![]() |
رواية (عروس النار )..بقلم الكاتبة سارة بنت طلال
رواية (عروس النار) .. حصريا على منتديات سيدة القصر مدخــــــل الحياة بأكملها رواية.. فصولها تفتقد للعناوين , لا نستطيع أن نقول بأن كاتبها سيء , ربما لأنه أتقن انتقاء الأبطال .. فأصبح لكل واحد منا حكاية هو بطلها .. كلنا أبطال و أياً كانت أدوارنا .. فالمُخرِج هو (معاناة) .. وعموما أنا لا أؤمن بالشر ولكني أؤمن برد الفعل العكسي . لن أقول بأن أبطال روايتي هم في الواقع خيال , بل سأقول أن أبطال روايتي ..هم في الخيال واقع . سارة . الفصل الأول (يارا) هي فتاة عشرينية .. جميلة جدا و الجمال هو نعمة ولكنه أيضا أحد أشكال المعاناة .. تهوى المثالية و لكنها ليست كذلك , فهي شخصية انتقادية , حادة الطباع , تتذمر كثيرا.. وبسبب حبها للكمال اخترعت مقولتها الشهيرة التي تقتضي بأن (التذمر حق انساني لابد منه) . عاشت حياتها تحاول التفوق على ذاتها في كل شيء , حتى أن البعض يعتقد بأن يارا تتقن عمل كل شيء ولا تفشل أبدا . احدى هواياتها المفضلة والتي اكتشفتها ما ان بلغت عامها الرابع عشر .. هي جدولة عدد المتقدمين لخطبتها, فهذه احدى هواياتها التي تُشبع غرورها بالكامل . و رغم ذلك.. فقد كانت دوما تُقدم لعائلتها حُججاً جيدة لرفض هؤلاء الخطاب , فهي بينها وبين نفسها لا تثق بالرجال كثيرا وتؤمن بالعذرية الأبدية للسمو بالنفس البشرية . أنهت دراستها الجامعية بتفوق , واختارت العمل في احدى الجمعيات الخيرية للنهوض بالمجتمع , فمثالتيها تحثها على ذلك , خاصة وانها ترى بأن ( الانسانية وُجدت قبل الدين وقبل كل الاختلافات الفردية والجنسية الأخرى .. لذلك لها الأولية وهي بدئ كل ذي بادئ) . و لكن للمجتمع وجهة نظر أخرى قد تخدش كمالها .. فالمجتمع يسأل : لما لم تتزوج حتى الآن؟ ما عيبها ؟ . أيضا المجتمع لا يرى أن فتاة بجمالها يحق لها العمل في بيئة مختلطة.. قد جمعت بين الجنسين الرجل و المرأة في نفس المكان , حتى وان كان الهدف خدمة المجتمع .. فكيف يكون رأسها برأس الرجال! ..فبالطبع هناك ثوابت في أخلاقيات المجتمع الشرقي. كثر الحديث في مجالس النساء عن يارا ., ودوما يارا هي موضع الجدل , حتى تقدم يوما لخطبتها رجل , وهو الرجل الواحد والثلاثون في جدول خاطبيها . اسمه (خالد)هو رجل وسيم , خلوق وأنيق وطيب لأبعد درجة , رجل لا يمكن أن يأتي مثله في الحياة اثنين .. أخبرها والدها بأنه الرجل الذي يتمناه لها , وحين رأته لأول مرة عرفت بأنها لن تجد لرفضه حُجة أبدا. فبعد عناد وبكاء ومد وجزر بينها وبين والدتها , دخلت للمجلس الذي كان ينتظرها به خالد ليراها: خالد (حين دخلت لم ينزل نظره من عليها واكتفى بقول) : ما شاء الله . يارا ( كانت تعلم بردة فعل خالد هذه ..لطالما كانت الكلمة التي تلازم الهمسات في أي مجلس تدخل اليه ) .. اكتفت بالصمت وبعد بضعة دقائق خرجت من المجلس . ومضى اسبوعين قرروا العائلات خلالهما تحديد موعد الخطبة والملكة . وكان خالد قد اشترط أن لا تعمل يارا ;فذلك لا يتوافق مع غيرته عليها كرجل .. وفعلا استقالت يارامن عملها .. و أخذ كل شيء يمضى بسرعة ,, حتى أتى يوم الخطوبة و قامت بالإمضاء على عقد ارتباطها بخالد . وبعد ذلك استطاعت التعرف على خالد أكثر .. كان خالد شخصية متحضرة ومثقفة ومتحدث جيد يُحب أن يبدي رأيه في كل شيء , يتناقش معها بالساعات, و رغم أنهم يختلفون كثيرا في آرائهم اتجاه بعض الأمور.. الا أن خالد كان لا يعارض ذلك الاختلاف ابدا . تعودت ياراعلى تواجد خالد في حياتها بشدة , فقد كانت تحكي له كل أحداث يومها وهو كذلك .. يخططون معا ويحلمون معا .. كانت تُحب في خالد أنه دوما يراها بجانبه و ليس خلفه كما يُفكرغالبية الرجال الشرقيين في زوجاتهم. كان يحترم كثيرا أنوثتها .. أما هي فكانت دوما تخاف أن يختلف الأمر بعد الزواج , ولهذا الأمر كانت كثيرا ما تحاول أن تثير أعصابه لتعلم هل هو حقيقي .. أم أن كل الرجال في فترة الملكة خلوقين . ولكن وفقا لطبيعة خالد .. كانت دوما أخلاقه تتحدث عنه بكل رقي و تحضُر . أحبت يارا شخصيته كثيرا وتعلقت به نوعا ما . حتى أتى اليوم الذي خططوا له .. و هو يوم زفافهما : يارا : أمي .. هل تعتقدين بأن خالد سيعجبه فستاني ؟. والدة يارا : ليس الفستان وحده هو ما سيعجبه .. كم أنت جميلة عزيزتي. يارا : هل أتت المصورة ؟. والدة يارا : لا تقلقي ستصعد بعد قليل .. فهي ما زالت تُركِب كمرات قاعة الاحتفالات بالأسفل . يارا : حقا أشعر بالتوتر .. أود أن ينتهي هذا اليوم بسرعة . والدة يارا : لا تقلقي سيكون كل شيء على ما يرام . بعد عشر دقائق صعدت المصورة الى جناح يارا في الفندق وبدأت تُعد معدات التصوير في انتظار قدوم خالد . دخل خالد الى الجناح ليرى المصورة وهي تأخذ بعض الصور الفردية لعروسته يارا .. بقي صامتا وهويُحدق لجمالها و لجمال فستانها الذي بدت به كعروس البحر تماما , واخذ ينظر لكل التفاصيل بها .. لابتسامتها , و لشعرها الطويل الذي يتدفق على نقوش فستانها .. محاولا دعوة تلك النقوش للتأرجح معه عند خصرها . حتى أيقظته مزحة يارا مع المصورة وهي تقول : اجعليني أبدو أطول قليلا بالفوتوشوب.. وضعي لي غمازتين على وجنتاي رجاءً. فضحك خالد واقترب منها و همس لها : لا داعي لذلك .. فانت ملكة جمال حبيبتي . ابتسمت يارا بخجل وقالت : ما رأيك في فستاني ؟ خالد: جميل جدا .. ثم عاد يهمس : ولكني أغار من ملامسته لجسدك و حين ينتهي هذا الزفاف و نصعد الى جناحنا .. أسرعت يارا بوضع يدها على فم خالد و همست له : لا تُكمل .. لا أشعر بالراحة من اكمالك لهذه الجملة . ضحك خالد وقال : حسنا سأكملها لكِ حين ينتهي الزفاف ونصعد الى ... عادت يارا لتضع يدها على فمه لتتفاجأ بفلاش المصورة وهي تلتقط صورة لوضعيتهم هذه .. المصورة : عذرا لمقاطعتكما .. ولكن أعتقد بأن الصور العفوية جميلة .. بإمكانكم فيما بعد عدم اختيار هذه الصورة لتكون من ضمن الألبوم . نظرت يارا الى خالد بخجل فضحك من نظراتها وقال: استمعي الى جميع توجيهاتها فيبدو بأنها مصورة محترفة . كانت جلسة التصوير لخالد ويارا مضحكة الى أبعد حد .. فخالد يلتزم بتنفيذ كل أوامر المصورة بخصوص الصور الرومانسية بينهما .. وربما يبالغ في تنفيذها قليلا ,أما يارا فكانت تعترض على كل حركة وتحاول توبيخ خالد بالهمس في اذنيه. وبعد جلسة التصوير .. خرج خالد من الجناح متجها لقاعة الاحتفالات في نفس الفندق استعدادا للزفة . وضعت يارا لمساتها الأخيرة لتعديل بعض تفاصيل الماكياج .. ونظرت مرة أخيرة للمرآة قبل أن تفتح باب الجناح للسيدتان الآسيويتان المتخصصتان في تنظيم الحفلات ليتجهوا بها الى المصعد المؤدي الى قاعة الاحتفالات : احدى السيدات الآسيويات (وهي تحمل ذيل الفستان ليارا) : انتِ عروس جميلة جدا . يارا (تبتسم بهدوء) : شكرا لكِ . دخلوا الى المصعد ونزلوا الى القاعة .. أخبرتها السيدة الآسيوية أن تبقى خلف الباب المؤدي الى االقاعة استعداداً للزفة . كان الباب كبير جدا , وكان مرصع بنقوش ذهبية بارزة .. والمدخل الذي كانت تقف به يارا كان ضيق بعض الشيء فهو مخصص للعروس فقط , حيثُ يفتحوا لها الباب لتبدأ مسيرتها نحو عريسها والذي أيضا سيدخل من مدخل آخر مخصص له في الجهة الأخرى من القاعة , لينتظرها بعد ذلك على الشرفة التي تطل على الحضور . وقفت يارا خلف ذلك الباب استعدادا للزفة .. أما السيدتين الأسيويتين .. فقد ذهبتا ليُخبرا الفرقة الموسيقية التي تقوم باحياء حفل الزفاف.. بأن العروسين جاهزين للدخول .. وبينما تقف يارا وحدها خلف الباب وهي تقرأ بعض من الآيات القرآنية للتغلب على التوتر .. انطفأت اضواء المدخل الذي تقف به .. فظنت بأن ذلك من ضمن ترتيبات الزفة . بعد بضعة دقائق .. سمعت صوت المصعد الذي نزلت به الى مدخل القاعة يفتح أبوابه من جديد , فاعتقدت بأن أحدهم قد أتى ليخبرها بأن تنتظر قليلا لأن خالد لم يجهز بعد . فجأة شعرت بيد تلتف حول رقبتها و تستقر على شفتيها في محاولة لردع صرختها التي اختنقت بداخلها ,, ثم شعرت بيد أخرى تلتف على خصرها و تسحبها بقوة الى المصعد.. ثم ألقت بها في أرضيته . التفتت يارابسرعة تحاول رؤية ما يجري ! و من هذا الشخص!!, ولكنها لم ترى سوى عبوة صغيرة بيضاء اللون قد اقتربت من وجهها لترش بعض الرذاذ الذي غفت بعده . . . . ليفتح ذلك الباب الضخم وكل الأنظار تتجه نحوه في انتظار اطلالة العروس , و لكن.. لا أحد خلفه!. و في وسط الترقب والتوتر اتجهت والدة يارا الى المدخل باحثة عن ابنتها , ولكن .. لم تجدها.. وخالد في أعلى الشرفة التي تُطِل على الحضور في انتظار أن تُزف اليه عروسه .. ولكن يبدو بأن انتظاره سيدوم طويلا .. أخذت أم يارا تتصل بجناح يارا لعلها عادت اليه لأنها نسيت شيئا .. ربما!! .. ولكن لا أحد يُجيب . . . . . الى هنا سيتوقف الفصل الأول من عروس النار .. فتُرى ما الذي حدث لـ يارا ؟. ومن هذا الشخص الذي أقدم على اختطافها في يوم زفافها؟! .. و لأي سبب فعل ذلك ؟!. و ما موقف خالد بعد اختطاف عروسه؟. بقلمي ساره بنت طلال |
الفصل الثاني محاولاتها المتكررة لرفع رأسها لم تنجح , والضباب ما زال يسكن عيناها ولا تعلم هل فقدت البصر أم ماذا !! .. أخذت تُحدث نفسها : ما الذي حدث لي ؟ لما لا أرى ؟!.. أرجوك جسدي ساعدني أود النهوض . الضجيج حول رأسها بدأ يعلو .. و أحدهم يقول : سيدي .. قد أتممنا كل أوامر سموك . اقترب.. وصوت خطواته يزيد من هلع يارا التي تستمع الى كل شيء يدور حولها , وتعجز عن رؤيته بسبب المادة المخدرة. أخذت تتحدث وهي ترجف خوفا : أرجوكم .. انا ..انا ,, أنا لم .. لمأفعل شـ ـ شيئاً . اقترب حتى ارتمى ظله على جسد يارا الملقاة على أرض قصره , فعلمت أنه يقف بجانبها .. أخذت تبكي وتصرخ بأعلى صوتها : لاااا أرجوك .. لا تفعل بي شيئا .. أرجوووووووووووك. دنى منها ببطيء , وتلمس ملامحها بأنامله وهمس لها قائلا : تعلمي من اليوم أن لا تخااافي . ثم ابتعد قليلا عنها فنادى احدى العاملات في قصره : جاكلين . جاكلين : نعم سيدي . التفت اليها ونظر في عيناها مباشرة و قال: خذي السيدة يارا الى جناحها الخاص .. وساعديها في تبديل ملابسها . جاكلين : حاضر سيدي . وقبل أن ترحل ..أوقفها قائلا : اعطيها شيئا لتغفو .. وهدئي من روعها . جاكلين : حسنا سيدي . أخذت جاكلين يارا الى جناحها كما أمرها .. ومضى وعلى وجهه علامات القلق والأرق حتى دخل مكتبه . بعد دقائق دخل اليه سكرتيره الخاص, أو كما يسميه .. يده اليمنى ورجل المهمات الصعبة (فهد) . فهد : سيدي .. كان هناك بعض الأوراق الهامة لاجتماع الغد ,, هل أحضرها لك ؟. أنزل كفه الذي أسند به رأسه وقال : لا .. ليس الآن . فهد في تردد : ما الأمر سيدي .. أقصد أنها أصبحت في قصرك الآن , فما الذي يثير قلق سموك ؟. نظر الى بعض الأوراق أمامه وقال : لم تُصبِح لي بعد . فهد بثقة : تأكد بأن باقي الخطة ,, ستمضي كما أمرت بها سيدي , وسيُطلقها زوجها في الأيام القليلة القادمة . رفع بصره ونظر بحدة الى فهد قائلا: ان وصفته بزوجها مرة أخرى فستندم . فهد وهو يطأطئ رأسه أسفاً : آسف سيدي . وفي الجانب الآخر وتحديدا في قاعة حفل الزفاف .. وقف خالد مذهول من عدم دخول عروسه . انتظر طويلا على الشرفة ولم تظهر .. فتحرك مسرعا ليعرف ما الأمر . فوجد والدة يارا تقف بقلق وتوتر في مدخل القاعة, تحاول فتح ظرف قد أُغلق بإحكام و قد كان مُلقى في مدخل العروس. خالد : ما الأمر خالتي .. ألم تجهز يارا؟ . أم يارا بكل توتر تفتح الظرف لتُخرج ورقة .. قد كُتِب عليها التالي: أبي , أمي .. أنا آسفة .. حاولت كثيرا أن اخباركم بأني أحب شخصا آخر , ولكن الأمور مضت بسرعة و أنا لا أستطيع أن أُتِم هذا الزواج , فحقا لا أود أن أظلم نفسي .. أو أن أظلم شخصا آخر معي . سامحوني .. ابنتكم : يارا . ما ان قرأت أم يارا هذه الكلمات .. حتى سقطت أرضا مغشيا عليها .. تجمعوا النساء حولها بسرعة في حالة من الفزع والتساؤلات الكثيرة التي أخذ الهمس بها يرتفع حتى ملأ الصالة . أما خالد فقد التقط تلك الورقة وقرأ محتواها فجن جنونه ورماها , ثم خرج فورا من القاعة في وسط ذهول الجميع . نُقلت أم يارا الى المشفى , وقد انتشر خبر هرب يارا مع عشيقها بسبب تلك الورقة التي تنقلت بين أيدي النساء , فأصبحت حديث أفواههم . أما والد يارا.. و الذي رافق والدتها الى المشفى , فقد كان في حالة انهيار تام , ولا يلازم لسانه سوى قول : يا ليتها ماتت .. يا ليتني لم أنجبها . كان ليارا أخ واحد اسمه (طراد) , وقد كان يصغر يارا بسنة واحدة فقط .. فهو في الخامسة و العشرين من عمره , شاب ذو عقلية متفتحة جدا , يدرس الماجستير في الخارج , وهو أقرب شخص ليارا في الحياة . عاد فقط الى أرض الوطن ليشارك أخته فرحتها بزفافها .. ولكنه الآن في مركز الشرطة .. قال يُحدِث ضابط الشرطة : أنا متأكد من أن أختي قد اختطفت .. لما لا تتحرك للبحث عنها . الضابط ببرود : يُوجد أدلة تؤكد بأنها هربت مع رجل آخر .. وهذه مشاكل عائلية لا يحق لنا التدخل بها . علا صوت طراد : أنا أعرف أختي جيدا .. وهذه الرسالة لا تدل على شيء , ربما أحدا آخر هو من كتبها . الضابط (بنبرة حادة) : اخفض صوتك أو لا تلوم الا نفسك . طراد بيأس : أرجوك .. أن كنت لا تقبل بفتح تحقيق في حادثة اختطاف .. فالتكن حادثة اختفاء ,, أرجوك أنا أعرف اختي جيدا , من المستحيل أن تفعل ذلك . الضابط ( وقد أثار طراد عاطفته) : أخ طراد .. اهدأ قليلا , تأكد بأني سأفعل ما بوسعي , وسأجعل المختصين يتحققون من الخط الذي كُتبت به هذه الورقة ,, وسأوافيك بالنتيجة في أقرب وقت . خرج طراد وما زال الهلع والخوف على أخته يسريان في جسده .. ركب سيارته متوجها الى المشفى ليطمئن على والدته ووالده .. وفي طريق كان يتذكر يارا وهي تتحدث معه على كاميرا هاتفها النقال حين كان في الخارج .. وتصف له سعادتها بتطور الأمور بينها وبين خالد , ويتذكر حديثها عن التحضيرات لحفل الزفاف وكم كانت حريصة على أدق التفاصيل , صرخ شعوره بالخوف قائلا : أين أنتِ يارا .. أين أنتِ ؟!!!! رن هاتفه النقال ليقطع حبل أفكاره .. فنظر الى الشاشة ( خالد زوج يارتي يتصل بك ) : ألو . خالد : السلام عليكم طراد . طراد : وعليكم السلام . خالد بقي صامتا لمدة : ...... طراد : خالد.. أياَ كان ماتُحاول قوله فأنا متأكد بأن يارا أختي لا تفعل ذلك .. صدق أو لا تصدق افعل ما شئت . خالد : أردت أن أخبرك فقط بأن ورقة طلاقها ستصلكم قريبا . طراد بعصبية : اذن عجِل بها . ثم أغلق الهاتف و رماه بعيداعنه . . . و بعيدا عن كل هذه الضجة .. هناك في قصره الهائل , وفي جناحه الخاص , وتحديدا في أعلى شرفته , يقف وعيناه الحادتين تستقران على شرفة الجناح الملتصق بجناحه . لا يُصدق بأنها موجودة في قصره , وان الجناح المخصص لها أخيرا .. هي تنام في داخله , أخذ يتذكر أول لقاء بينهما .. كان قبل خمسة أشهر , كانت يارا ما زالت تعمل في الجمعية الخيرية لخدمة المجتمع . و كان ذلك في احتفال بنجاح احدى المشاريع الخاصة بجمع كِسوة الشتاء للمتعففين . وكان الاحتفال قد أقيم في احدى الحدائق المرموقة والخاصة باحدى شركاته . في أحد أركان الحديقة كانت تقف يارا مع صديقتها والمشرف على عملها , وكانت توجه كلامها الى احدى السيدات التي تسأل عن أعمال الجمعية .. يارا : نعم سيدتي .. جمعيتنا تدعم كل الأفكار الشبابية لخدمة المجتمع بل وأيضا تُقدم لهم دورات تدريبية عليها ساعات تطوعية تُحسب في صالحهم وتُضاف الىخبرتهم , وذلك لتوجيههم الى الطريق الصحيح الذي يخدمون من خلاله المجتمع . روان (صديقة يارا تهمس في اذنها) : يارا .. انظري هناك , هذا السيد (منصور) رئيس جميع شركات (العالي) و أولهم الشركة التابعة لها جمعيتنا . كان طويل , وسيم جدا , وملامحه حادة .. ولكن الحدة في عينيه تتفوق على باقي تفاصيل وجهه .. له نظرة ثاقبة و كأن قوة العالم اجتمعت في عينيه , بارد و هاديء في الظاهر , ومن المستحيل أن تعرف ما الذي يدور في رأسه . إن تحرك أمامك .. فيجب أن تعلم بأن كل حركة يقوم بها مدروسة بدقة .. تواجده في أي مكان يثير رعب الجميع , رغم أنه لا يتواجد كثيرا الا في الاحتفالات الخيرية . نظرت له يارا مطولا ثم قالت لروان : هل هذا هو حقا ! .. لم أتخيل أن يكون شاب . روان : يقولون بأن مظهره شاب بسبب رفاهيته .. أذكر أن المشرف أخبرني بأنه في منتصف الثلاثينات . قاطع حديثهما المشرف وهو مربك : يا الهي هذا منصور العالي .. ( ثم أكمل في توجيه حديثه الى يارا و روان) أنصتوا الي جيدا: حين يأتي الى هنا أود أن تضيفوه من طبق الشوكولاتة الموضوع على الطاولة ,, ثم أحسنوا الحديث بكل ثقة عن الجمعية ونجاحاتها , يُهمنا أن تلتقط لنا عدسات المصورين بعض الصور معه لصُحف الغد . توجه منصور وسكرتيره الخاص فهد تتبعهم عدسات المصورين الى الركن الذي تقف فيه يارا وصديقتها .. بدأت يارا تشرح له مدى النجاح الذي وصلت اليه أعمال الجمعية , وكانت تحاول أن تُبقي عيناها ثابتة في عينيه لتُظهرثقتها العالية أمامه .. وكم كان الأمر صعبا أمام نظراته الثاقبة . أما رئيس مجموعة شركات العالي (منصور العالي) فقد كان مبهور من تلك الثقة أمامه , ومن الجمال النقي , وأخذ يتساءل في نفسه وهو لا يستطيع أن يُبعد نظره عنها .. هل حقا عيناها مشرقتان الى هذه الدرجة! . قامت روان بقرص يارا لتقوم بضيافة منصور كما أمرهم المشرف .. ومن شدة ارتباك يارا مدت يدها الى طبق الشوكولاتة , وأخذت واحدة منها ومدت يدها بها الى منصور .. وقالت : تفضل . فتدخلت روان وهي تبتسم لمنصور قائلة : دعيه هو يختار من الطبق . فأسرعت يارا بإرجاع الشوكولاتة في الطبق بخجل وقالت : عذرا .. تفضل انت بالاختيار . فركز منصور نظراته على يارا أكثر وقال : أعطني التي اخترتها لي مسبقا .. فلن أختار سواها . أسرعت يارا بسحب حبة الشوكولاتة و قدمتها له .. فأخذها وهو يقول قاصداً: شكرا لكِ يا .. فقالت : يارا .. اسمي يارا . منصور : شكرا يارا .. أسعدني لقائك . يارا : و أنا أسعد . ثم تحرك منصور وعدسات الكاميرا لم تتوقف عن التقاط صور رئيس مجموعة شركات (العالي) . و ما ان صعد الى سيارته الخاصة والتي يقودها سائقه الخاص حتى قال : أود تقرير مفصل عنها . فهد وهو يرتب بعض الأوراق في المقعد الأمامي : أعتقد بأني قد وضعت هنا تقرير مفصل عن هذه الجمعية يشمل .. قاطعه منصور قائلا : أنا أتحدث عن يارا . فهد بلا تركيز أجاب : نعم يارا ..( ثم تدارك الحديث) .. ماذا ! .. يارا ؟؟!! منصور بثقة : نعم .. هي موظفة في تلك الجمعية , أود تقرير مفصل عنها . . . . . الى هنا سيتوقف الفصل الثاني من (عروس النار) .. ترى كيف ستكون مواجهة يارا برئيس مجموعة شركات العالي؟! و ما الذي فعلته له .. حتى يُدمر حياتها بهذا الشكل المريع ؟! وتُرى ماذا ستُخبيء لها أيامها القادمة في قصره الهائل !! و هل سيُطلقها خالد حقا ؟.. أم ستظهر براءتها ؟! تابعوا كل هذا وأكثر في الفصل الثالث من رواية (عروس النار) .. فكونوا بالقرب . بقلمي سارة بنت طلال |
الفصل الثالث تقف بفستان زفافها الأبيض بين ستائر الشيفون الشفافة ..و تشير لحبيبها الذي يراقبها من خلف الستائر و يبتسم لها و يناديها , ثم يحاول العبور اليها من خلف الستائر , فتقترب منه في محاولة منها للمس يديه بيديها . ولكن الستائر تقف عائقا بينهما .. تمشي وتمشي بين الستائر , هي تبحث عن مخرج يرميها في أحضانه , و هو يتتبع لمساتها بكفوفه بين الستائر .. ولكن الهواء قرر مراقصة تلك الستائر ..فراحت أطرافها ترمي به بعيدا عن حبيبته فضاعت منه و ما عاد يلمح خيالها .. وهي .. نظراتها تزداد توترا وخوفا , ما زالت تحاول سحب الستائر ولكن لا آخر لها , أخذت تركض بجنون تحارب طبقات الشيفون .. حتى اصطدمت بصدره فغمرته .. ورفعت وجهها اليه .. تريد أن تعانق بنظراتها عينيه ..فتفاجأت برجل مُظلم , هو ليس هو , ولكن لما يُحاصرها بيديه! .. . . استيقظت يارا من حلمها الغامض صارخة : خااااااااااالد . جاكلين اسقطت الكتاب الذي بين يديها , وفي حركة سريعة قامت من على الكرسي و توجهت الى يارا : سيدتي .. هل أنتِ بخير؟. يارا في فزع : من أنتِ ؟؟ و لما أنا هنا ؟ ماذا فعلتم بي؟؟. جاكلين : ارجوكِ اهدئي .. أنتِ بخير . أخذت جاكلين كوب الماء الموضوع بالقرب من سرير يارا : سيدتي تناولي بعض الماء .. وهدئي من روعك . دفعت يارا كوب الماء الذي بين يدي جاكلين فوقع أرضا , وصرخت بها : ابتعدي .. لا أريد منكم شيئا . ثم حملت احدى الزجاجات الحادة والمتناثرة من كأس الماء المكسور , و قفزت من السريربسرعة مندفعة الى احدى أركان الغرفة بفستان زفافها الذي أبت أن تبدله لها جاكلين بالليلة الماضية . صرخت وهي تُهدد : ان اقترب مني أحد سأقتل نفسي .. لا تقتربي . جاكلين في حالة فزع : لا سيدتي .. اسمحي لي أن أشرح لكِ .. رجاءً ... اهدئي رجاءً . يارا وهي تصرخ : ابتعدي .. ابتعدي . جاكلين بتوتر : حسنا لن أقترب .. فقط اتركي الزجاج من يديكِ , و وعد مني لن أقترب . يارا يزداد بكائها : لا لن أتركه .. اخرجي من هنا بسرعة .. اخرجي . خرجت جاكلين بسرعة خوفا من تهديدات يارا .. فأغلقت يارا باب الغرفة بالمفتاح . خرجت جاكلين من جناح يارا بخطوات مسرعة متوترة وفزعة وتوجهت الى مكتب منصور في الدورالأول , ودون أن تطرق الباب دخلت . منصور نظر اليها بغضب : لما لم تطرقي الباب . جاكلين بأنفاس متقطعة : سيدي .. سيدي .. السيدة يارا ! .. منصور بقلق : ما الأمر ؟! جاكلين : هي تُمسك بزجاج الكأس المكسور .. و تهدد بالانتحار . منصور لم ينطق بكلمة وبلا أي مقدمات انتفض من مكانه و ركض في اتجاه جناح يارا . دخل الى الجناح وتوجه الى غرفة النوم .. حاول فتح الباب ولكنه مُغلق , طرق الباب ولكن لم يسمع منها رداً . جن جنونه فاندفع بقوة واصطدم بالباب وكسره .. دخل فوجدها تنظر له بتحدي وهي تغرز ذلك الزجاج في عروق معصمها وتسقط أرضا أمامه . ذهب اليها بسرعة وحملها وهو يصرخ : جاكلين اطلبي الطبيب اسرعي . يارا بين يديه تنظر للدم المتدفق من معصمها وتعود بنظرها اليه .. تحاول التحدث أو ابعاده لكن ما زال الذهول يسيطر عليها , وكل ما يدور في بالها ..لما هذا الرجل هنا ؟! . . . في المشفى .. طراد : أمي أرجوك توقفي عن النحيب كأن يارا قد ماتت لا سمح الله . أم يارا والدموع على وجنتيها ترفض الطعام والحديث :.... طراد : لا أعلم لما تفعلين هذا بي .. كلي القليل فقط لتتحسني . والد يارا يتدخل : كلي يا امرأة .. ابنتك مع عشيقها الآن وان مُتي لن تكترث لأمرك. طراد وهو ينظر لوالده بنظرة بائسة : يا الهي .. ماذا حدث لكما , كيف تعتقدون بأن يارا قد تفعل ذلك . والد يارا : أنا لم أنجب ابنة قط .. فلا تذكر لي اسمها . ثم عاد بنظره الى والدة يارا ووقف متجها الى الباب وهويُكمل قائلا : اهتمي بصحتك ان أردتِ العودة الى المنزل .. أما أنا فسأعود من الآن .. وحين أخرج من هذه المشفى سأقول لجميع الناس بأن ابنتي ماتت . أما والدة يارا فظلت تلتزم الصمت . وضع طراد يديه على رأسه وهويحاول السيطرة على أعصابه , والسؤال الوحيد الذي يشغل باله ..أين هي يارا ؟! . . . عادت يارا للنوم من جديد بعد أن أعطاها الطبيب ابرة مهدئة ليستطيع تقطيب و خياطة الجروح في معصمها . كان منصور يقف بجانب النافذة المطلة على الحديقة وبقي طوال الوقت ينظر الى الخارج معطيا ظهرة للطبيب وهو يعالج يارا . الطبيب وهو يزيل القفازات موجها كلامه لجاكلين : حسنا انتهينا .. سآتي غدا لمتابعة حالتها . التفت منصور الى الطبيب وقال : كيف هي الآن . الطبيب : لا تقلق سموك ستكون زوجتك بخير .. ثم أكمل يوجه كلامه للممرضة المرافقة له : بدلي لها ملابسها؟ . جلس الطبيب على الكرسي بجانب سرير يارا وهو يكتب الوصفة الطبية لبعض الأدوية المسكنة للألم . نظر منصور بحدة للممرضة وقال : انتظري . ثم عاد بنظره الى الطبيب وقال : اخرج حتى تستطيع أن تبدل لها ملابسها . الطبيب بخجل : عذرا أنا فقط سأكتب الوصفة الطبية و أخرج . منصور : اكتبها في الخارج . خرج الطبيب وتبعه منصور , وبقيت جاكلين لتساعد الممرضة في تبديل ملابس يارا . ما ان خرج منصور حتى اندفع اليه فهد يسأل عن حال يارا فأجابه : خذ الوصفة الطبية من الطبيب .. ثم اتبعني الى المكتب . جلس على كرسي مكتبه وهو في غاية الاحباط والقلق .. بعد عشر دقائق دخل اليه فهد ونظر اليه ثم قال : يا الهي كم ذلك الطبيب مزعج .. هو يشك بأنها حادثة انتحار , وقد أخذت وقتاً طويلا لأقنعه بأنها ليست كذلك . انتبه فهد لشحوب وجه منصورفسأله : سيدي .. هل انت بخير ؟. منصور دون أي مبالاة لسؤاله : أحضر لي ملفات العمل كلها .. حتى التي أجلتها سابقا . فهد : ربما يجب أن ترتاح قليلا . منصور بحدة : نفذ أوامري رجاءً . فهد بقلة حيلة : حسنا . بقي منصور يعمل في مكتبه طوال اليوم .. حتى أنه قام بإلغاء موعد وجبة الغداء ومضى الوقت حتى قام بالغاء وجبة العشاء أيضا , وصار الوقت يمضى دون أن يتوقف منصورعن العمل . في الحادية عشرة تماما.. اتجه نحو الجناح الخاص به , دخل الى غرفة نومه واتجه مباشرة الى الشرفة , أخرج سيجارته وبدأ يُدخن وعيناه على شرفة جناح يارا الملاصق لجناحه . كاد أن يختنق من وحدته , فسأل سيجارته : تُرى كيف تتخيلي قصتنا ؟! وحين نفث الدخان من فمه وجده قد تشكل برسم ملامح يارا أمامه , فرمى سيجارته وأخذ يُشتت سُحب الدخان بغضب ويقول : لا تحاول أيها الدخان .. فلا أحد يحفظ ملامحها مثلي . ثم دخل الى غرفته وأغلق الشرفة و تعارك مع القلق حتى نام . في اليوم التالي .. جاكلين : سيدتي يارا .. قدأخبرتك بكل ما أعرفه صدقيني.. السيد منصور لديه الأسباب التي جعلته يجلبك الى هنا , بإمكانك سؤاله عنها ومؤكد سيجيبك .. لذا أرجوكِ .. كلي القليل من وجبة الافطار حتى تأخذي الدواء المسكن .. فمهمتي هنا أن تبقي في أحسن حال وبصحة جيدة . يارا تنظر الى جاكلين بتوسل : اذن أرجوك أخرجيني من هنا . جاكلين : صدقيني هذا ليس بيدي . يارا : حسنا .. دعيني فقط أتصل بوالدتي .. أخبرها بأني بخير . جاكلين : أعدك بأن أتحدث مع السيد منصور بشأن هذا .. لكن عليك أن تأكلي أولا . يارا بتحدي : ساعديني على النهوض اذن .. لأني سأتحدث مع ذلك المعتوه بنفسي . جاكلين : حسنا سيدتي .. ولكن عديني بأنك ستتناولي الطعام بعد ذلك . يارا : حسنا سأتناوله .. والآن ساعديني . بعد أن خرجت يارا من دورة المياه .. قالت لها جاكلين : تفضلي معي الى غرفة الملابس . ثم قادتها الى الغرفة المجاورة في نفس الجناح . بدأت يارا تُلاحظ فخامة الجناح وديكوراته ,, كان يغلب عليه الطابع الكلاسيكي .. ويبدو بأن الأثاث قد صُمم خصيصا ليتلاءم معه . واللون العودي الداكن يكتسح أغلب ديكورات الجناح , والأسقف المنقوشة والعالية يتدلى منها نجف الكريستال اللامع , و كل ركن يرتفع بعامود شاهق على شكل قلم قد تزين بكتابات ذهبية بخط النسخ العربي . واللوحات على الجدران كأنها تقول .. اقتربي فداخل كل برواز قصة . رغم حالة يارا النفسية السيئة الا أنها كانت مبهورة بالأناقة الفاخرة في ذلك الجناح . انتبهت جاكلين لتأخر يارا فأخرجت رأسها من غرفة الملابس قائلة : سيدتي تفضلي من هنا . دخلت يارا الى غرفة الملابس لتفاجأ بمساحات شاسعة من الرفوف والأدراج و مانيكانات العرض التي كانت تتزين بـ أفخم أطقم الإكسسوار . وكان كل شيء قد ترتب على حسب تصنيف المناسبات التي تلائمه . جاكلين : سيدتي .. ماذا تُفضلي أن تلبسي , يُوجد هذا البنطال الأبيض .. أعتقد بأنه سيكون مريح في فترة الصباح ما رأيك؟ .. ثم أكملت تقول : ولكني أميل الى ذلك الفستان الأصفر هناك .. أشعربأنه سيُناسبك أكثر . يارا ما زالت علامات التعجب بادية عليها : لمن هذه الملابس ؟! هل هي لكِ؟. جاكلين : لا سيدتي .. هذه كلها لكِ أنتِ . يارا : ماذا!! . انطلقت يارا تُبعثر الملابس وهي تحاول رؤية المقاسات .. ثم صرخت : ياالهي !! .. ثم وجهت نظراتها الى جاكلين وأكملت قائلة : أنتِ ! .. أخبريني من اشترى كل هذا ؟. جاكلين : السيد منصور فعل ذلك سيدتي . أمسكت يارا بأكتاف جاكلين وجذبتها قائلة : كيف عرف مقاسي؟! .. ولماذا؟ .. أخبريني لماذا ؟ . ثم انهارت وسقطت أرضا وهي تبكي وتقول : هل يعتقد ذلك المعتوه بأني سأبقى هنا .. ماقصته ؟ّ! ليُخبرني أحد ما قصته؟!!! احتضنت جاكلين يارا وهي في غاية الحزن على حالها . وبقيت يارا تبكي حتى قررت أن تستجمع قواها مرة أخرى وتُبعد جاكلين عنها وتقول : حسنا .. أعطني أي شيء ..سأرتدي أي شيء وليكن ذو أكمام طويلة .. وسأنزل لمقابلته , فأنا أرغب في ايجاد اجابة على سؤالي . بدلت يارا ملابسها .. ثم أخذت تبحث في تلك الرفوف عن حجاب تُغطي به شعرها , لطالما آمنت دوما بضرورة الحجاب وأهميته للمرأة .. لكنها لم تجد أثناء بحثها سوى شال شتوي قامت بلفه على رأسها لعله يفي بالغرض . ثم نزلت تتبع جاكلين التي اتجهت بها الى مكتب منصور .. كانت يارا تحاول جاهدة أن تُشجع خطواتها على المشي , حيث تبادر الى ذهنها ذكرى حديث مشرفها في العمل , عن شخصية رئيس مجموعة شركات العالي . كان يصفه في احدى اجتماعات فريق العمل بالجمعية قائلا : هذا الرجل لايعرف الرحمة أبدا .. فهو حين يُضارب بأسهمه في السوق , لابد أن تسمع بعدها بأيام معدودة وفاة أحد رجال الأعمال بالجلطة جراء خسارة أسهمه أمامه .. هو يملك نصف البلد بمعنى كلمة النصف , كما أن المناقصات التي يدخل بها .. لا يجرؤ أحد على منافسته عليها والا أطاح بشركته و أوصلها الى حد الافلاس .. حتى أنه يشاع بأنه ذات مرة , جلد أحد السائقين الخاصين به بالسوط لأنه تسبب في تأخره عن رحلته المتجهة الى منهاتن.. من ما تسبب في خسارته للمرة الأولى في حياته لإحدى المناقصات الهامة . كانت يارا تحاول ابعاد صوت مشرفها الذي أخذ يعلو في رأسها وهي توشك على مقابلة ذلك الرجل المرعب الذي اختطفها وانتشلها من أحضان فرحة عمرها . وها هو باب مكتبه الشاهق ينفتح أمامها ليصدح صدى صوته في أرجاء القصر الضخم الهائل حولها .. . . . . . . . ترى كيف سيكون مقابلتها بمنصور ؟! وترى ما اجابة سؤال يارا .. وما رد منصور العالي عليه ؟! و تُرى من الذي سيُفجر تواجده وحضوره.. مفاجأة لم نتوقعها في ذلك القصر الهائل ؟! انتظروا الفصل الرابع .. فبه من التشويق ما يستحق الانتظار . بقلمي سارة بنت طلال ملاحظة : سيكون موعد الفصل الرابع باذن الله .. يوم الأربعاء القادم . تحياتي للجميع مع تمنياتي لكم بقراءة ممتعة . |
الفصل الرابع أغلق طراد هاتفه النقال وعلامات الذهول بادية على ملامحه , عيناه تلمع بحزن وتبرق خطوطاحمراء داخلهما , والاصفرار الذي اكتسح وجهه يتساءل : كيف يحدث هذا ؟! أخذ يتذكر المكالمة في محاولة لتفسير كلمات ضابط الشرطة .. الضابط : أخ طراد .. أردت أن أرد عليك بشأن تقرير خبير الخطوط في الأدلة الجنائية , أعني بخصوص خط اليد على الرسالة .. طراد : أخبرني رجاءً .. هل هو مطابق لخط أختي ؟! . الضابط : نعم سيد طراد هو مطابق تماما للأوراق التي أحضرتها لنا بخط أختك الأصلي .. عدى عن أننا قد رفعنا جميع البصمات عن الورقة وكانت بصماتها من ضمن تلك البصمات المرفوعة . طراد : مستحيل .. هل أنت متأكد ؟! . الضابط : بالطبع.. وهناك تقرير مفصل بذلك من علماء الأدلة القضائية في قسم الأدلة الجنائية لدينا , في حال أردت الاطلاع على التفاصيل . طراد : شكرا .. صرخ طراد .. لعل صراخه يعلو على صراخ كلمات ذلك الضابط في رأسه .. ولكن .. . . . كان هذا حال يارا أيضا وهي تحارب حديث مشرفها عن أمير هذا القصر الذي يغمرها بأرجائه الشاسعة .. كانت تبدو كالنقطة أمام كل شيء فيه .. تلك اللوح البارزة التي تم رسمها ونحت إطاراتها بدقة داخل الجدران .. وتلك التماثيل المذهبة التي تُزين الأعمدة المتفرقة في كل مكان حولها .. والأرضيات كانت تلمع بأناقة البورسلان بصفائه من جهة , و بزخرفات زواياه من جهة أخرى . كانت تتبع جاكلين الى حيث يوجد مكتب منصور .. وكانت يارا كلما ازداد انبهارها بأناقة ديكورات القصر كلما زاد خوفها من صاحبه وعلا في رأسها حديث مشرف عملها عنه . حتى توقفت جاكلين أمام باب شامخ العلو , عريض باللون البيج المائل الى الرمادي .. وأكرة ذلك الباب الذهبية يكسوها الكريستال اللامع . طرقت جاكلين الباب ثم انتظرت قليلا و فتحته ليصدح صدى صوت ذلك الباب بعلوه الشاهق في أرجاء القصر الضخم الهائل حولها.. . . . كان منصور كعادته حين ينتابه الشعور بالملل و يستغرق في التفكير العميق , يستدير بكرسي مكتبه ليتأمل الكون من خلف نافذته الزجاجية الكبيرة والتي تُزين خلفية مكتبه . نظراته الحادة و ملامح وجهه الجادة .. قد لا توحي لمن يراه على تلك الحالة بأنه يتأمل , بل ربما يعتقد بالرغم من هدوئه الظاهري بأنه قد ينفجر في أي لحظة , ويصرخ بالشمس ليسألها : ما ان كانت تتطفل على وحدته بأشعتها ؟!! .. منصور يسمع طرق الباب فيرد بكل هدوء : ادخل . جاكلين بلباقة : عذرا سيدي .. لكن السيدة يارا تقف عند الباب , هي تود مقابلة سموك . يستدير منصور بالكرسي ليواجه جاكلين : يارا ! .. ثم أكمل بعد لحظات من الصمت قائلا : حسنا .. دعيها تدخل . وحين هبت جاكلين بالخروج لتُدخِل يارا .. استطرد قائلا : دعيها تدخل , ثم اخرجي وأغلقي الباب . جاكلين بتأكيد : بالطبع سيدي سأفعل . دقائق معدودة ودخلت يارا .. كانت يارا تحاول أن تميز ملامح منصور على الكرسي .. فكان تمييزها له صعب , نظرا لانعكاس أشعة الشمس من النافذة التي تستقر خلفه . ولكن ما شتت انتباهها عنه هو ذلك المنظر من خلف النافذة .. كانت ترى حديقة غناء بكل ما تعنيه الكلمة .. و أسوار تلك الحديقة ترتفع بشلالات مياه من كل الاتجاهات التي تحيطها . قاطع منصور ذهولها قائلا : كيف أنتِ الآن ؟! . يارابصوت قطع الخوف حروفه : هل من الممكن أن ..أن تُخبر .. تُخبرني لما أنا هنا ؟! . منصور طال صمته لحظات ثم قال : ما هذا الذي على رأسك ؟! . يارا تحاول ترميم الحروف في اجابتها لتقول : هو حجاب . منصور باندهاش : حجاب ماذا ؟! . يارا : أنا فتاة محجبة . وقف منصور من مكانه وأخذ يتجول بخطواته ونظراته حول يارا .. حتى عاد مرة أخرى مستديرا ومقتربا بهدوء باتجاه النافذة ووقف ونظراته تستقر على ذلك المنظر خلفه . ثم سألها ببرود قائلا : ولماذا تحتجبين عني ؟! تفاجأت يارا بسؤاله فأجابت بحدة : لأن ليس لك الحق في أن تراني . مضت دقائق وكاد الصمت أن يطول دون أن يتحرك منصور حركة واحدة أو يتحدث .. الا أن يارا استجمعت قواها مرة أخرى وقالت بنفس الحدة : أنا امرأة متزوجة و ليس هناك شخص على وجه هذه الأرض يحق له أن يراني بكامل زينتي سوى زوجي ومحارمي فقط .. منصور : .......... ما زال غارقا في صمته متخذا نفس الوضعية أمام نافذته . وصمته هذا استفز يارا بشدة من ما جعلها تُكمل قائلة : والآن أخبرني لما أناهنا ؟ّ .. أريد أعرف السبب .. لماذا دمرت لي حياتي و افسدت حفل زفافي وأحضرتني الى هنا؟! .. لماذا خصصت لي جناح خاص ؟ .. ولما كل تلك الملابس في الأعلى تحمل مقاساتي لماذا ؟؟! . ثم بدأت يارا تنهار وتبكي و هي تُكمل سرد أسئلتها عليه : ماذا تريد مني ؟! .. أنا حتى لا أعرفك .. لم أراك سوى مرة واحدة في حياتي .. أرجوك أخبرني ما الخطأ الذي فعلته وجعلك تجلبني الى هنا , أرجوووك أخبرني . وبدأ صوت بكائها يعلو .. حتى قرر منصور أن يتحرك و يتجه الى مكتبه , وقام بضغط زرعلى الهاتف ليستدعي جاكلين من خلاله . لم تمضي ثواني حتى دخلت جاكلين وما زالت يارا تبكي .. منصور بهدوئه المعتاد : جاكلين .. خذي السيدة يارا الى جناحها لترتاح , وأعدي لها الشاي حتى تهدأ , ولا تجعليها ترتدي الحجاب مرة أخرى والا ستكونين أنت الملامة على ذلك . جاكلين بتوتر : حسنا سيدي . بقلمي سارة بنت طلال ملاحظة : نظرا لطول هذا الفصل .. قررت تقسيمه الى قسمين , انتظرواباقي الفصل في صباح الغد باذن الله . |
الفصل الرابع (2) ما ان اصطحبت جاكلين ياراوخرجت بها من مكتب منصور .. حتى أخذ منصور يمشي ذهابا وايابا بخطوات مسرعة في أرجاء مكتبه وقد بات القلق أسير عينيه . وفجأة رن هاتفه النقال فتناوله بسرعه ورد قائلا : فهد .. من الجيد أنك اتصلت , اريدك أمامي في غضون خمس دقائق فقط . ثم أغلق الهاتف دون أن يستمع لرد فهد عليه .. بعد ربع ساعة .. انفتح الباب ودخل فهد مسرعا متوترا ليسأل منصور : سيدي .. ما الأمر , هل يتعلق الموضوع بإحدى أسهمنا في السوق ؟! منصور : تأخرت عشر دقائق ! . فهد بتوتر : انظر سيدي (رفع فهد بنطاله عن قدميه وأكمل قائلا) : اقسم اني ارتديت ملابسي وأتيت بأسرع ما يُمكن , حتى أني لم أرتدي جواربي كما ترى . منصور : لم أستدعيك بخصوص العمل .. فهد : اذن ما الأمر سموك ؟! . منصور : هل طلقها ؟! فهد بتوتر وقلق : احم .. لا سيدي .. ليس بعد . منصور : قلت لي سابقا .. بأن الأمور تمضي كما خططنا لها .. أخبرتني بأنه سيطلقها في غضون يومين فقط . فهد : سيدي قد كان تعبيرا مجازيا .. مؤكد سيفعل ولكن الأمر لم يمضي عليه سوى بضعة أيام . منصور : منذ متى و مخططاتنا تعتمد على التعبيرات المجازية !! .. هه هذا و أنت تعرف بأني دقيق جدا فيما يختص بالوقت !! . فهد يطأطئ رأسه : لكن سيدي الأمر .. قاطع منصور فهد دون أي مبالاة قائلا : أحضره لي . فهد : ما هو ؟! . منصور وهو يجمع بعض الأوراق التي أمامه : أنت تعلم جيدا عن ماذا أتحدث .. اليوم و في تمام الساعة الثامنة مساءً أريده أمامي . فهد: لكن سيدي .. أنا متأكد ان تحلينا بالصبر قليلا , ستمضي الأمور على مايرام . منصور وهو يركز نظراته الحاده على فهد : هذا ليس اجتماع للنقاش .. هذا أمر . فهد ببؤس : حسنا سيدي .. هل يوجد أوامر أخرى لسموك؟! . منصور : نعم .. هذه الملفات والأوراق التي أحضرتها لي البارحة .. قد أنهيت العمل عليها , ولكني بحاجة الى تقارير مفصلة أكثر بشأن فرعنا في باريس , فأعمل على ذلك .. أنا أريد تلك التقارير في نهاية الأسبوع القادم .. مفهوم؟. فهد : بالتأكيد سيدي . منصور : بإمكانك الذهاب الآن , ولقاءنا في تمام الثامنة . فهد : أحضره هنا ؟ الى القصر؟. منصور: أحضره الى منزل الضيافة في الفناء الخلفي للقصر . . . . تنظر في زوايا غرفتها تتجول بهلع في ذلك الجناح الذي أصبح لها في ليلة وضحاها , تفتح الغرفة الخاصة بالملابس وتدور في داخلها , تُبعثر كل شيء وخلفها امرأة تُتابعها وتتبعها , استيقظت فجأة لتعرف أنها مرافقتها الخاصة . أخذت يارا تسأل بتعجب : لماذا .. لماذا ؟؟ هل أنا هنا لأكمل مجموعة مقتنياته !! هل يريد سيدة تُظهر جمال ديكوراته ؟ أم تحفة تتجول في ارجاء قصره ! .. لا أصدق ما يحدث .. حتى أنه لا يريد أن أرتدي حجابي .. نعم لا يريد .. وليس بالبعيد !! أن يجبرني ذلك الفرعون على عبادته .. التفتت يارا وأمسكت بكتفي جاكلين وقالت : لماذا بقي صامتا هكذا ؟! .. اخبريني من هذا الرجل .. تكلمي .. من سيدك ؟!! جاكلين تحاول تهدئة يارا : سيدتي أرجوكِ .. اهدئي قليلا .. السيد منصور ليس سيئا الى هذا الحد ,, ربما لم يجيبك لأن حالتك هذه لا تسمح بالحوار بينكما . يارا تصرخ : أنا لست سيدتك .. ولا أريد أن أتحاور من أحد أريد أن أخرج من هنا .. ابتعدي . ركضت يارا باتجاه باب الجناح بنية الهرب من هذا القصر , ولكنها ما لبثت أن تفتح الباب حتى اصطدمت بصدر ذلك الطبيب الذي أتى لمتابعة حالتها الصحية . الطبيب بذهول يمسك بكتفي يارا حتى لا تقع ويسألها : هل أنتِ بخير . يارا تستكمل نوبة الغضب العارمة وتصرخ بأعلى صوتها : يا الـــــــــهي .. أخرجني من هنا , أريييييييييد أن أخرج . صراخها تسبب لها بالإعياء فخارت قواها لتنهار أرضا وهي ممسكة برأسها وهمست قائلة : أنا متعبة . جاكلين توجه حديثها الى الطبيب : أرجوك ساعدني لأدخلها للغرفة .. فهي لم تأكل شيئا الى الآن .. و لم تتوقف عن البكاء والصراخ منذ ان استيقظت . انحنى الطبيب بسرعة و حمل يارا الى غرفة نومها في ذلك الجناح .. وما ان وضعها على سريرها حتى تكومت على نفسها و رفعت أغطية السرير لتختفي تحتها مستسلمة للبكاء .. نظر اليها الطبيب بفضول شديد , ثم قال لجاكلين : عذرا .. هل لا استعجلتِ لي الممرضة , فحين كنت في طريقي الى هنا تذكرت بأني نسيت حقيبتي في السيارة وأخبرتها بأن تحضرها .. ولكنها تأخرت بعض الشيء . جاكلين : لا بأس .. سأرى أين هي . خرجت جاكلين فعاد الطبيب بنظره الى يارا .. تردد قليلا هل يتكلم أم يصمت , لكنه أخيراتكلم فقال : مدام يارا .. أنا لا أود أن تستمري على المهدئات و الابر المغذية.. قد فقدتي الكثير من الدماء بسبب حادثة انتحارك البارحة. يارا : ........... ( بقيت يارا صامتة وما زالت تبكي تحت أغطية السرير) . سكت الطبيب قليلا ثم أكمل قائلا : حقا لا أعلم لما عروس جميلة مثلك تنتحر في ليلة زفافها على شخصية مرموقة كالسيد منصور العالي . قاطع صوت منصور القادم من خلف الطبيب حديثه قائلا : و من قال لك أنها انتحرت ؟ هل لي أن أعرف ماذا تحاول أن تفعل هنا ؟! . وقف الطبيب بارتباك قائلا: أهلا سيد منصور ( ومد يده ليصافح منصور ولكن منصور نظر الى يده وتجاهلها ) . سحب الطبيب يده بإحراج وأكمل قائلا : كنت أحاول الحديث مع مدام يارا لأعرف سبب امتناعها عن الطعام . ألقى منصور نظرة على يارا التي لم ترفع الأغطية أبدا عنها ولم تهتم لتواجده , ثم التفت الى الطبيب وقال : تفضل معي . خرج الطبيب يتبع منصور حتى توقف في الممر خارج جناح يارا .. سأل منصور الطبيب وهو ما زال يعطيه ظهره : ألم يخبرك مدير مكتبي بأن زوجتي لم تنتحر ؟!. الطبيب : نعم سيدي لكن الأمر بدى لي غير ذلك .. أنا.. قاطعه منصور قائلا : ما علاقة الجمال بعملك كطبيب ؟! . الطبيب مستنكرا : الجمال !! منصور ببرود يعيد على الطبيب جملته : لا أعلم لما عروس جميلة مثلك تنتحر في ليلة زفافها على شخصية مرموقة كالسيد منصور العالي . الطبيب بارتباك : أنا .. لقد كنت .. لقد كنت أحاول فهم سبب حزنها الشديد وامتناعها عن الطعام . التفت منصور للطبيب وقال : أمامك خمس دقائق فقط لتصل الى بوابة قصري الخارجية وأنت سليم .. فأنا أحب أحيانا ممارسة الرماية من أعلى شرفتي , فلا تضيع وقتك في التبرير . وتحرك منصور متوجها الى جناحه فيما أخذ الطبيب يتصبب عرقا وهو يركض في أرجاء القصر وفي حالة هلع ليصطدم بالممرضة وجاكلين وقد أخذهما الحديث أثناء صعودهما الى الدور العلوي . قالت الممرضة بذهول من حال الطبيب : دكتور قد أحضرت الحقيبة . فصرخ قائلا : هيا بسرعة .. احضريها ودعينا نخرج من هنا بسرعة . حاولت جاكلين اللحاق بالطبيب الى الخارج ولكن أوقفها دوي صوت بندقية منصور من أعلى شرفته .. من ما اضطرها للتراجع بخوف والدخول مرة أخرى الى القصر. توجهت جاكلين بسرعه لتصعد الى الدور العلوي , ولكن سبقها صوت منصور وهو يصرخ باسمها . جاكلين في ثواني كانت أمام منصور الذي وقف في نفس الممر أمام جناحه وجناح يارا .. بخوف قالت : نعم سيدي . منصور غاضبا وثائرا : أين كنتي ؟! . جاكلين : أخبرني الطبيب أن أستعجل ممرضته التي تأخرت في احضار حقيبته من السيارة . منصور : هل تعملين لدي أم لدى ذلك الطبيب ؟! . جاكلين بخوف يكسوه الخجل : لدى سموك . دخل منصور مسرعا الى جناحه ليخرج مرة أخرى وقد أحضر السياط . اندفعت جاكلين تمسك بيده و تصرخ وتبكي قائلة : لا سيدي أرجوك .. لا تفعل هذا .. أرجوك . ولكن منصور دفعها عنه بحركة سريعة ورفع يده بالسياط .. ففتحت يارا باب جناحها وخرجت لتفاجأ بمنظر جاكلين الملقاة أرضا , مكسورة بضعف و غارقة في دموعها التي تتوسل في ذلك الوحش الثائر الرحمة . ما ان رأى منصور نظرات يارا له حتى أنزل يده بسرعة وألقى بذلك السياط أرضا ودخل مسرعا الى جناحه ليُغلق الباب بقوة أجبرت الحائط أن يرتعد أمامها . تعاطفت يارا مع حال جاكلين فأخذتها الى جناحها وأغلقت الباب . بقي منصور سجين غضبه , وحيدا مع عزلته , بقي يحاول تفسير نظرات يارا له .. لم يكن يعرف هل هي نظرات احتقار ! أم نظرات شفقة !! أم ماذا .. بقي محاصرا بنظراتها التي علقت في ذهنه .. حتى غطى المساء بردائه أطراف السماء , فقرر أن يُبدل ملابسه ويتحضر للذهاب الى الموعد المتفق عليه في الثامنة. . . . أمام منزل ذلك الزوج المكتئب وقف فهد ينتظر خروجه لتأدية صلاة المغرب .. خرج خالد وقد بدى لفهد بأنه بحالة جيدة .. اتجه فهد بسيارته اليه وفتح النافذة ليقول له : أيها الرجل الطيب .. هل لي بكلمة؟!. دنى خالد قليلا من نافذة السيارة وقال : تفضل . فهد بابتسامة : قد أرسلني اليك السيد منصور العالي , رئيس مجموعة شركات العالي المعروفة . خالد : أرسلك لي ! . فهد بثقة : نعم .. انت خالد سالم .. أليس كذلك؟!. خالد : نعم أنا هو . فهد : أعتقد بأن السيد منصور يريد التحدث معك بخصوص ربما العمل .. لا أعلم .. ولكن ما رأيك أن تأخذني لنصلي المغرب أولا , ثم تتبعني بسيارتك .. ان لم تمانع طبعا , ولتطمئن أكثر هذا كرتي الخاص كمدير مكتب السيد منصور . خالد يبتسم بسعادة قائلا : لا داعي لذلك .. تشرفنا أخي .. ويُسعدني كثيرا مقابلة رجل كالسيد منصور . . . . الى هنا ينتهي الفصل الرابع .. تُرى كيف ستكون مواجهة رجل كـ منصور العالي بـ خالد ؟! ترقبوا الفصل الخامس فمازالت الاثارة في نقطة البداية , والشوق للقادم في كل فصل لا ينتهي . بقلمي سارة بنت طلال |
أنا والله فخورة بكِ يا جميلتنا وفخورة بكتاباتك الأكثر من رائعة، أنت حقاً شخصية متميزة تجمع الموهبة والجمال والطيبة الله لا يحرمنا من كلماتك وكتاباتك الحلوة
|
الفصل الخامس يدقق في الحدود والزوايا , يحاول جمع ألف قطعة ووضعها في مكانها المناسب .. لتكتمل الصورة أمامه . لطالما كانت هذه القطع هي لعبة منصور المفضلة التي يشتت بها تركيزة عن شيء ما.. ليجمعه مرة أخرى بعيدا عن التوتر , لطالما كانت تلك اللعبة (التركيبية) هي احدى أساسيات طفولته وكلما كان يكبر سنه , كلما ازدادت تلك القطع عددا و صعوبة . لربما كان يرى من خلال تلك القطع التركيبية .. فلسفته عن الحياة وتعقيدها , ولربما كانت أيضا أحد أسباب هدوءه الظاهري الذي يخفي به أطنان الصراع الكامن بداخله . رن هاتفه النقال ليقطع تركيزه .. نظر الى الشاشة مطولا قبل أن يُجيب , و ما بين الرنة الرابعة والرنة الخامسة قرر منصور أخيرا أن يجيب بهدوءه المعتاد و قال يسأل : هل أحضرته ؟. فهد : هو ينتظرك في منزل الضيافة كما أمرت سموك . منصور : دعه ينتظر .. و أحضر لي البخور , أنا في جناحي. فهد : أمرك . أغلق منصور هاتفه وتوجه الى المرآة , نظر اليها مطولاً ثم تناول شماغه ليرتديه . كان دقيق جدا في أناقته لذلك كان يأخذ وقتا في انتقاء كل قطعة يرتديها .. دخل فهد يحمل في يده المبخرة .. وأخذ يبخر منصور الذي لم ينطق بأي كلمة وانشغل بوضع الكبكات الخاصة بثوبه . نظر فهد الى ملامح منصور الجادة فلمح الغضب وقد تملك نظراته الحادة . فهد بتوتر : سيدي .. هل أنت بخير ؟. لم يرد منصور على سؤال فهد و أكمل وضع لمساته الأخير على أكمام ثوبه . . . . . خالد في منزل الضيافة وهو يتأمل أرجاء المجلس الشاسعة التي تحتويه .. ثم يسأل الساعي الذي قام بمد فنجان القهوة اليه : هذا قصر الشيخ منصور ؟. الساعي بابتسامة : لا .. هذا منزل الضيافة التابع للقصر . خالد يهمس لنفسه : اذا كان هذا فقط للضيافة فكيف القصر اذن ! . الساعي : ماذا ؟! . خالد يشرب فنجان القهوة دفعة واحدة ثم يقول : قلت املأه لي مرة أخرى فضلا لا أمرا . وبقي خالد يتأمل .. كان منزل الضيافة موجود في الجهة الخلفية من القصر , كان صغير مقارنة بالقصر الا أنه لا يختلف عن أي فيلا لأصحاب المستوى المرموق في المجتمع . وكان منصور قد اعتنى بها كاعتناءه بقصره تماما حيثُ كان يخصصها لضيوفه المرموقين حين يستقبلهم في قصره . كانت ديكوراتها تتنوع ما بين الذهبي والأسود .. وكان الرخام الأبيض يكسوها كما يكسوالثلج أراضي أوروبا في الشتاء القارص . أما السجاد الايراني المترامي في منتصف بعض مجالسها .. كان يوحي بأن كل شيء في تلك الفيلا اسطوري . حتى فناجين القهوة كانت تحمل نفس النقوش في ديكورات المجلس , وكل مجلس أو صالون خُصص له فناجين خاصة تتناسب معه ومع ديكوراته . مكث خالد ما يقارب النصف ساعة وهو ينتظر مقابلة منصور , حتى بدأ يشعر بالملل والتوتر . ثم انفتح باب المجلس ودخل منصور يتبعه فهد الذي كان يقول في كل خطوة يخطوها منصور : تفضل سموك . منصور نظر لخالد نظرة باردة هادئة وهو يتوجه للجلوس أمامه .. أما خالد .. فقد هم بالوقوف ما ان دخل منصور الى المجلس . جلس منصور و أشار لخالد قائلا : تفضل .. ارتاح . خالد بتوتر يجلس ثم يقول : شكرا سموك . دارت لحظات صمت و منصور لم يتحرك نظره من على خالد الذي كان في غاية الارتباك وهو ينتظر سبب مقابلة منصور له .. حتى تحدث خالد رغم ارتباكه قائلا: اخبرني الأخ فهد بأن سموك قد طلبت مقابلتي .. لذلك أنا هنا . منصور ببرود : نعم .. انا فعلا طلبت هذا .. ثم أكمل قائلاً : الحقيقة انا لدي اتصال بالأستاذ عادل مديرك المباشر بالشركة التي تعمل بها كموظف بقسم الموارد البشرية . خالد بابتسامة : هذا صحيح .. الأستاذ عادل فعلا هو مديري المباشر بالقسم . منصور يتناول أول رشفة من فنجان القهوة الخاص به ..ثم يضعه على الطاولة بجانبه بهدوء ليُكمل قائلا : كنت قد تحدثت سابقا مع الأستاذ عادل بشأن موظف كفؤ.. ليتسلم ادارة قسم الموارد البشرية باحدى شركاتي , وكان قد أرسل لي بعض التقارير عن الموظفين لديه و قد نال تقريرك بشكل خاص اعجابي .. و كوني مشغول جدا بادارة بعض أعمالي في الخارج فضلت أن نتقابل اليوم لآخذ رأيك بشكل سريع ,, فيما ان كنت تود العمل لدينا؟ خالد بسعادة : كيف يكون لي رأي في هذا سموك .. بالطبع يُسعدني كثيرا أن أتسلم ادارة قسم في مجموعة شركات العالي . منصور : جيد .. لكن الفرع الذي أود أن تستلم ادارة قسم الموارد البشرية فيه .. هو فرع في مدينة صغيرة باحدى القرى كنا قد أنشأناه مؤخرا , وفي حال عملت فيه هناك .. ستأخذ ضعف راتبك الحالي مرتين ,عدى عن أنك ستستلم سكن خاص بالقرب من الشركة , أما باقي البدلات ف مؤكد أنك قد سمعت عن المميزات التي تمنحها مجموعة شركات العالي لموظفيها . خالد : نعم بالطبع قد سمعت عنها . منصور : اذن هناك موافقة مبدئية .. أليس كذلك ؟. خالد : نعم بالتأكيد.. أقصد من يرفض عرضا كهذا من سموك ! . منصور : لكن يبدو لدي في تقاريرك أنك متزوج! .. و ربما تحتاج لوقت طويل للانتقال من منزلك الحالي.. وهذا ما أقلق بشأنه , فالأمر لا يحتمل التأجيل. خالد : لا لا .. أنا غير متزوج . منصور يتظاهر بالاستغراب قائلا: هذا غريب !! .. فالتقارير التي وصلتني عنك تقول بأنك متزوجا . خالد : نعم سموك , هذا صحيح .. أنا كنتُ قد عقدت ملكتي سابقا.. ولكن كما تعرف أصبح من الصعب ايجاد زوجة صالحة في هذا الزمن , ولذا لم تسير الأمور على ما يرام . منصور بنبرة حادة : وهل طلقتها ؟ . خالد : ليس بعد , ولكن سأفعل قريبا . منصور : عذرا .. ولكن ماذا تنتظر ؟! .. فالحقيقة أنا لا أحب الحالات الاجتماعية المعلقة لما قد تجلبه من اهمال وسمعة سيئة لـ موظفين شركتي . خالد بارتباك : لا سموك .. لا شيء معلق ,سيتم الطلاق بشكل رسمي خلال الأيام القادمة باذن الله . منصور : أنا مشغول للغاية ربما لا أستطيع الانتظار حتى تنهي شؤونك الخاصة , كنت أفكر بأن نوقع عقد توظيفك اليوم لتبدأ دوامك في الشركة من الغد .. ولكن ربما من الأفضل أن أبحث عن شخص آخر . خالد بتوتر :لا أبدا .. أنا لا مانع لدي ,, دعنا نوقع العقد اليوم سموك وسأقوم بانهاء أمور الطلاق في أسرع وقت , ولن تجد مني أي تقصير باذن الله . منصور : أقدر تمسكك بفرصة العمل لدي .. ولكن امممممممم .. دعني أفكر قليلا . التفت منصور الى فهد وقال : فهد هل نعرف أحدا في محكمة الأحوال الشخصية ؟. فهد : نعم سيدي .. فمحامي الشركة يتعامل مع الكثير هناك . منصور : اتصل به ليجلب لي أحدا من محكمة الأحوال الشخصية ليُنهي لنا عقد النكاح المعلق هذا . خالد بتعجب : الآن سموك ؟! منصور بحدة : نعم الآن .. فأنا أحاول أن أقدر تمسكك بالعمل لدي مع أن وقتي لا يسمح .. ولكن ان كنت تمانع .. و بخجل قاطع خالد حديث منصور بالنفي قائلا : لا سموك لا .. بالطبع لا أمانع, (وبخجل أكمل خالد كلامه مترددا) : في الحقيقة انا فقط كنت أنتظر.. (سكت قليلا وأنزل رأسه وكأنه يُفكر في قرار ما .. ثم عاد يقول ) : لا بأس .. لنُنهي اجراءات الطلاق .. والباقي سأنهيه فيما بعد , فالعمل لديكم فرصة لا تعوض . دارت لحظات من الصمت ..من خلالها كانت عينا منصور الحادتين تُجري حديثا آخر مع خالد .. و في الوقت نفسه أراد خالد أن يُبدي اهتمام أكثر بالعمل لدى منصور فقال ساخرا : المرأة ان ذهبت تعوضها من النساء ألف .. هه لكن من يجد وظيفة مرموقة هذه الأيام ؟!! .. لم تتغير تعابير منصور ولم تهتز نظراته أبدا , بدت نظراته الباردة والهادئة رغم حدتها غير مفهومة .. لم يكن يفهم تلك النظرات سوى فهد الذي اختبر جيدا بسبب قربه من منصور ماذا يعني (البركان الخامد) فمهما كان هادئا ,, لا يعني هذا بأنه لن يثور. وان لم يثور .. فلا يعني هذا بأنه يخلو من نار تتأجج في داخله. منصور بابتسامة مشحونة : جيد .. اذن فهد سيُكمل معك الاجراءات .. توجه منصور بنظره الى فهد وقال : ما ان ينتهي من اجراءات الطلاق اعطه عقد التوظيف ليوقع عليه . فهد : أمر سموك . ثم توقف منصور وقال لخالد الذي أسرع بالوقوف أمامه : سعدت بلقاءك وسيشرح لك فهد كامل التفاصيل لتبدأ العمل معنا من الغد .. سأضطر للذهاب الآن لانشغالي . خالد يبستم : و أنا أكثر .. تفضل سموك و أنا سأنهي كافة الاجراءات بأسرع ما يمكن .. شكرالك. خرج منصور وتبعه فهد .. منصور : أنهي كافة الاجراءات أود أن تكون ورقة الطلاق عندي بأسرع وقت . فهد : بالطبع سيدي .. لكن ماذا عن عقد التوظيف ؟. منصور : دعه يدير احدى أقسام الموارد البشرية بأحد شركاتنا في المناطق النائية.. أود أن أرى كم من الألف امرأة ! سيقبلن العيش معه في منطقة غير مأهولة بالسكان . . . . . . . داخل ذلك القصر وفي جناح قد خُصص لعروس انقلبت حياتها رأسا على عقب دون أن تجد سببا مقنع لذلك .. كانت يارا تُحدق بذهول في جاكلين التي كانت تلوم نفسها على خطأها الفادح في حق سيد هذا القصر الذي تعمل لديه .. جاكلين تمسح دمعة أحرق الندم فيها وجنتها لتقول : معه حق .. انا غبية ومهملة أيضا.. من هوذلك الطبيب لأنصاع لأوامره! ,, كان ينبغي للسيد منصور أن يعاقبني , فلو كنت مكانه لفعلت .. آآآآه ماذا أفعل الآن .. ماذا أفعل؟. يارا تسأل جاكلين وما زالت علامات التعجب تسكن تعابيرها : هل أنتِ مجنونة ؟؟.. كاد أن يضربك بالسوط! .. يا الهي أنا لا أصدق ,, هل تعتقدي بأنك تستحقي عقابا كهذا ؟؟.. هل تعتقدي بأن أي انسان على وجه الأرض يستحق عقابا كهذا .. أمسكت يارا برأسها وأخذت تمشي ذهابا و ايابا وهي تقول : يا الهي .. لا أصدق .. (ثم نظرت الى جاكلين لتصرخ بها قائلة): ذلك الذي ما زلتِ تدعينه بسيدك .. ليس سوى وحش على هيئة انسان .. يا الهي .. يا الهي , أنا حقا لا أصدق . جاكلين بألم : أعتقد سيدتي بأنك لم تري وحوشا من قبل ..أخبرتك سابقا بأن السيد منصور ليس بهذا السوء الذي تعتقدينه .. و لولا الله ثم سموه .. لكنت الآن أحد تلك الوحوش التي لم تلتقيها يوما , وأدعو الله أن لا تتعثري بأحدها مدى الحياة . يارا بعصبية : كفى أرجوكي .. فالمعروف لا يستعبد أحدا . دخلت يارا غرفتها في ذلك الجناح .. وتركت جاكلين تلوم نفسها وحيدة تسأل ضميرها عن حل يُصلح ما اقترفته من خطأ . . . . . ارتمت يارا على ذلك السرير المرتفع والواسع .. وأخذت تُفكر في كل شيء .. ثم أخذت تُحدث نفسها قائلة : يا لغباء تلك لفتاة .. كاد أن يضربها وما زالت تدافع عنه , سيصيبني الجنون بسببها .. ااااااااااه يا الهي ماذا أفعل ؟! حتى الموت لم يسمح لي به .. تُرى كيف حال أمي الآن , مؤكد بأن أبي وطراد وخالد قد أبلغوا الشرطة بأمر اختطافي .. أخذت تمسح على كتفها وتحتضن نفسها وتكمل حديثها لذاتها القلقة قائلة : لا داعي لأن تقلقي يارا .. قريبا سيجدونك وتعود كل الأمور لطبيعتها ,, فقط كوني قوية ولا تخافي أبدا . . . . . دخل جناحة في القصر واتجه مباشرة كما اعتاد الى شرفته , نظر الى شرفة جناحها و اقترب منها اكثر ثم أغمض عينيه ومد يده في الهواء وكأنه يتحسس ملامحها , أخذ نفس عميق ثم فتح عينيه الحادتين و همس قائلا : ما عدتِ له .. آآآآآآآآآآآه ها أنا أتنفس من جديد . دخل جناحه واستقر على احدى الأرائك المخملية الأنيقة و أخرج سيجارته وأشعلها , ثم نظراليها بين أنامله وخاطبها قائلا : أمامنا ليلة طويلة .. قد تكوني الأولى لكن لا أعتقد بأنك الأخيرة . وكان جادا بحديثه مع سيجارته المشتعله .. فكلما أطفأ واحدة أشعل الأخرى ,, وكان حديثه مع كل سيجارة يبدأ بيارا .. فمرة كان يسأل متى يمتلكها؟! , ومرة كان يسأل ان كانت ستقبل به ! أم من الأفضل أن يُمهلها؟! , وان امهلها كم من الوقت سينتظرها؟! . حتى غفى على تلك الأريكة ليوقظه هاتفه في الصباح الباكر .. فهد: سيدي ورقة الطلاق معي الآن هل أحضرها اليك أم أرسلها لعائلة السيدة يارا ؟! . منصور بلهفة : أحضرها لي أولا .. وفيما بعد سنرسلها لعائلتها . . . . . . بعد ساعة وصل فهد الى القصر ودخل مكتب منصور مباشرة .. فوجده يجلس على مكتبه في كامل أناقته يشرب قهوته الصباحية ويقرأ الجرائد .. ابتسم فهد باستغراب فمنذ أشهر وعادات منصور مشوشة وروتينه اليومي غير منضبط . فهد بملامح مشرقة : صباح الخير سموك . منصور وهو يضع الجرائد على المكتب : صباح الخير . فهد يخرج ظرف من ملف الأوراق في يده : هذه سموك الورقة المطلوبه . منصور بابتسامة هادئة وعفوية يقرأ الورقة و يقول : و هذا هو المطلوب .. ثم يوجه حديثه الى فهد قائلا : أريد من هذه الورقة أربع نسخ , ثم اجعل أحدهم يقوم بإيصالها الى عائلة يارا. فهد : أمرك سيدي ..( ثم أكمل يشير الى ملف الأوراق بيده) : هذه بعض الأوراق من الشركة في حاجة الى توقيعك بعد الاطلاع عليها . أخذ منصور الملف وبدأ في تصفحه ثم قال لفهد : لا تنسى أن تُحضر لي شيخا من المحكمة . فهد باستغراب : لماذا سموك. منصور وهو يُكمل تصفح الأوراق : ليعقد قراني على يارا . فهد : ماذا ؟؟؟؟؟؟؟. . . . . . الى هنا ينتهي الفصل الخامس من رواية ( عروس النار) .. تُرى هل سيتزوج منصور يارا في الفصل السادس ؟! .. و ان فعل .. هل ستقبل يارا ذلك ؟؟! .. و هل انتهى خالد في فصلنا هذا ؟؟ أم سيعاود الظهور مجددا؟؟؟ و ماالمعروف الذي استعبد جاكلين في ذلك القصر ؟! ترقبواالفصل السادس من (عروس النار) فقط على صفحات منتديات سيدة القصر. بقلمي سارة بنت طلال |
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Lina http://stars-falling.com/vb/aslopdes...s/viewpost.gif أنا والله فخورة بكِ يا جميلتنا وفخورة بكتاباتك الأكثر من رائعة، أنت حقاً شخصية متميزة تجمع الموهبة والجمال والطيبة الله لا يحرمنا من كلماتك وكتاباتك الحلوة يا وردتنا الأنيقة أنا التي أتباهى بأني أمتلك معجبة أنيقة تفخر بكلماتي وتٌتابعها .. ولك مني كل تحية وتقدير وسأكمل كما وعدت عذب وجودك بين صفحات هذا الصرح الراقي |
الجزء السادس http://store1.up-00.com/2015-12/145101590030311.png طراد ( يُفكر بعمق وهو يحتسي كوب من قهوته الصباحية ويتساءل) : أين قهوتك يا يارا ؟ .. تُرى هل يجب أن أصدق أنك تحتسيها مع رجل غريب الآن؟ ، أو هليجب أن أصرخ و أجن و أنا أتخيل بأنك قد لا تكوني بخير!! , أرجوكِ يارا ان كنتِ بخيرمعه.. فقط دعيني أطمئن .. قطع جرس الباب أفكار طراد وتساؤلاته ، فمضى يركض قائلا : ربماسمعتني ! ربما خلف الباب يارا .. ولكن يارا كانت خلف أبواب ضخمة ليس من السهل عبورها ، وان تحجمتالأبواب .. فرهبة السجان تعلو . . . . جاكلين ( تقف مطأطأة الرأس في مكتب منصور ) : سيدي أنا لن أحاولتبريرما بدر مني .. لكن أنا أرجو من سماحتك أن تقبلاعتذاري. منصور (بقي يتجاهل وجود جاكلين ملتزما الصمت لفترة طوية وهو يجلسعلى مكتبه .. محدقا في أحد ملفات الشركة أمامه) : ...... تجاهل منصور وصمته زاد من توتر جاكلين وخوفها ولكنها بقيت مكانهالم تتحرك خاصة وأن منصور لم يسمح لها بالخروج بعد . بعد عشر دقائق من وقوف جاكلين في انتظار أي كلمة قد تخرج من منصور، انتبهت الى أنه قد أنهى قهوته فتحركت بسرعة وهي تقول : سيدي .. سأعد لك غيرها . رفع منصور بصره الحاد أخيرا ونظر الى جاكلين قائلا: قد بدأت العمللدي منذ ثلاث سنوات ..أليس كذلك؟. جاكلين بصوت منخفض : نعم سيدي . منصور : ماذا كنتي تعملين لدي خلال الثلاث سنوات ؟ . جاكلين : كنت أتدبر أمور القصر وشؤون العاملين فيه . منصور: اذن القصر هو مهمتك ؟ . جاكلين : نعم سموك . منصور : وان اصبح لهذا القصر سيدة ؟ أخبريني ماذا ستكون مهمتك؟. جاكلين : هل تقصد سموك السيدة يارا؟. منصور: اسمعيني جيدا .. أنا أعلم بأنك ستُخلصين لي مدى الحياة ،فلا أحد يعمل هنا في هذا القصر اذا كان هناك احتمال نصف في المئة بأنه سيطعنني فيظهري يوما ما .. وتحديدا أنتِ ، دعيني أصارحك بشيء .. أنا أعلم جيدا بأني ان أمرتكبافناء عمرك هنا لارضائي فستفعلين .. ولذلك أنتِ بالقرب من السيدة يارا ، أو لأكونأوضح .. انتِ احدى ممتلكات السيدة يارا .. و لذلك لم أعاقبك في ذلكاليوم. جاكلين (تمتليء عيناها بالدموع) : أنا ممتنة لسموك . منصور: الامتنان يعني أفعالا .. مهماتك الوظيفية ها هنا، هي أنتكون السيدة يارا بخير، وسعيدة ، ومرتاحة و لا شأن لك سوى رضاها.. مفهوم؟ . جاكلين : نعم سيدي .. مفهوم . منصور : جيد .. اذن اليوم سيكون عقد قراني على السيدة يارا ،أثبتي مدى فهمك لما قلت . جاكلين ( ترفع نظرها متفاجأة ) : اليوم !!! . منصور: ألم تفهمي ما قلت؟. جاكلين : لا سموك .. أنا فقط أتساءل ما ان كانت السيدة يارا تعلم .. منصور (يقاطع جاكلين) : لا شأن لك بهذا .. فقط حضري لها فستانالسهرة الأسود الذي أحضرته من باريس .. أذكر أني قد طلبت منكِ وضعه في غرفة الملابسالخاصة بي . جاكلين : نعم سيدي ..أنا فعلا قد وضعته في خزانة سموك . منصور : اطلبي من مطبخ القصر تجهيز أفضل الأطباقللعشاء. جاكلين : هل سيكون هناك حضور . منصور( بابتسامة نصر) : ربما .. لا أعلم ما قد يخطر بـ باليالليلة . . . . . في عالم بعيد عن النصر , كانت ابتسامة بؤس ..تشق طريقها عبر ملامحطراد المستاءة وهو ينظر الى ورقة طلاق أخته يارا ويقلبها بين يديه قائلا : حسنا ياوالدي العزيز .. ربما لا أستغرب هذه الورقة كثيرا , خاصة بعد ردة فعلك انت اتجاهابنتك .. أنا حتى ليس من حقي أن أتوقع من ذلك الخالد تصرفا آخر . . . . في المساء ذلك اليوم .. وقفت يارا خلف نافذة غرفتها تنظر في أرجاءذلك القصر الشاسعة ، تنظر بدقة الى كافة زواياه وكأنها تحاول استكشافه ، تتساءل ترىكم باباً لهذا القصر ؟ .. وتُرى أين هو الطريق الذي يقودها لخارجه؟؟. شد انتباهها دخول فهد مصطحبا رجل آخر .. وكان مظهر ذلك الرجل وقورللغاية.. ما لفت انتباه يارا أكثر هو خروج منصور لاستقباله والترحيب به . أخذت تنظر الى منصور و كأنها تحاول أن تلمح شيئا يحدد لها تفاصيلشخصيته .. ثم تهمس له وكأنها تسأله: ترى ما الذي تسعى خلفه من حبسي ها هنا .. أتمنىأن أعرف ماذا تريد !!. أخذت دموعها تلمع في أحضان جفونها فابتعدت عن النافذة وعادت الىالسرير لعلها تستطيع أن تحتضن نفسها لتواسيها .. أخذ خيال خالد يرتسم على وسادتها .. فحدثت تلك الوسادة قائلة : كان ينبغي أن أكون معك الآن .. كان ينبغي أن تكون هذه أجمل أيام حياتنا (فارقتدموعها تلك الجفون.. لتنتحرعلى ضفاف الوسادة ) . انفتح باب الجناح أخيرا .. فانتفضت يارا من مكانها ونظرت اليهوبصوت متقطع قد هاجمه الخوف قالت : مـ ـ ـ ـاذا تريد ؟. منصور ( بخطوات واثقة اقترب من يارا و جلس بالقرب من سريرها من مازاد من ارتباكها ) : أريد أن أجري حديثا قصيرا معك . يارا ( تتحرك مبتعدة بخوف لتجلس في زاوية السرير الأخرى ) : ماذاتريد مني ؟ . منصور (يخرج ورقة طلاقها ويلقي بها على السرير بجانبها ) : هذهتخصك .. يارا ( تمد يديها التي ترجف خوفا وتلتقط الورقة لتنظر لهامتسائلة) : ما هذه ؟! .. أنا لا أفهم !.. منصور( يقف ويضع يديه خلف ظهره ثم يمشي بهدوء الى حيث النافذة) : هذه ورقة طلاقك .. ذلك الرجل يعتقد بأنك قد هربتي مع عشيقك في ليلة زفافكما .. ولذلك طلقك .. يارا ( بذهول ) : ماذا تقول !!.. هذا لا يمكن .. لا يمكن .. منصور ( ينظر من خلال النافذة وكأنه ينظر للأفق الفاصل بين السماءوالأرض) : هذه الحياة تبنيها الخيارات ، وبعض الخيارات بأيدينا والبعض منها مرغمينعليها .. يارا ( انطلقت منهارة لترتطم بظهر منصور وتبدأ بضربه وهي تصرخ) : ايها المجنون .. دمرت حياتي .. لا .. لا يمكن أن يحدث هذا , انت كااااذب .. كااااااذب . منصور ( يلتفت بهدوء ليمسك بيد يارا ويسحبها باتجاهه حتى صارتعيناه الحادتين تقابل عيناها ) : انا أعتقد بأنك قد جربتي بناء حياتك بيديكِ .. فلما لا تجربي النوع الآخر ؟. يارا( انتفضت بين يدي منصور في محاولة لدفعه بعيدا عنها ) : انتمجنون .. انت حقا مجنون ! . منصور ( يسحبها ويعيدها بثقة بين ذراعيه) : هذه الليلة ستكونينمُلكي فاختاري .. اما أن تكوني مُلكي في الظلام و بلا اثبات أو شهود , أو أن تكونيملكي وانتِ زوجتي . يارا ( تناضل لتفلت منه ثم تستسلم وتبكي .. ثم تعود لتصرخ ) : ماذا فعلت لك حتى تُدمر حياتي هكذا !. منصور (يعبر بوجهه بين خصلات شعرها ليهمس بهدوء في أذنها ) قائلا : جعلتيني لا أنام . جاء صوت فهد من خلف باب غرفة يارا ليوقظ منصور قائلا : سموك قدأحضرت دفتر النكاح من الشيخ .. هو ينتظر التوقيع . حرر منصور يارا من قبضته ليفتح الباب و يسمح لجاكلين بالدخولقائلا : ابقي معها .. سأعود بعد دقائق . دخلت جاكلين لتحتضن يارا المنهارة و تهديء من روعها . خرج منصور ليجد فهد يقف وهو يحمل دفتر النكاح بين يديه فسأله : ماذا جرى مع الشيخ؟. ابتسم فهد و بسخرية قال : لقد باعني دفتره بمئة وخمسين ألف . منصور : جيد .. وماذا قال بالنسبة لعدة الثلاث أشهر؟. فهد : قال سموك .. بأنه سيعقد الليلة ثم سيسجل عقد النكاح بعد أنتنتهي العدة مباشرة.. أي بتاريخ متقدم.. (سكت فهد قليلا ) ..ثم قال: لكن سموك.. هلستوقع السيدة يارا ؟. منصور : نعم ستفعل .. أخذ منصور دفتر النكاح ودخل غرفة يارا وأشار لجاكلين بالخروج ثمأغلق الباب .. اقترب من يارا ووضع دفتر النكاح أمامها وقال : اختاري . نظرت يارا الى الدفتر وقالت : لا يحق لك الزواج بي الآن .. ( أخذتتمسح دموعها وهي تحاول التقاط أنفاسها ) لتكمل قائلة : ورقة الطلاق تقول هذا . ابتسم منصور باستهزاء قائلا : حقا! .. دعينا نرى .. ( ثم بدأ في فتح أزرة ثوبه من ما أثار رعب يارا وجعلها تصرخ ) : ماذاتفعل؟. منصور بهدوء : سأرى ما ان كان يحق لي أو لا يحقلي. يارا ( تسقط تحت أقدام منصور وترجوه ) : ارجوك لا تفعل أرجوك . منصور ( يرفعها من على الأرض ويمسك بذقنها ليثبت عيناها في عينيه ) : أنا لا أحب أن تُلقى أملاكي على الأرض .. هو قرارك.. وانا لا أهتم لما يقولهذلك الدفتر كثيرا .. ( قربها منه أكثر وهمس) : لذا قرري بسرعة . أخذت شهقات يارا تعلو .. وتعلو .. ثم قالت بصوت غير مفهوم : دعنيلأختار . فأفلتها منصور وتركها لتتحرك بيأس وكأنها تدور حول نفسها .. ثمأخذت بذلك القلم واقتربت من الدفتر لتضع توقيع أسرها عليه .. وارتمت تبكي وتصرخوتنادي .. لم تكن تعرف على من ستنادي ، فما كان منها الا أن قالت : يارب . التقط منصور دفتر النكاح ومضى مسرعا ليفتح الباب ويلقيه على فهد ..ثم اسرع هربا من صوتها الى مكتبه. . . . . . جالساً على أريكته لا يتحرك ، كوب الشاي أمامه منذ أكثر من ساعتين .. لم يرتشف منه شيئا ، كل تفكيره قد ذهب الى صورته التي حطمتها ابنته في أوساطمجالس الرجال ، لا يعرف هل يلقي اللوم على نفسه .. أو يلقي اللوم على القدر الذيأعطاها له .. قطع تفكيره ابنه طراد حين دخل وجلس بجانبه قائلا : لا أعلم ما انكان سيُهمك الأمر.. لكن هذه ورقة طلاق يارا ، قد وصلت هذا الصباح . مد يده وقبض على الورقة لتنكمش في قبضته ثم ألقاها بعيدا عنه ونظرلابنه قائلا : لماذا لم تسافر الى الآن ؟؟ .. هل تريد أن تفشل وتفضحني ؟ .. هلربيتكم لتضعون رأسي في التراب؟. طراد : أبي يارا .. قاطعه والده وهو يصرخ قائلا: يارا لو عادت سأقتلها .. فادعي اللهأن يبقيها بعيدا عنا. . . . . دخل جناحه ليلا .. بعد ان نال السهر من عينيه ، لم يتناول شيئا منالعشاء ، ولم يراها بـ الفستان الأسود كما تمنى .. فصوت بكائها في أذنه جعله يتنازلعن كل شيء . مضى دون أن يشعر ليقف كعادته على شرفته المجاورة لشرفتها ، نظراتهالحادة لا تفارق ستائر نافذتها .. نظر وانتظر .. قال بائسا كأنه يعتذر : ستعلمين يوما .. أني رجلٌ لا أحبك في تختي الأبيض .. ولا بين شراشف العشق العاري ... وان حبك نارٌ بداخلي توقد .. لتُعطي الدفيء لأسواري ... ها هنا أتوقف متابعيني الكرام .. فكيف سيكون القادم في هذا القصر؟ ..أنتظر توقعاتكم. ملاحظة : أعتذر كثيرا لمتابعين (عروس النار) على تأخري في طرح هذا الجزء.. ولكن كما تعلمون أنا أدرس الماجستير حاليا في كندا ولذلك أتمنى أن تعذروا ظروفي .. عموما وفقا لطلبكم الأنيق بتحديد موعد ثابت لنزول أجزاء عروس النار ، فسيكون باذنالله موعدي الأسبوعي معكم كل يوم أحد بتوقيت النصف الثاني من الكرة الأرضية ^_^ .. فأتمنى أن أسعدكم و يُسعدني أن تدعون لي . لكم خالص احترامي وتقديري .. بقلمي سارة بنت طلال |
الجزء السادس طراد ( يُفكر بعمق وهو يحتسي كوب من قهوته الصباحية ويتساءل) : أين قهوتك يا يارا ؟ .. تُرى هل يجب أن أصدق أنك تحتسيها مع رجل غريب الآن؟ ، أو هل يجب أن أصرخ و أجن و أنا أتخيل بأنك قد لا تكوني بخير!! , أرجوكِ يارا ان كنتِ بخير معه.. فقط دعيني أطمئن .. قطع جرس الباب أفكار طراد وتساؤلاته ، فمضى يركض قائلا : ربما سمعتني ! ربما خلف الباب يارا .. ولكن يارا كانت خلف أبواب ضخمة ليس من السهل عبورها ، وان تحجمت الأبواب .. فرهبة السجان تعلو . . . . جاكلين ( تقف مطأطأة الرأس في مكتب منصور ) : سيدي أنا لن أحاول تبريرما بدر مني .. لكن أنا أرجو من سماحتك أن تقبل اعتذاري. منصور (بقي يتجاهل وجود جاكلين ملتزما الصمت لفترة طويلة وهو يجلس على مكتبه .. محدقا في أحد ملفات الشركة أمامه) : ...... تجاهل منصور وصمته زاد من توتر جاكلين وخوفها ولكنها بقيت مكانها لم تتحرك خاصة وأن منصور لم يسمح لها بالخروج بعد . بعد عشر دقائق من وقوف جاكلين في انتظار أي كلمة قد تخرج من منصور، انتبهت الى أنه قد أنهى قهوته فتحركت بسرعة وهي تقول : سيدي .. سأعد لك غيرها . رفع منصور بصره الحاد أخيرا ونظر الى جاكلين قائلا: قد بدأت العمل لدي منذ ثلاث سنوات ..أليس كذلك؟. جاكلين بصوت منخفض : نعم سيدي . منصور : ماذا كنتي تعملين لدي خلال الثلاث سنوات ؟ . جاكلين : كنت أتدبر أمور القصر وشؤون العاملين فيه . منصور: اذن القصر هو مهمتك ؟ . جاكلين : نعم سموك . منصور : وان اصبح لهذا القصر سيدة ؟ أخبريني ماذا ستكون مهمتك؟. جاكلين : هل تقصد سموك السيدة يارا؟. منصور: اسمعيني جيدا .. أنا أعلم بأنك ستُخلصين لي مدى الحياة ،فلا أحد يعمل هنا في هذا القصر اذا كان هناك احتمال نصف في المئة بأنه سيطعنني في ظهري يوما ما .. وتحديدا أنتِ ، دعيني أصارحك بشيء .. أنا أعلم جيدا بأني ان أمرتك بافناء عمرك هنا لارضائي فستفعلين .. ولذلك أنتِ بالقرب من السيدة يارا ، أو لأكون أوضح .. انتِ احدى ممتلكات السيدة يارا .. و لذلك لم أعاقبك في ذلك اليوم. جاكلين (تمتليء عيناها بالدموع) : أنا ممتنة لسموك . منصور: الامتنان يعني أفعالا .. مهماتك الوظيفية ها هنا، هي أن تكون السيدة يارا بخير، وسعيدة ، ومرتاحة و لا شأن لك سوى رضاها.. مفهوم؟ . جاكلين : نعم سيدي .. مفهوم . منصور : جيد .. اذن اليوم سيكون عقد قراني على السيدة يارا ،أثبتي مدى فهمك لما قلت . جاكلين ( ترفع نظرها متفاجأة ) : اليوم !!! . منصور: ألم تفهمي ما قلت؟. جاكلين : لا سموك .. أنا فقط أتساءل ما ان كانت السيدة يارا تعلم .. منصور (يقاطع جاكلين) : لا شأن لك بهذا .. فقط حضري لها فستان السهرة الأسود الذي أحضرته من باريس .. أذكر أني قد طلبت منكِ وضعه في غرفة الملابس الخاصة بي . جاكلين : نعم سيدي ..أنا فعلا قد وضعته في خزانة سموك . منصور : اطلبي من مطبخ القصر تجهيز أفضل الأطباق للعشاء. جاكلين : هل سيكون هناك حضور . منصور( بابتسامة نصر) : ربما .. لا أعلم ما قد يخطر بـ بالي الليلة . . . . . في عالم بعيد عن النصر , كانت ابتسامة بؤس ..تشق طريقها عبر ملامح طراد المستاءة وهو ينظر الى ورقة طلاق أخته يارا ويقلبها بين يديه قائلا : حسنا ياوالدي العزيز .. ربما لا أستغرب هذه الورقة كثيرا , خاصة بعد ردة فعلك انت اتجاه ابنتك .. أنا حتى ليس من حقي أن أتوقع من ذلك الخالد تصرفا آخر . . . . في مساء ذلك اليوم .. وقفت يارا خلف نافذة غرفتها تنظر في أرجاء ذلك القصر الشاسعة ، تنظر بدقة الى كافة زواياه وكأنها تحاول استكشافه ، تتساءل ترى كم باباً لهذا القصر ؟ .. وتُرى أين هو الطريق الذي يقودها لخارجه؟؟. شد انتباهها دخول فهد مصطحبا رجل آخر .. وكان مظهر ذلك الرجل وقور للغاية.. ما لفت انتباه يارا أكثر هو خروج منصور لاستقباله والترحيب به . أخذت تنظر الى منصور و كأنها تحاول أن تلمح شيئا يحدد لها تفاصيل شخصيته .. ثم تهمس له وكأنها تسأله: ترى ما الذي تسعى خلفه من حبسي ها هنا .. أتمنى أن أعرف ماذا تريد !!. أخذت دموعها تلمع في أحضان جفونها فابتعدت عن النافذة وعادت الى السرير لعلها تستطيع أن تحتضن نفسها لتواسيها .. أخذ خيال خالد يرتسم على وسادتها .. فحدثت تلك الوسادة قائلة : كان ينبغي أن أكون معك الآن .. كان ينبغي أن تكون هذه أجمل أيام حياتنا (فارقت دموعها تلك الجفون.. لتنتحرعلى ضفاف الوسادة ) . انفتح باب الجناح أخيرا .. فانتفضت يارا من مكانها ونظرت اليه وبصوت متقطع قد هاجمه الخوف قالت : مـ ـ ـ ـاذا تريد ؟. منصور ( بخطوات واثقة اقترب من يارا و جلس بالقرب من سريرها من مازاد من ارتباكها ) : أريد أن أجري حديثا قصيرا معك . يارا ( تتحرك مبتعدة بخوف لتجلس في زاوية السرير الأخرى ) : ماذاتريد مني ؟ . منصور (يخرج ورقة طلاقها ويلقي بها على السرير بجانبها ) : هذه تخصك .. يارا ( تمد يديها التي ترجف خوفا وتلتقط الورقة لتنظر لها متسائلة) : ما هذه ؟! .. أنا لا أفهم !.. منصور( يقف ويضع يديه خلف ظهره ثم يمشي بهدوء الى حيث النافذة) : هذه ورقة طلاقك .. ذلك الرجل يعتقد بأنك قد هربتي مع عشيقك في ليلة زفافكما .. ولذلك طلقك .. يارا ( بذهول ) : ماذا تقول !!.. هذا لا يمكن .. لا يمكن .. منصور ( ينظر من خلال النافذة وكأنه ينظر للأفق الفاصل بين السماء والأرض) : هذه الحياة تبنيها الخيارات ، وبعض الخيارات بأيدينا والبعض منها مرغمين عليها .. يارا ( انطلقت منهارة لترتطم بظهر منصور وتبدأ بضربه وهي تصرخ) : ايها المجنون .. دمرت حياتي .. لا .. لا يمكن أن يحدث هذا , انت كااااذب .. كااااااذب . منصور ( يلتفت بهدوء ليمسك بيد يارا ويسحبها باتجاهه حتى صارت عيناه الحادتين تقابل عيناها ) : انا أعتقد بأنك قد جربتي بناء حياتك بيديكِ .. فلما لا تجربي النوع الآخر ؟. يارا( انتفضت بين يدي منصور في محاولة لدفعه بعيدا عنها ) : انت مجنون .. انت حقا مجنون ! . منصور ( يسحبها ويعيدها بثقة بين ذراعيه) : هذه الليلة ستكونين مُلكي فاختاري .. اما أن تكوني مُلكي في الظلام و بلا اثبات أو شهود , أو أن تكوني ملكي وانتِ زوجتي . يارا ( تناضل لتفلت منه ثم تستسلم وتبكي .. ثم تعود لتصرخ ) : ماذا فعلت لك حتى تُدمر حياتي هكذا !. منصور (يعبر بوجهه بين خصلات شعرها ليهمس بهدوء في أذنها ) قائلا : جعلتيني لا أنام . جاء صوت فهد من خلف باب غرفة يارا ليوقظ منصور قائلا : سموك قد أحضرت دفتر النكاح من الشيخ .. هو ينتظر التوقيع . حرر منصور يارا من قبضته ليفتح الباب و يسمح لجاكلين بالدخول قائلا : ابقي معها .. سأعود بعد دقائق . دخلت جاكلين لتحتضن يارا المنهارة و تهديء من روعها . خرج منصور ليجد فهد يقف وهو يحمل دفتر النكاح بين يديه فسأله : ماذا جرى مع الشيخ؟. ابتسم فهد و بسخرية قال : لقد باعني دفتره بمئة وخمسين ألف . منصور : جيد .. وماذا قال بالنسبة لعدة الثلاث أشهر؟. فهد : قال سموك .. بأنه سيعقد الليلة ثم سيسجل عقد النكاح بعد أن تنتهي العدة مباشرة.. أي بتاريخ متقدم.. (سكت فهد قليلا ) ..ثم قال: لكن سموك.. هل ستوقع السيدة يارا ؟. منصور : نعم ستفعل .. أخذ منصور دفتر النكاح ودخل غرفة يارا وأشار لجاكلين بالخروج ثم أغلق الباب .. اقترب من يارا ووضع دفتر النكاح أمامها وقال : اختاري . نظرت يارا الى الدفتر وقالت : لا يحق لك الزواج بي الآن .. ( أخذت تمسح دموعها وهي تحاول التقاط أنفاسها ) لتكمل قائلة : ورقة الطلاق تقول هذا . ابتسم منصور باستهزاء قائلا : حقا! .. دعينا نرى .. ( ثم بدأ في فتح أزرة ثوبه من ما أثار رعب يارا وجعلها تصرخ ) : ماذا تفعل؟. منصور بهدوء : سأرى ما ان كان يحق لي أو لا يحق لي. يارا ( تسقط تحت أقدام منصور وترجوه ) : ارجوك لا تفعل أرجوك . منصور ( يرفعها من على الأرض ويمسك بذقنها ليثبت عيناها في عينيه ) : أنا لا أحب أن تُلقى أملاكي على الأرض .. هو قرارك.. وانا لا أهتم لما يقوله ذلك الدفتر كثيرا .. ( قربها منه أكثر وهمس) : لذا قرري بسرعة . أخذت شهقات يارا تعلو .. وتعلو .. ثم قالت بصوت غير مفهوم : دعني لأختار . فأفلتها منصور وتركها لتتحرك بيأس وكأنها تدور حول نفسها .. ثم أخذت بذلك القلم واقتربت من الدفتر لتضع توقيع أسرها عليه .. وارتمت تبكي وتصرخ وتنادي .. لم تكن تعرف على من ستنادي ، فما كان منها الا أن قالت : يا رب . التقط منصور دفتر النكاح ومضى مسرعا ليفتح الباب ويلقيه على فهد ..ثم اسرع هربا من صوتها الى مكتبه. . . . . . جالساً على أريكته لا يتحرك ، كوب الشاي أمامه منذ أكثر من ساعتين .. لم يرتشف منه شيئا ، كل تفكيره قد ذهب الى صورته التي حطمتها ابنته في أوساط مجالس الرجال ، لا يعرف هل يلقي اللوم على نفسه .. أو يلقي اللوم على القدر الذي أعطاها له .. قطع تفكيره ابنه طراد حين دخل وجلس بجانبه قائلا : لا أعلم ما ان كان سيُهمك الأمر.. لكن هذه ورقة طلاق يارا ، قد وصلت هذا الصباح . مد يده وقبض على الورقة لتنكمش في قبضته ثم ألقاها بعيدا عنه ونظر لابنه قائلا : لماذا لم تسافر الى الآن ؟؟ .. هل تريد أن تفشل وتفضحني ؟ .. هل ربيتكم لتضعون رأسي في التراب؟. طراد : أبي يارا .. قاطعه والده وهو يصرخ قائلا: يارا لو عادت سأقتلها .. فادعي الله أن يبقيها بعيدا عنا. . . . . دخل جناحه ليلا .. بعد ان نال السهر من عينيه ، لم يتناول شيئا من العشاء ، ولم يراها بـ الفستان الأسود كما تمنى .. فصوت بكائها في أذنه جعله يتنازل عن كل شيء . مضى دون أن يشعر ليقف كعادته على شرفته المجاورة لشرفتها ، نظراته الحادة لا تفارق ستائر نافذتها .. نظر وانتظر .. قال بائسا كأنه يعتذر : ستعلمين يوما .. أني رجلٌ لا أحبك في تختي الأبيض .. ولا بين شراشف العشق العاري ... وان حبك نارٌ بداخلي توقد .. لتُعطي الدفيء لأسواري ... ها هنا أتوقف متابعيني الكرام .. فكيف سيكون القادم في هذا القصر؟ ..أنتظر توقعاتكم. ملاحظة : أعتذر كثيرا لمتابعين (عروس النار) على تأخري في طرح هذا الجزء.. ولكن كما تعلمون أنا أدرس الماجستير حاليا في كندا ولذلك أتمنى أن تعذروا ظروفي .. عموما وفقا لطلبكم الأنيق بتحديد موعد ثابت لنزول أجزاء عروس النار ، فسيكون باذن الله موعدي الأسبوعي معكم كل يوم أحد بتوقيت النصف الثاني من الكرة الأرضية ^_^ .. فأتمنى أن أسعدكم و يُسعدني أن تدعون لي . لكم خالص احترامي وتقديري .. بقلمي سارة بنت طلال |
الفصل السابع من رواية( عروس النار)
https://d.top4top.net/p_491dwspe1.jpg الفصل السابع بكت حتى خاف النوم ان تطارده دموعها فرحل عنها .. بقيت تبكي وجاكلين صامته على ذاك الكرسي بجانب السرير تراقب ولا تعرف ما الكلمات المناسبة التي قد تهديء من حالة يارا. جاكلين (بعد وقت طويل) : سيدتي.. ما رأيك ان أحضر لكِ كوب من شاي النعناع ونتحدث قليلا. يارا ( من بين دموعها التي أغرقت ملامحها): دعيني وشأني أنتِ وسيدك المريض وسأكون بخير. جاكلين: انتِ تبكين منذ خمسة ساعات .. دعينا نتحدث قليلا لعلنا نجد عبر الحديث حل.. ارجوكِ سيدتي أعطي الحديث بيننا فرصة، فأنا هنا لأجلك فقط وليس من أجل أي أحد آخر. يارا: قلت لكِ دعيني وشأني. خرجت جاكلين لتجلس في الصالة الخارجية في جناح يارا الخاص.. وبقيت يارا تبكي حتى سمعت صوت ارتطام بالقرب من شرفتها.. تحركت يارا لتنظر من خلال تلك الستائر التي تغطي الشرفة فوجدت منصور يقف على الشرفة المجاورة لشرفتها وقد سكب فنجان القهوة على الأرض واخذ يدفع بقدمه تلك الطاولة التي امامه بكل عصبية.. ثم دخل الى غرفته واغلق الباب. اخذت يارا تحدث نفسها قائلة: يا الهي .. هل هو سادي ام مريض ام ماذا!! .. الهي ارجوك ساعدني ماذا افعل. ركضت يارا بسرعة لتقف أمام المرآة فترى الدموع وقد اخفت ملامحها ، فاخذت محرمة من علبة المحارم وبدأت تمسح دموعها ، ثم ذهبت الى دورة المياه ونظرت مرة اخرى للمرآة فملأت كفيَها بالمياه و غسلت وجهها وكأنها تحاول أن توقظ قوتها وثقتها اللتين اخفتهما الدموع. بعد ان غسلت وجهها اغلقت صنبور المياه ونظرت مرة اخرى للمرآة واخذت تحدث نفسها قائلة : يجب ان أكون قوية امامه ، لا يجب ان يرى ضعفي أو استسلامي أبدا و إلا سيستغلهما ضدي ويحاول في كل مرة أن يُرعبني.. سوف أكون قوية .. نعم سوف أكون قوية مهما حدث. خرجت من دورة المياه ووقفت بثقة تنادي : جاكلين .. جاكلين. ما هي الا ثواني حتى انفتح باب الغرفة وهرعت جاكلين من خلاله قائلة: نعم سيدتي. يارا (بهدوء): احضري لي شاي النعناع. جاكلين ( باستغراب من حالة يارا): امرك سيدتي. استراحت يارا على السرير حتى اتت جاكلين وجلست بالقرب من يارا تناولها فنجان الشاي وتسألها: هل انتِ بخير سيدتي؟ يارا: نعم أنا بخير .. شكرا لكِ. و بهدوء غريب سألت يارا جاكلين: كم الساعة الآن؟. جاكلين: انها الثانية عشر والنصف. يارا : يبدو بأن ليلي سيطول.. أخبريني عنه أود ان أعرف كل شيء عن سجاني. جاكلين: سيدتي صدقيني انتِ لستِ سجينة هنا .. انتِ سيدة هذا المنزل. يارا (بابتسامة سخرية): حسنا .. أليس هناك احد غيري في هذا المنزل. جاكلين: سأخبرك عن وضع السيد منصور الاجتماعي .. هو لم يتزوج من قبل و انا أعمل هنا منذ ثلاث سنوات تقريبا .. لم ارى خلال هذه الثلاث سنوات اي سيدة في القصر سوى في عشاء العمل الذي يقيمه السيد منصور كل بضعة اشهر. يارا: أليس لديه أب ، أم .. أو اخوة؟ جاكلين: لا .. كل ما اخبرني به فهد ان والديه قد توفوا وهو بسن صغيرة .. ولا اعتقد بأن سموه لديه اخوة لأني لم أسمع بهم ابدا. يارا بتردد وارتباك: جاكلين .. هل هو سادي .. اعني هل هو متجبر في تعامله معكم كعاملين تحت سلطته؟ جاكلين: اسمعيني سيدتي .. قد تكوني سمعتي عن السيد منصور الكثير من القصص ، كما ان حمله للسياط في ذلك اليوم ربما يؤكد لكِ بعضها ، لأكون صريحة معك لا اعلم ان كانت تلك القصص صحيحة ولكني اثق تماما أن السيد منصورعادل في حكمه على الأمور. يارا : غريب جدا كيف تقفين في صفه! عموما شكرا لكِ على صراحتك .. هل من الممكن ان تغلقي النور رجاءً ، فأنا حقا بحاجة للنوم.. ولكن ابقي بالقرب من الغرفة فأنا لا اشعر بالراحة في هذا المكان. جاكلين: بالطبع سيدتي .. لا تقلقي سأبقى في الصالة الخارجية لجناحك.. ناديني في حال احتجتي شيئاً. اغلقت جاكلين النور لتترك يارا وسط تساؤلاتها العميقة حول شخصية منصور ، حتى جذبها التفكير الى ما قاله لها عن خالد .. اخذت تُفكِر تُرى هل هذا رأي عائلتها وجميع الناس فيها؟ .. هل حقا يعتقدوا بأنها هربت مع عشيقها؟.. بعد أن أرهقها التفكير اخذت تدعو قائلة: الهي انت أعلم بحالي .. تُرى ما الذي يجعلهم يعتقدون أنني كذلك ، ما الذي فعلته ليظنون بي هذا الظن .. الهي ساعدني فأنت الوحيد القادر على ذلك. . . . . . . . في اليوم التالي كعادته الصباحية استيقظ مبكرا وارتدى احدى البدل الفاخرة ، ثم اتجه لتسريحته الخاصة ولبس ساعته من كارتير وتعطر بعطره من ماركة باكو رابان. طرق فهد باب غرفته في جناحه الخاص فسمح له بالدخول.. فهد: صباح الخير سموك. منصور (باقتضاب شديد): صباح الخير. فهد: افطارك جاهز ككل يوم .. كما اني قد احضرت ملفات فرعنا في باريس في حال كنت ترغب بالاطلاع عليها اليوم ومناقشتها. منصور: بمناسبة الافطار .. اتمنى ان تُخبر جاكلين بأن تُغير طقم فناجين القهوة. فهد (باستنكار): فناجين القهوة ! .. حسنا سموك. منصور: أود أن تغيرها الآن فوراً .. فأنا لا أريد رؤيتها على مائدة الافطار. فهد: هل تقصد الآن سيدي؟ .. أعن ي.. منصور (وهو ينظر لفهد بنظرة ثاقبة): بدأ تكرار الحروف على لساني يُتعبني . فهد: حسنا سموك فهمت .. سأخبر جاكلين بذلك حالا. . . . خرج فهد من جناح منصور (وهو يتحلطم): يا الهي.. قضيت ايام أعمل على ملفات فرع باريس التي طلبها، والآن كل ما يهمه هي فناجين القهوة التي لا يرغب برؤيتها على الافطار!!!! . مصادفة.. رأى فهد جاكلين وهي تحمل فنجان القهوة متجهة به الى جناح يارا .. فهد: صباح الخير جاكلين. جاكلين : اهلا فهد .. صباح الخير. فهد: اسمعي.. يبدو لي بأن السيد منصور قد راوده كابوس بخصوص فناجين القهوة هذه. جاكلين: ما الأمر!.. لم أفهم. فهد: قال لي أن اخبرك بتغيير فناجين القهوة حالا فهو لا يود رؤيتها على الافطار. جاكلين : الأن .. هل حقا يرغب بذلك الآن؟ فهد ( وهو يهز رأسه إيجابا): نعم .. وفي الحقيقة هو في اي لحظة سيكون في طريقه للمائدة. جاكلين (بارتباك شديد وضعت صينية القهوة التي تحملها في يد فهد ومشت بخطوات سريعة) وهي تقول: يا الهي سأذهب بسرعة لأتصرف. فهد (بخفة ظل يلحق بجاكلين) قائلا: تعالى خذي هذا الفنجان الملعون ماذا افعل به. . . . كانت يارا قد استيقظت مبكرا ايضا وأخذت حمام دافيء كانت تشتاق له بعد كل الاحداث المؤلمة التي مرت بها منذ دخلت القصر. ارتدت فستان كانت جاكلين قد احضرته لها من غرفة الملابس الخاصة في الجناح ، وقد كان بلا اكمام ازرق اللون يشبه في نقائه لون السماء . أسدلت شعرها المبتل خلف ظهرها واتجهت كالعادة لتراقب العابرين الى داخل القصر والخارجين منه من خلف ستائر شرفتها. سمعت طرق على باب الغرفة فقالت: جاكلين عذرا.. ولكني لم أعد أرغب بالقهوة. دخل منصور بهدوء ونظر لها وهي تعطيه ظهرها وتنظر عبر النافذة. بقي صامتا وكأنه يترك لنظراته الحديث عن صباحٍ قد أشرق مرتين في يومه.. التفتت يارا ليسيطر عليها الفزع أمام منصور لتقول بصوت متقطع: أنت .. أنت ماذا تر تريد. منصور (بهدوء شديد): أرغب بحديث هاديء .. بلا صراخ وبلا بكاء وبلا تساؤلات عدة. اخذت يارا تقترب بهدوء تحاول جذب غطاء السرير لتخفي ما أظهره فستانها الأزرق أمامه. منصور: اتمنى أن لا تفعلي ما قد يثير أعصابي.. فلا أعتقد أن هناك امرأة تحجب جسدها عن زوجها. يارا تستجمع قوتها من جديد أمامه: رجاءً .. ان كنت ترغب بحديث هاديء فلا تتحدث انت ايضا بما قد يثير اعصابي. تقدم منصور من يارا وجلس عمدا و باصرار على سريرها ليمنعها من سحب اغطية السرير.. منصور يرفع نظره لها ويسألها: لماذا تصرين على الحجاب؟.. بالطبع انتِ لا تقصدي أن تحتجبين عن زوجك ولكني اسأل بشكل عام .. لماذا تصرين عليه؟ انسحبت يارا بهدوء تبتعد عن منصور وتجلس على احدى الكنبات الموجودة في الغرفة .. جسلت وهي تعكس ثقة عالية بالنفس أمامه رغم خوفها و انهيارها من الداخل.. يارا: لأن الله أمرني بذلك. منصور (ببرود ونظرات حادة): لماذا أمرك الله بذلك؟ يارا: حتى أحمي نفسي وجسدي من نظرات الرجال. منصور : اها .. أعلم ما تعنينه فقد قال سبحانه وتعالى : ( قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك ادنى أن يعرفن فلا يُؤذين وكان الله غفور رحيما) .. صدقيني انا احفظ الآية جيدا.. ولكن قد تفضلتي باخباري انك تحمين به نفسك فلماذا؟ يارا : قد اخبرتك لماذا. منصور : عذرا لم تفهمين سؤالي .. دعيني اصيغه لك مجددا .. لماذا زوجة منصور العالي تحمي نفسها بقطعة قماش ؟ هل تظني أن هناك من يجرؤ على أذيتك وانتِ زوجتي؟ يارا: هذا في حال لو افترضنا اني حقا زوجتك .. فاذن انت لا مانع لديك أن ينظر الرجال لجسدي..هل أنت من نوع الرجال الذين يستعرضون بزوجاتهم كما يستعرضون بآخر موديلات السيارات التي يملكونها؟ منصور (بهدوء شديد) : لا .. أنا من نوع الرجال الذين يفخرون بزوجاتهم ويستطيعون في نفس الوقت حمايتهن بدون الحاجة لقطعة قماش .. على عكس الرجال ذو الشروط التعسفية الذين يجبرون المرأة على ترك عملها والبقاء لخدمتهم في المنزل.. أهذا ما كنتِ تطمحين له من خلال زواجك بذلك البدائي؟. يارا (بعصبية تنتفض من مكانها): ارجوك توقف أنا لا أرغب باكمال الحوار. منصور (بكامل هدوئه) : لا يحق لكِ أن تُنهي حوار لم تُكمليه.. اسمعيني جيدا ، ان كنتِ من النساء اللآتي يؤمن بأنهن حلوى مغلفة لن يأكلها أحد ما دامت تحتفظ بغلافها .. فبالغلاف أو بدونه ستنتهي مدة صلاحيتها .. أما ان كنتِ تعتقدين بأنك قطعة من الجواهر أو الألماس فتلك القطع لا ينخفض ثمنها أبدا .. بل ترفع من شأن صاحبها أياً كان معدنه .. أما بالنسبة لي فأنا أراك كإنسان أثمن من كل الماديات.. فلا تناقشيني في الحجاب مرة أخرى، ولا تقللي من شأني وتطلبي من قطعة قماش حمايتك وانتِ زوجتي.. مفهوم ؟ يارا تنظر لمنصور باستنكار شديد ولا تجد كلمات تجيب بها على فكره الغريب. منصور (يقطع هدوء يارا ليكمل): هناك شيئا آخر أود طرحه عليكِ .. سبق و اخبرتك بأنكِ قد اخترتِ سابقا الشخص الذي ترتبطين به ولكن القدر شاء ان تكوني زوجتي، وكم اتمنى بكل هدوء أن تُجربي ما اختاره لكِ القدر .. يارا تقاطع منصور بسخرية: هل حقا انت اختيار القدر لي! منصور: نعم .. فصدقيني لو لم يشاء القدر لما كنتِ هنا الآن ولو مِت أنا ألف مرة.. عموما كل ما اطلبه منكِ أن تحاولي أن تعرفيني ، فأنا أعرف عنكِ ما لا تعرفينه عن نفسك .. وانا اعني ذلك. يارا وبريق الثقة في عيناها يصرخ بصمت (من أنت.. حقا من أنت). منصور (يرد بهدوء على تساؤلات نظراتها) : اعطي نفسك فرصة لتعرفيني .. (وأكمل وهو يقف متجها لخارج الغرفة) ..اتمنى أن تبدئي تلك الخطوة بأن أراكِ على مائدة الافطار. فتُرى ما الخطة الكامنة خلف تماسك يارا و قوتها .. وكيف ستُواجه بها منصور ، وما سر فناجين القهوة التى يكرهها ، و هل ستكون مائدة الافطار هي أول خطوات يارا لاكتشاف مكنونات سجانها .. تابعوا كل ذلك في الفصل الثامن من رواية ( عروس النار) قريبا وحصريا على منتدايات سيدة القصر للتميز والابداع. بقلمي سارة بنت طلال. |
الفصل الثامن من رواية (عروس النار) .. بقلمي سارة بنت طلال.
http://store6.up-00.com/2017-07/149923854011721.jpg الفصل الثامن خرج منصور من جناح يارا واتجه للمائدة في الدور الأول من القصر لتناول الافطار.. جاكلين: سيدي قهوتك ستكون جاهزة في غضون دقائق .. قد امرت العاملين بتغيير طقم الفناجين كما طلبت سموك. منصور ( باستنكار): ولكني أرى من نفس الطقم الكاسات الزجاجية للماء على المائدة! جاكلين: عذرا سيدي .. اعتقدت بأنك تقصد الفناجين فقط .. حالا سأقوم بتغييرها. منصور: اسرعي باخبار العاملين بذلك .. واصعدي بسرعة الى جناح السيدة يارا فمكانك ليس هنا. . . . . في جناحها الفخم كانت تدور بيأس بين زوايا الغرفة.. يارا ( تُحدث نفسها بصوت عالي): يا الهي ما هذه الثقة التي يتحدث بها ذلك المختل .. لا لا ربما هي ليست ثقة بالتأكيد هو داء العظمة .. اهدئي يارا اهدئي .. ( وضعت يدها على قلبها الذي بات ينبض بشدة) : اهدئي .. لا تفكري بالبكاء فالبكاء لن يُجدي ، بامكانك مسايرته حتى تجدي مخرجا من هذا القصر.. انزلي للافطار نعم انزلي و واجهيه .. ماذا سيفعل بك أكثر من سجنك ها هنا. (انتقلت يارا للنافذة لتنظر للبوابة) : بامكانك الوصول لها مهما كانت بعيدة فقط سايريه. التفتت بحزم لتصرخ باسم جاكلين ولكن فُتح الباب قبل أن تلفظ اسمها.. جاكلين: هل تأمريني بشيء سيدتي؟. يارا: أخبري سيدك بأني سأكون على مائدة الافطار بعد عشر دقائق. جاكلين: حقا سيدتي. يارا: نعم.. كما أني سأبدل ملابسي وانزل مباشرة.. وأنا أعلم اين هي غرفة الملابس الخاصة بي فلا داعي لمساعدتي .. اشكرك. جاكلين: حسنا سيدتي.. سأخبر السيد منصور بهذا فورا. وفي اثناء ذلك .. اتجهت يارا الى غرفة الملابس وهي تُردد: اريد شيئا مفتوح للغاية وبنفسجي اللون ، الستَ مُتحرر يا سيد العظمة .. سأريك كيف من المفترض أن تكون رجلا يحمي زوجته وهي تتجول بين خدمك المخلصين. كانت تبحث بين الملابس وشعرها الطويل يتعلق في كل فستان ليُبدي اعجابه بالقطع المنتقاة لعله يساعدها في اختيار ما يلائم بشرتها البيضاء التي تُشرق احمرارا تحت خيوط اشعة الشمس. واخيرا سحبت الفستان المطلوب وقامت باستبدال ملابسها والوقوف امام المرآة لترى النتيجة. كان الفستان كما رغبت أن يكون تماما.. بنفسجي اللون عاري الكتفين، ينسدل بنعومة حتى يلامس اصابع قدميها .. ليعود مرة اخرى بفتحةٍ على جانب جسدها تعلو لتستقر على اعلى ساقها الأيسر. ورغم بساطة الفستان ورغم لونه الجذاب.. الا أن لون بشرتها وجمال تقسيمات جسدها زاده رقيا وأناقة. تركت يارا شعرها الطويل ينسدل لترقص اطرافه كعادتها عند خصرها الممشوق.. واكتفت بقليل من الكحل الأسود وأحمر شفاه وردي اللون. . . . . . على مائدة الطعام.. كان منصور ينتظر قدوم يارا للافطار.. وكان فهد يجلس على يمين منصور ومعه بعض الملفات التي يراجعها ويتحدث عن بعض تفاصيلها مع منصور. وفي هذه الاثناء كانت جاكلين تقف في اخر المائدة (تحاول ترتيب بعض الأطباق استعدادا لقدوم يارا) وفجأة لمحت فستان يارا وهي تنزل من اعلى درج القصر فهمست : سيدي قد حضرت السيدة يارا. رفع منصور نظره من على بعض الأوراق التي أمامه لينظر ليارا وهي تنزل من أعلى الدرج فبقيت عيناه الحادتين والباردتين تتعلق بها حتى وصلت وصارت بالقرب من الكرسي المقابل له على المائدة. وقف منصور من على كرسيه فأسرع فهد بالوقوف ايضا. اسرعت جاكلين وساعدت يارا في سحب كرسي المائدة وما ان جلست حتى جلس منصور ثم فهد. منصور ببرود أنزل نظره على الأوراق مرة أخرى وقال ل فهد: حسنا سأطلع عليها في مكتبي بعد قليل. فهد ( يُسرع بجمع الأوراق) : بالطبع سيدي . اعاد منصور نظره البارد الى يارا ثم قال: سعيد بتواجدك على مائدة الافطار. يارا ترد بلا مبالاة: حسنا. ألقت يارا نظرة على المائدة فوجدت الكثير من أصناف الجبن والبيض والكرواسون واللحم المدخن .. عدى عن صينية فاخرة تمتليء بجميع أصناف الخبز يمر بها أحد طباخين القصر كل بضع دقائق. جاكلين: سيدتي.. هل تفضلين العصير، القهوة، أم الشاي. يارا: القهوة لو سمحتي. جاكلين: هل تفضلين نوع معين من القهوة؟ تدخل منصور عندها ليقول: هي تُفضل القهوة الفرنسية. رفعت يارا عيناها بذهول لمنصور وكأنها تسأله كيف علم بذلك! منصور: اخبرتُكِ سابقا أني اعرفك أكثر من نفسك. احضرت جاكلين القهوة الفرنسية ليارا .. ثم انتقلت لتضع صينية من الخبز التوست أمام منصور في الطرف الآخر من المائدة .. ولكنه أوقفها قائلا: هذه الصينية.. قد طلبتُ اعدادها للسيدة يارا فضعيها أمامها. ثم حول نظره الى يارا بكل هدوء قائلا: أنتِ لا تُفضلين التوست بالزبدة .. وهذا مُحمص بلا زبدة خصيصا لكِ. انفعلت يارا من تصرفاته لتقول بحدة: لما تفعل هذا .. كيف عرفت كل هذه التفاصيل عني فأنا حقا لا أعرفك ، ولولا أني بكامل قواي العقلية لقلت أني أحلم أو فاقدة الوعي. منصور بكامل هدوءه ورصانته: أتمنى أن تأخذي بعين الاعتبار أنك لم تُصبحي زوجتي في يوم وليلة كما تعتقدين أو كما سجل الورق .. فهذا القصر وهذه المكانة تحديدا .. هي ليست لشخص لستُ على علم بأدق تفاصيل حياته. يارا بابتسامة مليئة بالتحدي: بالطبع .. فأنت مُختطِف.. فمن الطبيعي جدا أن تعلم بكامل تفاصيل ضحيتك. منصور بتحدي أكبر: ربما أنا فعلا مُختطِف وربما لا.. فحاولي أن تكتشفي ذلك بنفسك، وبالمناسبة .. انت جميلة في كل احوالك فلا داعي لأن تكشفي كل هذا القدر من جسدك لتُرضيني. يارا وهي تحاول أن تُخفي صدمتها من وقاحة حديثه: لم أكشفه أمامك فقط.. فها هو مرافقك الأمين على يمينك.. فربما أنا أحاول ارضاءه هو أيضا. سيطر السعال على فهد الذي شعر بالارتباك شديد من حديث يارا ليقف سريعا قائلا: عُذرا سيدي.. سأنتظرك في المكتب. منصور بكل ثبات وبرود: تفضل. التزم منصور الصمت وتناول الافطار واكتفى بالقاء نظراته الباردة بين الفترة والأخرى على يارا التي اكتفيت هي أيضا بتناول القهوة. بعد مدة وقف منصور بهدوء ليرتدي سترته.. ثم التفت الى يارا وقال: سألتقيك بعد ساعة في مكتبي.. وان لم تحضري فسأعتبرها دعوة منك لي الى جناحك. انتقل منصور الى مكتبه في القصر.. وحين دخل وجد فهد يجلس على احدى الكراسي بانتظاره. منصور: حسنا يا فهد.. هل لا منحتني خمس دقائق على الأقل قبل أن أبدأ النظرفي جميع الملفات التي أحضرتها لي. فهد: بالطبع سيدي.. خذ وقتك في النظر اليها، وسأعود مساءً لاستلامها من سموك. منصور يجلس على كرسي مكتبه مخاطبا فهد ليقول: حسنا.. شكرا لك. وما ان خرج فهد من مكتب منصور حتى همس منصور ليحدث نفسه قائلا: ااااه يا الهي كم هي جميلة.. ولكن ينقصها أن تعلم أنها ملكي. . . . . . يارا مازالت تحاول المكوث على مائدة الافطار أطول وقت ممكن لعلها تحفظ بعض الأماكن التي قد تساعدها على الهروب. جاكلين : سيدتي .. لما لا تتناولين افطارك، هل أحضر لكِ شيئا آخر. يارا وهي تفكر بعمق: لماذا تعتقدين بأنه يرغب برؤيتي بعد ساعة؟ . جاكلين تسحب الكرسي لتجلس بجانب يارا وتمسك يدها لتطمئنها قائلة: لا أعلم سيدتي.. ولكن كل شيء سيكون على ما يرام فلا تقلقي. يارا: انه حقا متعجرف و مستفز . جاكلين: قد طلب منكِ أن تعرفيه فجربي ذلك .. ربما تغيري رأيك. يارا بانفعال: وماذا ان كنتُ لا أهتم لمعرفته.. أليس لي رأيا في هذا! جاكلين تلتزم الصمت وتحاول تهدئة يارا وصب المزيد من القهوة لها. بقيت يارا تنظر بهدوء حولها وهي ترى العاملين في القصر يتوافدون لازالة اطباق الافطار من على المائدة التي أمامها وهي قد فقدت الرغبة في الصعود الى غرفتها .. ففي داخلها يصارع التمرد فيها الخوف من سجانها .. ومضى الوقت حتى بقي على موعدها معه ربع ساعة فحسب. يارا: جاكلين.. هل من الممكن أن تحضري لي أي نوع من المعاطف من غرفة الملابس؟ جاكلين: حسنا.. سأذهب لاحضار شيء مناسب لهذا الفستان الجميل .. فانتِ حقا تبدين جميلة جدا به. يارا تبتسم ابتسامة يغمرها القلق والخوف: شكرا لكِ. . . . . . منصور في مكتبه ينظر الى الساعة كل خمس دقائق ثم يعاود النظر الى الأوراق التي في يده .. بقي خمس دقائق فقط على لقائه معها. . . . . ارتدت يارا المعطف الذي احضرته لها جاكلين.. وقفت ورفعت قامتها بكل ثقة لتخفي كل المشاعر المتضاربة بداخلها، اشارت لجاكلين بأن تأتي معها حتى تُعلم منصور بقدومها.. فمشت جاكلين تقودها باتجاه مكتب منصور. . . . جاكلين طرقت الباب ثم دخلت لتجد منصور ينظر لها بحده منتظرا منها أن تقول ما تريد.. جاكلين: سيدي.. السيدة يارا في الخارج. منصور محافظا على حدة نظرته: فالتدخل.. ولا تنسي أن تغلقي الباب خلفها. جاكلين: امرك سيدي. دخلت يارا ووقفت صامته بعيدا عن منصور.. منصور بسخرية: أرى أنك ارتديتي معطفا.. هل هذا ايضا لارضائي. يارا وهي تحاول أن تتمالك اعصابها: ماذا تريد. وقف منصور بهدوء ومشى باتجاهها ليقترب منها قليلا ولكن ذلك جعل يارا لا شعوريا ترجع الى الوراء حتى التصقت بباب المكتب خلفها. أدرك منصور أن يارا خائفة منه فوقف امامها مباشرة ثم دنى من وجهها قليلا وقال: اخلعي معطفك رجاءً. يارا تتمسك بمعطفها أكثر و قد بدأت الدموع تلمع بين شموخ جفنيها وهي تقول: لا.. لن أفعل. الدموع الساكنة في عينين يارا قد استفزت منصور فصرخ قائلا: لن ألمس شعرة منكِ الا برضاكي .. والآن اخلعي معطفك فقد رأيتك سابقا بدونه. صرخة منصور تلك أطلقت العنان لدموع يارا.. فأخذ جسدها يرتعد خوفا وضعفا أمام منصور.. فما كان أمامها سوى أن تخلع معطفها كما طلب منها منصور.. وما ان فعلت ذلك حتى حاصرها منصور بذراعيه حين استند بيديه على الباب خلفها واقترب منها اكثر ليهمس في اذنها قائلا: الآن انتِ تُرضيني أنا فحسب.. والآن أيضا أثبت لكِ أنا أنكِ مُلكي .. وبحركة سريعة وقف منصور باعتدال وعيناه في عينان يارا وقد خلع سترته أمامها ووضعها بهدوء على كتفيها.. ثم عاد ليهمس لها قائلا: اعتقد بأنكِ قد فهمتي الدرس .. بامكانك المغادرة الآن. إلتفَت يارا بسرعة لتلتقط أُكرة الباب خلفها وتخرج راكضة وهي في قمة الانهيار وكل ما تريده هو أن تصعد الى جناحها فتواري فيه ضعفها ودموعها التي خانتها أمامه. . . . . ترى هل تستطيع يارا ان تجمع قوتها مرة أخرى أمامه.. أم سيكون هروبها من منصور هو الحل الوحيد أمامها.. تابعوا ذلك في الجزء التاسع من رواية (عروس النار) قريبا وحصريا على منتديات سيدة القصر. بقلمي سارة بنت طلال. |
http://store4.up-00.com/2017-07/149975896863261.jpg الفصل التاسع ما ان دخلت يارا الى جناحها.. حتى تصورت المكان حولهاو كأنه سجن قد بدأت قضبانه بالنزول من أسقف غرفتها لتحاصرها وتعلن لها انتهاء فترة الاستراحة، وما ان اغلقت باب تلك الغرفة عليها حتى صدح صوت ذلك الباب الفخم وكأنه من حديد صلب يحاكي صوت الخوف المظلم داخلها، بكت يارا بصمت هذه المرة.. بالرغم من كل تحديها وقوتها هبطت على ركبتيها وهي تنظر للأسقف العالية التي تدور من حولها ، بقيت حتى غربت الشمس والدموع الصامتة تشق طريقها عابرة عبر وجنتيها ، بقيت ترفض تواجد جاكلين بالقرب منها أو حتى بالقرب من جناحها .. وفجأة جاء صوت الرعد ليهز كيانها رافضا استسلامها لتلتفت الى النافذة التي عهدت الوقوف عندها كلما ودعت الدموع عيناها.. وقفت مسرعة وركضت باتجاهها لترى البرق يلمع وكأنه قد حمل سيفا ليجرح به عظمة السماء، فيترك ندوبا من الصواعق تؤذيها.. فلا تملك حلا لألم تلك الندوب سوى أن تبكي مطراً. عصفت الرياح لتعترض على ذلك الظلم الواقع على السماء فأخذت تلوح بأغصان الشجر يمينا ويسارا ، صرخت يارا : لا لا .. لن أخضع لسيفك أبدا، كما أن السماء لن تخضع لذلك البرق وستشرق بصفائها غدا.. نعم أنا لستُ ملكك وركضت تعبر أرجاء الجناح حولها وكأنها تأمر القضبان أن ترتفع لحريتها من جديد. فتحت الباب في ذلك الجناح العظيم ونظرت له باستصغار قائلة : لن تصدح في اذني من جديد .. وقفت يارا في أعلى الدرج المُطل على الدور الثاني و بذلك الفستان الأنيق و عليه سترة منصور التي وضعها على كتفيها. نظرت يارا للنوافذ العظيمة التي ترتفع خلفها محيطة بالجزء الأعلى من اسقف القصر والتي امتلأت مطرا : وصرخت بكل قوتها منصووووووور .. منصووور يا سيد هذا السجن العظيم والمنمق. تجمع جميع العاملين في القصر في الدور الأول وهم ينظرون باستنكار ليارا وهي تصرخ وتنادي على سيدهم. جاكلين: تقف في وسط العاملين وهي تحاول تشتيت الجموع قائلة: ما الأمر .. فاليعود كل منكم الى عمله ، تفضلوا رجاءً. ولكن قبل أن يلتفت لها أحدهم ظهر منصور وهو في حالة قلق من صراخ يارا .. ليقف أسفل الدرج متسائلاً: ما الأمر. يارا تقف بكل شموخ لتُسقط سترته التي وضعها عليها أرضا .. ثم تُنزل يديها لتمسك بطرف فتحة ذلك الفستان الذي يعلو ساقها لتمزقه من عليها من ما أظهر بعض أجزاء جسدها بشكل واضح. أطلقت احدى عيناها دمعة تحدي وهي تقول موجهة حديثها الى منصور: أفعلت كل هذا من أجل فتاة أعجبتك؟ .. ترغب بجسدها بشدة وكبرياءك الرجولي لا يسمح لك بأن تفرض نفسك عليها؟ .. جلبتني الى هنا لتسجنني حتى أسمح لك بأن تنفرد به!!! راح الرعد يهز بصوته تلك النوافذ خلف يارا وكأنه يؤيد ما تقول محاولا التصدي هو أيضا لمنصور. صرخت يارا لتكمل حديثها قائلة: تعال انفرد به .. تعااااال واطلق سراحي.. أكمل ثروتك العظيمة وامتلك تحفتك الفنية ثم دعها وشأنها بعد ذلك. تقدم منصور ببطيء و أخذ يصعد الدرج باتجاه يارا .. لم يكن ينظر ليارا في تلك اللحظات فقد كان هناك شيء آخر يحوز على انتباهه. بقيت يارا تقف وتنظر لخطواته وهو يتقدم نحوها .. ورغم أن ركبتيها كانتا ترجفان رفضا لقرارها.. إلا انها أجبرتهما ليسنِدا قدميها فتقف أمامه بكل تحدي. وللحظة وهي تنظر لمنصور التي باتت خطواته قريبة منها .. أيقظ سمعها صوت تصدع الزجاج العظيم خلفها بسبب قوة الرياح والمطر، وقبل أن تلتف لترى ما يحدث.. وجدت منصور وقد جذبها ليحيطها بذراعيه ويدفنها بين أحضانه جاعلا جسده المُنحني عليها غطاءً لها من حطام الزُجاج الذي سقط متناثراً بأجزائه وزواياه الحادة عليهما. بقي منصور يحتضن يارا حتى استطاع أن يرفع رأسه لينظر ما ان كان ذلك المطر من الزجاج قد توقف. وما ان اطمأن لذلك حتى رفع رأسها بين أحضانه وهو يسألها بصوت متقطع: هل.. أن تِ بخير؟ ثم أخذ ينفض بيديه بعض من فتات الزجاج التي علقت بأطراف خصلات شعرها ليكمل قائلاً بهمس: اجيـ ـبيني هـ ـل أنتِ بـ ــ خير؟ نظرت يارا لوجه منصور فلمحت قطرات الدماء وهي تجري هرباً من أحد الجراح على طرف جبينه.. مما جعل نظراتها تتجول بهلع لترى كتف قميصه أيضا وقد تمزق غرقا بالدم. كانت جاكلين عندها قد وصلت راكضة بعد أن رأت ذلك المنظر قائلة : سيدي سيدي .. ( أكملت تصرخ في العاملين المذهولين في القصر بأعلى صوتها قائلة): فاليساعدني أحدكم بسرعة. كانت يارا أيضا قد ملكها الذهول وارتمت لتجلس على الأرض وهي تنظر لمنصور الذي أسرع بدفع جاكلين نحو يارا قائلاً: غـ ـ ـطـ ـي السـ ـ ـيدة يا را أولا.. بسرعـ ـة. أخذت جاكلين سترة منصور التي كانت يارا قد ألقتها ارضا لتغطي بها يارا مرة أخرى. وفي لمح البصر.. حمل العاملين في القصر منصور نحو جناحه الخاص لتركض جاكلين وتُهاتف الاسعاف على عجل. وقفت يارا واتجهت بهدوء قد امتلأ بالصدمة نحو جناحها الذي دخلته لتترك أبوابه مفتوحة كما هي وتجلس على احدى الأرائك الموجودة في الصالة الخارجية لجناحها، وما هي الا دقائق حتى سمعت صوت سيارة الاسعاف التي أتت لنقل منصور الى المشفى. نظرت يارا لسترة منصور التي تحيط بها.. ثم تذكرت كلام منصور حين قال لها سابقا " كم أتمنى بكل هدوء أن تُجربي ما اختاره لكِ القدر" لتتمتم قائلة: في المرة الأولى أجبرتني على ارتداء سترتك هذه لتُثبت لي أنني ملكك.. تُرى هل هذه المرة قد أرغمني القدر على ارتدائها لنفس السبب! . . . . . . في منتصف الليل وفي احدى الأجنحة الفخمة في تلك المشفى غفى منصور بسبب الأدوية التي وصفها له الطبيب لتُسكن الألم.. وذلك بعد أن تم تضميد جراحه ولف بعض الشاش على جبينه.. وتقطيب ذلك الجرح العميق على كتفه ببعض الغرز. وفي الصباح الباكر استيقظ منصور ليجد فهد وقد سهر بجانبه طوال فترة نومه.. فهد بقلق: سيدي .. هل سموك بخير؟ أومأ منصور برأسه ليطمئن فهد ثم قال: هلا أحضرت لي كوبا من الماء؟ فهد : بالطبع سموك. بدأ فهد يسكب لمنصور كوبا من الماء وقد غلب على وجهه الشحوب. أخذ منصور يُراقب ملامح فهد حتى اقترب فهد منه ليُعطيه كوب الماء. منصور : فهد هل لديك ما تُخبرني به !.. فذلك الشحوب على وجهك يحمل الكثير من التساؤلات. جلس فهد على ذلك الكرسي القريب نوعا ما من سرير منصور في تلك المشفى ثم قال بصوت بائس: انه الفضول سيدي.. ليس شيئاً سوى الفضول. منصور: وعن ماذا يبحث فضولك؟ فهد: تعلم سيدي جيدا مدى حبي واخلاصي لسموك .. فاعذر فضولي الذي بات قلقا عليك. منصور يعتدل في جلسته وهو يقول: و أنا قد سألتك! عن ماذا يبحث فضولك؟ فهد: قد أخبرتني جاكلين بكل ما حدث ليلة البارحة، فلماذا السيدة يارا بالتحديد؟ ولماذا قد آذيت نفسك من أجل أن تحميها؟ منصور بعد صمت قد استمر بضع دقائق: لم أعتد على أن يسألني أحد لماذا. أسرع فهد ليقول: أنا لم أقصد.. قاطع حديثه منصور ليقول: ولذلك سأجيبك بشكل غير مباشر عن سؤالك. فهد: تفضل سموك. منصور: هل تذكر طقم فناجين القهوة والكاسات التي طلبت تغييرها البارحة؟ فهد: نعم سيدي.. اذكر ذلك جيدا. منصور: قد طلبت تغييرها لأن احدى الكاسات في ذلك الطقم قد استخدمته يارا سابقا في جرح نفسها بقصد الانتحار.. (صمت منصور لثواني ثم اردف قائلاً): لم أحتمل رؤية ذلك الطقم وأنا أعلم بأن قطعة زجاج منه قد لمست عروقها، فكيف تعتقد بأنني من الممكن أن أترك زجاج نوافذ قصري يغمرها بدلا مني! فهد بتعجب من حديث منصور: أتحبها الى هذا الحد! منصور وهو يتفقد هاتفه النقال: أعتقد بأنني أجبتك.. فاختار ما يناسب ظنك. ترى مالقصة الكامنة خلف مشاعر منصور اتجاه يارا.. وهل يستطيع القدر أن يُقنع يارا باختياره لمنصور؟ ترقبوا ذلك في الفصل العاشر من رواية عروس النار قريبا وحصريا فقط على منتداي الرسمي.. منتديات سيدة القصر. بقلمي سارة بنت طلال. |
http://store4.up-00.com/2017-07/150088073355161.png الفصل العاشر الشمس تتسلل بهدوء عبر نافذة جناح يارا لترتمي ببطيء على قدميها وترتفع حتى لتلامس رمشيها اللذان أزعجهما فضول الشمس.. من ما جعل يارا تستيقظ لتخبيء عيناها سريعا في سترة منصور التي غفت وهي ما زالت تغطيها .. لتستوعب سريعا من رائحة عطره الفاخر أنها تختبيء في سترته. قامت ببطيء وخلعت تلك السترة ووضعتها على السرير .. اتجهت ببطيء ايضا الى دورة المياه ونظرت قليلا في المرآة ثم قالت وكأنها تُحدث انعكاسها فيها : ماذا ستفعلين .. اخبريني ماذا ستفعلين! . . . . . جاكلين طرقت على باب جناح يارا وهي تحمل صينية الافطار ثم دخلت ووضعت صينية الافطار على احدى الطاولات في الجناح .. اتجهت نحو غرفة يارا وفتحت الباب فلم تجد يارا.. ثارت خوفا وركضت بسرعة باتجاه دورة المياه لتتفقدها ولكن قبل ان تطرق الباب ، فتحت يارا الباب ونظرت الى جاكلين ببرود وقالت: لا داعي للذعر فأنا لم أهرب. جاكلين بخجل: لم افكر بهذا.. أنا فقط أردت أن أطمئن على صحتك سيدتي .. فالبارحة كنتِ مُتعبة جدا. اكتفت يارا بالصمت. نظرت جاكلين الى حال يارا وفستانها الممزق عليها..فقالت وهي تتجه بسرعة نحو غرفة الملابس : سأحضَر لكِ ملابسك حالا سيدتي. يارا تُوقف جاكلين وهي تتساءل ببرود متظاهرة بعدم الاهتمام: هل هو بخير. جاكلين تقف وتنظر بانتباه ليارا فترد: هل تقصدين السيد منصور. يارا تتجه للنافذة بشكل غير مبالٍ أبدا: ومن غيره في المشفى! جاكلين: فهد أخبرني بأنه مُتعب قليلا ولكنه قد أصر على الخروج اليوم.. قال الطبيب بأنه يحتاج للراحة. جلست يارا على السرير ملتزمة الصمت. جاكلين: سأحضر لكِ الملابس حالا. . . . . منصور في المشفى وبجانبه فهد يحمل مجموعة من الملفات والأوراق كعادته . فهد: سيدي بامكاننا أن نؤجل مراجعة الملفات هذه لوقت لاحق .. يجب أن تنال قسطا من الراحة. منصور: تعلم جيدا بأني لا أؤجل العمل أبدا فلا ترهقني بتكرار نفس الحديث كل خمس دقائق. فهد: كما تريد سيدي. منصور موجها كلامه لفهد: أعتقد بأن فرع الشركة في باريس بحاجة لمتابعة مباشرة.. فاما أنه لا يحقق الإيرادات المطلوبة أو أن هناك تلاعب في نتائج الايرادات. فهد: فعلا سيدي .. فأنا قد أشرت لذلك أيضا في التقارير التي طلبتها مني، وأنا أنتظر توجيهات سموك. منصور: نحتاج الى أن نتأكد من ذلك بأنفسنا .. ولذلك احجز لنا على طائرة الاسبوع القادم ولا تخبر أحدا بذلك فأنا أود أن أرى سير العمل هناك بلا أي تحسينات. فهد: بالطبع سيدي.. صمت فهد قليلا وهو يراقب منصور ثم قال: سيدي .. هل أنت مُصر على الخروج من المشفى اليوم؟ فالطبيب قال بأنك تحتاج للراحة. منصور يرفع نظره من على الورق أمامه ويسأل فهد: هل حقا قال هذا ؟ فهد بحماس : نعم لقد شدد على ذلك. منصور : اذن تفضل بالانتظار في الخارج فقد بدأت تُقلق راحتي .. وحين أنهي الأوراق سأقوم باستدعائك .. اسرع رجاءً. خرج فهد تلبية لطلب منصور وقد كانت تعلو وجهه علامات اليأس التي اعتادت ملامحه عليها. . . . . . . جلست يارا في الشرفة الخاصة بجناحها والمجاورة لشرفة جناح منصور بعدما بدلت ملابسها وارتدت بنطال جينز باللون الأزرق الفاتح كما ارتدت عليه قميص بدون أكمام وباللون العودي الداكن. وضعت جاكلين امامها صينية الافطار.. جاكلين : سيدتي تبدين جميلة جدا ومرتاحة اليوم. يارا: لا أعلم حقا ما شكل الراحة التي تتحدثين عنها ولكن شكرا لكِ. جاكلين : هل ترغبين أن أحضر لكِ شيئا آخر. يارا : هل من الممكن أن نتحدث قليلا؟ .. فأنا أرغب بالحديث. جاكلين : بالطبع سيدتي. جلست جاكلين على الكرسي المقابل ليارا.. ثم قالت: قولي لي ماشئتي كلي آذان صاغية. يارا: ما قصتك معه؟ جاكلين: مع من سيدتي! يارا: مع منصور .. انت تدافعين عنه دوما بشدة، هل تحبينه ؟ ابتسمت جاكلين باستنكار ثم قالت : بالطبع احبه سيدتي ولكن ليس بالشكل الذي تعتقدينه .. في الحقيقة السيد منصور أنقذ حياتي. يارا بانتباه: كيف حدث ذلك.. أكملي رجاءً. جاكلين تُطأطيء رأسها بحزن: رغم أني لا أحب أن أتذكر الماضي ولكن سأحكي لكِ.. أنا من عائلة عربية بسيطة جدا، هاجرنا مع أبي حين كنا صغارا انا وأمي وأخي الوحيد الى ألمانيا هربا من الاضطهاد الطائفي.. ولكن بعد فترة من هجرتنا، قام والدي بهجرنا أيضا وتزوج من امرأة ألمانية بهدف الحصول على الجنسية واختفى منذ ذلك الحين.. ربتنا والدتي بمفردها فكبرنا انا وأخي وترعرعنا في برلين. لكن قبل تسع سنوات تقريبا.. توفيت والدتي حينما علمت بأن أخي يتعاطى المواد المخدرة خاصة بعدما تطاول عليها ذات يوم حتى وصل الأمر الى ضربها وضربي لأننا رفضنا في ذلك اليوم اعطائه المال.. سكتت جاكلين قليلا بأسف ثم أكملت قائلة بصوت يرتعد: وبعد وفاة والدتي بمدة بدأ يُتاجر بجسدي حتى يحصل على المال. بدأت دموع جاكلين تلمع في عيناها من ما جعل يارا تقول بارتباك شديد: أنا آسفة .. لا داعي لأن تحكي لي شيئا.. أنا فعلا آسفة.. جاكلين تمسك بيد يارا : لا بأس .. من حقك أن تعرفي المعروف الذي قدمه لي السيد منصور لتفهمي مشاعري اتجاهه. يارا بارتباك أكثر: جاكلين لا يهمني أن أعرف هذا .. فحقا أنا لا أهتم لسيدك أبدا. جاكلين : ولكني أهتم .. أود حقا أن تمنحيه فرصة ، فاسمعيني رجاء. سكتت يارا أمام دموع جاكلين واستجابت لرغبتها في الحديث. جاكلين: أجبرني على ذلك العمل لسنوات حتى طلب مني ذات ليلة أن أتجهز لأن هناك رجل أعمال قد دفع له مقابل أن أقضي ليلة واحدة مع صديقه وهو رجل أعمال آخر .. وأخبرني بأنه دفع مبلغا كبيرا حتى أخلص في عملي .. وأن صديقه ذاك أيضا سيدفع لي فهو غني غناء فاحش. تحضرت يومها وأخذني أخي الى جناح رجل الأعمال هذا في فندق فخم جدا.. أوصلني حتى جناحه وقال لي: سآتي صباحا لآخذك من هنا .. ثم تركني ورحل. طرقت باب الجناح وبقيت أنتظر أمامه لمدة عشر دقائق حتى فتح لي صاحبه الباب .. يارا تقاطع جاكلين قائلة : كان منصور؟ .. أليس كذلك؟ جاكلين : نعم كان هو السيد منصور.. كان يرتدي احدى بدلاته الرسمية كالعاده.. يارا بتردد: هل قام بـ.. جاكلين : بالطبع لا سيدتي .. بالعكس دفعني أرضا بقسوة وقال لي باللغة الانجليزية: أخبري من أرسلك الى هنا بأن هذا الأسلوب الرخيص لن يجعلني أخسر أمامه المناقصة. وخرج يومها وأغلق باب جناحه خلفه وتركني أنا ملقاة على الأرض أمام المارة. كرهته يومها بشدة وأصررت على البقاء حتى يعود لآخذ ثمن الليلة.. فقد كنت خائفة من أن يظن أخي بأنني قد أخذت المال وأخفيته عنه.. فمهما قلت له لم يكن ليصدق أبدا أنه لم يحدث شيئاً بيننا. وحين عاد السيد منصور ليلا وكان فهد معه.. وجداني انتظر امام باب الجناح فسألني السيد منصور قائلا: لماذا انتِ ما زلتي هنا؟ فأجبته: أريد مالي .. أريد ثمن الليلة. فقال متعجبا: أنا لم أقضي معك الليلة. فتدخل حينها فهد وهو يسأل السيد منصور: ما الأمر سيدي. فأجابه قائلا: هذه التي أخبرتك عنها سابقا.. أرسلها أحد المنافسين ولا شك بأنه (مستر ديفيد) .. هو يستخدمها كعائق رخيص لأخسر مناقصة (شركة جلوريــــــــا) . أكملت جاكلين تقول ليارا: عندها تأكدت من أنهم عرب .. فقلت للسيد منصور بالعربي: أرجوك لا تقحمني فيما لا علم لي به، أنا أؤدي عملي فحسب .. أعطني حقي وسأرحل من هنا فورا. ما ان قلت ذلك حتى لمحت نظرة الذهول في عينا السيد منصور وفهد .. فرد علي فهد قائلا: أنتِ عربية. أجبته: نعم أنا عربية. فما كان من السيد منصور سوى أن أدار لي ظهره بغضب ودخل جناحه تاركا فهد معي. فهد: ما اسمك؟ جاكلين: وماذا سيفرق معك اسمي. فهد: حسنا.. هل عائلتك على علم بعملك هذا؟ في ذلك الوقت يا سيدة يارا انهرت أمام فهد حين سألني عن عائلتي.. لم أعرف ماذا أقول له. فما كان منه هو الآخر سوى أن أدخلني الى جناح السيد منصور ليقدم لي كأسا من الماء. وحين دخلت الجناح وجدت السيد منصور يجلس على الأريكة المقابلة لباب الجناح وأخذ ينظر لي نظرة لم أفهمها يومها أبدا.. لم أعرف ما إذا كان يُشفق علي أم يحتقرني. اختفى فهد لدقائق حتى يحضر لي كوبا من الماء.. أما السيد منصور فقال لي: أخبريني قصتك بالكامل وسأعطيكي ثمن الليلة.. وأتمنى أن لا تكذبي حتى لا أضطر الى عقابك بطريقتي الخاصة. شعرت بالخوف الشديد من نظرات السيد منصور في تلك اللحظة.. وحين أتى فهد بكوب الماء شربته بالكامل من شدة ذعري.. ثم حكيت له قصتي فسمعها هو وفهد فطلب مني أن أتصل على أخي وافتح مكبر الصوت ليتأكد من أنني لا أكذب. وفعلا فعلت هذا.. وحين أجاب أخي على مكالمتي سألني مباشرة: كم أعطاكي؟ فقلت : كثير ولكني لم أعدهم بعد.. متى ستأتي؟ فأجابني: قلت لك في الصباح.. حاولي أن تبيتي عنده لعله يزيد ثمن الليلة. فأشار لي السيد منصور أن أقول له أن يأتي لأخذي غدا في المساء. وبالطبع وافق أخي بسرعة.. وما ان أغلقت الهاتف حتى وقف السيد منصور وسألني: أجيبيني بصدق.. هل ترغبين بالتخلص من هذا العمل؟ فسبقتني دموعي لتجيب على سؤاله وأنا أقول: نعم.. بالطبع أنا أرغب في ذلك بشدة. فأخبرني السيد منصور بأنه سيخلصني منه وسيوفر لي عمل جديد وحياة كريمة. وبالفعل في اليوم التالي زوجني فهد زواج صوري حتى لا يستطيع أخي أن يسجل ضد السيد منصور قضية خطف عند السلطات الألمانية، واستخرج لي جوازا في يومين فقط وفي اليوم الرابع من لقائي به كنت على متن الطائرة من برلين الى هنا.. أكملت جاكلين حديثها وهي تحاول اظهار ابتسامة من بين دموعها قائلة: وها أنا أعمل كربة منزل في هذا القصر منذ ثلاث سنوات. يارا بتعجب: هل أنتِ زوجة فهد؟ جاكلين: لا.. طلقني ما ان وصلت الى هنا واحتفظ السيد منصور بالأوراق في حال احتجنا لها مستقبلا. يارا: لم أتخيل أبدا أنك قد عانيتي الى هذا الحد. جاكلين: لا تلتفتي للمظاهر سيدتي.. فهذا القصر يحمل قصصا كثيرة، وصدقيني حتى صاحب هذا القصر كذلك. يارا: ألم تشعري يوما بأنه قاسي أو مريض بالعظمة؟ جاكلين: ربما هو قاسي ولكن لقسوته أسباب.. سيدتي صدقيني.. قسوة السيد منصور هي ميزان عادل في الكثير من الأحيان.. جربي الاقتراب من قسوته وستدركين أنها سراب. . . . . . . . في مساء ذلك اليوم وصل منصور الى القصر بصحبة فهد وأثناء خروجه من السيارة متجها الى القصر لمح يارا وهي تقف في الشرفة تراقبه.. وما ان ارتفع بصره اليها حتى اسرعت بالدخول الى غرفتها واغلقت الستائر. دخل منصور القصر فاستقبلته جاكلين تقول: حمدالله على سلامة سموك. منصور: شكرا لكِ. جاكلين: الغداء جاهز سيدي. منصور: لن أتناول طعام الغداء فأنا أود أن انال قسطا من الراحة في جناحي. جاكلين: كما تريد سيدي. منصور وهو يتجه الى الدور العلوي حيث يقع جناحه سأل جاكلين: كيف هي السيدة يارا؟ جاكلين: بخير سيدي.. وقد سألتني عن صحة سموك هذا الصباح وقد طمأنتها. منصور: هل تناولت طعام الغداء. جاكلين: ليس بعد. منصور: اذن احرصي على أن تفعل. جاكلين: بالطبع سيدي. . . . . . صعد منصور الى جناحه ثم تخلص من قميصه وتمدد على سريره وما هي الا ثواني حتى دخل في سبات عميق. . . . . . في الجناح المجاور.. بقيت يارا بصحبة جاكلين يتبادلان أطراف الحديث وهي تتناول طعام الغداء. وبعد ساعة من الزمن.. خرجت يارا الى الشرفة منجذبة الى ألوان غروب الشمس المتفاوتة التدرج.. بقيت تُفكر بموقف منصور اتجاهها حين حماها من الزجاج.. وسرحت بتفكيرها حتى وصلت الى موقفه مع جاكلين، ثم أخذها القلق الى التفكير في والدها ووالدتها وأخيها طراد .. أخذت تسأل نفسها: ترى هل سافر طراد وتركني ؟ ماذا عن أمي وأبي؟ .. اشتقت اليهما كثيرا. سالت الدموع التى حفظت الطريق عبر وجنتي يارا.. فتطوعت أناملها الباردة لتتكفل ببعثرة تلك الدموع عن وجنتيها.. و أثناء تفكيرها العميق في الحال الذي وصلت له.. قطع حبل أفكارها صوت أنين بدا مسموع عبر شرفة منصور، اقتربت قليلا باتجاه شرفته المجاورة لشرفتها فتأكدت بأنه يئن ألما. ركضت يارا باتجاه جاكلين التي كانت تجمع أطباق طعام الغداء من جناح يارا الخارجي.. وسحبتها حتى وصلتا الى الشرفة. يارا تهمس لجاكلين: اسمعي.. هل هذا صوت أنينه. صمتت جاكلين لتسترق السمع لدقائق ثم أجابت: نعم هو فعلا يئن. يارا: هل هو بالعادة هكذا؟ جاكلين: لا أظن.. في الحقيقة لا أعرف.. ربما. يارا: اذن اذهبي لتتفقدي ما ان كان بخير. جاكلين بهلع: لا لا سيدتي لا أستطيع.. غير مسموح لأي أحد بالدخول الى جناح السيد منصور اثناء تواجده دون اذنه. يارا: ولكنه مريض.. فكيف ستأخذين اذنه! جاكلين: لا أعرف. يارا: ماذا عن فهد؟ جاكلين: ان لم يطلبه السيد منصور بنفسه.. فهو لن يتجرأ على الدخول الى غرفته الشخصية في جناحه الخاص. يارا: حسنا فليموت.. هو يستحق أن تقتله عظمته.. ما دخلي أنا بالأمر! دخلت يارا بكل عصبية الى غرفتها وهي تتذمر قائلة: رجُل غريب.. مجنون وقاسي حتى على نفسه. جاكلين بتوتر: سيدة يارا.. ما رأيك أن تدخلي انتِ جناح السيد منصور لتفقده. يارا بنظرة حادة لجاكلين: ماذا! وما دخلي أنا! هل كان سيدي أم سيدكم! جاكلين بخوف وتردد: هو.. هو.. زوجك سيدتي.. ألقت جاكلين هذه الكلمات بسرعة وأسرعت لتخرج من الغرفة هربا من غضب يارا.. سقطت كلمات جاكلين على يارا وكأنها قد سكبت على رأسها سطلا من الماء البارد.. مما جعل يارا تقف بتوتر في الغرفه وهي تردد ذهابا وايابا: هو ليس زوجي.. هو ليس زوجي.. كم مرة ينبغي علي أن أردد ذلك، يا الهي أخبرني كم مرة ينبغي علي أن أقنعهم بذلك، هذا الزواج باطل.. نعم هو باطل، قد أجبرني عليه.. قد أرغمني على ذلك. شعرت يارا بالاختناق.. بدأت دموعها تنساب من جديد.. تود البكاء بشدة تود الصراخ بأعلى صوتها تود أن تتنفس. دفعت بيديها باب الشرفه من جديد وخرجت لتأخذ أنفاسها قبل أن تعود للغرق في جناحها مرة أخرى. أخذت أنفاسها بقوة ولكن قبل أن تطلقها قاطعها صوت أنين منصور القادم من شرفته ولكن هذه المرة كان أنينه أعلى من المرة الأولى.. فوضعت يديها على شفتيها وبكت بحرقه.. جلست على أحد الكراسي في شرفتها وكان جسدها يرتجف كلما سمعت أنين منصور.. فما كان منها سوى أن حدثت نفسها قائلة: حسنا.. ان مات فلن أستطيع أن أقنع الناس بأنه قد أرغمني على الزواج به.. وسأبقى في نظر عائلتي والجميع فتاة مجرمة خانت أهلها وزوجها وهربت مع عشيقها في ليلة عرسها . مسحت يارا دموعها وعبرت جناحها لتخرج منه متجهة الى جناح منصور.. طرقت الباب مرة ومرتين ثم ثلاثا وبعد ذلك فتحت باب الجناح ودخلت بهدوء واثناء مرورها عبر الصالة خارجية في جناحه، لفت انتباهها وجود بيانو كلاسيكي ضخم أمام احدى النوافذ في جناحه، كما لفت انتباهها في الطرف الآخر من الصالة وجود طاولة مربعة الشكل لا يوجد أمامها سوى أريكة واحدة.. وعلى تلك الطاولة وُضعت أجزاء لعبة تركيبية اكتمل النصف فقط من صورتها ويبدو من كمية الأجزاء المتبقية والمترامية على أطراف تلك الطاولة بأن النصف الآخر يحتاج الى وقت طويل جدا لانهائه. كانت كل زاوية من تلك الصالة الخارجية في جناحه تُغري الناظرين لها للوقوف أمامها والتأمل فيها.. كان كل شيء رغم غرابته فخم لأقصى حد. عبرت يارا تلك الصالة حتى وصلت الى باب غرفة نومه في الجناح.. وضعت يدها التي كانت ترجف بشدة على أكرة الباب، كانت حائرة ما بين التردد والاصرار. طرقت الباب عدة مرات ولم تكن تسمع من خلف ذلك الباب الضخم شيئا.. لكنها استجمعت قواها وفتحت باب الغرفة . وما ان دخلت وتقدمت قليلا عبر غرفته الواسعة حتى لمحت ستائر شرفته وقد جذب أطرافها الهواء وكأنه يرغب في تحريرها.. وأمام ثورة الستائر التى أقنعتها الرياح بأن لها أجنحة طائرة كان يقع سرير منصور. نظرت له يارا فوجدته نائما بعمق وأنينه المتواصل لا يتوقف.. اقتربت أكثر ثم تراجعت سريعا الى الوراء بضع خطوات حين انتبهت أنه عاري الصدر لا يرتدي قميصا. أخذت تُحدث نفسها قائلة: يا إلهي ما الذي أفعله هنا.. اقتربت مرة أخرى منه لتضع يدها على جبينه الذي غطت زاويته ضمادة بيضاء فعلمت بأن حرارته مرتفعه.. رفعت يدها ببطيء عن جبينه حتى لا يشعر بها.. ولكن في تلك الأثناء وجدت منصور قد فتح عينيه وأخذ ينظر لها .. ارتبكت يارا فالتفتت بسرعة لتهرب ولكنها تفاجأت بمنصور وقد أمسك بها من معصمها وهمس قائلا: ابقي هنا. نظرت يارا لمنصور بخوف.. في محاولة منها لجذب يدها من قبضته، فجذبها منصور بشدة حتى وقعت على صدره. هنا ينتهي الفصل العاشر من عروس النار.. ترى ماذا سيحدث بين يارا ومنصور؟ دعونا نتابع ذلك في الفصل الحادي عشر من رواية عروس النار.. قريبا وحصريا فقط على منتديات سيدة القصر. بقلمي سارة بنت طلال. |
http://store4.up-00.com/2017-08/150161895736291.jpg الفصل الحادي عشر وجدت يارا نفسها فجأة تلتصق بجسد منصور .. وبارتباك شديد حاولت رفع رأسها من على صدره لتنظر اليه.. وما ان التقت عيناها بعينا منصور حتى تفاجأت به يطبع قبلة بين عيناها ويهمس لها قائلا: لا تخافي. وبمجرد أن نطق بتلك الكلمات .. سقط رأسه على الوسادة مغشيا عليه. تحركت يارا بسرعة لتقف بعيدا عن منصور و صوت أنفاسها الذي تشتت ما بين التوتر والخوف بدأ في التصاعد.. ثم عادت لتدور حول نفسها بارتباك شديد وهي تحدث ذاتها قائلة: يا الهي لما تفعل ذلك .. ماذا أفعل بك! .. كيف أتصرف معك كيف؟ انطلقت بسرعة تجري خارج جناحه .. واستمرت تركض عبر الدرج متجهة الى الطابق الأول من القصر لتنادي على جاكلين. يارا: جاكلين .. جاكلين. خرجت جاكلين من مطبخ القصر متعجبة من وجود يارا خارج جناحها .. خاصة وانها لم تعتاد أبدا على أن تتجول يارا في القصر. جاكلين بهلع: سيدة يارا ! .. ما الأمر هل أنتِ بخير؟ يارا: نعم أنا بخير .. لكن لا أعتقد أن سيدك بخير أبدا. جاكلين: هل تفقدته سيدتي؟ يارا: نعم قد فعلت .. ولكن هو جذبني .. ارتبكت يارا وتملكها الخجل وهي تحكي لجاكلين عن موقف منصور فاستدركت قائلة: أقصد أنه جذبني .. ربما بقصد طلب المساعدة وبعد ذلك أغمي عليه. جاكلين: يا الهي .. هل أطلب الإسعاف. يارا: اطلبي فهد حالا ودعيه يُحضر معه الطبيب. جاكلين: ماذا عن السيد منصور؟ يارا: ما به؟ جاكلين بقلق وارتباك: تعلمين سيدتي أنني لا أستطيع التواجد في جناحه .. ابقي معه رجاءً ، وسأحضر لكِ حالا كوباً من الماء ليفيق فنطمئن عليه حتى يصل فهد ومعه الطبيب. يارا بحزم: جاكلين .. أنا لن أعود الى جناحه مجددا .. هذا الأمر لا يعنيني. جاكلين بيأس: اذن سننتظر حتى حضور فهد؟ .. ربما حالته سيئة! .. ربما درجة حرارته مرتفعة جداً! ..أرجوكِ سيدتي أرجوكِ .. ابقي بجانبه حتى يُحضر فهد الطبيب. يارا بعصبية صرخت: يا الــــــهي. صمتت قليلا وجلست على احدى كراسي المائدة التي كانت تقع أمام مطبخ القصر ، ثم بادرت قائلة باستسلام: حسناً.. اذهبي واحضري الماء بسرعة. ركضت جاكلين بأمل وهي تقول: أشكرك .. حقا أشكرك سيدتي. بقيت يارا مرتبكة وهي تفكر بقبلة منصور ثم حدثت نفسها قائلة: ربما كان يهذي أو غير مُدركاً لتصرفاته بسبب حرارته المرتفعة.. ثم عادت لتنفي حسن ظنها به لتقول: ولكنه قال لي لا تخافي .. اذن هو كان مدركاً لوجودي. أخذت نفس عميق ثم أكملت حديث الروح بداخلها قائلة: حسنا.. هدئي من روعك ولا تخافي .. هو مريض ولن يستطيع أن يفعل لكِ شيئا.. انتظري فقط حتى يأتي الطبيب ثم اتركيه. جاءت جاكلين وهي تحمل صينية من الماء البارد وبعض المناشف الصغيرة التي وُضعت في القليل من الماء مع الثلج. جاكلين: هذه هي الصينية سيدتي.. فقط ضعي احدى هذه المناشف الباردة على رأس السيد منصور حتى يأتي الطبيب. يارا: هل حدثتي فهد. جاكلين: نعم فعلت.. لا تقلقي هو قادم في الطريق. يارا: جاكلين رجاءً .. هلا أحضرتِ لي شالا لأضعه علي. جاكلين: بالطبع. صعدت يارا وهي تحمل الصينية ونبض قلبها يتسبب في ارتباك خطواتها المتجهة مرة أخرى الى جناح منصور.. وقبل أن تدخل خرجت جاكلين من جناح يارا لتضع على كتفي يارا شالا بسيطا كما طلبت. . . . . . دخلت يارا الجناح حتى وصلت الى غرفة منصور ووضعت الصينية بجانب رأسه.. ثم أخذت احدى المناشف الباردة لتضعها على رأس منصور. توجهت بعد ذلك لتجلس على احدى الكنبات التي بجانب سرير منصور وهي في قمة التوتر والعصبية تفرك يديها ببعض وهي تنتظر وصول فهد مع الطبيب بفارغ الصبر. ألقت بنظرها على منصور وأخذت تتفحص ملامحه.. كانت عينا منصور المغمضتان مسالمتان جدا بعكس الغضب الراكد الذي يلمع في عينيه حين يفتحهما، وخصلات شعره الناعمة كم هي شديدة السواد.. ولون بشرته البرونزي يلائم كثيرا الحدة المنعكسة في عيناه. تمتمت يارا وهي تنظر له وكأنها تحدثه قائلة: ليت السلام الهادئ في نومك هذا.. يغتال جبروتك المستيقظ. فتح منصور عينيه بإجهاد.. وأخذ يتلفت حوله حتى استقرت عيناه الى حيث تجلس يارا.. رفع يده واخذ المنشفة الباردة التي وضعتها يارا على رأسه لينظر لها متعجبا ثم سأل يارا: هل وضعتي أنتِ هذه؟ يارا بارتباك: حرارتك مرتفعة .. ولذلك وضعتها حتى يصل الطبيب الى هنا. منصور يعيد وضع المنشفة على رأسه ويعود بنظره مجددا الى يارا.. بقيت نظراته ثابتة عليها حتى أقلقتها فقالت: ما الأمر؟ منصور: أعتقد أن هذه المنشفة قد أصبحت دافئة.. هل من الممكن أن تغيريها لي؟ يارا بقلق اقتربت ببطيء من الصينية التي تقع بجانب رأس منصور على الطاولة القريبة من سريره.. منصور: هل انتِ خائفة؟ يارا وهي تتظاهر بالقوة: لا. منصور: حين دخلتي هذا القصر أول مرة قلتُ لكِ جملة .. هل تذكريها؟ يارا تتجاهل حديث منصور وتقول: تفضل هذه المنشفة.. وأعطني الأولى. منصور: قلت لكِ " تعلمي من اليوم أن لا تخافي". في هذه اللحظات طرق فهد الباب ودخل ومعه الطبيب.. وفي لمح البصر جذب منصور يد يارا الممتدة له بالمنشفة الباردة ليُجلسها بجانبه على السرير قائلا: طلبت منكِ أن تبقي هنا.. أليس كذلك! انتبه فهد لوجود يارا فقال : مرحبا سيدتي. يارا بارتباك شديد من تصرفات منصور ترد : مرحبا. فهد : هذا الدكتور أحمد .. ثم التفت باتجاه منصور قائلا : سيدي كيف حالك؟ هل أنت بخير؟ منصور يرد: أنا مُتعب بعض الشيء. دكتور أحمد: قد أخبرتك يا سيد منصور بأنك بحاجة الى الراحة. منصور ينظر ليارا قائلا: هذه زوجتي يارا.. وهي تعتني بي جيدا. دكتور أحمد بابتسامة: مرحبا سيدتي. ثم التفت ليمازح منصور وهو يقول: حسنا .. بدأت أرى وجهة نظرك الصائبة في تفضيل العناية المنزلية على العناية الطبية لدينا هههه. ابتسم منصور ابتسامة مجاملة وهو يعتدل في جلسته ليهمس ليارا بهدوء قائلا: ما قصتك مع الأطباء! شعرت يارا باقتراب منصور الشديد منها فقررت أن تقف في محاولة للابتعاد عنه.. ولكنها تفاجأت بشالها الذي أعادها لمكانها بل وأكثر قربا لمنصور من ذي قبل.. حيث أن منصور كان قد أمسك مسبقا بيده المخبأة تحت أغطية السرير بطرف شال يارا تحسبا لمحاولة ابتعادها عنه. تفحص الطبيب منصور ثم أخبره قائلا: درجة حرارتك عالية ولكن هذا أمر طبيعي بسبب الجروح التي تعرضت لها.. سأعطيك مضاد حيوي.. وسأطلب أيضاً من السيدة يارا أن تهتم بك فيما يخص مواعيد الدواء والاهتمام بشرب السوائل وأكل الكثير من الفاكهة. يارا يتضح على ملامحها الغضب الشديد.. وحديث الطبيب وتصرفات منصور استفزوها كثيرا حتى همست في اذن منصور قائلة: دعني أذهب والا سأفضح كل شيء وأخبره بأنك قد اختطفتني. منصور يهمس لها ببرود: أخبريه.. ولكن لا تنسي أن وثيقة زواجنا عليها توقيعك.. وبالمناسبة رائحتُك جميلة جدا. يارا تحاول بجهد تحرير شالها من منصور دون أن ينتبه فهد أو الطبيب لهما. منصور يعود ليهمس لها بهدوء: أنا حقا مُتعب جدا فلا ترهقيني أكثر رجاءً. قاطع الطبيب همساتهم قائلا: سيدة يارا.. هذا الدواء أتمنى أن تُعطيه للسيد منصور كل ثمان ساعات لمدة خمسة أيام متتالية.. والآن هي التاسعة.. سأعطيه كبسولة وبعد ثمان ساعات من الآن سيدتي أعطيه واحدة أخرى. أخذ منصور كبسولة الدواء من الطبيب ووضعها في فمه بسرعة قائلا ليارا: حبيبتي.. هلا ناولتني بعض الماء. استدارت يارا بذهول وأخذت كوب الماء من الصينية لتعطيه لمنصور.. ولكن منصور أمسك بيد يارا التي تحمل كأس الماء وقربها من فمه ليشرب منه. كانت يارا مرتبكة جدا من تصرفات منصور المستفزة جدا بالنسبة لها.. كان واضحا جدا الخجل والغضب على ملامحها.. حتى صوتها شعرت للحظات أنه اختفى. الدكتور أحمد: أتمنى لك الشفاء العاجل يا سيد منصور.. سأعود للاطمئنان على سموك بعد خمسة أيام ولكن في حال احتجت أي شيء أخبر فهد أن يتصل بي في أي وقت. منصور: شكرا لك. الدكتور أحمد مُحدثا يارا: فرصة سعيدة أني تعرفت بكِ سيدة يارا.. ولا تقلقي على السيد منصور سيكون بخير بإذن الله. فهد يسأل منصور: هل تحتاج شيئا سموك. منصور: أوصل الدكتور أحمد وعود الي. قام فهد بإيصال الطبيب الى خارج .. وفي هذه الأثناء نظرت يارا لمنصور وهي تقول: اتركني .. أود أن أعود الى غرفتي. منصور: حسنا سأدعك تعودين الى غرفتك ولكن عديني بشيء. يارا: أعدك؟! منصور: نعم .. عديني أن تعطيني الدواء كما أمرك الطبيب كل ثمان ساعات.. كما أرغب في أن تتناولين الوجبات اليومية معي ، هذا كل ما أريد. يارا بحزن شديد تجيب: ولكنك لم تفعل لي أي شيء من ما أريد.. فلماذا تعتقد بأني سأفعل لك شيئا تريده؟ منصور: ماذا تريدين؟ يارا والدموع تنحدر منتحرة من أعلى ضفاف عيناها: أريد أن أطمئن على عائلتي. منصور: حسنا.. حين أصبح بخير سأدعك تطمئنين عليهم. يارا: أرجوك أخبرني.. هل سأراهم مجددا؟ قاطع حديث منصور ويارا صوت طرق فهد على باب غرفة منصور. منصور: ادخل يا فهد. مسحت يارا دموعها وقالت: هلا تركتني الآن رجاء؟ منصور يُفلت شال يارا فتحركت بسرعة من جانبه ومشت بخطوات سريعة لتتخطى فهد وتخرج من جناح منصور. . . . . فهد: هل كنت تريد مني شيئا سموك. منصور: قل لجاكلين أني سأنام الآن.. وأخبرها أن لا تسمح لأي أحد غير السيدة يارا بالدخول الى جناحي .. و قل لها أيضا أني لن أتناول الطعام أو الدواء ما لم تجلبه لي السيدة يارا. فهد: ولكن سموك.. جاكلين أخبرتني بأنك لم تتناول شيئا منذ خروجك من المشفى.. وفي طريقي الى هنا كانت قد حضرت طعام العشاء. منصور: حديثي انتهى. فهد وقد بانت عليه علامات عدم الرضى: حسنا سيدي.. أستأذن سموك الآن. . . . . . خرج فهد من جناح منصور غاضبا متذمرا كعادته .. توجه للطابق الأول في القصر فرأى جاكلين وهي تُشرف على العاملين الذين يضعون أطباق العشاء على المائدة. فهد بيأس: لا تُتعبي نفسك . السيد منصور لن يتناول طعام العشاء. جاكلين بتعجب: ولكنه لم يتناول وجبة الغداء أيضا .. ما الأمر هل هو بخير. فهد: نعم هو بخير ولكنه أخبرني أن أقول لكِ بأنه لن يتناول الأدوية أو الطعام ما لم تُحضره له السيدة يارا. جاكلين بابتسامة واسعة: امممم.. اذن فهو مُضرب عن الحياة حتى تُنفذ طلباته. فهد: ما المُضحك في الأمر .. الطبيب قد أوصى بضرورة تناوله السوائل والطعام، وبالطبع السيدة يارا لن تهتم بذلك. جاكلين : لمعلوماتك السيدة يارا هي التي تفقدت السيد منصور وانتبهت لمرضه. أخذ فهد تفاحة من على المائدة ثم قضمها وقال باستهزاء: صدقيني لن تفعل ذلك.. يكفي أن تنظري لعيناها لتعرفي كم تكره السيد منصور. جاكلين: السيدة يارا لم تعرف السيد منصور بعد .. والسيد منصور يستغل شفقتها عليه التي جعلتها تدخل بقدميها جناحه ليجبرها على التقرب منه والتعرف عليه. فهد يكمل أكل تفاحته قائلا: يا الهي لا أفهم ما الذي يجبر شخص بمركز السيد منصور على خوض لعبة كهذه! جاكلين: ببساطة هو يُحبها. فهد بثقة : الحب ليس للعظماء .. ثم أكمل ليُغير مجرى الحديث قائلا: حقا.. لا أعرف كيف يأكلون الناس التفاح الأخضر! جاكلين بنظرة ثاقبة لفهد: الحب شيء عظيم أيضا. فهد يأخذ نفس عميق ثم يقول: حسنا .. اذن حاولي أن تُقنعي السيدة يارا بأن تُحب السيد منصور. سكت قليلا ثم قال: شكرا على التفاحة الخضراء هذه .. سأرحل الآن .. وعمتِ مساءً. بعد خروج فهد من القصر .. بقيت جاكلين تُفكِر كم يبدو فهد لئيما حين يتحدث عن الحب ، تركت جاكلين الأطباق التي كانت تحملها في يدها واتجهت للصعود الى جناح يارا وهي تُحدث نفسها قائلة: حسنا سيدتي اعذريني .. ولكن يجب أن يتناول السيد منصور شيئاً. تُرى كيف ستُقنع جاكلين يارا بالاعتناء بمنصور .. وهل فعلا سيحقق منصور رغبة يارا في الاطمئنان على عائلتها.. وما قصة فهد مع الحب ، تابعوا كل هذا الأجزاء القادمة من عروس النار. بقلمي سارة بنت طلال. |
رفع.
|
http://store4.up-00.com/2017-08/150388419411461.jpg الفصل الثاني عشر جاكلين بخطوات سريعة تتجه لجناح يارا وتفتح الباب لتُفاجأ بيارا وهي تجلس على احدى الكنبات في الصالة الخارجية لجناحها وهي ترتجف بشدة. جاكلين بخوف تركض باتجاه يارا وتجلس أمامها ممسكة بيدها: سيدتي ما بكِ! هل أنتِ بخير؟ يارا و هي تذرف بعض الدموع: أنا لا أعلم ما بي .. هو يتصرف معي بغرابة تُربكني .. كان جريئ جدا معي وكأني أشعر أنه يتخطى حدوده ولا أعرف كيف أمنعه .. انظري الي جاكلين.. أنا حتى ممنوعة من أن أحتجب أمامه. جاكلين : سيدتي .. أجيبيني رجاءً.. لما تعتقدين أن السيد منصور يفعل ذلك ؟ يارا: لا أعرف .. حقا لا أعرف.. ربما هو يرغب بي بشدة فحسب. جاكلين: منذ أن دخلت هذا القصر وانا لم أرى علاقات نسائية للسيد منصور.. لو كان يرغب بعلاقة نسائية فحسب لما تزوجك. يارا: اذن لما يفعل ذلك؟ جاكلين: لأنه يُحبك.. يرغب بفرصة واحده لتعرفيه. يارا: جاكلين أرجوكِ.. ما فعله دمرني ودمر سمعتي ولا أعلم ما فعله بعائلتي أيضا .. أي حب ذلك الذي تحكين عنه! جاكلين : اذن فسري لي لماذا حماكِ من الزجاج.. لماذا اخبر فهد بأنه لن يتناول الدواء أو الطعام ان لم تحضريه بنفسك ومنع الجميع من الدخول الى جناحه.. لماذا قام بتطليقك ليتزوجك؟ يارا تخفي عيناها بين كفيها وتنهار باكية وهي تقول: دمرني .. هو دمرني. جاكلين: سيدتي تحدثي معه .. استغلي فرصة تعبه واسأليه عن كل شيء .. أنا متأكدة من أن لكل هذا تفسير منطقي لدى السيد منصور.. خذي له الدواء والطعام وانتهزي تلك الفرصة وتحدثي معه ليوضح لك الأمور. يارا ترفع نظرها لجاكلين بضعف وتقول: انا.. أنا خائفة منه، أحاول أن لا أظهر هذا ولكن خوفي يغلبني. جاكلين: هل تخافين من أن.. يارا : نعم .. نعم أخاف من وقاحته وجرأته وثقته بنفسه ونظراته وكل شيء. جاكلين : ثقي بي لن يفعل.. تأكدي أني في صفك وأنا أدرك ما أقوله جيدا.. لن يفعل. يارا: كيف تكوني متأكدة من ذلك؟ جاكلين بارتباك: لأنه.. حسنا سأخبرك عن شيء ولكن لا تخبري السيد منصور أني قد أخبرتك بهذا. يارا : تكلمي رجاء .. ما الأمر؟ جاكلين : حسنا .. تعالي معي. أمسكت جاكلين بيد يارا وأخذتها ليدخلا الى غرفة يارا في الجناح الخاص بها. . . . . توقفت جاكلين أمام لوحة كبيرة مرسوم عليها خيول سوداء بشكل كلاسيكي قد تم تصميمها بالطول على أحد جدران الغرفة ثم قالت: سيدتي هذه ليست لوحة كما يخال لأي شخص حين ينظر لها. يارا بخوف: ما هذه اذن؟ جاكلين بتوتر: هي باب. يارا بذهول: باب! باب ماذا؟ جاكلين: باب يؤدي لغرفة السيد منصور.. ويمكن دفعه ليُفتح من جهته فقط. جلست يارا مصدومة على السرير المجاور تماما لتلك اللوحة دون أن تنطق بكلمة. جاكلين: لو كان يود أن يفعل معك شيئا .. كان من الممكن يفعل ذلك منذ أول يوم لكِ هنا.. انظري سيدتي شرفته مجاورة لشرفتك.. حتى سريره يلتصق بالجدار الذي يلتصق به سريرك.. انظري الى الباب كم هو قريب منك.. هو معك خلف هذا الجدار الضخم.. ولكنه احترم خصوصيتك رغم أنك زوجته.. لن يؤذيكِ صدقيني ولذلك حاولي أن تفهمي أسبابه. سكتت جاكلين لثواني ثم أكملت تقول: أرجوكِ سيدتي حافظي على هذا السر بيننا. يارا نظرت الى جاكلين بصمت وأومأت برأسها إيجابا. جاكلين: هل أحضر لكِ عشاءك الآن سيدتي ؟ يارا بهدوء: لا.. أنا فقط أود أن أنام. جاكلين: حسنا سيدتي.. سأحضر لك قميصا للنوم. يارا تمسح دموعها وبارتباك تقول: وأحضري لي ساعة أيضا. جاكلين بابتسامة: حسنا. . . . . . ارتدت يارا قميصها ودخلت بين أغطية سريرها استعدادا للنوم.. نظرت الى الباب الذي حكت لها عنه جاكلين مطولا وهي تُفكِر بكل الحوار الذي دار بينها وبين جاكلين.. ثم رفعت الساعة التي وضعتها لها جاكلين بجانب السرير ونظرت لها ثم همست لنفسها قائلة: حسنا قد أثرت فضولي.. موعد دواءك سيكون في الخامسة صباحاً. وضعت الساعة بجانبها.. ثم استلقت على ظهرها وهي تنظر الى سقف الغرفة، للحظات بدت وكأنها تستغرب الاطمئنان الذي انتابها فجأة رغم معرفتها بأمر ذلك الباب الخفي.. ثم تردد صوت منصور في رأسها وهو يقول: تعلمي من اليوم أن لا تخافي. . . . . . في الرابعة صباحاً استيقظ منصور ونظر الى الساعة .. كان مُتعَب ولكنه شعر أنه أفضل نوعا ما عن ليلة البارحة .. قال وهو يُحدث نفسه : حسنا بقي ساعة واحدة على موعد الدواء .. أتمنى حقا أن تأتي. تحرك منصور بصعوبة.. فالإصابة التي في كتفه كانت تعيق حركته قليلا.. توجه الى دورة المياه أولا ثم انتقل الى غرفة الملابس الخاصة به ليرتدي بنطال جينز باللون الأزرق الداكن و قميص أبيض من ماركة بولو. ترك منصور خصلات شعره حرة دون أن يقوم بتسريحها فبدت هيأته رياضية وطبيعية جدا وأنيقة بنفس الوقت. خرج منصور من غرفة الملابس بعدما شعر بالإعياء.. ليجلس بهدوء على الأريكة التي تقع أمامها طاولته التي تحمل لعبته التركيبية، نظر منصور للقطع قليلا ولكن الصداع اقتنص تركيزه فما كان من منصور سوى أنه عاد برأسه قليلا الى الخلف ليرتكز به على ظهر الأريكة ويغمض عيناه لعله يشعر ببعض التحسن. بقي منصور عشر دقائق على حاله حتى تفاجأ بصوت طرق على باب جناحه.. نظر الى ساعته فوجدها الرابعة والنصف ثم استقر بنظره على باب جناحه وهو ينفتح ببطيء حتى ظهرت يارا من خلفه وهي تحمل صينية الطعام وتدخل بها.. كان منصور متفاجئ جدا من قدوم يارا .. كانت يارا ترتدي بنطال اسود و قميص ذو أكمام باللون العودي الداكن ، وكانت قد ثبتت أطراف قميصها أسفل البنطال الأسود و تركت شعرها منسدلا كعادته .. ما ان دخلت يارا تحمل صينية الإفطار حتى نهض منصور ليحملها عنها ويُبعد بعض القطع من اللعبة التركيبية على الطاولة ليضع عليها صينية الإفطار .. ثم بقي واقفا ينظر ليارا بتروي وحيرة. يارا بتوتر: صباح الخير. منصور دون أن تهتز نظراته ليارا: لكِ الخير في كل صباح ومساء. يارا وهي منشغلة بيديها المتشابكتين وهي تضغطان على بعضهما بارتباك: كيف هو حالك اليوم؟ منصور: حالتي قبل أن تأتي أم بعد أن أتيتي؟ سكتت يارا وازداد توترها وقلقها بشكل واضح فاستدرك منصور قائلا: أنا بخير .. تفضلي هنا في هذه الأريكة .. وابتعد منصور ليسمح ليارا بالجلوس وتحرك ليجذب الكرسي الخاص بالبيانو ليضعه أمام يارا في الطرف الآخر للطاولة. جلس كلاهما فاغتال الصمت من وقتهم نصف دقيقة.. منصور يقطع ذلك الصمت : انها الرابعة والنصف .. أتيتي قبل موعد الدواء بنصف ساعة. يارا: اخبرتني جاكلين بأنك لم تأكل شيئا من البارحة.. فأحضرت الإفطار لك مبكرا قبل موعد الدواء. منصور : شكرا لقدومك. يارا باقتضاب : العفو. منصور : هل تناولتِ افطارك؟ يارا: ليس بعد. منصور وهو يُشير الى صينية الإفطار : اذن رجاء تفضلي ..دعينا نتناول الإفطار سويا. حملت يارا ابريق الشاي لتصب لمنصور فنجانا منه ولكن خوفها وتوترها جعلا يديها ترتجفان وهي تحمل ذلك الابريق. انتبه منصور لذلك فآخذ منها ابريق الشاي وصب لها القليل في فنجانها ثم صب له أيضا .. منصور في محاولة لتلطيف الأجواء بينه وبين يارا : كيف وجدتي القصر؟ أعلم أنه ممل بعض الشيء. يارا وهي تتحاشى النظر لعينا منصور : لا أعرف .. لم انتبه له. منصور: انا أيضا لا أنتبه له أحيانا.. أعمل دوما فلا ألقي بالا لشيء آخر. يارا وهي تتناول فنجان الشاي: هل لي أن أسألك سؤالا؟ منصور وهو يتناول بشوكته بعض من قطع الشمام المجاورة لطبقه من عجة الخضار: بالطبع تفضلي. يارا : هل لديك عائلة ؟ تغيرت ملامح منصور بعض الشيء ولكنه أجاب قائلا: نعم .. ولكن ابي توفي منذ أن كنت في السابعة عشر من عمري، ووالدتي تعيش في الخارج حاليا .. وليس لدي اخوة. يارا : أليس لديك أقارب آخرين هنا. منصور : لا .. ليس لدي أقارب. يارا : أنا لدي أخ واحد فقط. منصور يرد: نعم طراد. يارا : هه نسيت أنك تعرف كل شيء عني. منصور : نعم ولكن أحب أن أسمع منكِ. يارا: طراد ليس أخي فحسب .. هو صديقي و اخي وأحيانا أشعر أنه طفلي الصغير. منصور: يبدو أنك تحبينه كثيرا. يارا: بالطبع .. فهو أخي. منصور يُخرج هاتفه النقال من جيب بنطاله ويعبث به قليلا فيما بقيت يارا تنظر اليه في محاولة لفهم تحركاته .. منصور يرفع عينه الى يارا و يمد لها هاتفه قائلا : تفضلي أعتقد بأن خطه مفتوح الآن كان مغلقا بالأمس بسبب رحلته الى كندا. يارا بذهول: عن ماذا تتحدث؟ منصور: عن طراد قد هاتفته لأجلك .. خذي تحدثي معه. يارا تأخذ الهاتف من منصور وعلامات الصدمة تكتسح ملامحها وتُقرب ببطيء الهاتف من اذنها لتسمع صوت طراد وهو يقول : ألو .. يارا ودموعها تهرب من عيناها : طراااااد .. طراد: يارا .. يارا أين أنتِ؟ يارا وهي تبكي منهارة: طرااد .. انا لا أعرف ، ولكن أنا لم أهرب مع أحد أقسم لك أني لم أهرب مع أحد. طراد : يارا أرجوك أخبريني أين أنتِ؟ يارا تنظر لمنصور الذي كان ينظر لها بهدوء وتجيب: لا أعرف .. لكن أنا بخير. طراد بانفعال : أخبريني الحقيقة هل هربتِ مع أحدهم؟ يارا : أقسم لك أني لم أفعل .. طراد : اذن ماذا حدث .. كيف لا تعرفين أين أنتِ الآن! يارا وهي تمسح دموعها ببؤس : قلتُ لك لا أعرف أين أنا .. فقط أخبرني أرجوك كيف هو حال أبي وأمي؟ طراد : يارا أمي ليست بخير هي في حالة صدمة منذ أن اختفيتِ .. وأبي صار حبيس المنزله خوفا من حديث الناس ، أين أنتِ. يارا تُبعد الهاتف عن أذنها وتعطيه لمنصور .. أخذ منصور الهاتف منها ثم قال: أخ طراد .. طراد يصرخ متعجبا : من أنت ؟ أين يارا ؟ منصور : لا يهم من أنا .. كل ما أستطيع أن أقوله لك أن يارا بخير وهي في بيتها الآن وما ان تعود من رحلتك سيكون بإمكانك زيارتها في أي وقت. طراد : أي بيت .. عن ماذا تتحدث ! منصور ينظر ليارا بقلق حيث كانت ترتجف بشدة وتبكي بصمت : حسنا أخ طراد .. سأهاتفك قريبا لأشرح لك كل شيء ولكن تأكد أن يارا بأفضل حال. أغلق منصور هاتفه رغم صراخ طراد المتكرر وهو يقول : لا تغلق الخط .. تكلم الآن .. ألو .. ألو. . . . . ما ان أغلق منصور الهاتف حتى تحرك باتجاه يارا ودنى منها جالسا على ركبته أمامها قائلا : أمك بخير .. ووالدك أيضا ، أعدك بأني سأعالج كل هذه الأمور قريبا ، جعلتك تتحدثين مع أخيكِ لأني وعدتك بذلك. يارا من بين دموعها : أنا حقا لا أفهمك .. تختطفني وتدمر حياتي وتُجبرني على الزواج بك ثم تُصر على أن أداوي جراحك وأعتني بصحتك ، أنت حقا مخيف. منصور: اذن لماذا لم تقولي لطراد كل هذا ؟ يارا : خفت عليه منك .. أنا فقط خفت عليه منك. منصور : أتعلمين كيف تقتليني؟ رفعت يارا عيناها لمنصور بخوف قائلة: خذ دواءك رجاءً ودعني أذهب الى غرفتي. منصور يقترب من يارا كثيرا وينظر لعيناها مباشرة ويهمس لها: اعلمي أن دموعك تقتلني ألف مرة في الثانية.. وخوفك هذا مني يُعذبني بشدة. يارا بخوف : أرجوك ابتعد قليلا أود أن أعود لغرفتي. منصور يواصل همسه قائلا: لن أجبرك على شيء .. فقط ثقي بي وابقي بقربي حتى أصبح بخير. يارا وأنفاسها بدأت تعلو من شدة التوتر: حسنا .. حسنا ، فقط ابتعد قليلا .. حتى أحضر لك الدواء. ابتعد منصور قليلا عن يارا التي كانت محاصرة بين جسده والأريكة التي تجلس عليها فتحركت بسرعة .. ثم وقفت بعيدا عن منصور قليلا.. وكانت وكأنها نسيت ماذا كانت تريد أن تفعل. وقف منصور ثم جلس على الأريكة التي كانت تجلس عليها يارا واضعا يده على رأسه وقد كان ظاهرا عليه التعب والارهاق. منصور موجها حديثه ليارا : الدواء بجانب سريري في الغرفة. ذهبت يارا الى غرفة منصور لتُحضر الدواء فأخذته من على الطاولة بجانب سرير منصور .. ثم نظرت الى الجدار بجانب سريره وهي تبحث عن الباب الخفي بين غرفتها وغرفته. بقيت تنظر الى الجدار للحظات ثم خرجت وأعطت منصور حبة الدواء .. يارا نظرت لمنصور الذي أخذ الدواء وعاد ليستند برأسه على ظهر الأريكة ثم قالت: سأذهب الى غرفتي الآن . منصور فتح عينيه ونظر لها قائلا: اسمعي.. لقد مللت من عزلتنا هذه و كل واحد منا في جناحه.. ثم نهض من مكانه وأمسك بيد يارا وسحبها قائلا: تعالي معي. حاولت يارا سحب يدها من قبضته فتوقف وسحبها باتجاهه وقال: اسمعي يارا .. أنا لن ألمسك رغما عنكِ فثقي بي وتوقفي عن خوفك هذا .. ثم أكمل وهو يسحبها منطلقا ليخرج من جناحه وينطلق بها لينزل الى الدور الأول عبر الدرج لتصادفهم جاكلين وهي تقول: سيدي ما الأمر ؟ منصور واصل طريقه متجاهلا جاكلين .. خرج منصور ومعه يارا ليطلب من سائقه في الخارج إحضار مفاتيح سيارته الرولز رايز. يارا بارتباك : الى أين ستأخذني؟ منصور : بعيدا عن الملل. وقفت يارا ما بين الخوف والجنون لا تستطيع الحراك.. حتى أتى السائق مُحضرا سيارة منصور. فتح منصور الباب ليارا لتدخل ثم توجه للركوب في مكان السائق. السائق: سيدي هل ستقود السيارة بنفسك؟ منصور : نعم .. هل أحتاج لإذنك حتى أقود سيارتي؟ السائق: بالطبع لا سيدي.. عذرا على سؤالي. كانت سيارة منصور مظللة بالكامل.. وكانت اللوحات الأمامية والخلفية للسيارة تحمل اسم (العالي). . . . . . في السيارة .. كانت يارا صامتة ومنصور ينظر لها بين الفترة والأخرى .. منصور: هل تحبين الموسيقى؟ يارا بتحدي : أنت تعرف عني كل شيء .. فسأترك لك الإجابة. منصور يبتسم قائلا : هل تراهنيني على أني أعرف الإجابة؟ يارا بنفس نظرة التحدي: ربما. منصور: حسنا ما رأيك أن نسمع شيئا لـ عبدالمجيد عبدالله؟ يارا متفاجئة: كيف عرفت أني أحب أغانيه. منصور: كان مجرد تخمين لا أكثر. نظرت يارا الى منصور وعيناها تمتلئ بالتساؤلات .. فانفجر منصور ضاحكا وهو يقول: لما تُغيظك معرفتي بك الى هذه الدرجة. يارا: حسنا أنا أتحدث بجد ولا أمزح .. كيف تعرف عني كل هذا ؟ منصور: ببساطة.. ستعرفين ان قررتِ أن تعرفيني. يارا: أرجوك أخبرني .. فأنا متأكدة أني لم أعرفك من قبل. تجاهل منصور يارا وقام بتشغيل أغنية (لو يوم أحد) لـ عبدالمجيد عبدالله . يارا أخذت تنظر بغيظ و تعجب لمنصور فتلك فعلا كانت أغنيتها المفضلة له.. بينما هو اكتفى بترديد كلمات الأغنية بغرور وهو يبتسم. يارا ثارت على منصور بغيظ لتقول: هل تعلم أنك مجنون. منصور بهدوء: انتبهي ، فالمجنون مرفوع عنه القلم .. بمعنى أني لو اقتربت منك الآن لأُقبلَك فلا يحق لكِ أن تغضبي. يارا: ان فعلت ذلك فسأفتح الباب وأرمي بنفسي.. تأكد من ذلك. منصور وهو يُغلق بيده تأمين السيارة بجانبه بسرعة: وتنعتني أنا بالمجنون! كان موقف منصور وخوفه من أن تتهور يارا لتفتح الباب بجانبها وتُلقي بنفسها منه كوميدي جدا الى درجة أن يارا التفت قليلا ووضعت يدها على وجهها لتُخفي عن منصور ابتسامتها من ردة فعله تلك. تُرى الى أين سيأخذ منصور يارا.. وهل سيكون ذلك المكان هو البداية التي تجعل يارا تتعرف على منصور، كل ذلك سنتابعه في الأجزاء القادمة من عروس النار .. فترقبوا ذلك . بقلمي سارة بنت طلال. |
رفع.
|
http://store6.up-00.com/2017-09/150640528274641.jpeg
الفصل الثالث عشر مرت ربع ساعة على صمت يارا بجانب منصور في سيارته .. حتى قطع منصور الصمت قائلا: ماذا تعرفين عني؟ يارا : لا أعرف عنك شيئا سوى أنك صاحب احدى أكبر مجموعة شركات في البلاد. منصور وهو منتبه للطريق أمامه: اذن ماذا سمعتي عني؟ يارا بابتسامة سخرية: لا شيء مما سمعته يجعلني أطمئن لوجودي بجانبك الآن. منصور يبتسم بهدوء: حسنا .. ما رأيك أن تسمعي أغنية من اختياري؟ يارا بتعجب : وهل لي رأيا في ذلك! منصور : نعم .. ولأنك بجانبي فلك كل الرأي. يارا باستسلام: لا أمانع أن أعرف ذوقك الموسيقي. منصور : اذن أتمنى أن تسمعي الكلمات جيدا. يارا : حسنا. بعد ثواني علت في سيارة منصور هذه الكلمات من أغنية أصالة (أنا حبك): انا حبك انا صاحبك انا عقلك و تفكيره ما انا منك وروح قلبك واخوكي لما تحكيله انا فرحك الم تعبك انا فى كل اللي بتحسيه حاسس بيكي ما انا انتي ما انا انتي كلام قولته وصدقته فرحت انا بيه وريحني ولا بنساه و عايشة معاه كلامك فين بيوحشني وصدقني بيلحقني كلامك لما بزعل يوم انا منك يرجعني يرجعني ما انا ليكي بموت فيكي ومش هعيش غير ليكي يادوب حلمي اني اشوف الضحكة فى عينيكي انا فرحك الم تعبك انا فى كل اللي بتحسيه حاسس بيكي ما انا انتي ما انا انتي كان منصور يصب كل تركيزه أثناء سماع الأغنية على الطريق أمامه ولم ينظر لو مرة واحدة الى عينا يارا التي كانت تنظر له بشكل غير مباشر .. وما ان انتهت الأغنية حتى قال منصور وهو ما زال لا ينظر لها: أحببتِ الكلمات؟ يارا بارتباك : نعم أحببتها ..جميلة. منصور: حسنا.. تقريبا وصلنا. يارا و قد كانت تفكر بكلمات الأغنية وعلاقة الكلمات بمنصور : ماذا ؟ منصور: وصلنا. يارا : أين ؟ منصور يفتح النافذة لأحد الرجال الذي انطلق من أمام بوابة كبيرة راكضا ليتأكد من سيارة منصور.. منصور: افتح الباب بسرعة. الرجل: سمو الشيخ منصور! .. اعذرني سيدي .. حالا سنفتح البوابة. انطلق الرجل بسرعة ليصرخ بزملائه حرس تلك البوابة ليتم في ثواني فتح البوابة لمنصور الذي دخل بسيارته الى جنة أوجدها الله سبحانه وتعالى على الأرض وأنعم عليه بها. مشت السيارة لمدة داخل تلك المزرعة الكبيرة التي ترامت أطرافها خلف تلك البوابة.. كانت يارا في حالة صمت مذهول قد تاه في جمال الطبيعة حولها .. كانت تلك المزرعة خضراء مشرقة تتعالى وتتباهى بتضاريسها من أودية وهضاب. منصور : هل أعجبك المكان ؟ يارا : ما هذا المكان؟ منصور : هذه مزرعة .. وجدت بأننا بحاجة الى هواء نقي. يارا باستغراب: سبحان الله.. كيف لهذا المكان أن يكون أخضر الى هذا الحد في هذا الجو الجاف! منصور يبتسم : حسنا يجب أن تعلمي بأن للمال تأثيرا على الاحتباس الحراري. يارا : ماذا تقصد ؟ منصور : أقصد لا تصدقي كل ما تقوله الأخبار .. فكل فكرة إعلامية هي ادعاء ربحي لكسب المال فحسب، أما الطبيعة! فاعتني بها ووفري لها الاهتمام الإنساني المطلوب .. و دعني الطقس واحواله لمن أوجد هذا الكوكب. توقف منصور أمام منزل بسيط وخرج ليفتح ليارا باب السيارة .. منصور: تفضلي. خرجت يارا فاغلق منصور السيارة وقال لها : هذا البيت البسيط هو للراحة وتناول الطعام فحسب .. فلا تتوقعي مني أن أسمح لك بأن تنعزلي به كما كنت افعل معك في القصر. وقبل أن تنطق يارا بأي كلمة .. خرجت سيدة كبيرة في السن تركض من ذلك المنزل باتجاه منصور صارخة باسمه. فمشى منصور اليها بخطوات سريعة ليحتضنها ويقبل رأسها. كان التعجب والاستغراب واضحان جدا على ملامح يارا التي كانت تراقب الموقف. منصور: أم رامي .. كيف حالك؟ اشتقت لكِ كثيرا. كانت السيدة أم رامي تحتضن منصور بشوق وتقبله وهي تقول: كيف استطعت أن تغيب عني كل هذه المدة يا منصور كيف؟ منصور : انا ! لا أستطيع أن أغيب عنكِ .. ولكن هي ظروف العمل. انتبهت أم رامي الى يارا فاقتربت من منصور لتهمس له قائلة: هل هذه هي؟ منصور نظر الى يارا ثم سحبها باتجاهه واخذ يُعرِف أم رامي عليها قائلا : أقدم لكِ السيدة يارا حرم منصور العالي. فتفاجأت يارا بأم رامي وهي تسحبها باتجاهها لتغمرها قائلة : مرحبا بكِ يا ابنتي .. و أخيرا و أخيرا تزوجت يا منصور. منصور يضحك : تمهلي قليلا .. فهي خجولة بعض الشيء. أم رامي : سامحيني يا ابنتي .. فأنا والله أشعر بالسعادة الآن كما لو أن ابني رامي هو من تزوج وربما أكثر. منصور : يارا .. هذه السيدة أم رامي .. مربيتي ، اعتنت بي منذ ولادتي وكأنها والدتي تماما. يارا بارتباك: فرصة سعيدة. أم رامي بابتسامة كبيرة لمنصور : يا الهي كم هي جميلة.. ثم التفتت الى يارا: أنا أسعد يا صغيرتي.. هيا تعالى لترتاحي أنت وزوجك من عناء الطريق حتى أنتهي أنا من اعداد أطيب وألذ غداء ستتذوقينه على الاطلاق . منصور بابتسامة: سآخذ يارا في جولة حول المزرعة و نعود في وقت الغداء. أم رامي: حسنا ولكن لن أسامحك ان تأخرت وأصبح الغداء بارد. منصور بابتسامة : لا تقلقي .. فأنا لا أستطيع أن أتأخر على طعامك أبدا. نظر منصور الى يارا وقال لها: ما رأيك أن نبدأ جولتنا؟ يارا رغم مشاعرها المتضاربة اتجاه تصرفات منصور: حسنا. اخذ منصور يارا وما ان ابتعدا قليلا عن أم رامي حتى لاحظ منصور نظرة الفضول في عينا يارا فقال: ما بكِ؟. يارا بتردد : لا شيء.. سكتت يارا قليلا وهي تمشي بجانب منصور الذي كان ينظر لها بين الحين والأخر .. وذلك أربكها نوعا ما فكانت تمشي دون أن تنظر لما حولها.. حتى قالت: لقد أوصى الطبيب بأن تنال قسطا من الراحة .. وربما الجولة هذه هي فكرة سيئة. منصور: لا تقلقي بشأني .. أنا مرتاح جدا. يارا : لستُ قلقة .. أنا فقط أشعر بالمسؤولية لأن الطبيب أوصاني بذلك. كان منصور ينظر ليارا بنظرات هادئة دافئة .. لأول مرة تراها في عيناه.. مد يده ببطيء اليها ليلمس اسفل فكها ويدير وجهها بلُطف قائلا : انظري حولك. التفتت يارا لتنظر حولها لترى خيولا ترمح في مرعى كبير قد تفرق شملها أسفل تل مرتفع نوعا ما كانت تقف عليه هي ومنصور. يارا تُمسك لا شعوريا بكُم منصور وهي تقول :يا الهي .. ما هذا المنظر! منصور يرفع كفه بسرعة ليلتقط يد يارا : هل تودين أن أصحبك في نزهة على ظهر احدى هذه الخيول ؟ يارا تنتبه فتسحب يدها من منصور بسرعة وتقول: لا شكرا. منصور: أتحبين الخيول؟ يارا: نعم أحبها. منصور: ماذا تحبين فيها؟ لمعت عينا يارا وهي تنظر من أعلى ذلك التل على الخيول قائلة: حين تركض.. تشعر أنها تمتلئ حرية ، انظر لها كيف تتباهى بحريتها. لم يلتفت منصور.. بقي ينظر لعينا يارا وهي تتلألأ. انتبهت يارا لنظرات منصور فقالت: اعتقد بأنك يجب أن ترتاح .. هلا عدنا رجاءً؟ منصور: كيف ترك النحل عيناكِ العسليتين ليسكن خلية واحدة من العسل فقط؟ ارتبكت يارا من سؤال منصور فأشاحت بنظرها عنه لتعود وتركز نظرها على الخيول أسفل التل. منصور: أتعلمين أن صمتك هو الأكثر اقناعا.. فكل الإجابات ما كانت لتقنعني أبدا. يارا تبعد خصلات شعرها عن وجهها بهدوء لتقول: أرجوك توقف. منصور يبتسم: حسنا .. في الحقيقة كنت أود أن أحدثك بشأن أمر ما. يارا : تفضل. منصور : أم رامي ، هي ليست مربيتي فحسب .. بل هي أمي التي لم تُنجبني، وأنا لم أخبرها بشأن الطريقة التي تزوجنا بها .. هي تعتقد بأننا زوجين كأي زوجين .. احم تفهمين قصدي ؟ يارا باستغراب : و ما المطلوب مني ؟ منصور: كنت أتمنى أن نتعامل على هذا الأساس أمامها. يارا: لن أخبرها بشيء.. اذا كان هذا ما تعنيه، عدى ذلك لا تتوقع مني الكثير. منصور: حسنا .. هناك شيء آخر .. يارا : ما هو ؟ منصور: هي تقطن بغرفة الضيافة القريبة من منزل المزرعة الذي رأيتيه سابقا.. يارا: وما المشكلة في ذلك؟ منصور: هي اعتادت حين آتي الى هنا .. أن تسهر معي ثم تذهب لتنام في غرفة الضيافة.. لذلك أمامها سنبقى بنفس غرفة النوم وما ان تذهب لغرفة الضيافة.. سأذهب لأبيت في احدى الغرف الأخرى. يارا: ماذا ! اذن لن يكون لي غرفة خاصة؟ منصور: فقط أمامها.. وقبل أن يُكمل منصور حديثه صرخت يارا : مستحيل. رد فعل يارا استفز منصور بشدة من ما جعله يُمسك بيد يارا ويضغط عليها قائلا: أتظني أنك لو سحبتي يدك من يدي فأنت سيدة الموقف ؟ .. اسحبيها هيا. يارا تناضل لتسحب يدها من يد منصور بكبرياء وتحدي ولكن فاجأها منصور حين سحبها باتجاهه حتى ألصقها بصدره ووضع عيناه بعينها قائلا: اعلمي أني لو أردتك الآن.. فلن يمنعني عنك كبريائك هذا. يارا تنظر لعينا منصور بتحدي وقوة لتهمس له قائلة : ان كنت قد روضت كل خيولك والخدم بالسياط .. فاعلم بأني فرسٌ لا تُروض. منصور يقترب أكثر من وجه يارا حتى باتت أنفاسه تداعب خصلات شعرها ليهمس لها : حقا .. اذن امنعيني. يارا بخوف : أرجوك ابتعد. منصور يعود ليهمس لها وقد تعالت أنفاسه: سأبتعد.. ولكن اعلمي بأني سأفعل هذا احتراما لذاتي فقط . قطع تلك اللحظات التي كان يحاول منصور فيها أن يبتعد عن يارا صوت رجالي خشن وهو يخاطب منصور قائلا: لم أصدق أنك هنا الى حين رأيت الخيول تركض في كل الأرجاء فرحا. يبتعد منصور عن يارا وما زال ممسكا بيدها .. منصور : رامي! .. أهلن بك كيف حالك ؟ رامي : يا رجُل أين أنت! .. أصبحت لا أراك سوى على التلفاز. لم يكن منصور منتبها لما يقوله رامي بقدر انتباهه ليارا التي كانت ترغب بأن تركض هربا بحرية الخيول تماما. رامي ينظر ليارا التي كانت تسيطر عليها ملامح حزنها بشدة قائلا : واو .. هل صار يتجول الأقحوان في مزرعتنا أم ماذا. منصور : انتبه لكلامك يا رامي.. فهذا الأقحوان هو زوجتي يارا. رامي بذهول يضحك : هل أنت جاد ! ثم عاد ينظر ليارا قائلا : يا لكي من امرأة جبارة .. كيف استطعتِ أن تملكي قلب هذا الرجل ههههه. يارا بتمرد ابتسمت قائلة: لم يكن الأمر بيدي. فنظر لها منصور وهو يفهم قصدها .. رامي: حسنا أيها المحظوظ .. يبدو أنه حب من أول نظرة. منصور يبتسم ليارا قائلا : فعلا كان كذلك. كانت يارا تستشيط غيظا في داخلها ولكنها التزمت الصمت. منصور : حسنا رامي .. والدتك سوف تقتلني ان لم نعود حالا لتناول الغداء.. هل ستأتي معنا ؟ رامي: سآتي في المساء .. فما زال لدي بعض الأعمال في اسطبلات الخيول. منصور : حسنا سننتظرك على العشاء الليلة. رامي: بالتأكيد .. فمن يفوت فرصة التعرف على الاقحوان.. سعدت بلقائك سيدتي. يارا بابتسامة مصطنعة : أنا أيضا. عاد منصور الى منزل المزرعة هو ويارا .. وقد كان كلاهما في الطريق عابسا ومتجهم الملامح. ما ان دخلوا حتى استقبلتهم أم رامي بكل ود قائلة : أهلن بعريسنا وعروستنا الجميلة .. مواعيدك يا منصور دائما مضبوطة. منصور: المواعيد هي سر نجاحي يا والدتي العزيزة. أم رامي تضع يدها حول خصر يارا وهي تأخذها باتجاه مائدة الطعام: تعالي يا صغيرتي .. يبدو أن تلك الجولة كانت مرهقة في هذا الجو المشمس. جلست يارا على المائدة وجلس منصور وأم رامي أيضا.. بدأت أم رامي تملأ طبق يارا بالطعام ثم أخذت تقول: رزقني الله بمنصور ورامي فقط ، وكم كنت أدعو حين كنت شابة أن يرزقني الله بفتاة أيضا .. و يبدو أن الله قد استجاب دعائي ورزقني بك يا يارا. ابتسمت يارا باطمئنان لأم رامي ثم سرحت بتفكيرها قليلا حتى بات القلق واضحا عليها فعلم منصور أنها تذكرت والدتها . منصور يأخذ بعض حبات ورق العنب المحشي الذي تشتهر به أم رامي ويضعها في صحن يارا.. منصور: يارا تذوقي ورق العنب هذا وأخبريني.. هل تذوقتِ مثله من قبل؟ تذوقت يارا واحدة ثم قالت : لم أتذوق مثله أبدا .. حقا لذيذ، سلمت يداك خالة أم رامي. كان الغداء هادئ ولطيف بفضل الحنان الذي كانت تشع به أم رامي .. وما ان انتهى الغداء حتى قال منصور موجها كلامه ليارا : قد قمت بإرسال رسالة لجاكلين حتى تقول بإرسال الدواء الخاص بي من القصر مع السائق .. هل أنتِ بحاجة الى شيء يارا. يارا: هل يجب أن نبيت هنا الليلة؟ أم رامي : وهل مللتِ مني بهذه السرعة يا ابنتي ! يارا : لا أبدا.. لم أقصد هذا .. أن فقط لم أحضر ملابسي معي. منصور: ستجدين خزانتك في الأعلى مليئة بالملابس.. قد جهزتها لكِ مُسبقا. أم رامي: اذن ما رأيك أن تأخذ يارا لتعرفها على المنزل ومن ثم تبدلوا ملابسكم وترتاحوا قليلا. منصور :حسنا.. تفضلي يارا. كانت نبضات يارا تزداد ضربا كلما خاطبها منصور وكأنها زوجته .. ولذلك لم تكن ربكتها وخوفها يسمحان لها بالتمثيل أمام أم رامي .. شعرت للحظات بأنها ستنهار وتصرخ.. حتى قاطع تفكيرها صوت منصور قائلا: يارا.. هلا صعدنا؟ ثم أخذ يدها ومضى يصعد الدرج حتى وصلوا الى الغرفة .. دخل منصور الغرفة ثم أدخل يارا أيضا وأغلق الباب قائلا: ما بكِ! اهدئي رجاءً .. نحن هنا لنمضي وقتا جيدا نستريح فيه فحسب. ثم أكمل يقول: تفضلي .. قد تجدين المنزل بسيط نوعا ما و يختلف عن القصر .. تقصدت أن يكون ذو طراز ريفي ولذلك هو من الخشب الخالص.. وهذه هناك خزانة ملابسك و كل ما فيها هو ملكك .. تصرفي على سجيتك. يارا بتوتر : ماذا عنك؟ منصور: للمرة الألف لن أفعل لكِ شيئا.. سأرتاح على تلك الأريكة هناك ولن تشعري بوجودي. يارا بانفعال : ولكني أرغب بأن أبدل ملابسي ! منصور: بدليها في دورة المياه .. ستجدينها هناك .. وأشار ليارا على مكان دورة المياه في الجانب الآخر من الغرفة. يارا : أنا لا أريد أن أبيت هنا الليلة .. حين يصل السائق بالأدوية دعه يعيدني الى القصر. منصور وهو يفتح احدى النوافذ في الغرفة لتدخل الشمس: أنا حقا مرهق ومتعب .. سنبيت هنا الليلة وغدا مساءً سنعود للقصر. يارا تفتح الخزانة بانفعال وتنظر متفاجئة للملابس ثم تقول: سيد منصور .. منصور يستغرب كلمة (سيد) فيلتفت باتجاه يارا.. يارا تكمل قائلة : في المرة القادمة حين تقوم بالتسوق لي بدلا مني .. احرص على أن تكون الملابس ذات أكمام على الأقل. منصور يبتسم ابتسامة مكر: أنا أشتري ما يلائمك في خيالي .. وصدقيني في خيالاتي هذه الملابس كانت الأكثر احتشاما. يارا بجدية : رجاء توقف عن استفزازي بهذه الطريقة . جلس منصور على احدى الأرائك في الغرفة يعبث بهاتفه .. أما يارا فقد سحبت بنطال احدى البيجامات الحرير التي امتلأت بها الخزانة ، ثم نظرت الى قميص تلك البيجاما فوجدته مكشوف جدا فرمته في الخزانة بغضب .. و انتقلت لتفتح خزانة منصور وتأخذ منها احدى قمصانه دون أن ينتبه لها. دخلت يارا الحمام لتُبدل ملابسها .. خلعت بنطالها الأسود وقميصها .. ثم ارتدت قميص منصور الذي كان أبيض اللون وذو أزرار فضية أنيقة.. تركت يارا بنطال البيجاما على احدى الرفوف حتى تنتهي من غسل يديها و وجهها .. وفتحت صنبور الماء لتنظر للمرآة وتُحدث نفسها كعادتها وهي تُفكر بتصرفات منصور. وفجأة وأثناء نظرها الى المرآة انتبهت يارا لوجود حشرة كبيرة الى حد ما.. تطير في أرجاء الحمام خلفها لتقترب من خصلات شعرها من ما جعل يارا تنتفض رعبا وتلتصق في الجدار خلفها وهي تصرخ .. سمع منصور صوت صراخ يارا فركض باتجاه دورة المياه ودفع الباب بقدمه بكل قوة فانفتح الباب ليتفاجأ منصور بيارا ترمي بنفسها بين أحضانه ، تدفع برأسها في صدره وهي تصرخ : أبعدها عني. لمح منصور تلك الحشرة تطير لتستقر على احدى المناشف المعلقة بجانب حوض الاستحمام فعاد بنظره الى يارا التي كانت ممسكة قميصه بيديها بشدة ، ومخبئة رأسها ووجهها في صدره من ما جعل قلبه يتزلزل بداخله.. لم يشعر منصور بنفسه وهو يحتضن يارا ليرفعها عن الأرض محاولا النظر لعيناها.. وما ان التقت عيناها بعينيه حتى همس لها قائلا: هي نحلة .. كنتُ أعلم بأنها لن تقاوم عيناكِ. كانت يارا في حالة صدمة لم تكن تستوعب بأنها بين يدين منصور بهذا الشكل.. أما منصور فقد اقترب بهدوء من شفتيها لـ...... ترقبوا القادم من عروس النار. بقلمي سارة بنت طلال. |
https://e.top4top.net/p_704tauhs1.png
الفصل الرابع عشر[/CENTER] اقترب منصور بهدوء من شفتي يارا وللحظة أيقنت يارا بأنه سيُقبلها حتما فأغمضت عيناها سريعا هربا من تلك القبلة .. وما ان انتبه منصور لذلك حتى أجبر شفتاه ان تطبعا تلك القبلة بين عيناها بهدوء ليهمس لها: سأندم لاحقا لأني لم أستغل هذه اللحظة .. ولكني سأندم أكثر إن أجبرتك عليها. أنزل منصور يارا لتلمس قدماها الأرض .. ففتحت عيناها و اشاحت بخجل نظرها عن منصور وقد كانت مربكة بشدة.. منصور يبتسم : كم أتمنى لو أستطيع ارسال دعوة خاصة لكل خلية نحل في مزرعتي. يارا وهي تبعد خصلات شعرها عن وجهها بتوتر: هلا خرجت رجاء لأرتدي ملابسي؟ منصور : حقا ؟ وماذا ان قلت لكِ بأني أريد قميصي هذا.. و الآن ! يارا في حالة صمت عارمة .. منصور ينفجر ضاحكا : حسنا احتفظي به.. ثم استدار ليخرج من دورة المياه ولكنه انتبه للباب فعاد قائلا : بمناسبة خروجي من هنا .. أعتقد بأني قد كسرت هذا الباب قبل قليل ، ولكن لا تقلقي سأرسل أحدا مساء ليُصلحه. يارا وما زالت الكلمات تناضل لتخرج من فمها : لا بأس. خرج منصور فأخذت يارا احدى المناشف وأغلقت عليها الباب لتقوم بتثبيته بها. وما ان تثبت ذلك الباب حتى وضعت يارا يدها على صدرها لتصطدم بالجدار خلفها وتنهار لتجلس ببطيء على الأرض وهي تتنفس بشدة وتُحدث نفسها قائلة: ما الأمر! ما بك قلبي اهدأ .. اهدأ رجاءً. . . . . ما ان خرج منصور من دورة المياه حتى جلس على السرير وخلع قميصه لينظر لذلك الجرح على كتفه فقد بدأ يُؤلمه من جديد .. استلقى على السرير فارتفعت خصلات شعره الأسود لتكشف عن الجرح المغطى في جبهته أيضا .. و ما هي الا دقائق حتى غفى دون أن يشعر. بعد دقائق خرجت يارا فوجدت منصور قد غفى على السرير .. يارا تهمس لنفسها قائلة : يا الهي نام وقد خلع قميصه أيضا بكل جرأة. اقتربت يارا من منصور فلمحت ذلك الجرح المُغطى على جبهته .. فتذكرت أن منصور ما زال مريض فارتبكت.. همست لنفسها قائلة: لم يأخذ الدواء.. ماذا أفعل الآن. فتحت يارا الباب ونزلت الى أسفل ذلك المنزل الدافئ والأنيق رغم صغر حجمه بالنسبة للقصر .. فوجدت أم رامي تجلس في الصالة الصغيرة القريبة من المطبخ في ذلك المنزل ، وهي تضع أمامها صينية صغيرة تصنع بها بعض أصابع ورق العنب الذي يحبه منصور. أم رامي: أهلا بكِ يارا .. تعالي واجلسي بالقرب مني. يارا جلست بالقرب من أم الرامي وبادرت بالسؤال: هل تصنعين ورق العنب؟ أم رامي : نعم.. فمنصور ولدي يحبه بشدة وأرى أنك أيضا تحبينه كمنصور تماما. يارا : نعم صحيح .. أنا فعلا أحبه .. أم رامي: هل نام منصور؟ يارا : نعم قد غفى قليلا. سكتت لوهلة ثم أكملت تسأل : كنت قلقة بشأن دواء منصور .. هل أحضر السائق شيئا ؟ أم رامي: لا .. لم يأتي بعد.. ولكن لماذا يتناول منصور دواءً؟ يارا بارتباك: لا شيء .. هو فقط يُعاني من ارتفاع في درجة الحرارة. أم رامي بقلق: هل يُخفي عني ولدي منصور شيئا؟ يارا : لا لا أبدا .. هوحقاً يُعاني من ارتفاع في درجة الحرارة والطبيب قد وصف له بعض المضادات الحيوية.. يارا في محاولة منها لتغيير الموضوع : دعيني أساعدك في لف ورق العنب فأنا جيدة في ذلك. أم رامي تنظر ليارا : كم أنت جميلة يا يارا .. لا أستغرب أن منصور تزوجك أبدا. يارا تبتسم بهدوء .. أم رامي : هل تحبينه ؟ يارا وكأن الحيرة قد اغتالت تفكيرها فأنزلت رأسها قليلا وسكتت .. أم رامي تبتسم فتقول: الحب ليس شيئا يمكن اخفائه ولكن يبدو لي أنك خجولة بعض الشيء. يارا بتوتر تبتسم فتقول: نعم فعلا. أم رامي: أتعلمين يا ابنتي أني اليوم رأيت ابني منصور الذي اشتقت له. يارا: لماذا!.. أم رامي: غابت ملامح الحب في عينيه لسنين طويلة .. واعتقد أنك نجحتِ في اعادتها اليه ، فمنذ أن توفي والده و سافرت والدته وأنا أراه ولا أراه .. أنظر الى عينيه فلا أجده فيها. يارا: كيف ذلك؟ أم رامي : هل أخبرك منصور عن والده الشيخ عبدالرحمن العالي و والدته السيدة صوفيا؟ يارا بفضول: بالطبع ولكن لم يُخبرني كثيرا من التفاصيل.. وأنا حقا أتمنى أن أعرف كل التفاصيل عن منصور.. لكني لم أرغب في الضغط عليه. أم رامي: يا ابنتي لا تأخذي في خاطرك منه فمنصور لا يتحدث كثيراً.. ربما لم يخبرك بالتفاصيل لأن جروحه لم تُشفى بعد. يارا : أخبرني بأن والده قد توفي منذ زمن و أنه لا يملك عائلة ولكنه يرى فيك والدته. أم رامي بحزن : آآآآآآه يا ابنتي ، ذلك الشاب قد عانى كثيرا .. هو كان متعلقاً جدا بوالده الشيخ عبدالرحمن العالي ، كان شاباً في السابعة عشر من عمره حين تُوفي والده بالسكتة الدماغية، رحمه الله .. فقد حدث له ذلك بعد أن تآمر عليه بعض من صغار المستثمرين في الشركات العالمية وأسقطوا أسهمه في السوق فأفلست شركاته.. ومنذ ذلك اليوم ماتت ملامح ابني منصور.. سكتت أم رامي لبضع دقائق ثم قالت بحسرة والدموع تلمع في عيناها: اقسم ابني منصور يومها أن يُعيد اسم العالي رغم أنوفهم .. وصدقيني يا ابنتي.. لم يعد ذلك الاسم ويتصدر السوق العالمي من جديد بسهولة. يارا: وماذا عن والدة منصور هل ماتت. ابتسمت أم رامي بتهكم قائلة: يا ليتها ماتت. يارا بتعجب: لماذا! أم رامي: تلك الحية الفرنسية المغرورة ، كانت السبب في كل ما حدث.. أحبت المال أكثر من ابنها وزوجها و قد كانت سكرتيرة تعمل بجوار الشيخ عبدالرحمن العالي ، تزوجها وانجب منها ابني منصور ، ثم عشقت أحد المستثمرين الصغار في فرنسا وباعت ابنها وزوجها ، وبعد ذلك تآمرت هي وعشيقها عليهم حتى افلست المجموعة.. وما ان توفي الشيخ عبدالرحمن حتى تركت البلاد وهربت وتزوجت من عشيقها ذاك و الذي أصبح أحد ألد أعداء ابني منصور في باريس. يارا: يا الهي ! كيف فعلت ذلك؟ أم رامي: كانت سيدة مغرورة و مريضة بحب المال والسلطة . يارا: هل مازال منصور على تواصل معها؟ أم رامي: ألم يُخبرك بأنه لا يملك عائلة ؟ .. ابني منصور لا يكذب أبدا. صمتت يارا بذهول وهي تُفكر في قصة منصور التي لم تكن قد سمعت أو عرفت عنها شيئا من قبل. قاطعت أم رامي تفكير يارا قائلة: احتويه يا ابنتي .. فاليوم فقط عاد لي ابني الذي لم أراه لسنين طويلة ، واعلمي أنك لو احتجت القمر يوما فسيقطفه منصور لكِ من السماء ، ولكن صدقيني رغم حدته و كل نفوذه وسلطته ، هو بحاجة لك أكثر مما أنت بحاجة له. شعرت يارا للحظات بالشفقة على منصور.. لم تكن تعرف ماذا تقول أو كيف تتصرف أمام كلمات أم رامي وأمام المفاجأة التي ألقتها على عاتقها ، لم تكن تتخيل بأن منصور بكل جبروته وقوته وصيته قد عانى أي ألم في حياته .. لم تتصور أصلا أن يملك رجلاً مثله نقطة ضعف قد يحتاج لوجودها بجانبه ليتمكن من ازالتها. تداركت يارا مشاعرها فقالت لأم رامي : تُرى أين السائق .. لماذا لم يُحضر الدواء الى الآن؟ أم رامي : سأهاتف ابني رامي .. ربما أوصل السائق الدواء وتركه عند الحرس أمام البوابة.. اصعدي انتِ يا ابنتي لتتفقدي منصور.. وأنا سأرسل الدواء لك ما ان يصل مع العاملة. يارا : حسنا .. ولكن هل تسمحي لي أن أحتضنك ؟ فربما قد تسببت دون قصد في أن تتذكري ذكريات مزعجة. ضحكت أم رامي من رقة يارا واقتربت فورا لتحتضنها قائلة: أليس لديك أخت بجمالك ورقتك حتى أقوم بخطبتها لابني رامي أيضا؟ ضحكت يارا واحتضنت أم رامي بصمت. . . . . استيقظ منصور وقد ازداد عليه الألم .. أخذ ينظر حوله في الغرفة بقلق ، فقام بسرعة و بهلع ليتجه الى دورة المياه ويقوم بدفع الباب باحثا عن يارا و لكنه لم يجدها .. فخرج و الخوف والغضب يستوليان على نظراته ليفتح باب الغرفة.. ولكن يارا سبقته وفتحت الباب قبله لتصطدم عيناها بعينيه.. يارا : ما الأمر .. هل أنت بخير؟ منصور وما زالت عيناه متعلقتان بيارا.. يارا: لا تخف.. لم أهرب .. بدأت نظرات منصور تخيف يارا فأكملت قائلة : أساسا ليس لي مكانا أهرب اليه. اجتذب منصور يارا بشدة من أمام الباب واغلق الباب خلفها ثم احتضنها بشدة ليهمس لها قائلا: لا تذهبي مرة أخرى الى أي مكان بدوني. يارا بتوتر من تصرف منصور : ذهبت لأتفقد ما ان وصل الدواء ..والآن هلا تركتني رجاء. منصور: ان تركتِ لي الخيار .. فلن أتركك أبدا. يارا شعرت بالارهاق الشديد في صوت منصور فقالت: هل أنت بخير؟ منصور بسخرية: بالطبع أنا بخير .. فأنا أشعر بأنفاسك على صدري. قاطع صوت الطرق على باب الغرفة حديث منصور .. يارا : قد وصل الدواء .. رجاءً اتركني .. فأنا لا أود أن أدفعك و أنت مُتعب هكذا. منصور : و أنا لا أستطيع أن أتركك فأنا مُتعب و أشعر بالراحة وانا أغمرك هكذا. يارا بيأس : أرجوك اتركني فالطرق على الباب يزداد. منصور يتنهد بيأس أيضا من إصرار يارا ويتركها قائلا: حسنا .. اذهبي وافتحي الباب. ذهبت يارا لتفتح باب الغرفة وتأخذ الدواء من العاملة .. وما ان عادت حتى وجدت منصور يجلس على الأريكة بجانب السرير وقد أعاد رأسه الى الخلف قليلا وأغمض عينيه بتعب. يارا فتحت علبة الدواء وقالت له : تفضل يجب أن تأخذه الآن لأنك قد تأخرت كثيرا في تناوله، ولذلك تشعر بالإرهاق والتعب ، يجب أن لا تتأخر في أخذه مرة أخرى لأن ذلك قد يتسبب في انتكاس حالتك الصحية . أخذ منصور الدواء وتناوله ثم نظر الى يارا قائلا: هل تقلقين بشأني؟ يارا: ربما أشعر بالذنب لأني السبب فيما حدث لك. منصور: أنا ممنون لكِ .. لأن لولا إصابتي هذه لما كنتِ اعتنيتِ بي. يارا وقد طال صمتها .. منصور: اذا كنت ترغبين في الاسترخاء فتفضلي، بإمكانك الاحتفاظ بالسرير.. وسأحتفظ أنا بهذه الأريكة . يارا وبرد سريع : لا شكرا .. لا أريد. منصور: حسنا سأخرج لأتفقد اسطبلات الخيول .. أترغبي في مرافقتي. يارا: لا .. بإمكانك الذهاب متى شئت. منصور وقد اتضحت ملامح غضبه وهو ينظر ليارا : تحضري ستذهبين معي. يارا: لكني لا أرغب في ذلك. منصور: أمامك عشر دقائق لتُبدلي ملابسك .. سأنتظرك في الأسفل. نهض منصور بغضب وإصرار وخرج من الغرفة. يارا وقد اخافها صوت اغلاق منصور للباب: يا لغبائي حين أشفقتُ عليك. وفجأة دخل منصور مرة أخرى للغرفة ليفتح الدولاب ويُخرج منه بنطال جينز و قميص أصفر قطني ليس له أكمام، و قد كان قصير نوعا ما بحيث يكشٍف تصميمه عن منطقة الخصر من الجوانب ليتدلى بشكل أطول من الأمام والخلف ببعض التموجات الأنيقة.. قام منصور برمي البنطال والقميص على طرف السرير قائلا : ارتدي هذا .. والا سأضطر الى مساعدتك في ارتدائه. خرج منصور بسرعة دون أن يهتم لرد يارا ، واغلق الباب خلفة بقوة مرة أخرى. صرخت يارا قائلة: يا الهي ماذا أفعل ! .. حقا أنا غبية ، لما لم أتركه يتألم حتى الموت واسترحت منه و من ازدواجيته هذه. رفعت يارا تلك الملابس من على السرير لتنظر لها باستحقار ، ثم قامت برميها بكل قوتها وغضبها على الأرض. . . . نزل منصور للأسفل.. فوجد أم رامي تقترب منه وهي تقوم بنفخ البخور الذي تحمله بيدها عليه قائلة : حرسك الله من العين يا عريس.. ثم أكملت تتساءل .. أين يارا! أردت أن أبخركما معا. منصور وهو يبتسم من تقاليد أم رامي: ستنزل بعد قليل فبخريها جيدا رجاءً. أم رامي تضحك : لن تُوصيني بابنتي يا منصور. منصور: كيف وجدتي عروسي؟ أم رامي وهي تهمس لمنصور: هذه من يُقال عنها عروس .. كنتُ أخاف كثيرا أن تقع في شباك العقربة التي تُدعى رؤيا. منصور بتهكم: وكأنك تتحدثين عن مرور ابن عُرس تحت سحر ضوء القمر. أم رامي وقد حجبت رؤياها دموع الضحك : دعنا منها .. فيبدو أن عروسنا الجميلة قد حضرت. . . . ما ان نزلت يارا حتى تفاجأ منصور بأنها قد ارتدت قميصه الأبيض.. فوق البنطال والقميص الأصفر الذي انتقاهما لها. وما ان وصلت يارا لأسفل الدرج .. حتى قام منصور بخلع القميص الذي يرتديه ليُعطيه لأم رامي قائلا: هلا أعطيتي القميص هذا للعاملة حتى تقوم بغسله؟ فسأرتدي قميصي ذاك الذي ترتديه يارا .. ثم انطلق وهو عاري المنكبين ووقف أمام يارا واحتضنها برومانسية مصطنعة قائلا: حبيبتي أنا هنا! .. لا داعي أن ترتدي قميصي لتعلق رائحة عطري بك ، احتضنيني فحسب. ووسط صدمة يارا وخجلها أمام أم رامي .. خلع منصور القميص من على كتفيها وابتعد قليلا عنها ليرتديه. أم رامي تُعلق بسعادة: لا تخجلي يا عروس .. سأبخرك من العين وأذهب لتكونوا على سجيتكم. بخرت أم رامي يارا و هي تُتمتم ببعض الآيات القرآنية وما زالت الصدمة واضحة على ملامح يارا. اقترب منصور بهدوء وكأنه يحاول أن يتعرض لدخان البخور في يد أم رامي ، فوقف بجانب يارا ليضع يده حول خصرها المكشوف ولثواني شعرت يارا بالاختناق .. ليس من البخور، بل من الموقف الذي وضعها به منصور.. فما كان منها سوى أن أمسكت بخصلات شعرها الطويلة وكأنها تُبخرها ثم ألقت بها و أرجعتها الى الخلف بقوة لتصطدم بوجه منصور الذي أشاح بوجهه قليلا ثم عاد ليجذب يارا باصرار من خصرها من جديد. استفز الموقف يارا بشدة فقالت وهي تشكر أم رامي : شكرا لك .. فرائحة البخور جميلة جدا. ثم التفتت لمنصور بقصد ارباكه وقالت: اقترب حبيبي .. فبخور أم رامي لا يُفوت. انتقلت الصدمة من ملامح يارا لملامح منصور حين قالت له كلمة حبيبي.. لينظر لها منصور باستغراب وقد تجمد في مكانه ما بين السعادة والتعجب. عندها أبعدت يارا يدين منصور عنها بخفة.. وابتعدت وتركته قائلة : سأخرج أنا لأستنشق بعض الهواء ..شكرا لكِ مرة أخرى خالة أم رامي. . . . خرجت يارا من المنزل لتمشي في المزرعة بغضب ..وهي تحبس الدموع في عيناها جراء استفزاز منصور لها واستغلاله للموقف أمام أم رامي. ما هي الا ثواني حتى لحق منصور بها ليُديرها باتجاهه قائلا: ألم أنبهك أن لا تذهبي الى أي مكان بدوني؟ يارا وقد فقدت أعصابها وقامت بدفع منصور بعيدا عنها قائلة: يبدو أن غبائي جعلني أحترمك وأنت لا تستحق. منصور بغضب : ويبدو أني سئمت صبري عليك. اقترب منصور من يارا أكثر ليُكمل قائلا: أنت زوجتي فتصرفي على هذا الأساس. يارا : أجبرتني عليك .. أجبرتني على كل شيء فيك .. أنا لا أريدك .. لا أريدك. ترك منصور يارا التي أشاحت بنظرها عنه فصمت قليلا .. ثم قال بهدوء: انظري الي. غضب يارا جعلها لا تهتم لمنصور وترفض النظر له. صرخ منصور فزمجر بغضب قائلا ليارا : قلت لك أنظري الى. رفعت يارا نظرها لتنظر لمنصور بتحدي قائلة: ماذا تريد؟ منصور يتمالك أعصابه ويعود لهدوئه من جديد قائلا: هل أجبرتك قبل قليل أن تناديني بحبيبك؟ يارا بسخرية: هه.. لا تفرح كثيرا، فلساني قد اعتاد على أن يقولها لمن كان زوجي الحقيقي قبل أن أصبح جاريتك. منصور وكأن يارا قد أوقدت النار في نظراته .. قام بعض شفته السفلية في محاولة منه لأن يتمالك نفسه .. ولكن يبدو أنه فشل في ذلك .. قال وكأنه يريد أن تتدارك يارا حديثها قبل أن ينفجر: حقا! يارا صمتت ومازالت نظرة التحدي في عيناها .. و لوهلة ومن دون أن تستوعب يارا .. وضع منصور كفيه على وجنتيها ليجذبها ويطبع قبلة عنيفة على شفتيها.. حاولت يارا ابعاده وهي تدفع بصدره بعيدا عنها.. ولكنه أنزل يديه ليحيط كتفيها ويجذبها اليه مما أعاق حركة يديها. انتبه منصور لدموعها التي خرجت من عيناها تستغيث وترجو منه الرأفة.. فتركها لتسقط جاثية على ركبتيها منهارة أمامه.. ثم قال يخاطبها: ان لم أكن أول من تدعينه بحبيبك .. فتلك كانت قُبلتك الأولى وهي لي، وأرجو من الله أن تكون كذلك.. حتى لا أقرر أن أكون أول من يمتلكك والآن. يارا التزمت الصمت وهي تبكي بحرقة على الأرض. منصور: أتمنى أن تكوني قد أدركتِ من هو زوجك الحقيقي يا حرمي المصون. هنا يتوقف الفصل الرابع عشر من روايتي ( عروس النار) .. تابعوا معي الجزء القادم بشغف فلم تسأم محبرتي بعد من ذلك الشوق بينها وبين القلم. بقلمي سارة بنت طلال. أهدي هذا الجزء.. الى أجمل المتابعين وأرقاهم على الاطلاق، وأحمل اليكم باقة من الشكر على صبركم الكريم وأناقة حضوركم التي باتت أجمل ما في صباحي وأعذب ما في مسائي وأنقى ما في أيامي الدراسية المتعبة والمرهقة جدا جدا جدا، حفظكم الله دوما وأبدا .. لي ولكل محبيكم بإذن الله. |
للرفع..
|
الفصل الخامس عشر ( عروس النار) بقلمي..
https://c.top4top.net/p_1017gb8n31.jpg
الفصل الخامس عشر بعد أن نطق منصور تلك الكلمات التي هزت كيان يارا.. نهضت يارا بسرعة واخذت تركض في ارجاء المزرعة الشاسعة بعيدا عن منصور. أما منصور فأخذ يتبعها ببطيء وكأنه واثق أنها لن تبتعد عن نظره أبدا.. توقف منصور ما ان وجد يارا تتجه الى اسطبلات الخيول فجلس بهدوء على تلال العشب المقابلة للإسطبلات. جلس منصور ورفع يديه ليغطي بها وجهه وهو يتمتم قائلا: ماذا فعلت منصور؟ ماذا فعلت ؟.. اعتقد انك عدت لنقطة الصفر من جديد .. رفع نظره باتجاه الاسطبلات وكأنه يخاطب يارا قائلاً: انت لي ... انت اختياري الأبدي... في عيناكِ صحيفة صباحي .. قهوة مزاجي التي أغمرها بيدي... انت لي ... وانا أحبك .. كرجل .. لم يكن يوما صبي... كطفل .. ضاعت لعبته .. فتمرد وأصبح شقي... ورغم غضبي العتي... لا يجرؤ جبروت الليل فيَ ... أن يُطفئ نجمة في سماكِ .. أن يتعالى يوما.. على البريق في رضاكِ.. فمنذُ أن عرفتك.. وُلِد قلبي الحي... أتعلمين لماذا ؟!.. لأنكِ لي. جذب منصور بغضبه بعض العشب الذي كان تحت يديه على ذلك التل وأخذ يرمي به حبة تلو الأخرى وهو يُفكر بغضب كيف يُصلح الموقف. . . . . وفي ذلك الاسطبل كانت يارا تختبئ خلف بعض الصناديق الخشب التي وُضعت في زاوية في آخر الاسطبل .. كانت تبكي وتلوم نفسها على العناية التي قدمتها لمنصور، كانت تضرب رأسها بيديها بين الحين والآخر لتصف نفسها بالغبية ، وكلما هدأت دموعها عادت لتتذكر كلام منصور و تلك القُبلة لتبكي من جديد. مضى على بكاء يارا بين الصناديق الخشبية ساعة، ولم تنتبه حينها بأن منصور قد دخل الاسطبل وعلم أنها تختبئ بين الصناديق من صوت تمتمتها وبكائها. تظاهر منصور عندها بأنه لم ينتبه لها وصرخ لينادي باسم احدى الخيول خلف الحواجز في الاسطبلات قائلا: توباااااز. انطلقت مهرة صغيرة لتخرج رأسها لمنصور من خلف الحواجز في الاسطبل .. نظر منصور لتلك المهرة الصغيرة وهو يداعب رأسها قائلاً : اذن انتِ هي توباز. ابتسم منصور وهو يعلم بأن يارا توقفت عن البكاء وتسمعه من خلف الصناديق، فأكمل قائلا: اعلم بأنك لا تعرفيني يا مهرتي الجميلة .. مع أني أعرفك جيداً .. فقد كنتُ هنا حين وُلدتي قبل أشهر قليلة، ومع ذلك اقتربتِ مني، وكأنك يا مهرتي تُحاولي أن تعرفيني أو تتذكريني، انت تعرفين بأني لستُ شخص سيئ أليس كذلك؟ سكت منصور قليلا وهو يُداعب توباز ويُطعمها .. ثم نظر منصور الى الصناديق الخشب التي تختبئ يارا خلفها و توجه لها بهدوء وجلس على الأرض ليتكئ بظهره على الجهة الأمامية للصناديق.. منصور: أتعلمين يارا! كل رجال هذا العالم لا يعتذرون إن علموا في قرارة أنفسهم أنهم على خطأ ، يظل كبريائهم كرجال يضع لهم مبررات ، و لذلك أنا سأعتذر منكِ ، ربما اعتذاري يشفع لي عندكِ. مضت بضع دقائق ويارا صامته ولم ترد على منصور. منصور: أنا أعتذر وكلي أسف .. لم أقصد ما حدث بيننا ، ولن أقول بأنكِ من بدأ في استفزازي لأن ذلك ليس عذرا ، فأنا أعطيتك وعد بأن لا أجبرك على شيء لا تريدينه. انطلقت دموع يارا وصوت بكائها الذي حبسته طويلاً .. منصور : ألم أقل لكِ أن دموعك تقتلني. كان صمت يارا ما زال متبعثراً بين دموعها.. منصور : كل ما أطلبه منكِ أن تعطيني فرصة .. اقتربي مني أكثر حاولي أن تجربي ذلك، أرجوكِ. يارا تخرج عن صمتها أخيرا لتقول: لماذا ؟! قُل لي سبباً واحداً يجعلني أقترب منك ، اختطفتني في أجمل ليلة في عمري وحبستني في قصرك ، طلقتني من الرجل الذي اخترته وتزوجتني رغماً عني ، وأسأت الى سمعتي ودمرتني ودمرت عائلتي ، اخبرني لماذا يتوجب علي أن أعطيك فرصة أو أقترب منك .. أخبرني؟ منصور: في هذه الحياة .. ليست كل الأمور منطقية، أرجوك يارا.. جربي مرة واحدة أن تكوني غير منطقية، واعدك أنك لن تندمي ، جربي مرة واحدة أن تتصرفي كتلك المهرة. تحرك منصور والتف حول الصناديق ليقترب من يارا. يارا: اسمعني جيدا.. اخي طراد لن يتركني هكذا، هو معه رقم هاتفك الآن وقد.. قبل أن تُكمل يارا ابتسم منصور قائلا: من قال لكِ أنه يملك رقم هاتفي؟ يارا: قد تحدثنا معه صباحا أليس كذلك؟ منصور: هه.. صحيح ولكن .. يارا بهلع : ولكن ماذا؟ منصور: لا عليكِ .. صمت منصور قليلا ثم قال: حسنا، الى أن يصل طراد الى حل ويُنقذك مني .. ما رأيك بأن نعقد هدنة لطيفة وتثقين بي الى ذلك الحين؟ يارا والدموع تغطي وجنتيها: لن يجدني .. أليس كذلك؟ منصور بلطف يرد على يارا: لم أقل هذا.. حسنا أعدك إن لم يجدك بنفسه فسأحضره لكِ بنفسي، واعتقد أني سبق وأن جعلتكِ تهاتفينه ما ان طلبتي ذلك. يارا تنظر لمنصور باستغراب.. منصور : لا تنظري لي هكذا فأنا لا أخلف وعدي أبدا .. كما أنك زوجتي ولستِ أسيرة لدي ، قلت لكِ بأني أحتاج بعض الوقت فحسب وسيكون كل شيء على ما يرام ، فهلا عقدنا تلك الهدنة الآن ؟ يارا: وما المطلوب مني ؟ منصور: امممم .. كل المطلوب هو أن لا تخافي مني وتثقي بي. يارا : وبعد ذلك ؟ منصور وهو يمسح الدموع من على وجنتي يارا: أن تتوقفي عن طعني بدموعك. صمتت يارا و اشاحت بوجهها عن منصور.. منصور: والآن ما رأيك بأن نُطعم تلك المهرة الصغيرة. وقف منصور و مد يده ليارا قائلاً : هيا .. تعالي معي سأريكِ إياها. يارا: لا أود ذلك. منصور: حسناً. ارتاحت يارا لأن منصور ابتعد بعض الخطوات عنها.. وما هي الا دقائق حتى سمعت صوت سياج الاسطبل الذي تقف خلفه توباز يتحرك فوقفت لتنظر من خلف الصناديق لتُفاجأ بأن منصور قد أخرج توباز وسحبها الى حيث تقف يارا خلف الصناديق. يارا بهلع تسأل: ماذا تفعل!أبعدها عني رجاءً. منصور يبتسم: هي ترغب في التعرف عليكِ فقط.. لا تخافي اقتربي. يارا: أنا لا لا.. أنا لا أحب الحيوانات. منصور: أتظنين أني لا أعرف ذلك.. اقتربي هذه مهرة صغيرة وعمرها بضعة أشهر فقط، هيا لا تُخجليها. قرب منصور المهرة من يارا وهو يقول: كانت الهدنة أن لا تخافي. نظرت يارا مطولاً الى توباز ثم حركت يدها بلطف لتلمس رأسها. ابتسم منصور: أرأيتِ.. لا داعي للخوف. بقيت يارا تلتزم الصمت.. منصور: سأحضر بعض الألياف لتوباز وآتي. يارا: لا.. لا تذهب. نظر منصور ليارا نظرة اعجاب لردة فعلها.. فتداركت الأمر قائلة: أعني خذها معك إن أردت أن تطعمها. منصور: يبدو أنها سعيدة معك.. اعتني بها قليلاً لن أتأخر. ذهب منصور وترك توباز ليارا التي كانت مربكة جداً و الخوف ينتابها من توباز.. اخرج منصور كيساً من القمح من اسطبل توباز وعاد ليجد يارا ملتصقة بأحد أركان الاسطبل وتوباز تحاول مداعبة كتفها بشفتيها.. ما ان رأت يارا منصور حتى صرخت: أبعدها عني. ضحك منصور وسحب توباز باتجاهه قائلاً: دعي زوجتي وشأنها .. فهي لم تعتاد على القبلات بعد. يارا : حقا! لا أجد الأمر مُضحك. منصور في محاولة لأن يكون جاد: احم .. كُنت أحاول اقناع توباز لا أكثر. أخذ منصور يُطعم توباز بعض القمح ويارا تقف في مكانها محاولة تجاهل تواجد منصور. حتى رن هاتف منصور فرد عليه قائلاً: اهلاً رامي .. حسنا سنأتي الآن، يا الهي.. لماذا فعلت ذلك يا رامي! لا اعتقد أن الوقت مناسب الآن لتواجدها.. عموما لا بأس، أراك بعد قليل. أغلق منصور الهاتف ثم التفت ليارا قائلاً: هلا عدنا الآن، قد جاء رامي للعشاء ومعه صديقة قديمة . يارا: أنا متعبة.. أود أن أرتاح، ولا أرغب في تناول العشاء. منصور دون أن يمانع: بالطبع.. بإمكانك أن ترتاحي في الغرفة ما ان نعود. خرج منصور من الاسطبل وكانت يارا تمشي خلفه بخطوات بطيئة وكأنها لا ترغب بأن ترافقه.. حتى اقتربوا الى منزل المزرعة.. لتفاجأ يارا بامرأة تركض باتجاه منصور حتى عانقته وهي تصرخ: منصور! اشتقت اليك. نظرت يارا بذهول لتلك المرأة التي تعانق منصور.. كانت طويلة قد يصل طولها ل170 سنتميتر، بيضاء ذات شعر أحمر قصير قد يصل لكتفها ، جسمها ممشوق يلائمه كثيرا الفستان الأصفر القصير الذي كانت ترتديه. منصور: أهلا رؤيا. رؤيا تتجاهل يارا تماما وتكمل حديثها مع منصور بدلع مصطنع: أطلت غيابك عني كثيرا هذه المرة.. ألم تشتاق لي؟ منصور: نعم فعلاً.. ولكن تعلمين، لدي الكثير لأنجزه.. دعيني أعرفك الى زوجتي.. رؤيا تنظر ليارا.. منصور: تعالي يارا اقتربي.. هذه رؤيا صديقة العائلة التي أخبرتك عنها.. ثم التفت لرؤيا قائلا : هذه زوجتي يارا. رؤيا تخاطب يارا بوجه خالٍ من الملامح: أهلاً يارا. يارا تومئ برأسها: اهلا. رامي يحاول تدارك الموقف: كيف حالك يا زهرة الأقحوان؟ يارا تبتسم لرامي ابتسامة مرهقة فتقول: متعبة بعض الشيء.. سأصعد لأرتاح قليلا. رامي: بالطبع.. تفضلي. دخلت يارا المنزل فركضت باتجاهها أم رامي قائلة: يا الله.. كم أتضايق من وجود هذه الفتاة.. سأحاسب رامي كثيراً لأنه أحضرها معه، هل صادفتها؟ يارا: نعم التقيت بها. أم رامي: لا تقلقي.. منصور يتضايق من وجودها أيضا. يارا بارتباك من تبرير أم رامي لتواجد رؤيا: حسناً.. عن اذنك، سأصعد لأرتاح قليلا. أم رامي: تفضلي يا ابنتي.. ولكن لا تضايقي نفسك، هي لا تستحق هذا. يارا تُحاول تمالك أعصابها أمام تبريرات أم رامي المستمرة: حسنا.. سأصعد الآن. دخلت يارا الغرفة وألقت بنفسها على السرير وهي تُحدث نفسها: اااااااه كم أتمنى لو ينتهي هذا اليوم فحسب. أغمضت يارا عيناها حتى كادت أن تغفو لولا صوت ضحك رؤيا الذي بات مسموعاً عبر نافذة الغرفة التي تطل على الحديقة. فتحت يارا عيناها مذهولة من مبالغة رؤيا في الضحك.. فتحركت باتجاه النافذة لتنظر منها لتجد رؤيا التي كانت تجلس وقد ألصقت كرسيها بكرسي منصور وهي تغرد ضحكاً ثم تميل لتهمس له في اذنه. ابتسمت يارا بسخرية من ذلك المنظر ثم قالت: هه وماذا تريد مني اذن يا سيد منصور.. ها انت تستمتع جيدا بوقتك مع النساء. للحظة شعرت يارا بالاستفزاز من تلك المرأة كونها تعرف أنها زوجة منصور وتتجاهل وجودها تماماً.. كانت تتساءل ترى كم هي جريئة لتتصرف مع رجل متزوج بهذه الطريقة الرخيصة.. عادت يارا لتجلس على طرف السرير في محاولة لتجاهل ضحكات رؤيا.. وبعد عدة دقائق سمعت يارا صوت الموسيقى يعلو لتعود وتنظر من النافذة لتفاجأ برؤيا وهي تسحب منصور وتتعلق به لترقص معه.. خاطبت يارا نفسها: لذلك لم تُصر على تواجدي وتركتني أصعد لأرتاح. صمتت يارا قليلا وهي تنظر باتجاه خزانة الملابس ثم قالت: حسنا .. أعدك بأن أكون عذابك هذه الليلة. . . . . . في الحديقة.. كانت رؤيا تتمايل وهي ترقص مع منصور على نغمات أغنية What a Wonderful World لـ Louis Armstrong .. رؤيا: هل أنت سعيد معها؟ منصور: معها أنا أسعد رجل في العالم. رؤيا تضحك بصوت مسموع: كل الرجال في بداية الزواج يقولون هذا. منصور: لستُ كل الرجال.. أنا رجل واحد. رؤيا: عزيزي منصور.. لم أتخيل أن أشفق عليك يوما. منصور بهدوء يقترب من اذن رؤيا: أبادلك نفس الشعور عزيزتي. رؤيا متفاجئة: أنا! منصور يضحك بتمرد: نعم أنتِ.. فلم تجذبي انتباهي يوما ومع ذلك ما زلتي تحاولين. نظر منصور لعينا رؤيا مباشرة وداعب أنفها بإصبعه قائلاً: ولكن حقا أقدر اجتهادك. رؤيا بتحدي: ستخضع يوماً صدقني. تصاعدت ضحكات منصور وهو يعتذر من رؤيا عن اكمال الرقصة موجها نظراته لرامي قائلاً: عذرا يا عزيزتي .. تركنا هذا الرجل وحيد فدعي شخصاً غيرك يمازحني. لكن عينا رامي كانت متعلقة بمدخل المنزل خلف منصور ولا تنتبه للحديث الموجه لها أبداً، أخذ منصور يشيح بيديه أمام رامي وهو يقول: أنت! رامي.. ما الأمر؟ التفت منصور الى حيث كان رامي ينظر ليتفاجأ بيارا التي كانت تبدو بغاية الجمال والأناقة في فستان أسود مخمل ذو أكمام طويلة يلتف بدقة ليحتضن خصرها المنحوت ثم برقي يتابع الالتفاف حول تضاريس جسدها الرقيقة ليتوقف عند منتصف ساقيها.. ترك منصور لنظره العنان وهو يحاول أخذ أنفاسه أثناء تأمله ليارا.. ثم التفت منصور وهو يتجه الى حيث يجلس رامي قائلا: هلا انتقلت لتجلس في كرسي آخر قبل أن أفقد أعصابي. رامي بخجل وهو يتحرك من مكانه: بالطبع تفضل. انتقل رامي للكرسي المقابل للكرسي الذي تركه لمنصور.. ليجلس وهو يُعطي ظهره لمدخل المنزل الذي تقف خلفه يارا وهي تساعد أم رامي في حمل بعض الأطباق لتخرج بها الى الحديقة. كانت رؤيا تجلس على أحد الكراسي أيضا ونظراتها ليارا قد وصلت الى مرحلة الغليان. يارا تضع أطباق من المقبلات على الطاولة. أم رامي تتبع يارا بطبق من ورق العنب وهي تقول: اليوم ابنتي يارا قد صنعت معي ورق العنب لأن منصور يحبه كثيرا. رامي بابتسامة ساذجة ليارا: حقا! يارا بابتسامه خجولة: قد ساعدت في البعض منها فقط.. ولكني جيدة في صنعه. رؤيا تضحك لتخاطب منصور قائلة: أظن يا منصور أن زوجتك تقليدية جدا. يارا لرؤيا: لماذا تظني ذلك؟ رؤيا بثقة: يبدو لي أنك من النساء التي تعتقد بأنها قد تملك الرجل ان ملكت معدته. يارا برقة تأخذ احدى حبات ورق العنب بيدها لتطعم منصور وهي تقول: في الواقع أنا من النساء التي تُحب أن تُطعم الحب لزوجها. أكل منصور ورق العنب من يدي يارا وهو يتأملها ويتساءل في نفسه: ترى هل تحاول اثارة جنوني نحوها مرة أخرى الآن أم ماذا! قاطع رامي الحديث قائلاً: يا إلهي هل أسمع الآن أغنية I can be your hero))؟ بدأ رامي يغني كلمات تلك الأغنية ثم وقف بخفة وأناقة ليدنو أمام يارا قائلا: سيدتي الجميلة .. هل تسمحين لي أن أشاركك الرقص على نغمات هذه الأغنية؟ يارا وعلامات الذهول أصبحت واضحة على ملامحها: أنا.. أنا.. التفتت يارا للحظة لتنظر لمنصور الذي بدى عليه أنه متأكدا من أن الرفض سيكون ردها.. ثم لمعت عيناها بثقة لتعود بنظراتها الى رامي قائلة: لا أمانع ذلك. مدت يارا يدها لتُمسك بيد رامي فانتفض منصور من على الكرسي ليسحب يدها قبل أن يلتقطها رامي قائلا: اعتقد أن رؤيا أيضا ترغب بالرقص يا رامي فدع لي أمر زوجتي سأراقصها أنا. وقف رامي وقد عقد حاجبيه مستغربا تصرف منصور الذي أخذ يارا بضع خطوات بعيدا عنه ليراقصها. منصور وهو يضع يديه حول خصر يارا بتحدي: ترغبين في الرقص اذن. يارا وهي تضع يديها بارتباك بعض الشيء على كتفي منصور: طلبت أن أتعرف عليك.. ويبدو أن مراقصة الغرباء من ضمن ثقافتكم الحضارية هنا. منصور يحرك يده قليلاً على خصر يارا متجها بأنامله الى اسفل ظهرها جاذباً إياها باتجاهه: مخطئة يا زوجتي العزيزة .. أنا لا أسمح لرجل آخر بأن يضع يديه عليك كما أضعها أنا الآن.. جذب منصور يارا أكثر باتجاهه لتُحرك أنفاسه خصلات شعرها خلف أذنها فيهمس قائلاً: ولا أسمح لرجل آخر أن يداعب بأنفه عبيرك كما أفعل الآن. بارتباك شديد أنزلت يارا يديها على صدر منصور وهي تستعد لدفعه بعيداً عنها إلا أن كعب حذائها أفقدها التوازن مما جعلها تمسك برقبة منصور حتى لا تقع فبدى الأمر وكأنها تحتضنه. منصور رغم انتباهه لما كانت يارا تحاول فعله غمرها ليُكمل التمايل على لحن الأغنية بثقة هامسا لها: أنا عالمك وخلفك الفضاء.. لن تنجحي في الابتعاد عني. ثم أخذ يردد كلمات الأغنية.. Would you swear that you'll always be mine Or would you lie? Would you run and hide? Am I in too deep? Have I lost my mind? I don't care, you're here tonight I can be your hero baby I can kiss away the pain I will stand by you forever You can take my breath away من حسن حظ يارا أن الأغنية انتهت أخيرا لتتحرر من منصور ويعود كلاهما للجلوس على مائدة العشاء مرة أخرى. حمل منصور طبق ورق العنب من أمام الجميع ليضعه أمامه قائلاً: عذراً سأتناول هذا الطبق وحدي. ضحكت أم رامي قائلة: أرأيت يا يارا.. قد تغلب طبقك على أطباقي جميعها اليوم. يارا بارتباك تبادل أم رامي الابتسامة. رؤيا بملامح جامدة تسأل يارا: هل تعملين يا يارا؟ أم أنك سيدة القصر؟! يارا: كنت أعمل في احدى الجمعيات الخيرية التابعة لمجموعة العالي. رؤيا بمكر تنظر لمنصور خلسة: حقا! هل كنتِ سكرتيرة مثلا؟ يارا: لا. رؤيا تبتسم بسخرية: عموماً يبدو أن عائلة العالي لا يتزوجون من خارج نطاق شركاتهم.. ( في محاولة منها لتذكير منصور بقصة والده مع والدته الفرنسية). منصور ببرود يتثاءب وهو يفهم جيدا ما تلمح له رؤيا.. يلتفت الى يارا قائلاً: حبيبتي بدأت أشعر بالنعاس .. ما رأيك أن نصعد الى الغرفة فالوقت تأخر وأعتقد بأن رامي يجب أن يقوم بإيصال رؤيا الى منزلها الآن. رؤيا وقد ارتسمت على وجهها ابتسامة خبث: أنا لستُ على عجلة من أمري.. قد تعلمت السهر على يديك أم أنك نسيت يا عزيزي. أم رامي تتدخل لتقاطع حديث رؤيا بإصرار: أنا أيضا أشعر بالنعاس. ثم وجهت حديثها الى منصور قائلة: هيا يا ابني خذ زوجتك واصعدوا لترتاحوا.. ثم انتقلت بحديثها الى رامي: وانت يا رامي أسرع بإيصال الفتاة (مشيرة لرؤيا) فغداً لديك أعمال كثيرة في المزرعة والاسطبلات. قامت أم رامي بسرعة تنادي العاملات ليساعدوها برفع الأطباق من على المائدة. أما منصور فقد أخذ طبق ورق العنب قائلاً: سآخذ هذا الطبق معي. قامت يارا فوقف رامي بسرعة قائلاً: سعدت كثيرا بانضمامك الينا. يارا: وأنا سعدت كثيرا بذلك أيضاً.. شكرا لك. أمسك منصور بيده الأخرى يد يارا وعبر بجانب رامي وهو يقول: أنت! لا تحاول مراقصة زوجتي مرة أخرى وإلا أطعمتك ما تطعمه للخيول في الاسطبلات. رامي يبتسم بخجل ويمسح جبينه بإحراج: سأحاول أن أتذكر هذا جيدا. رؤيا: لا داعي للعجلة يا رامي فالوقت تأخر وسأقضي الليلة هنا في غرفتي القديمة. رامي: أنت لم تزوريها لسنين ولم يدخلها أحد منذ مدة.. لا أعتقد أنك ستحبين هذا. رؤيا: لا تهتم.. أنا أعتني بشؤوني جيدا. رامي يلحق بمنصور وهو يناديه قبل أن يبتعد عن نظره. منصور يعطي الطبق ليارا قائلاً: حبيبتي خذي هذا معك لغرفتنا رجاءً. يارا تأخذ الطبق بانفعال لتصعد الى الغرفة. رامي: كنت أود أن أخبرك بأن الكلب روكسي مريض. منصور وقد ظهرت عليه علامات القلق: ما به ؟ أنا لم أراه منذ أن أتيت الى هنا ، ولكني اعتقدت أنه من ضمن كلاب الحراسة على البوابة الخارجية. رامي: لا أعلم كيف أقول لك هذا ولكن قبل اسبوعين هاجم أحد الحراس ومزق ذراعه فأمرت بإدخاله الى أحد الأقفاص الخاصة بكلاب الحراسة وأحضرت له الطبيب. منصور: وماذا قال؟ رامي: أخبرني بأنه مصاب بالسُعار.. وبأن من الأفضل عدم إخراجه من القفص. منصور: وماذا يعني ذلك؟ ألن يتحسن ؟ رامي: أنا آسف منصور ولكن أظن أنه يتوجب علينا أن ندعه يرحل. منصور بغضب: تظن أننا يجب أن نقتله أليس كذلك! رامي: هذا قرارك.. ربما تُفضل أن نبقيه في القفص ولكن لأكون صريح معك لا أرى فائدة من ذلك. منصور: لما لم تخبرني من قبل؟ رامي: أنت تعلم بأنه ليس من السهل الوصول لك يا أخي العزيز.. ومع ذلك تحدثت مع فهد ولكن نصحني ألا أخبرك كون مناقصتك الأخيرة بحاجة لتركيز عالي منك. منصور: حسنا سأمر على القفص غداً.. أسرع بإيصال رؤيا رجاء. رامي: ستنام هنا الليلة. منصور: ولماذا؟ رامي: أجب أنت على هذا السؤال. تنهد منصور بملل: أفضل ألا أجيب.. تصبح على خير. . . . . . . . في الأعلى كانت يارا قد ارتدت قميص منصور الطويل مع بنطال يغطي ساقيها .. وجلست على السرير بانتظار أن يأتي منصور لتعرف اين سيبيت الليلة. دخل منصور الغرفة.. منصور : هل بدلتي ملابسك بهذه السرعة! يارا : نعم فعلت .. أين ستنام الليلة؟ منصور يتجاهل سؤال يارا ويتجه نحو الطبق الخاص بورق العنب : اذن قد صنعتِ هذا من أجلي؟ يارا: بالطبع لا.. ساعدت السيدة أم رامي في صنعه فحسب. منصور يتناول حبات ورق عنب بصمت. يارا: أين ستنام الليلة؟ منصور: أخبرتك سابقاً أني لن أقترب منك.. ولا داعي لأعيد هذا في كل محادثة بيننا. يارا: اذن ستبقى هنا؟! منصور: هل تخشين أن تدفعك غريزتك للنوم في احضاني؟ يارا بانفعال: توقف والتزم حدودك رجاءً. منصور ببرود: حديثك يدفعني للتفكير بلا حدود.. خاصة وأنه بإمكانك أخذ مساحتك الخاصة على السرير، وأنا سألتزم بمساحتي الخاصة على نفس السرير، دون أن يحدث ما يدور في عقلك. يارا بغضب: أنا لا يدور في عقلي شيء. منصور: اذن نامي في مساحتك الخاصة بكل ثقة. يارا تنتفض من مكانها وتسحب احدى الوسادات من على السرير وتلقيها في الأرض قائلة: سأنام على الأرض وتمتع أنت بسرير مريح. منصور تحرك حيث تقع خزانة الملابس وهو يتجاهل تماماً ما تفعله يارا.. قام بخلع قميصه ثم عاد بهدوء ليجد يارا قد استلقت على الأرض.. منصور بحركة تلقائية ينحني ليمسك بساقي يارا ويحملها على ظهره قائلاً: زوجة منصور عبد الرحمن العالي لا تنام على الأرض.. فهل تعتقدي أنه شخصياً من الممكن أن ينام على الأرض! يارا تصرخ: اتركني.. انا لستُ زوجتك ما الذي لا تفهمه في ذلك؟؟؟؟ ألقى منصور يارا على السرير ودنى منها وعيناه قد امتلأت غضباً قائلاً: اسمعيني جيداً.. لا تقومي باستفزازي فقد جربتي سابقاً جانبي المظلم فلا تضطريني لإظهاره مرة أخرى. يارا بخوف تبعد وجهها عن منصور وقد امتلأت عيناها دموعاً. ذهب منصور ليستلقي على الطرف الآخر من السرير وقد أدار ظهره عمداً لـ يارا. يارا ادارت ظهرها هي الأخرى لمنصور وقد تكورت وهي تحتضن نفسها لتهمس قائلة: ها أنت قد أجبرتني على شيء لا أريده فكيف تطلب مني أن أثق بك! نهض منصور تاركاً يارا وخرج خارج الغرفة وأغلق الباب خلفه دون أن ينطق بكلمة.. . . . . . . خرج منصور الى الحديقة وتوجه الى اسطبلات الأحصنة ودخل اليها.. وبعد دقائق معدودة، خرج وهو يمتطي حصان عربي أصيل يكسو لونه الأسود بريقا خلاب لينطلق به كفارس مغوار.. ظل يركض بالحصان في أرجاء المزرعة حتى توجه به الى البوابة الخارجية لينهض الحرس مسرعين لاستقباله.. ترجل منصور من على الحصان ليسأل الحرس قائلاً: أين روكسي؟ وما ان دخل الى أقفاص الكلاب حتى ركض روكسي بعدوانية وشراسة ليضرب قضبان القفص برأسه.. تفاجأ منصور من ردة فعل روكسي فقد كان دوما كلب وفي ومطيع. منصور يلتفت الى الحراس بغضب: ماذا فعلتم له؟ قال أحدهم: لم نفعل شيئاً سيدي ولكن الكلاب تتعارك أحياناً.. وقبل بضعة أسابيع أحضر المدرب احد الكلاب للتهجين وقد تعارك معه روكسي بعنف ، وبعد ذلك أصابته الحمى وبدى شرس جدا. منصور: حين يأتي المدرب في صباح الغد.. أخبره بأني أرغب في رؤيته، مفهوووم؟ الحارس: نعم سيدي. *منصور: وقوموا بنقل قفص الكلب بالقرب من الاسطبلات ما إن تشرق الشمس. الحارس: أمرك سيدي. . . . . عاد منصور للبيت وقد ارتسمت على ملامحه علامات الحزن على كلبه المريض، توجه الى إحدى الخزانات التي وضعت عند مدخل المنزل ليُخرج بندقيته من عدة الصيد وهو يسألها: ترى هل من الممكن أن تقتلي الصديق الوحيد الذي حين تركناه خلفنا لم كان أماناً، وحين وجدناه أمامنا لم نتراجع أبداً! سكت منصور قليلا وهو غارقاً في أفكاره ثم عاد يقول: أنا لن أستطيع أتعاون معك أبداً في هذا.. حتى لو كان في الأمر رحمة له. أعاد منصور بندقيته الى الخزانة وصعد الى الغرفة.. . . . . ما ان فتح منصور باب الغرفة حتى وجد يارا تغط في نوم عميق وكأنها لم تنم منذ سنين .. كانت مستلقية على ظهرها ورأسها مائل الى طرف السرير قليلاً وشعرها قد تولى أمر مداعبة وجنتها. اقترب منصور وجلس بجانبها.. انطلقت أنامله لتلمس شعر يارا بهدوء.. كان يتأمل ملامحها دون أن ترف عينيه لحظة، اقترب بهدوء أكثر ودون أن يشعر طبع قبلة بين عيناها وأخذ يستنشق شعرها وراح يدنو بشفتيه ليطبع قبلة أخرى على وجنتها وهو يبعد خصلات شعرها عنها.. وللحظة بدأت نبضات قلبه تزداد فنهض بسرعة من جانب يارا وهو يحاول استجماع أنفاسه.. همس منصور لنفسه قائلاً: ربما أنت محقة يارا .. لن أستطيع الوفاء بوعدي لك إن بِت هذه الليلة على مساحتي الخاصة من السرير. سحب منصور وسادته وألقى بها على الأرض وغفى مستسلما للنوم. . . . . . . مضت الساعات، وبدأت الطيور تغني للصباح وتنادي الشمس لتلتقيه.. فيزداد نهاره اشراقاً وأمل.. ومن بين المرج الأخضر في أرجاء المزرعة الشاسعة كان رامي يحاول التملص من رؤيا التي بدأت نهارها بالتذمر من الحشرات التي أقلقت نومها طوال الليل.. رامي: اخبرتك أنك لن ترتاحي في غرفتك القديمة ولكن لا أفهم غايتك من الإصرار على المبيت هنا! رؤيا: لن أسمح لتلك الفتاة باستغلال منصور. رامي: هل تتحدثين عن منصور الآن!!! صدقيني عزيزتي لا أحد يستطيع استغلال منصور، ونصيحتي لك كصديق.. لا تتمادي في المزاح الثقيل معه وخاصة اليوم. رؤيا: لماذا؟ ماذا حدث؟ رامي: انظري هناك.. ها هم الحراس يقومون بنقل قفص الكلب روكسي.. انه كلب الصيد الخاص بمنصور، وهو مريض وتعلمين جيدا كم يحبه منصور، ولكن الكلب مصاب بالسُعار وهي غلطة المدرب، وقد أخبروني حرس البوابة أنه سيراه اليوم، ولذلك انصحك بعدم العبث معه اليوم فلن يكون صبوراً جدا عليكِ صدقيني . رؤيا: حسنا توقف عن محاولة اقناعي بالمغادرة رامي.. فقد قررت مسبقا أن أتناول القهوة وأرحل. . . . . في منزل الحديقة وتحديداً في غرفة نوم منصور ويارا.. استيقظت يارا ونظرت الى الطرف الآخر من السرير فلم تجد منصور، تنفست الصعداء ووقفت متجهة الى دورة المياه لتنتبه الى منصور وهو مُستلقي على الأرض بجانب السرير. وقفت يارا متفاجئة كون منصور عبدالرحمن العالي مستلقياً على الأرض قد غلبه النوم ، ابتسمت برقة وهي تشعر بالعطف عليه .. أخذت تنظر له وهي تتساءل: ما زال كتفه مصاب، هل أوقظه لينام على السرير أم أتجاهله؟ تركت يارا منصور ودخلت دورة المياه.. ثم خرجت وارتدت بنطال جينز.. ثم أخذت تبحث طويلا في خزانة الملابس عن قميص ذو أكمام طويلة لم تجد سوى واحدا فقط اسود اللون ولكن ذو ظهر مفتوح بعض الشيء، قامت بارتدائه ونثرت شعرها على ظهرها لتخفي تلك الفتحة في القميص. بعد أن وضعت بعض المكياج الخفيف جدا.. فتحت يارا باب غرفة النوم وأغلقته بقوة لتوقظ منصور فربما يصعد على السرير ويُكمل نومه. نزلت يارا للأسفل فرأت أم رامي من خلف زجاج المنزل تجلس في الحديقة فخرجت اليها.. أم رامي: صباح الخير يا ابنتي الجميلة. يارا: صباح الخير. أم رامي وقفت وهي تخاطب يارا: تعالي قد حضرت القهوة فتناولي فنجانك.. سأذهب لتحضير الإفطار لنا وأعود. يارا بابتسامة رقيقة: هل تحتاجي لمساعدتي. أم رامي تبتسم: يا لطفك يا صغيرتي.. ارتاحي أنتِ، لن أتأخر سأعود بعد قليل. جلست يارا تتناول فنجانها من القهوة وهي غارقة في التفكير بحالها مع منصور.. وبعد عدة دقائق ظهرت أمامها رؤيا. رؤيا: صباح الخير يارا. يارا: صباح الخير. رؤيا: اسمحي لي سأشاركك القهوة. يارا بلباقة: تفضلي. جلست رؤيا وهي تسكب فنجانها من القهوة وتسترق النظر بين الحين والآخر ليارا. رؤيا تسأل يارا بخبث: كيف وجدتي الزواج؟ يارا باستغراب واقتضاب شديد ترد: جيد. رؤيا: منصور صعب المراس ولكن ستعتادين عليه. يارا فضلت أن ترتشف قهوتها وتلتزم الصمت. شعرت رؤيا أن يارا تتجاهل الحديث معها فلمعت عيناها وكأنها تذكرت شيئا ما ثم قالت: يارا ما رأيك أن نتمشى قليلا في المزرعة ، أشعر بأن الطقس ممتع جدا هذا الصباح. يارا: ربما بعد الإفطار.. فقد ذهبت السيدة أم رامي لتحضيره. رؤيا: لا بأس بإمكاننا أن نمشي حتى الاسطبلات هناك ونعود سريعاً.. المسافة قريبة جدا. يارا بتردد: أنا حقا أود أن أتناول القهوة. رؤيا: هيا يا عزيزتي لا تكوني كسولة.. بإمكانك أخذ فنجان القهوة معك. باستسلام وافقت يارا وأخذت فنجان القهوة معها. طوال الطريق كانت رؤيا تتحدث عن منصور وكم هو شخص تعتز بتواجده في حياتها.. أما يارا فقد كانت صامتة مكتفية بفنجان قهوتها وكانت تسرح بافكارها بعيدا عن حديث رؤيا.. وما ان اقتربوا من الاسطبلات حتى قالت رؤيا: سأذهب لأجد رامي ربما يعود معنا لتناول وجبة الإفطار، لن أغيب طويلاً .. انتظريني هنا. أومأت يارا برأسها وقالت: حسنا. تسللت رؤيا أمام يارا وكأنها متجهة الى الاسطبلات ثم ذهبت حيث وضع الحراس قفص روكسي.. اقتربت من القفص بهدوء فوجدت روكسي يزمجر بصوت مرعب.. لفت انتباهها غصن شجرة صغير موجود على الأرض فجذبته وألقت به من خلف القضبان ليستقر في نهاية قفص روكسي. ركض روكسي بغضب الى نهاية القفص ممزقاً غصن الشجرة ، فاستغلت رؤيا الأمر وفتحت القفص وركضت مختفية داخل اسطبلات الخيول . ما هي إلا ثواني وأنطلق روكسي خارج القفص راكضاً باتجاه الاسطبلات ليجد يارا تقف على بعد أمتار قليلة منها ، فازداد شراسة وبدأ نباحه يعلو.. فانتبهت يارا له وهو يركض باتجاهها. راحت يارا تصرخ بهلع وأخذت تركض باتجاه المنزل و روكسي يركض خلفها بسرعة هائلة.. كان صراخ يارا ونباح روكسي عالياً جدا مما جعل رامي يخرج بسرعة من الاسطبلات ليتفاجأ بروكسي حراً خارج القفص يلاحق يارا بضراوة فراح يركض خلفهما. . . . . في المنزل كان منصور يرتدي قميصه أمام المرآة ويحادث فهد على الهاتف.. منصور: فهد حاول اختصار بعض أمور العمل اليوم.. فأنا حقا لم أنم جيدا بالأمس، ولم أشرب قهوتي بعد، كما أني لستُ بمزاج جيد والفضل يعود لقراراتك العشوائية التي ستحاسب عليها لاحقا. وفجأة سمع منصور نباح روكسي وصوت صراخ يارا.. رمى منصور هاتفه لينظر من نافذة الغرفة فلمح يارا تركض باتجاه المنزل وروكسي خلفها. ركض منصور وفتح باب الغرفة لينزل الدرج مسرعاً ويفتح تلك الخزانة بجانب باب المنزل ويُخرج بندقيته .. ما هي الا لحظات حيث فتح منصور باب المنزل وسحب زناد بندقيته ليرى يارا قد خذلتها أقدامها وسقطت أرضاً مما جعل روكسي يقفز وينقض عليها فما كان من منصور الا أن أطلق تلك الرصاصة التي اخترقت عنق روكسي فسقط صريعاً في دمائه. القى منصور بندقيته على الأرض وراحت أنفاسه تعلو من هول الصدمة وهو يضع يديه على رأسه. أما رامي فقد ركض باتجاه يارا التي كانت منهارة تبكي على الأرض ليرفعها باتجاهه وهو يصرخ بها: هل أنتِ بخير؟ يارا بانهيار تقبض على قميص رامي بقوة لتخفي وجهها في صدره قائلة: اخرجني من هنا أرجوك .. أخرجني أتوسل اليك. قالت يارا تلك الكلمات وسقطت مغشيا عليها. هنا ينتهي الفصل الخامس عشر من عروس النار.. أتمنى أن يكون قد نال اعجابكم ولي معكم لقاء يزداد تشويقاً في الفصل القادم. بقلمي سارة بنت طلال. |
واووو قصة جميلة جدا ومشوقة
قرأت اول فصل من الحكاية سأكمل بعد قليل ان شاء الله سلمت يديك سيدة القصر |
اقتباس:
|
اقتباس:
قصة جميلة ومشوقة وممتعة جدا وصلت الفصل الرابع ما بعرف ليش بس انا متعاطفة مع منصور وأتمنى يارا تحبو بالنهاية عم اقرأ وكأني أعيش معهم في ذلك القصر حضرتك كاتبة رائعة وهذه القصة تنفع تكون مسلسل سلمت الايادي |
| الساعة الآن 04:07 AM |
Powered by vBulletin™ Version 3.8.7
Copyright © 2025 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved.
![]()
HêĽм √ 3.2 OPS BY: ! ωαнαм ! © 2010
new notificatio by 9adq_ala7sas