي يارا.
كانت نبضات يارا تزداد ضربا كلما خاطبها منصور وكأنها زوجته .. ولذلك لم تكن ربكتها وخوفها يسمحان لها بالتمثيل أمام أم رامي .. شعرت للحظات بأنها ستنهار وتصرخ.. حتى قاطع تفكيرها صوت منصور قائلا: يارا.. هلا صعدنا؟
ثم أخذ يدها ومضى يصعد الدرج حتى وصلوا الى الغرفة ..



دخل منصور الغرفة ثم أدخل يارا أيضا وأغلق الباب قائلا: ما بكِ! اهدئي رجاءً .. نحن هنا لنمضي وقتا جيدا نستريح فيه فحسب.
ثم أكمل يقول: تفضلي .. قد تجدين المنزل بسيط نوعا ما و يختلف عن القصر .. تقصدت أن يكون ذو طراز ريفي ولذلك هو من الخشب الخالص.. وهذه هناك خزانة ملابسك و كل ما فيها هو ملكك .. تصرفي على سجيتك.
يارا بتوتر : ماذا عنك؟
منصور: للمرة الألف لن أفعل لكِ شيئا.. سأرتاح على تلك الأريكة هناك ولن تشعري بوجودي.
يارا بانفعال : ولكني أرغب بأن أبدل ملابسي !
منصور: بدليها في دورة المياه .. ستجدينها هناك ..
وأشار ليارا على مكان دورة المياه في الجانب الآخر من الغرفة.
يارا : أنا لا أريد أن أبيت هنا الليلة .. حين يصل السائق بالأدوية دعه يعيدني الى القصر.
منصور وهو يفتح احدى النوافذ في الغرفة لتدخل الشمس: أنا حقا مرهق ومتعب .. سنبيت هنا الليلة وغدا مساءً سنعود للقصر.
يارا تفتح الخزانة بانفعال وتنظر متفاجئة للملابس ثم تقول: سيد منصور ..
منصور يستغرب كلمة (سيد) فيلتفت باتجاه يارا..
يارا تكمل قائلة : في المرة القادمة حين تقوم بالتسوق لي بدلا مني .. احرص على أن تكون الملابس ذات أكمام على الأقل.
منصور يبتسم ابتسامة مكر: أنا أشتري ما يلائمك في خيالي .. وصدقيني في خيالاتي هذه الملابس كانت الأكثر احتشاما.
يارا بجدية : رجاء توقف عن استفزازي بهذه الطريقة .



جلس منصور على احدى الأرائك في الغرفة يعبث بهاتفه .. أما يارا فقد سحبت بنطال احدى البيجامات الحرير التي امتلأت بها الخزانة ، ثم نظرت الى قميص تلك البيجاما فوجدته مكشوف جدا فرمته في الخزانة بغضب .. و انتقلت لتفتح خزانة منصور وتأخذ منها احدى قمصانه دون أن ينتبه لها.
دخلت يارا الحمام لتُبدل ملابسها .. خلعت بنطالها الأسود وقميصها .. ثم ارتدت قميص منصور الذي كان أبيض اللون وذو أزرار فضية أنيقة..
تركت يارا بنطال البيجاما على احدى الرفوف حتى تنتهي من غسل يديها و وجهها .. وفتحت صنبور الماء لتنظر للمرآة وتُحدث نفسها كعادتها وهي تُفكر بتصرفات منصور.
وفجأة وأثناء نظرها الى المرآة انتبهت يارا لوجود حشرة كبيرة الى حد ما.. تطير في أرجاء الحمام خلفها لتقترب من خصلات شعرها من ما جعل يارا تنتفض رعبا وتلتصق في الجدار خلفها وهي تصرخ ..



سمع منصور صوت صراخ يارا فركض باتجاه دورة المياه ودفع الباب بقدمه بكل قوة فانفتح الباب ليتفاجأ منصور بيارا ترمي بنفسها بين أحضانه ، تدفع برأسها في صدره وهي تصرخ : أبعدها عني.
لمح منصور تلك الحشرة تطير لتستقر على احدى المناشف المعلقة بجانب حوض الاستحمام فعاد بنظره الى يارا التي كانت ممسكة قميصه بيديها بشدة ، ومخبئة رأسها ووجهها في صدره من ما جعل قلبه يتزلزل بداخله..
لم يشعر منصور بنفسه وهو يحتضن يارا ليرفعها عن الأرض محاولا النظر لعيناها.. وما ان التقت عيناها بعينيه حتى همس لها قائلا: هي نحلة .. كنتُ أعلم بأنها لن تقاوم عيناكِ.
كانت يارا في حالة صدمة لم تكن تستوعب بأنها بين يدين منصور بهذا الشكل..
أما منصور فقد اقترب بهدوء من شفتيها لـ......




ترقبوا القادم من عروس النار.


بقلمي
سارة بنت طلال.














 

رد مع اقتباس
قديم 12-05-2017, 09:05 AM   #20
سيدة القصر


الصورة الرمزية سيدة القصر
سيدة القصر غير متواجد حالياً

بيانات اضافيه [ + ]
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل :  Oct 2015
 أخر زيارة : 02-01-2023 (11:48 PM)
 المشاركات : 450 [ + ]
 التقييم :  14
لوني المفضل : Cadetblue
افتراضي





الفصل الرابع عشر[/CENTER]


اقترب منصور بهدوء من شفتي يارا وللحظة أيقنت يارا بأنه سيُقبلها حتما فأغمضت عيناها سريعا هربا من تلك القبلة .. وما ان انتبه منصور لذلك حتى أجبر شفتاه ان تطبعا تلك القبلة بين عيناها بهدوء ليهمس لها: سأندم لاحقا لأني لم أستغل هذه اللحظة .. ولكني سأندم أكثر إن أجبرتك عليها.

أنزل منصور يارا لتلمس قدماها الأرض .. ففتحت عيناها و اشاحت بخجل نظرها عن منصور وقد كانت مربكة بشدة..

منصور يبتسم : كم أتمنى لو أستطيع ارسال دعوة خاصة لكل خلية نحل في مزرعتي.

يارا وهي تبعد خصلات شعرها عن وجهها بتوتر: هلا خرجت رجاء لأرتدي ملابسي؟
منصور : حقا ؟ وماذا ان قلت لكِ بأني أريد قميصي هذا.. و الآن !
يارا في حالة صمت عارمة ..
منصور ينفجر ضاحكا : حسنا احتفظي به..

ثم استدار ليخرج من دورة المياه ولكنه انتبه للباب فعاد قائلا : بمناسبة خروجي من هنا .. أعتقد بأني قد كسرت هذا الباب قبل قليل ، ولكن لا تقلقي سأرسل أحدا مساء ليُصلحه.

يارا وما زالت الكلمات تناضل لتخرج من فمها : لا بأس.

خرج منصور فأخذت يارا احدى المناشف وأغلقت عليها الباب لتقوم بتثبيته بها.

وما ان تثبت ذلك الباب حتى وضعت يارا يدها على صدرها لتصطدم بالجدار خلفها وتنهار لتجلس ببطيء على الأرض وهي تتنفس بشدة وتُحدث نفسها قائلة: ما الأمر! ما بك قلبي اهدأ .. اهدأ رجاءً.
.
.
.
.


ما ان خرج منصور من دورة المياه حتى جلس على السرير وخلع قميصه لينظر لذلك الجرح على كتفه فقد بدأ يُؤلمه من جديد .. استلقى على السرير فارتفعت خصلات شعره الأسود لتكشف عن الجرح المغطى في جبهته أيضا .. و ما هي الا دقائق حتى غفى دون أن يشعر.

بعد دقائق خرجت يارا فوجدت منصور قد غفى على السرير ..

يارا تهمس لنفسها قائلة : يا الهي نام وقد خلع قميصه أيضا بكل جرأة.

اقتربت يارا من منصور فلمحت ذلك الجرح المُغطى على جبهته .. فتذكرت أن منصور ما زال مريض فارتبكت..

همست لنفسها قائلة: لم يأخذ الدواء.. ماذا أفعل الآن.

فتحت يارا الباب ونزلت الى أسفل ذلك المنزل الدافئ والأنيق رغم صغر حجمه بالنسبة للقصر ..

فوجدت أم رامي تجلس في الصالة الصغيرة القريبة من المطبخ في ذلك المنزل ، وهي تضع أمامها صينية صغيرة تصنع بها بعض أصابع ورق العنب الذي يحبه منصور.

أم رامي: أهلا بكِ يارا .. تعالي واجلسي بالقرب مني.

يارا جلست بالقرب من أم الرامي وبادرت بالسؤال: هل تصنعين ورق العنب؟
أم رامي : نعم.. فمنصور ولدي يحبه بشدة وأرى أنك أيضا تحبينه كمنصور تماما.
يارا : نعم صحيح .. أنا فعلا أحبه ..
أم رامي: هل نام منصور؟
يارا : نعم قد غفى قليلا.

سكتت لوهلة ثم أكملت تسأل : كنت قلقة بشأن دواء منصور .. هل أحضر السائق شيئا ؟
أم رامي: لا .. لم يأتي بعد.. ولكن لماذا يتناول منصور دواءً؟
يارا بارتباك: لا شيء .. هو فقط يُعاني من ارتفاع في درجة الحرارة.

أم رامي بقلق: هل يُخفي عني ولدي منصور شيئا؟
يارا : لا لا أبدا .. هوحقاً يُعاني من ارتفاع في درجة الحرارة والطبيب قد وصف له بعض المضادات الحيوية..


يارا في محاولة منها لتغيير الموضوع : دعيني أساعدك في لف ورق العنب فأنا جيدة في ذلك.

أم رامي تنظر ليارا : كم أنت جميلة يا يارا .. لا أستغرب أن منصور تزوجك أبدا.

يارا تبتسم بهدوء ..

أم رامي : هل تحبينه ؟

يارا وكأن الحيرة قد اغتالت تفكيرها فأنزلت رأسها قليلا وسكتت ..

أم رامي تبتسم فتقول: الحب ليس شيئا يمكن اخفائه ولكن يبدو لي أنك خجولة بعض الشيء.

يارا بتوتر تبتسم فتقول: نعم فعلا.

أم رامي: أتعلمين يا ابنتي أني اليوم رأيت ابني منصور الذي اشتقت له.

يارا: لماذا!..

أم رامي: غابت ملامح الحب في عينيه لسنين طويلة .. واعتقد أنك نجحتِ في اعادتها اليه ، فمنذ أن توفي والده و سافرت والدته وأنا أراه ولا أراه .. أنظر الى عينيه فلا أجده فيها.

يارا: كيف ذلك؟

أم رامي : هل أخبرك منصور عن والده الشيخ عبدالرحمن العالي و والدته السيدة صوفيا؟

يارا بفضول: بالطبع ولكن لم يُخبرني كثيرا من التفاصيل.. وأنا حقا أتمنى أن أعرف كل التفاصيل عن منصور.. لكني لم أرغب في الضغط عليه.

أم رامي: يا ابنتي لا تأخذي في خاطرك منه فمنصور لا يتحدث كثيراً.. ربما لم يخبرك بالتفاصيل لأن جروحه لم تُشفى بعد.

يارا : أخبرني بأن والده قد توفي منذ زمن و أنه لا يملك عائلة ولكنه يرى فيك والدته.

أم رامي بحزن : آآآآآآه يا ابنتي ، ذلك الشاب قد عانى كثيرا .. هو كان متعلقاً جدا بوالده الشيخ عبدالرحمن العالي ، كان شاباً في السابعة عشر من عمره حين تُوفي والده بالسكتة الدماغية، رحمه الله .. فقد حدث له ذلك بعد أن تآمر عليه بعض من صغار المستثمرين في الشركات العالمية وأسقطوا أسهمه في السوق فأفلست شركاته.. ومنذ ذلك اليوم ماتت ملامح ابني منصور..

سكتت أم رامي لبضع دقائق ثم قالت بحسرة والدموع تلمع في عيناها: اقسم ابني منصور يومها أن يُعيد اسم العالي رغم أنوفهم .. وصدقيني يا ابنتي.. لم يعد ذلك الاسم ويتصدر السوق العالمي من جديد بسهولة.

يارا: وماذا عن والدة منصور هل ماتت.

ابتسمت أم رامي بتهكم قائلة: يا ليتها ماتت.

يارا بتعجب: لماذا!

أم رامي: تلك الحية الفرنسية المغرورة ، كانت السبب في كل ما حدث.. أحبت المال أكثر من ابنها وزوجها و قد كانت سكرتيرة تعمل بجوار الشيخ عبدالرحمن العالي ، تزوجها وانجب منها ابني منصور ، ثم عشقت أحد المستثمرين الصغار في فرنسا وباعت ابنها وزوجها ، وبعد ذلك تآمرت هي وعشيقها عليهم حتى افلست المجموعة.. وما ان توفي الشيخ عبدالرحمن حتى تركت البلاد وهربت وتزوجت من عشيقها ذاك و الذي أصبح أحد ألد أعداء ابني منصور في باريس.

يارا: يا الهي ! كيف فعلت ذلك؟

أم رامي: كانت سيدة مغرورة و مريضة بحب المال والسلطة .

يارا: هل مازال منصور على تواصل معها؟

أم رامي: ألم يُخبرك بأنه لا يملك عائلة ؟ .. ابني منصور لا يكذب أبدا.

صمتت يارا بذهول وهي تُفكر في قصة منصور التي لم تكن قد سمعت أو عرفت عنها شيئا من قبل.

قاطعت أم رامي تفكير يارا قائلة: احتويه يا ابنتي .. فاليوم فقط عاد لي ابني الذي لم أراه لسنين طويلة ، واعلمي أنك لو احتجت القمر يوما فسيقطفه منصور لكِ من السماء ، ولكن صدقيني رغم حدته و كل نفوذه وسلطته ، هو بحاجة لك أكثر مما أنت بحاجة له.

شعرت يارا للحظات بالشفقة على منصور.. لم تكن تعرف ماذا تقول أو كيف تتصرف أمام كلمات أم رامي وأمام المفاجأة التي ألقتها على عاتقها ، لم تكن تتخيل بأن منصور بكل جبروته وقوته وصيته قد عانى أي ألم في حياته .. لم تتصور أصلا أن يملك رجلاً مثله نقطة ضعف قد يحتاج لوجودها بجانبه ليتمكن من ازالتها.

تداركت يارا مشاعرها فقالت لأم رامي : تُرى أين السائق .. لماذا لم يُحضر الدواء الى الآن؟

أم رامي : سأهاتف ابني رامي .. ربما أوصل السائق الدواء وتركه عند الحرس أمام البوابة.. اصعدي انتِ يا ابنتي لتتفقدي منصور.. وأنا سأرسل الدواء لك ما ان يصل مع العاملة.

يارا : حسنا .. ولكن هل تسمحي لي أن أحتضنك ؟ فربما قد تسببت دون قصد في أن تتذكري ذكريات مزعجة.

ضحكت أم رامي من رقة يارا واقتربت فورا لتحتضنها قائلة: أليس لديك أخت بجمالك ورقتك حتى أقوم بخطبتها لابني رامي أيضا؟
ضحكت يارا واحتضنت أم رامي بصمت.

.
.
.
.

استيقظ منصور وقد ازداد عليه الألم .. أخذ ينظر حوله في الغرفة بقلق ، فقام بسرعة و بهلع ليتجه الى دورة المياه ويقوم بدفع الباب باحثا عن يارا و لكنه لم يجدها .. فخرج و الخوف والغضب يستوليان على نظراته ليفتح باب الغرفة.. ولكن يارا سبقته وفتحت الباب قبله لتصطدم عيناها بعينيه..


يارا : ما الأمر .. هل أنت بخير؟

منصور وما زالت عيناه متعلقتان بيارا..

يارا: لا تخف.. لم أهرب ..

بدأت نظرات منصور تخيف يارا فأكملت قائلة : أساسا ليس لي مكانا أهرب اليه.

اجتذب منصور يارا بشدة من أمام الباب واغلق الباب خلفها ثم احتضنها بشدة ليهمس لها قائلا: لا تذهبي مرة أخرى الى أي مكان بدوني.

يارا بتوتر من تصرف منصور : ذهبت لأتفقد ما ان وصل الدواء ..والآن هلا تركتني رجاء.

منصور: ان تركتِ لي الخيار .. فلن أتركك أبدا.

يارا شعرت بالارهاق الشديد في صوت منصور فقالت: هل أنت بخير؟

منصور بسخرية: بالطبع أنا بخير .. فأنا أشعر بأنفاسك على صدري.

قاطع صوت الطرق على باب الغرفة حديث منصور ..

يارا : قد وصل الدواء .. رجاءً اتركني .. فأنا لا أود أن أدفعك و أنت مُتعب هكذا.

منصور : و أنا لا أستطيع أن أتركك فأنا مُتعب و أشعر بالراحة وانا أغمرك هكذا.

يارا بيأس : أرجوك اتركني فالطرق على الباب يزداد.

منصور يتنهد بيأس أيضا من إصرار يارا ويتركها قائلا: حسنا .. اذهبي وافتحي الباب.

ذهبت يارا لتفتح باب الغرفة وتأخذ الدواء من العاملة .. وما ان عادت حتى وجدت منصور يجلس على الأريكة بجانب السرير وقد أعاد رأسه الى الخلف قليلا وأغمض عينيه بتعب.

يارا فتحت علبة الدواء وقالت له : تفضل يجب أن تأخذه الآن لأنك قد تأخرت كثيرا في تناوله، ولذلك تشعر بالإرهاق والتعب ، يجب أن لا تتأخر في أخذه مرة أخرى لأن ذلك قد يتسبب في انتكاس حالتك الصحية .

أخذ منصور الدواء وتناوله ثم نظر الى يارا قائلا: هل تقلقين بشأني؟

يارا: ربما أشعر بالذنب لأني السبب فيما حدث لك.

منصور: أنا ممنون لكِ .. لأن لولا إصابتي هذه لما كنتِ اعتنيتِ بي.

يارا وقد طال صمتها ..

منصور: اذا كنت ترغبين في الاسترخاء فتفضلي، بإمكانك الاحتفاظ بالسرير.. وسأحتفظ أنا بهذه الأريكة .

يارا وبرد سريع : لا شكرا .. لا أريد.

منصور: حسنا سأخرج لأتفقد اسطبلات الخيول .. أترغبي في مرافقتي.

يارا: لا .. بإمكانك الذهاب متى شئت.

منصور وقد اتضحت ملامح غضبه وهو ينظر ليارا : تحضري ستذهبين معي.

يارا: لكني لا أرغب في ذلك.

منصور: أمامك عشر دقائق لتُبدلي ملابسك .. سأنتظرك في الأسفل.

نهض منصور بغضب وإصرار وخرج من الغرفة.

يارا وقد اخافها صوت اغلاق منصور للباب: يا لغبائي حين أشفقتُ عليك.

وفجأة دخل منصور مرة أخرى للغرفة ليفتح الدولاب ويُخرج منه بنطال جينز و قميص أصفر قطني ليس له أكمام، و قد كان قصير نوعا ما بحيث يكشٍف تصميمه عن منطقة الخصر من الجوانب ليتدلى بشكل أطول من الأمام والخلف ببعض التموجات الأنيقة..
قام منصور برمي البنطال والقميص على طرف السرير قائلا : ارتدي هذا .. والا سأضطر الى مساعدتك في ارتدائه.

خرج منصور بسرعة دون أن يهتم لرد يارا ، واغلق الباب خلفة بقوة مرة أخرى.

صرخت يارا قائلة: يا الهي ماذا أفعل ! .. حقا أنا غبية ، لما لم أتركه يتألم حتى الموت واسترحت منه و من ازدواجيته هذه.

رفعت يارا تلك الملابس من على السرير لتنظر لها باستحقار ، ثم قامت برميها بكل قوتها وغضبها على الأرض.

.
.
.
نزل منصور للأسفل.. فوجد أم رامي تقترب منه وهي تقوم بنفخ البخور الذي تحمله بيدها عليه قائلة : حرسك الله من العين يا عريس..
ثم أكملت تتساءل .. أين يارا! أردت أن أبخركما معا.

منصور وهو يبتسم من تقاليد أم رامي: ستنزل بعد قليل فبخريها جيدا رجاءً.

أم رامي تضحك : لن تُوصيني بابنتي يا منصور.

منصور: كيف وجدتي عروسي؟

أم رامي وهي تهمس لمنصور: هذه من يُقال عنها عروس .. كنتُ أخاف كثيرا أن تقع في شباك العقربة التي تُدعى رؤيا.

منصور بتهكم: وكأنك تتحدثين عن مرور ابن عُرس تحت سحر ضوء القمر.

أم رامي وقد حجبت رؤياها دموع الضحك : دعنا منها .. فيبدو أن عروسنا الجميلة قد حضرت.

.
.
.

ما ان نزلت يارا حتى تفاجأ منصور بأنها قد ارتدت قميصه الأبيض.. فوق البنطال والقميص الأصفر الذي انتقاهما لها.

وما ان وصلت يارا لأسفل الدرج .. حتى قام منصور بخلع القميص الذي يرتديه ليُعطيه لأم رامي قائلا: هلا أعطيتي القميص هذا للعاملة حتى تقوم بغسله؟ فسأرتدي قميصي ذاك الذي ترتديه يارا ..

ثم انطلق وهو عاري المنكبين ووقف أمام يارا واحتضنها برومانسية مصطنعة قائلا: حبيبتي أنا هنا! .. لا داعي أن ترتدي قميصي لتعلق رائحة عطري بك ، احتضنيني فحسب.

ووسط صدمة يارا وخجلها أمام أم رامي .. خلع منصور القميص من على كتفيها وابتعد قليلا عنها ليرتديه.

أم رامي تُعلق بسعادة: لا تخجلي يا عروس .. سأبخرك من العين وأذهب لتكونوا على سجيتكم.

بخرت أم رامي يارا و هي تُتمتم ببعض الآيات القرآنية وما زالت الصدمة واضحة على ملامح يارا.

اقترب منصور بهدوء وكأنه يحاول أن يتعرض لدخان البخور في يد أم رامي ، فوقف بجانب يارا ليضع يده حول خصرها المكشوف

ولثواني شعرت يارا بالاختناق ..

ليس من البخور، بل من الموقف الذي وضعها به منصور..

فما كان منها سوى أن أمسكت بخصلات شعرها الطويلة وكأنها تُبخرها ثم ألقت بها و أرجعتها الى الخلف بقوة لتصطدم بوجه منصور الذي أشاح بوجهه قليلا ثم عاد ليجذب يارا باصرار من خصرها من جديد.

استفز الموقف يارا بشدة فقالت وهي تشكر أم رامي : شكرا لك .. فرائحة البخور جميلة جدا.

ثم التفتت لمنصور بقصد ارباكه وقالت: اقترب حبيبي .. فبخور أم رامي لا يُفوت.

انتقلت الصدمة من ملامح يارا لملامح منصور حين قالت له كلمة حبيبي.. لينظر لها منصور باستغراب وقد تجمد في مكانه ما بين السعادة والتعجب.

عندها أبعدت يارا يدين منصور عنها بخفة.. وابتعدت وتركته قائلة : سأخرج أنا لأستنشق بعض الهواء ..شكرا لكِ مرة أخرى خالة أم رامي.

.


.
.

خرجت يارا من المنزل لتمشي في المزرعة بغضب ..وهي تحبس الدموع في عيناها جراء استفزاز منصور لها واستغلاله للموقف أمام أم رامي.

ما هي الا ثواني حتى لحق منصور بها ليُديرها باتجاهه قائلا: ألم أنبهك أن لا تذهبي الى أي مكان بدوني؟

يارا وقد فقدت أعصابها وقامت بدفع منصور بعيدا عنها قائلة: يبدو أن غبائي جعلني أحترمك وأنت لا تستحق.

منصور بغضب : ويبدو أني سئمت صبري عليك.

اقترب منصور من يارا أكثر ليُكمل قائلا: أنت زوجتي فتصرفي على هذا الأساس.

يارا : أجبرتني عليك .. أجبرتني على كل شيء فيك .. أنا لا أريدك .. لا أريدك.

ترك منصور يارا التي أشاحت بنظرها عنه فصمت قليلا .. ثم قال بهدوء: انظري الي.

غضب يارا جعلها لا تهتم لمنصور وترفض النظر له.

صرخ منصور فزمجر بغضب قائلا ليارا : قلت لك أنظري الى.

رفعت يارا نظرها لتنظر لمنصور بتحدي قائلة: ماذا تريد؟

منصور يتمالك أعصابه ويعود لهدوئه من جديد قائلا: هل أجبرتك قبل قليل أن تناديني بحبيبك؟

يارا بسخرية: هه.. لا تفرح كثيرا، فلساني قد اعتاد على أن يقولها لمن كان زوجي الحقيقي قبل أن أصبح جاريتك.

منصور وكأن يارا قد أوقدت النار في نظراته .. قام بعض شفته السفلية في محاولة منه لأن يتمالك نفسه .. ولكن يبدو أنه فشل في ذلك ..

قال وكأنه يريد أن تتدارك يارا حديثها قبل أن ينفجر: حقا!

يارا صمتت ومازالت نظرة التحدي في عيناها ..

و لوهلة ومن دون أن تستوعب يارا .. وضع منصور كفيه على وجنتيها ليجذبها ويطبع قبلة عنيفة على شفتيها..

حاولت يارا ابعاده وهي تدفع بصدره بعيدا عنها.. ولكنه أنزل يديه ليحيط كتفيها ويجذبها اليه مما أعاق حركة يديها.

انتبه منصور لدموعها التي خرجت من عيناها تستغيث وترجو منه الرأفة..

فتركها لتسقط جاثية على ركبتيها منهارة أمامه.. ثم قال يخاطبها: ان لم أكن أول من تدعينه بحبيبك .. فتلك كانت قُبلتك الأولى وهي لي، وأرجو من الله أن تكون كذلك.. حتى لا أقرر أن أكون أول من يمتلكك والآن.

يارا التزمت الصمت وهي تبكي بحرقة على الأرض.

منصور: أتمنى أن تكوني قد أدركتِ من هو زوجك الحقيقي يا حرمي المصون.



هنا يتوقف الفصل الرابع عشر من روايتي ( عروس النار) .. تابعوا معي الجزء القادم بشغف فلم تسأم محبرتي بعد من ذلك الشوق بينها وبين القلم.

بقلمي
سارة بنت طلال.

أهدي هذا الجزء.. الى أجمل المتابعين وأرقاهم على الاطلاق، وأحمل اليكم باقة من الشكر على صبركم الكريم وأناقة حضوركم التي باتت أجمل ما في صباحي وأعذب ما في مسائي وأنقى ما في أيامي الدراسية المتعبة والمرهقة جدا جدا جدا، حفظكم الله دوما وأبدا .. لي ولكل محبيكم بإذن الله.















 

رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدليلية (Tags)
النار , الكاتبة , بنت , بقلم , رواية , سارة , عروس , طلال


 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

ضوابط المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG]متاحة
كود HTML معطلة




الساعة الآن 10:08 PM


Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved. تصميم
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas